الطعن رقم 175 سنة 22 ق – جلسة 01 /12 /1955
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الرابع – السنة 6 – صـ 1536
جلسة أول ديسمبر سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة محمد فؤاد جابر واسحق عبد السيد ومحمد عبد الرحمن يوسف ومحمد عبد الواحد على المستشارين.
القضية رقم 175 سنة 22 القضائية
تسجيل. بيع. نقل الملكية. مناطه. هو بالتسجيل بمجرده. التحدى بسبق
علم المشترى الأخير ببيع ذات العقار لشخص آخر أو سوء نيته أو تواطئه مع البائع على
حرمان المشترى الأول من الصفقة. لا محل له. قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923.
جرى قضاء محكمة النقض على أنه وفقا لقانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 إذا لم يتم تسجيل
العقود التى من شأنها إنشاء حق الملكية أو حق عينى عقارى آخر فإن الملكية تظل على ذمة
المتصرف فإذا هو تصرف فيها لشخص آخر بادر إلى تسجيل عقده خلصت له الملكية بمجرد هذا
التسجيل، ولا محل للتحدى بسبق علم المتصرف إليه الأخير بحصول تصرف البائع لشخص آخر
عن ذات العقار أو سوء نيته أو تواطئه مع البائع على حرمان المتصرف إليه الأول من الصفقة
ما دام أن المناط فى نقل الملكية هو التسجيل بمجرده.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل
فى أن المطعون عليه اشترى ممن تدعى حبيبة سيد سليمان 2 فدان و8 قراريط و6 أسهم أطيانا
زراعية كائنة بناحية الحوامدية مركز الجيزة بموجب عقد بيع ابتدائى تاريخه 3 من نوفمبر
سنة 1932 رفع به الدعوى رقم 2092 سنة 1936 مدنى الجيزة طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ ذلك
العقد وقضى له بطلباته فى 8 من مارس سنة 1939 وفى خلال ذلك نزعت وزارة الأشغال ملكية
مقدار 2 فدان و3 قراريط من هذا القدر المبيع تنفيذا للمشروع رقم 4737 وأصبح القدر الباقى
تالفا لا ينتفع به وقد تم الاستيلاء على القدر المنزوع ملكيته فى 18 أغسطس سنة 1936
ورأت الوزارة المفاوضة مع المطعون عليه بوصف أنه كان الواضع اليد على القدر المذكور
ولما لم تنته المفاوضة إلى تسوية اتجهت الوزارة إلى التعاقد مع المالكة الأصلية "حبيبة
سيد سليمان" على شراء هذا القدر وتم ذلك بموجب عقد البيع المسجل فى 10 من أغسطس سنة
1942 بثمن قدره 108 جنيهات و160 مليما أودعته الطاعنة المشترية باتفاقها مع البائعة
بخزانة المحكمة بموجب محضر إيداع رسمى فى أغسطس سنة 1945 وذلك لما تبين لها من خلاف
بين البائعة والمطعون عليه ولوجود حق امتياز البائع على هذه الأطيان لمصلحة الأملاك
الأميرية البائعة الأصلية لهذه الأطيان عن باقى الثمن الذى لم يؤد إليها – فأقام المطعون
عليه هذه الدعوى الحالية أمام محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 673 سنة
1945 كلى مصر وطلب فى صحيفتها المعلنة بتاريخ 21/ 10/ 1944 الحكم له بإلزام الوزارة
الطاعنة بأن تدفع إليه مبلغ 999 جنيها قيمة الثمن والريع من سنة 1939 لغاية رفع الدعوى
والمصاريف والاتعاب والنفاذ – وعند نظر الدعوى أنكرت الطاعنة دعوى المطعون عليه من
أساسها لأن الأطيان موضوع النزاع ملك الست حبيبة سيد سليمان وقد حرر عنها عقد بيع نهائى
بينهما ثم طلبت الطاعنة رفض الدعوى لتعاقدها مع المالكة الظاهرة بعقد مسجل سابق على
عقد المطعون عليه وهذا الأخير وشأنه مع البائعة – قضت محكمة أول درجة فى 27/ 12/ 1945
بندب خبير زراعى لتقدير ثمن العقار الذى استولت عليه الطاعنة وتقدير ريعه عن المدة
المطالب بها وبعد أن قدر الخبير الثمن والريع قضت المحكمة المذكورة فى 29/ 12/ 1949
بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 579 جنيها 239 مليما مع المصاريف تأسيسا
على أن الطاعنة لم تعترض على صفة المطعون عليه فى مقاضاتها فيعتبر ذلك تسليما منها
بصفته وإقرارا منها بالتصرف الحاصلى من حبيبة سليمان للمطعون عليه والتى لم يكن للطاعنة
حق التعاقد معها بعد أن خرجت الملكية من يدها ببيعها للمطعون عليه ويؤيد ذلك أن الطاعنة
لم تصرف شيئا من الثمن للبائعة بل أودعته بخزانة المحكمة لما تبين لها أن المطعون عليه
اشترى القدر المذكور استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد بجدولها
رقم 167 سنة 67 ق وطلبت فى ختام صحيفة استئنافها الغاء الحكم المستأنف والقضاء أصليا
بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة واحتياطيا رفضها تأسيسا على القول بأن المطعون
عليه لا صفة له فى رفع هذه الدعوى أو المطالبة فيها ما دامت قد اشترت هى من المالكة
بعقد مسجل ولأن قضاء الحكم بالريع مع ثبوت إيداع الثمن بخزانة المحكمة للخلاف القائم
بشأنه وثبوت حق امتياز البائع لمصلحة الأملاك البائعة الأصلية للقدر محل النزاع – وفى
28 من فبراير سنة 1952 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلا وبتعديل الحكم المستأنف
وإلزام الطاعنة "المستأنفة" بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 535 جنيها و467 مليما والمصاريف
عن الدرجتين والاتعاب تأسيسا على أنه ثبت لها أن الطاعنة كانت تعلم تمام العلم بأن
المطعون عليه هو الذى يضع يده على الأرض محل النزاع ومالك لها بدليل مفاوضتها معه على
الثمن ثم استخلصت المحكمة أن الطاعنة لم تكن حسنة النية فى تعاقدها مع البائعة بعقد
مسجل وهذا التسجيل لا يكسبها حقا مفضلا على حق المطعون عليه ولو كان لاحقا فى التسجيل
لعقد الطاعنة إلى آخر ما جاء بأسباب هذا الحكم. فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن هذا الطعن بنى على سبب واحد هو مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله
وفى بيانه تقرر الطاعنة أنها حين أستأنفت الحكم الابتدائى طلبت لدى محكمة الاستئناف
الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة تأسيسا على أنها كانت قد تعاقدت
مع المالكة الأصلية "حبيبه سيد سليمان" للقدر موضوع النزاع وهذه ارتضت الثمن ووقعت
على العقد الذى تم تسجيله فى تاريخ سابق على تسجيل المطعون عليه للحكم الصادر له بصحة
ونفاذ عقده الصادر إليه من نفس البائعة وقد اطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفع استنادا
إلى أن الطاعنة لم تكن حسنة النية فى تعاقدها مع المالكة الأصلية وأنها كانت تعلم بسبق
صدور تصرف من هذه البائعة عن ذات العقار للمطعون عليه وأن مبادرة الطاعنة إلى تسجيل
عقدها لا يكسبها حقا مفضلا على حق المطعون عليه الذى تقرر بالحكم الصادر له بصحة ونفاذ
عقده ولو كان تسجيل هذا الحكم لاحقا لتسجيل عقد شراء الطاعنة – وهذا الذى أقام عليه
الحكم قضاءه مخالف للقانون ذلك بأن الشارع فى القانون رقم 18 سنة 1923 قد رفع تسجيل
العقد الناقل للملكية فوق مستوى الدور الذى كان يؤديه من قبل فجعل له من الأثر ما لم
يكن له فى ظل القانون المدنى إذ جعل التسجيل هو بذاته الناقل للملكية ولا يمنع من ذلك
سوء نية المتصرف أو تواطؤه مع المتصرف إليه إضرارا بصاحب عقد آخر ناقل للملك أو مقرر
له وهو ما أفصح عنه الشارع فى المذكرة الإيضاحية بأنه أراد ألا يجعل من سوء نية المتصرف
أو تواطئه سببا يفسد عليه تسجيله تأسيسا على حسن النية الواجب توافره فى المعاقدات
أو على مقتضيات العدالة اكتفاء بحق المتضرر فى الرجوع على من أضر به بالتعويض عن الضرر
الذى لحقه – وما دامت الملكية كانت باقية للبائعة ولم تكن قد انتقلت إلى المطعون عليه
بسبب تراخيه فى التسجيل فيكون البيع الذى تم تسجيله وانتقلت به الملكية للطاعنة نافذا
ولا محل للتحدى بسوء نية المتصرف إليه أو تواطئه مع البائع على حرمان المتصرف إليه
الاول "المطعون عليه" من الصفقة ولا بعلمه بسيق تصرف البائع له إلى الغير إذ المناط
فى نقل الملكية هو التسجيل وحده دون نظر إلى سوء النية أو التواطؤ أو العلم.
وحيث إن هذا النعى على أساس ذلك بأن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بإلزام الطاعنة بالثمن
والريع من سنة 1939 إلى سنة 1945 للمطعون عليه على "أنه يؤخذ مما تقدم أن وزارة الأشغال
قد جانبت الحق فى تعاقدها مع حبيبه سيد سليمان ولم تكن حسنة القصد فى تملك العقار لذلك
لا تأخذ المحكمة بما دفعت به من عدم وجود صفة للمطعون عليه فى المطالبة إذ أن صفته
ثابتة من مفاوضتها له منذ البدء كما أن تعاقدها مع حبيبه سيد سليمان ومبادرتها إلى
تسجيل عقدها لا يكسبها حقا مفضلا على الحكم الصادر بصحة التعاقد بين المطعون عليه وحبيبه
سيد سليمان ولو كان تسجيله لاحقا لعقد الطاعنة وذلك لتوافر علم الطاعنة بالبيع الحاصل
للمطعون عليه ولعدم حسن نية عمالها الثابت من الأدلة المشار إليها وقد استقر الرأى
على ان أسبقية التسجيل لا تكون حجة على الغير الذى كسبا حقا بحسن نية قبل التسجيل….
وقد جاءت المادة 17 من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 سنة 1946 مؤيدة لوجهة هذا
النظر…." وهذا الذى قرره الحكم مخالف للقانون ذلك أن قانون التسجيل رقم 18 سنة 1923
الذى يحكم واقعة الدعوى أوجب فى مادته الأولى أن جميع العقود التى من شأنها إنشاء حق
ملكية أو حق عينى عقارى آخر أو نقله أو تغييره أو زواله يجب تسجيلها وأن عدم تسجيلها
يترتب عليه ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تزول بين المتعاقدين أنفسهم ولا بالنسبة
إلى غيرهم وأنه لا تكون لهذه العقود غير المسجلة من الأثر سوى التزامات شخصية فما لم
يتم التسجيل فإن الملكية تظل على ذمة المتصرف فإذا هو تصرف فيها لشخص آخر وكان هذا
الأخير قد بادر إلى تسجيل عقده خلصت له الملكية بمجرد هذا التسجيل ولا محل للتحدى بسبق
علم المتصرف إليه الأخير بحصول تصرف البائع لشخص آخر عن ذات العقار أو سوء نيته أو
تواطئه مع البائع على حرمان المتصرف إليه الأول من الصفقة ما دام أن المناط فى نقل
الملكية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو التسجيل بمجرده. ولما كان لا يبين من
الأوراق أن الطاعنة استصدرت مرسوما بنزع الملكية واتبعت اجراءات الاستيلاء المؤقت المقررة
قانونا بل الثابت أنها وضعت يدها على الأرض ثم اشترتها وسجلت عقدها فى 10 من أغسطس
سنة 1942 وكان الحكم المطعون فيه قد قضى رغم ذلك بإلزامها بثمن العقار وريعه من سنة
1929 حتى آخر سنة 1945 فانه يكون قد أخطأ فى قضائه بالزام الطاعنة بالثمن للمطعون عليه
وفى قضائه له بالريع ابتداء من تاريخ انتقال الملكية إلى الطاعنة بالتسجيل الحاصل فى
10 من أغسطس سنة 1942. ولما كان تقدير الريع عن السنوات السابقة لهذا التاريخ يستند
إلى عناصر موضوعية فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف
للنظر فيها على هذا الاعتبار.
