الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 178 سنة 22 ق – جلسة 08 /12 /1955 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الرابع – السنة 6 – صـ 1557

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: اسحق عبد السيد ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، وأحمد قوشه المستشارين.


القضية رقم 178 سنة 22 القضائية

تزوير. إنكار التوقيع. إثبات. عدم تقيد المحكمة فى تحقيق التزوير أو إنكار التوقيع بدليل معين. حقها فى الاعتماد على القرائن لإثبات التزوير ولو زادت قيمة المحرر على عشرة جنيهات.
لا تتقيد المحكمة فى تحقيق إنكار التوقيع أو التزوير بقواعد الإثبات المنصوص عليها فى الباب السادس من القانون المدنى الخاصة بإثبات الالتزام، بل لها أن تحكم برد وبطلان الورقة متى استبان لها من ظروف الدعوى أنها مزورة من غير أن تتقيد فى ذلك بدليل معين ولها أن تأخذ بالقرائن دليلا على التزوير ويستوى فى ذلك أن تكون قيمة الورقة أقل من عشرة جنيهات أو تزيد عليها لأن التحقيق يدور فى هذه الأحوال حول صحة الورقة أو عدم صحتها وتنصرف أقوال الشهود والخبراء إلى واقعة مادية فى حصول التوقيع بالامضاء أو الختم أو البصمة من يد من نسبت اليه الورقة وبعلمه أو عدم حصول شئ من ذلك، وليست هذه الوقائع بذاتها مما يمكن الحصول على محرر لإثباتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع هذا الطعن حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 934 لسنة 1947 كلى مصر على المطعون عليه يطالبه بمبلغ 500 جنيه مع المصروفات والأتعاب والنفاذ. وارتكن على سند مؤرخ 29/ 6/ 1946 موقع عليه من المطعون عليه الذى طعن فيه بالتزوير فقررت المحكمة وقف السير فى الدعوى حتى يفصل فى دعوى التزوير – وفى 22/ 1/ 1947 أعلن الطاعن بصحيفة دعوى التزوير وحصر أدلته فى ثلاثة – 1 – أن التوقيع المنسوب إليه ولو أنه يشبه توقيعه الصحيح بعض الشئ إلا أنه ليس توقيعه – 2 – عند سؤال الطاعن فى قضية الجنحة رقم 332 سنة 1947 بولاق عما بينه وبين المطعون عليه أجاب فى 11/ 12/ 1946 أنه يداين المطعون عليه بمبلغ عشرين جنيها فقط ولم يذكر شيئا عن السند المطعون فيه – 3 – أن الرقم 5 الثابت فى السند كان فى الأصل 4 ثم صحح إلى 5 ثم طلب الحكم بعد تحقيق الأدلة وثبوتها برد وبطلان السند المطعون فيه – وفى 11/ 9/ 1947 قضت المحكمة بقبول دعوى التزوير شكلا وبقبول الدليلين الأول والثالث من أدلة التزوير وبندب مصلحة الطب الشرعى (قسم التزييف والتزوير) لأداء المأمورية المبينة فى ذلك الحكم – وقام الدكتور حسن نجم بمباشرة المأمورية وأودع تقريره الذى انتهى فيه الى أن توقيع المطعون عليه مزور عليه فطعن الطاعن فى هذا التقرير وطلب ندب ثلاثة خبراء لاعادة بحث المأمورية – فقضت المحكمة بحكم تمهيدى ثان فى 3/ 6/ 1948 بندب الدكتور ابراهيم إدريس رئيس قسم أبحاث التزييف لاعادة بحث المأمورية – فأودع تقريره الذى أثبت فيه أن التوقيع صحيح وصادر من مدعى التزوير وأن الرقم 5 كتب بحالته الظاهرة فى السند لم يحصل به محو ولا تصحيح – وفى 29/ 9/ 1949 تقدم المطعون عليه بطلب للمحكمة بالتصريح للاستاذ حسن شهاب خبير الخطوط بالاطلاع على السند ليمكن من تقديم تقرير استشارى فأذنت له المحكمة وقدم تقريرا اتفق مع الدكتور حسن نجم فى أن التوقيع مزور وفى 6/ 2/ 1950 قضت المحكمة بندب الخبيرين يوسف المرزوقى ومحمد وهبى لاعادة فحص المأمورية بعد الاطلاع على أوراق الدعوى وعلى تقارير الخبراء الثلاثة السابقين فأودع كل منهما تقريرا مستقلا انتهى فيه الى أن التوقيع صحيح ولا تزوير فى السند – وفى 21/ 12/ 1950 قضت المحكمة: أولا – برفض دعوى التزوير وبصحة السند المطعون فيه مع تغريم مدعى التزوير 20 جنيها وألزمته بالمصروفات ومبلغ 10 جنيهات أتعابا للمحاماة ثانيا – فى الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه بمبلغ 500 جنيه والمصروفات 5 جنيهات أتعابا للمحاماه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات – استأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 209 سنة 68 ق وطلب الغاء الحكم المستأنف بشطريه استنادا إلى ثبوت التزوير المعنوى فى السند المطعون فيه للادله التى ساقها فى صحيفة الاستئناف مفصلة – وفى 30/ 12/ 1951 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل فى موضوعه بإحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع الشاهدين الموقعين على السند المطعون فيه عن معلوماتهما فى شأنه وندبت أحد أعضاء الهيئة لإجراء التحقيق وصرحت له باستجواب الخصوم فى موضوع النزاع مع ضم القضية رقم 1265 سنة 1947 مدنى بولاق وبعد أن تم تنفيذ هذا الحكم قضت المحكمة فى 27 مارس سنة 1952 بالغاء الحكم المستأنف بشطريه وبرد وبطلان السند الثابت التاريخ فى 3 يوليه سنة 1947 والمطعون فيه بالتزوير ورفض دعوى المستأنف ضده بالمطالبة بقيمة هذا السند وألزمت المستأنف ضده بالمصروفات عن الدرجتين و20 جنيها أتعابا للمحاماه – فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث أن المطعون عليه دفع ببطلان تقرير الطعن لسببين: 1 – لم يذكر فى الصورة المعلنة اليه من تقرير الطعن اسم المحامى الذى قرر بالطعن ليعلم إن كان مقبولا أمام محكمة النقض أم غير مقبول. كما لم يذكر فى نهايته اسم من وقع عليه – 2 – لم يذكر فيها كذلك اسم الموظف الذى قام بتحرير التقرير ولا الساعة التى حصل فيها وبذلك جاء التقرير مخالفا لنص المادة 429 مرافعات التى تكفلت ببيان إجراءات التقرير ثم قالت "فاذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلا وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه" واستند فيه إلى الصورة المعلنة إليه.
(عن الدفع):
ومن حيث إن الواقع فى خصوص هذا الطعن أن جميع البيانات التى تستلزمها المادة 429 مرافعات عند التقرير بالطعن قد تمت مستوفاة فقد أثبت فيه أنه "فى يوم الخميس الموافق 21 شعبان سنة 1371 هجرية و15 مايو سنة 1952 ميلادية فى الساعة العاشرة والنصف بقلم كتاب محكمة النقض حضر أمامى أنا عبد الرحمن جعفر الكاتب بالمحكمة الاستاذ يوسف فهمى نائبا عن الأستاذ لبيب سعد المحامى المقبول أمام محكمة النقض بمقتضى التوكيل المصدق عليه بمكتب توثيق القاهرة من قبل محمد ابراهيم أبو نعمة…. الخ ثم وقع المحامى المقرر على هذا التقرير"
– وما دام أن الطعن قد حصل على وجهه الصحيح فلا يكون ثمة بطلان على النحو الذى يقصده المطعون عليه استنادا الى المادة 429 مرافعات كما أنه لا يفيد من البطلان المنصوص عليه فى المادة 431 مرافعات التى توجب على الطاعن إعلان المطعون عليهم فى الخمسة عشر يوما التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلا وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، فان صح أنه يقصد البطلان الوارد فى هذه المادة لأن إعلانه بصورة تقرير الطعن يجب فيه أن تكون الصورة مطابقة للأصل فانه لا يفيد منه لان هذا البطلان إنما ينصب على ما جرى به قضاء هذه المحكمة على عدم حصول إعلان التقرير للمطعون عليه فى الخمسة عشر يوما التالية للتقرير بالطعن فى قلم كتاب المحكمة فكلما تحقق أن هذا الإعلان قد وصل فعلا للمطعون عليه فى الميعاد المذكور فالطعن صحيح شكلا. أما كون الصورة قد خلت سهوا من تاريخ التقرير أو اسم الموظف الذى حرره أو اسم المحامى الذى باشر الطعن فإن هذا لا يترتب عليه بطلان التقرير عملا بالمادة 431 مرافعات وقد ثبت أن المطعون عليه أعلن فى الميعاد. ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلا على غير أساس متعين الرفض.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والخامس على الحكم المطعون فيه بطلانه لبنائه على إجراء باطل بمقولة إن محكمة الاستئناف حين أصدرت حكمها التمهيدى فى 30/ 12/ 1951 جاء حكمها باطلا من وجهين: الأول – أنه حصل دفاع المطعون عليه جزئيا ولم يذكر تفاصيل هذا الجزء ولم يحصل دفاع الطاعن كلية مكتفيا بالقول "إن المستأنف ضده (الطاعن) يدفع دعوى التزوير بما سبق أن قاله أمام محكمة أول درجة طالبا تأييد الحكم المستأنف" – فهو بذلك لم يبين الموضوع بيانا تقف منه محكمة النقض أو المطلع عليه على موضوع النزاع فجاء لذلك خاليا من الأسباب. الثانى – أنه لم يستوف الشروط التى تتطلبها المادة 191 مرافعات من وجوب أن يبين الحكم الذى يأمر بالإثبات بشهادة الشهود فى منطوقه كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها وإلا كان باطلا إذ بمراجعة ذلك الحكم لا يرى فى أسبابه ولا فى منطوقه واقعة يراد إثباتها – ولم يطلب المطعون عليه تحقيق واقعة دس السند عليه وما كان بوسع المحكمة أن تأمر بتحقيقها لأن المطعون عليه يقول إن الطاعن استغفله بطريقة من الطرق لم يتبينها وذلك فى أثناء معاملاته معه وحصل منه على توقيعه موضوع الطعن. ولا يمكن أن يقال إن سماع أقوال الشاهدين الموقعين على السند المطعون فيه عن معلوماتهما فى شأنه واقعة لها كيان أو مغزى يراد إثباتها كما لا يمكن القول إن تصريح المحكمة للمستشار المنتدب للتحقيق باستجواب الخصوم فى موضوع النزاع واقعة يراد إثباتها كذلك، اللهم إلا إذا كان الغرض هو مفاجأة الخصم وهذا أمر غير جائز فى القانون – ومتى كان الحكم التمهيدى باطلا كان ما بنى عليه باطلا.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى وجهيه بما جاء فى الحكم الصادر فى 30/ 12/ 1951 من أنه قد تبين من الاطلاع على السند المطعون فيه أن عليه إمضاءين لشاهدين هما محمد عبد الفتاح وفرج محمد فرج – وترى المحكمة إحالة الدعوى على التحقيق لسماع شهادتهما عن أمر هذا السند كما ترى هذه المحكمة أيضا استجواب الخصمين تبيانا للحقيقة وهذا الذى ثبت فى الحكم الذى وصفه الطاعن على غير الحقيقة بأنه تمهيدى لا بطلان فيه ذلك بأنه لم يكن استجابة لطلبات أحد طرفى الخصومة الصريحة أو الضمنية ولا قاطعا فى موضوع النزاع كله أو بعضه وإنما صدر من القاضى من تلقاء نفسه بما له من حق التصرف بسلطانه التقديرى المعترف به له قانونا فى حدود هذه السلطة وعند اجتماع شروط التصرف بها والقاضى متى أخذ بخطة يجعلها القانون تحت تصرفه ومشيئته فلا يطلب منه بيان الأسباب إلا بالقدر الضرورى وهذا هو الحال فى الدعوى إذ استعمل القاضى حقا خوله له القانون فى المادة 166 مرافعات فيما يختص باستجواب الخصوم وفى المادة 260/ 2 مرافعات فى استحضار الشهود "إذا كانت صحة الورقة محل شك فى نظر المحكمة جاز لها من تلقاء نفسها أن تدعو الموظف الذى صدرت عنه أو الشخص الذى حررها ليبدى ما يوضح حقيقة الأمر فيها" ومن ذلك كله يبين أن الحكم المطعون فيه لم تكن به من حاجة إلى تحرير أسباب توضح قصده الذى لم يكن قد قطع فيه بعد برأى بل تأرجحت أمامه أدلة الخصوم ومواقفهم فاستعمل حقا خوله له القانون فى المادة 260/ 2 مرافعات ولو صح ما يدعيه الطاعن من أنه استعمل الحق المخول له بمقتضى المادة 190 مرافعات فقد أثبت الواقعة التى يريد تحقيقها وهى سماع معلومات شاهدى السند فى أمره كله وكذلك الحال بالنسبة لاستجواب الخصوم ليستبين من أقوالهم التى لا يستطيع التكهن بها حقيقة النزاع ليستطيع على ضوء نتائج ذلك كله الفصل فى النزاع فصلا نهائيا فى أسباب واضحة وكافية تكون بطبيعتها تحت رقابة الخصوم ومحكمة النقض.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفته للمادة 401 من القانون المدنى التى تنص على أنه "لا يجوز الإثبات بالبينة ولو لم تزد القيمة على عشرة جنيهات فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابى" وكذلك مخالفة الحكم للمادة 407 مدنى التى تنص على أنه "يترك للقاضى استنباط كل قرينة لم يقررها القانون – ولا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا فى الأحوال التى يجيز فيها القانون الإثبات بالبينة" وعلى ضوء هذه النصوص تمسك الطاعن فى مذكراته بأن أقوال الشهود واستنباط القرائن مهما تعددت لا يمكن شئ منها أن يغير الحقيقة الثابتة فى الأوراق – وإنما تغيرها الإقرارات المنصبة على أصل الحق وجودا وعدما كإقرار المطعون عليه بصحة السند وبعدم تزويره أو إقرار الطاعن بتزوير السند أو بعدم إقراضه المبلغ الثابت فيه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن نصوص القانون التى يشير إليها الطاعن تنصرف إلى إثبات الالتزام ولا تتعرض لواقعة التزوير عند الادعاء به وقد نصت المادة 394 مدنى "تعتبر الورقة العرفية صادرة ممن وقعها ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب له من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة… الخ" ومفاد هذا النص أنه لكى تكون الورقة العرفية حجة على من وقعها لا بد أن يعترف بها أو أن يثبت أنه وقعها بعد إنكاره لها بغض النظر عما تحويه تلك الورقة فيستوى أن تكون قيمتها تقل عن العشرة الجنيهات أو تزيد عليها – ومتى حصل إنكارها أو طعن بتزويرها أمكن إثبات الطعن بكافة الإثبات التى يجيزها القانون لأن التحقيق يدور فى هذه الأحوال حول صحة الورقة المطعون فيها أو عدم صحتها وتنصرف أقوال الشهود أو الخبراء إلى واقعة مادية هى حصول التوقيع بالامضاء أو الختم أو البصمة من يد الطاعن وبعلمه أو عدم حصول شئ من ذلك وليست هذه الوقائع بذاتها مما يمكن الحصول على محرر لإثباتها ومن ثم فلا تتقيد المحكمة فى تحقيق الانكار أو التزوير بقواعد الإثبات المنصوص عليها فى الباب السادس من القانون المدنى. (إثبات الالتزام) بل أن لها أن تحكم برد وبطلان الورقة متى استبان لها من ظروف الدعوى أنها مزورة من غير أن تتقيد فى ذلك بدليل معين ولها أن تأخذ بالقرائن دليلا على التزوير وتطبيقا لذلك أجازت المادة 290 مرافعات للمحكمة أن تحكم برد وبطلان أية ورقة إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد فى استنتاجه فى عدة مواضع. 1 – قال الحكم إن الطاعن سعى للايقاع بالمطعون عليه وايداعه السجن ثم سعى عقب ذلك مباشرة وبصفة مستعجلة باقامة دعواه بالسند المطعون فيه واستنتج من ذلك تزوير السند فى حين أن كل ما يمكن استنتاجه من إجراءات الطاعن تلك أن انتهز فرصة غياب المدين لأنه مشاكس وقطعت بذلك إجراءاته فى النزاع الحالى من الطعن بالتزوير ثم الاعتراف بالتوقيع بعد جهد وعناء. 2 – قال الحكم كذلك إن دفاع المطعون عليه صحيح ومعقول من أنه لو صحت مديونيته فى مبلغ السند (500 ج) لما فات الطاعن أن يذكر هذه المديونية عند سؤاله فى جنحة التموين وعند ما يسأل فى محضر استجوابه يقول (هو البوليس له عندنا حاجة وليه أذكر الكمبيالة أم 500 ج وأنا قلت على العشرين جنيه غصب عنى وخفت الفضيحة وأنا ما كانش عندى نية أفضحه) وما رتبه الحكم على ذلك ترتيب خاطئ لأنه يستوى عند ذكر المديونية أن يكون الدين واحدا او أكثر خصوصا وأن المحقق لم يطلب منه بيانا بتعداد ديونه. 3 – قال الحكم إن سند المديونية بمبلغ ألخمسة والأربعين جنيها أسبق وجودا من سند المطعون فيه وأنه لا بد أن يكون هناك سند ثالث أخفى أمره ولا أثر يدل عليه وهذا الاستنتاج لا يتفق مع المنطق السليم لأنه متى انعدمت الآثار فلا يمكن التكهن بشئ عنها. 4 – وأخيرا قال الحكم إن الطاعن لم يبرر قوام المديونية مع أن الدائن غير ملزم ببيان سبب المديونية أو قوامها ما دام أن السند يحوى نصا صريحا على أنها سلفة.
ومن حيث إن هذا السبب فى جملته مردود بأنه جدل موضوعى فى تقدير الأدلة التى أخذ بها الحكم فى قضائه بتزوير السند وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها فقد استعرض الحكم منشأ العلاقة بين الطرفين وأنها بدأت بمديونية المطعون عليه للطاعن بمبلغ 450 جنيها بسبب جمعية أنشآها تحرر بها سند يستحق السداد فى 9/ 12/ 1946 وبقى منه فى ذمة المطعون عليه 15 جنيها أقام بها الطاعن الدعوى رقم 1265 سنة 1947 بولاق وقضى له فيها بتاريخ 20/ 11/ 1947 بطلباته ثم أبلغ ضد المطعون عليه بأنه تلاعب فى أمور التموين وأرشد البوليس إلى محله وبعد ضبطه أبلغ الطاعن الضابط أن المطعون عليه يريد إرشاءه واتفق معه على ضبطه متلبسا بالجريمة وتم ذلك ولما سئل الطاعن فى 11/ 12/ 1946 قرر أنه يداين المطعون عليه بمبلغ 20 جنيها فى حين أن السند المطعون فيه مؤرخ 29/ 6/ 1946 وهو يثبت مديونية المطعون عليه للطاعن بمبلغ 500 جنيه وأقام الطاعن الدعوى الحالية على المطعون عليه وهو محبوس. ثم عرض الحكم لأقوال الشاهدين الموقعين على السند المطعون فيه وأثبت أن أحدهما قرر أنه لم يكن موجودا وقت تحرير السند وأن الأخر ابن أخت الطاعن كما عرض لأقوال الطاعن نفسه بشأن سبب مديونية المطعون عليه فى مبلغ 45 جنيها وأثبت تناقضه فى بيانه وتناقضه مع ابن أخته فى كيفية إحضاره مبلغ الخمسمائة جنيه موضوع السند المزور وتسليمها للطاعن وعدم إبرازه قوام المديونية بالسند المطعون فيه وخلص من ذلك كله إلى التقرير بصحة دفاع المطعون عليه بأن الدين الخاص بالجمعية حرر به سندان أولهما فى شهر يونيه سنة 1946 وهو المطعون فيه والثانى هو الذى قدم فى الدعوى السابقة الإشارة إليها وأنه متى استبان أن المتمسك بالسند لم يبرز قوام المديونية وعزاها إلى اتفاقه مع المدين على شراء نصف المنزل الذى يملكه دون أن يتخذ السبيل الطبيعى فى مثل هذه الحالة من تحرير عقد بيع بالحصة المبيعة واستبان أيضا أنه فى الوقت الذى أقرض مدينه مبلغا كبيرا كهذا الدين كان يسئ الظن به ويعلن عدم ثقته فيه وتخوفه من فساد ذمته مما يحدوه إلى الامتناع عن عقد هذه السلفة من غير أن يحتاط للأمر ويعمل بمشورة صديقه الكاتب العمومى ومتى تبين أن السند تحرر فى الظروف المريبة التى سبق بيانها وأن الدائن المزعوم يتجارى على الإيقاع بمدينه ويشكوه إلى البوليس فى تهمة تموينية تؤدى إلى حبسه والحكم عليه وأنه يخفى أمر الدين الكبير لدى سؤاله فى التحقيقات ويكتفى بالإشارة إلى دين لا يذكر بجانبه الدين الأخر ثم ينكر السبب الحقيقى لهذا الدين الصغير رغم قيام الدليل القاطع على سببه ونشوئه مما ثبت فى ظهر سند هذا الدين الصغير الذى قدمه هو بالمطالبة به فى قضية بولاق وأخيرا ما أسفر عنه موقفه عند استجوابه مما يدل على اضطرابه وتخبطه وما صرح به فى شأن دين الـ 45 جنيها وأسبقيته على السند المطعون فيه وعدم وجود السند الأصلى لهذه المديونية. كل هذه الظروف مجتمعة لا تدع مجالا للشك فى أن السند المطعون فيه ليس صحيحا وأن توقيع المستأنف عليه "المطعون عليه" "لم تحصل بعلمه أو باطلاعه ورضائه" ومتى كانت القرائن التى أخذ بها الحكم مجتمعة وآخذا بعضها برقاب بعض تؤدى عقلا إلى النتيجة التى رتبها عليها كما هو الحال فى الدعوى فليس يجدى الطاعن تجزئتها والتحدث عن كل قرينة منها على استقلال.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه أخل بدفاعه إذ أخذ الطاعن ببعض العبارات التى صدرت منه مع انه رجل أثر الكبر والمرض على ذاكرته وتفكيره وتقديره ولذلك طلب محاميه فى مذكرته النهائية من المحكمة أن تستحضره لترى مرضه بالشلل وأنه رجل ساذج ولتقوم بامتحانه لتعرف مدى إدراكه وقوة ذاكرته ولو أنها فعلت لتغير وجه الرأى فى الدعوى ولما كان بها من حاجة إلى الاستناد إلى أقواله وهو على تلك الحالة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعن مثل بشخصه أمام المحكمة وأجاب على الأسئلة التى وجهت إليه دون أن يدفع بعدم مسئوليته واستبانت المحكمة من أقواله ومن تصرفاته أنه صحيح وسليم العقل والتفكير ولذلك لم تر حاجة تدعوها إلى إعادة استحضاره لتحقيق ما يزعمه الدفاع عنه من إصابته بالشلل خصوصا وليس يلزم من الإصابة بهذا المرض انعدام المسئولية.
ومن حيث إنه لذلك كله يكون الطعن فى غير محله متعين الرفض.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات