الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 207 سنة 22 ق – جلسة 26 /01 /1956 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 7 – صـ 125

جلسة 26 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، وأحمد قوشه المستشارين.


القضية رقم 207 سنة 22 القضائية

( أ ) وصية. هبة. إيداع مبلغ صندوق التوفير باسم شخص معين. حق محكمة الموضوع فى استخلاص أن الإيداع كان على سبيل الوصية لا على سبيل الهبة.
(ب) إثبات. قرينة قانونية. وصية. تحرير دفتر التوفير باسم شخص معين. اعتباره قرينة قانونية غير قاطعة على حيازة هذا الشخص للمال المودع. جواز دفع هذه القرينة بكافة أوجه الإثبات.
1 – لما كان مجرد إيداع مبلغ من النقود باسم شخص معين لا يقطع فى وجود نية الهبة عند المودع فإن الإيداع لا يفيد حتما الهبة بل يجب الرجوع فى تعرف أساس الإيداع إلى نية المودع ولا يكون الحكم قد خالف القانون إذ قضى باعتبار إيداع مبلغ صندوق التوفير باسم شخص آخر غير المودع إنما كان على سبيل الوصية لا على سبيل الهبة متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
2 – إن قرينة حيازة شخص لمال مودع صندوق التوفير المستمدة من تحرير دفتر التوفير باسمه هى قرينة قانونية غير قاطعة يمكن دفعها بكافة أوجه الإثبات بما فيها القرائن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى شرائطه القانونية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص – كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – فى أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 214 سنة 1948 مدنى كلى المنصورة بطلب الحكم بسماع الطاعنة ووزير المواصلات الحكم بأحقيتها فى صرف مبلغ 200 جنيه من خزينة مكتب بريد دكرنس مع المصروفات والأتعاب والنفاد استنادا إلى أنها أودعت هذا المبلغ فى صندوق التوفير من ما لها باسم ابنتها الطاعنة منذ ضمتها إليها إثر طلاقها من والد الطاعنة فلما أن تزوجت الطاعنة أنذرت مصلحة البريد بعدم صرف المبلغ إلا إليها فأحيل هذا النزاع باتفاق طرفى الخصوم إلى محكمة بندر المنصورة حيث قيدت بجدولها برقم 2214 سنة 1949 فحكمت بتاريخ 27 من فبراير سنة 1950 برفض الدعوى مع إلزام رافعتها بمصروفاتها باعتبار المبلغ المودع هبة. فاستأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 251 سنة 1950 فقضت فيه محكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية بتاريخ 20 من مارس سنة 1952 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليها الأولى فى صرف مبلغ المائتى جنيه المودعة فى صندوق التوفير بمكتب بريد دكرنس مع مصروفات الدرجتين ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة باعتبار أن المبلغ المودع وصية، فقررت الطاعنة فى قلم كتاب هذه المحكمة بالطعن بالنقض فى هذا الحكم.
وحيث إن السبب الأولى من أسباب الطعن يتحصل فى أن الحكم شابه قصور وأخطأ فى تطبيق القانون إذ أسس قضاءه بملكية المطعون عليها الأولى للمبلغ المودع فى صندوق التوفير على ما لا يؤدى قانونا ولا عقلا إلى النتيجة التى انتهى إليها ولا ينقض الدليل الكتابى المستمد من دفتر التوفير الثابت به أن المبلغ باسم الطاعنة فهو ملك لها – وإذ قضى باعتبار الإيداع وصية بمقولة إن المطعون عليها إنما قصدت من الإيداع باسم ابنتها الإيصاء لها حتى لا ينازعها أحد من الورثة الآخرين وأنها ما دامت أظهرت رغبتها فى العدول عن هذه الوصية فهى المالكة للمبلغ المودع بدون شريك مع أن ذلك لا يصلح ردا على ما أثبته الحكم الابتدائى من أن المطعون عليها أودعت المبلغ أصلا من مالها باسم ابنتها وأن مصلحة البريد قد قبضت هذا المبلغ نيابة عن الطاعنة وأن الهبة فى هذه الحالة لا رجوع فيها لأنها لرحم محرم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى وجهه بما ورد فى الحكم المطعون فيه من أن الطاعنة "ظلت فى كنف والدتها المستأنفة من وقت أن ولدت فى 25 من ديسمبر سنة 1925 حتى بلغت سن الرشد ولا مورد لها إلا ما تقدر لها من نفقة قدرت بمبلغ خمسة عشر قرشا شهريا مما يقطع بأن والدتها هى التى كانت تتولى الانفاق عليها من مالها الخاص طوال هذه المدة، وإذا أضيف إلى ما تقدم عدم قيام الدليل على أن المستأنفة كانت وصيا عليها وهو دليل لا يمكن قيامه مع وجود والد المستأنف عليها على قيد الحياة وأن المستأنفة هى التى أودعت صندوق التوفير مبلغ 374 جنيها مستعيرة فى ذلك اسم بنتها وأنها سحبت من المبلغ المودع 24 جنيها فى 5 من أغسطس سنة 1946 و50 جنيها فى 31/ 8/ 1946 و100 جنيه فى 24/ 7/ 1947 وأن المبلغين الأخيرين قد سحبا بعد أن بلغت المستأنف عليها سن الرشد وأنه تأسيسا على ما تقدم من القرائن السابق توضيحها تبين بجلاء أن ما ذكرته المستأنفة من أنها قصدت من إيداع المبلغ باسم بنتها الإيصال لها حتى لا ينازعها أحد من الورثة (العصبة) إذا ما حل أجل والدتها المستأنفة قبلها وما دام أنها أظهرت نيتها فى العدول عن هذه الوصية ومن ثم فهى المالكة للمبلغ المودع دون شريك. لما كان ذلك وكان إيداع المبلغ بمجرده لا يقطع فى وجود نية الهبة عند المودع فإن الإيداع لا يفيد حتما الهبة بل يرجع فى تعريف أساس الإيداع إلى نية المودعة وهو ما حققه الحكم المطعون فيه وانتهى منه إلى أن الإيداع كان بقصد الوصية أخذا بالقرائن السابق الإشارة إليها وبأن المستأنفة كانت تحتفظ بدفتر التوفير وتودع مبالغ فى فترات مختلفة وتتصرف فيما أودع فى فترات مختلفة" ولما كانت هذه الأسباب التى أقام الحكم عليها قضاءه باعتبار أن إيداع المبلغ إنما كان على سبيل الوصية لا على سبيل الهبة هى أسباب موضوعية وسائغة فلا رقابة عليها لمحكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة نعت بالسبب الآخر على الحكم المطعون فيه قصوره فى التسبيب بإغفاله الرد على دفاعها لا يجوز نقض الدليل الكتابى المستمد من كون دفتر التوفير محررا باسم الطاعنة إلا بدليل كتابى مثله وهو ما لم يتوافر فى الدعوى. وهذا السبب مردود بأن قرينة حيازة الطاعنة للمال المستمد من تحرير دفتر التوفير باسمها هى قرينة قانونية غير قاطعة فيمكن دفعها بكافة أوجه الإثبات بما فيها القرائن وقد سبقت الإشارة إلى القرائن التى أخذ بها الحكم فى نفى هذه القرينة وهى قرائن سائغة وتؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم ومن ثم يتعين رفض الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات