الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 91 سنة 22 ق – جلسة 07 /07 /1955 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 6 – صـ 1357

جلسة 7 من يوليه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.


القضية رقم 91 سنة 22 القضائية

( أ ) إفلاس. من يجوز له الطلب الحكم باشهار الافلاس؟ تقديم الطلب من وكيل الدائنين فى تفليسة أحد الشركاء المتضامنين لاشهار إفلاس باقى الشركاء. متى يكون مقبولا؟
(ب) إفلاس. تقديم طلب الافلاس من غير ذى صفة. لا يترتب عليه حتما عدم قبول الدعوى. حق المحكمة فى الحكم بالافلاس من تلقاء نفسها. مثال. المادة 196 من قانون التجارة.
(ج) التزام. شركة. سند الدين قد نص على صفة الموقع عليه باعتباره مدير الشركة والشريك الأول فيها. عدم منازعة باقى الشركاء فى صحة هذا البيان. اعتباره ملزما للشركة.
(د) إفلاس. جواز الحكم به ولو كان المدين قد توقف عن سداد دين واحد. تعدد الديون المتوقف عن سدادها. غير لازم.
(هـ) التزام. توقيع الشريك المدير فى شركة تضامن على تعهد باسمه دون بيان عنوان الشركة لا يترتب عليه بمجرده إعفاء الشركة. وجوب اعتباره قرينة بسيطة على مديونية الشريك دون الشركة.
1 – لما كان القانون يستوجب فى حالة تقديم طلب إشهار الافلاس من غير المدين أو النيابة العامة أن يكون مقدم الطلب دائنا لمن يطلب الحكم باشهار إفلاسه، فإن وكيل الدائنين فى تفليسة أحد الشركاء فى شركة التضامن لا تكون له صفة فى المطالبة باشهار إفلاس باقى الشركاء المتضامنين إلا إذا ظهر من تصفية الحساب بينهم وبين المفلس، الذى يمثله أنه دائن لهم.
2 – تقديم طلب إشهار الافلاس من غير ذى صفة لا يترتب عليه حتما الحكم بعدم قبول دعوى إشهار الافلاس، إذ يجوز للمحكمة فى هذه الحالة وعملا بنص المادة 196 من قانون التجارة أن تحكم من تلقاء نفسها باشهار الافلاس متى تبينت من ظروف النزاع المطروح عليها أن المدين المطلوب إفلاسه هو تاجر وأن ثمت دائنا أو دائنين آخرين بديون تجارية قد توقف هذا المدين عن وفاء ديونهم مما تتوافر معه الشروط الموضوعية فى خصوص إشهار الافلاس، كما يجوز للمحكمة فى حالة توافر هذه الشروط أن تحكم من تلقاء نفسها باشهار الافلاس إذا كان طالب إشهار الافلاس دائنا ذا صفة فى طلب الافلاس ثم تنازل عن طلبه وإذن فمتى كانت محكمة الموضوع قد اعتبرت للأسباب التى أوردتها أن الديون التى صدر من أجلها الحكم باشهار إفلاس أحد الشركاء المتضامنين هى كلها ديون مترتبة فى ذمة شركة التضامن ولم تكن ديونا مترتبة فى ذمة المفلس بصفته الشخصية كما اعتبرت الشركة متوقفة عن دفع الديون المشار إليها ورتبت على ذلك مسئولية باقى الشركاء المتضامنين عن وفاء هذه الديون وقضت باشهار إفلاسهم، فانه يكون غير منتج تمسك هؤلاء الشركاء بانعدام صفة وكيل الدائنين فى تفليسة شريكهم فى طلب إشهار إفلاسهم.
3 – متى كان سند الدين قد تضمن بيان صفة الموقع عليه باعتباره الشريك الأول فى شريكة التضامن والمدير المالى لها ولم ينازع باقى الشركاء فى صحة هذا البيان فإنه يكون كافيا فى ترتيب الالتزام فى ذمة الشركة ويكون غير منتج الطعن بالتزوير فى العبارة المقول باضافتها إلى هذا السند والخاصة بالمحل الذى تباشر فيه أعمالها.
4 – لما كان القانون لا يشترط للحكم باشهار الافلاس تعدد الديون التى يتوقف المدين عن وفائها بل يجيز إشهار إفلاسه ولو ثبت توقفه عن وفاء دين واحد، وكان المدين قد نازع فى بعض الديون ولم ينازع فى البعض الآخر، فإن هذه المنازعة ليس من شأنها منع الحكم باشهار إفلاسه.
5 – توقيع الشريك المدير فى شركة التضامن باسمه على تعهد من التعهدات دون بيان عنوان الشركة لا يترتب عليه بمجرده إعفاء الشركة من الالتزام وإنما يقوم قرينة على أن الشريك المدير يتعامل فى هذه الحالة لحسابه الخاص وهى قرينة تقبل إثبات العكس بكافة طرق الإثبات بما فيها القرائن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى أن دردير افندى مصطفى أقام الدعوى رقم 227 سنة 1950 إفلاس مصر على محمد افندى عبد المجيد بوصفه صاحب ورشة بلاط الهلال الكائنة بشارع عبد الرازق بركات رقم 4 قسم السيدة زينب طلب فيها الحكم بإشهار إفلاسه – واستند فى دعواه إلى سند إذنى مؤرخ فى 2 من فبراير سنة 1949 قيمته 400 جنيه وإلى بروتستو عدم الدفع المعلن إلى المدعى عليه المذكور فى 24 من أكتوبر سنة 1950 – دفع المدعى عليه الدعوى المشار إليها بأنه سدد الدين وقدم إلى المحكمة دفاتر تبين أن لا علاقة له بهذا الدين – وفى 9 من يناير سنة 1951 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية بإشهار إفلاس محمد عبد المجيد واعتبار يوم 24 من أكتوبر سنة 1950 تاريخا مؤقتا للتوقف عن الدفع وتعيين المطعون عليه وكيلا مؤقتا عن الدائنين – استأنف المحكوم عليه هذا الحكم، وفى 8 من مارس سنة 1951 حكم بالتأييد – وكان الطاعنان قد أقاما فى 31 من يناير سنة 1951 دعوى قيدت فى جدول محكمة القاهرة بالرقم ذاته – 227 سنة 1950 إفلاس مصر – طلبا فيها القضاء بإلغاء الحكم الابتدائى الذى قضى بإشهار إفلاس محمد عبد المجيد تأسيسا على أن المحكوم بإشهار إفلاسه وهو شريك لهما فى شركة "بلاط الهلال" قد تواطأ مع الدائن الذى رفع دعوى إشهار الافلاس وذلك إضرارا بالشركة وعلى أن السند الذى بنى عليه الحكم بإشهار الإفلاس إنما يثبت دينا شخصيا على محمد عبد المجيد وقع عليه هذا بصفته الشخصية ولا يحمل توقيعه عليه اسم الشركة ولا عنوانها. وبعد أن حكم نهائيا بتأييد الحكم الصادر بإشهار إفلاس محمد عبد المجيد عدل الطاعنان طلباتهما إلى طلب الحكم بأحقيتهما إلى ثلثى ورشة البلاط التى وضعت عليها الأختام نفاذا لحكم إشهار الإفلاس وإنذار المطعون عليه – وكيل التفليسة – بوجوب إضافة قيمة إيجار الورشة إلى حساب الطاعن الأول على اعتبار أنه هو المالك للعقار الكائنة به الورشة – ثم رفع المطعون عليه – بصفته – الدعوى رقم 215 سنة 1951 إفلاس مصر – طلب فيها الحكم بإشهار إفلاس الطاعنين باعتبارهما شريكين فى شركة "بلاط الهلال" التضامنية واعتبار يوم 3 من فبراير سنة 1949 تاريخا مؤقتا للتوقف عن الدفع وتعيينه هو وكيلا مؤقتا عن الدائنين – وفى 15 من يناير سنة 1952 حكمت المحكمة بضم القضية الثانية إلى القضية الأولى وفى موضوع القضية الأولى برفضها وفى القضية الثانية بإشهار إفلاس الطاعنين باعتبارهما شريكين متضامنين فى شركة بلاط الهلال واعتبار يوم 24 من أكتوبر سنة 1950 تاريخا مؤقتا للتوقف عن الدفع وبتعيين المطعون عليه وكيلا مؤقتا عن الدائنين – استأنف الطاعنان هذا الحكم وقيد استئنافهما فى جدول محكمة استئناف القاهرة برقم 36 تجارى سنة 69 ق. وفى 20 من فبراير سنة 1952 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف لأسبابه وللأسباب الأخرى التى أضافتها فقرر الطاعنان بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب – يتحصل الوجه الأول من السبب الأول منها فى تعييب الحكم بمخالفة القانون إذ قضى بقبول الدعوى المرفوعة من المطعون عليه بوصفه وكيلا للدائنين فى تفليسة محمد عبد المجيد والتى طلب فيها امتداد الحكم الصادر بإشهار إفلاس هذا المفلس إلى الطاعنين بوصفهما شريكين متضامنين معه فى شركة "بلاط الهلال" ويقول الطاعنان فى بيان ذلك إن الشريك المتضامن لا يستطيع المطالبة بإشهار إفلاس أحد زملائه الأعضاء فى شركة التضامن لأنه فى علاقته به لا يخرج عن كونه شريكا وكذلك ليس لوكيل الدائنين فى تفليسة أحد الشركاء أن يطلب الحكم بإشهار إفلاس الشركة أو أحد أعضائها لأن هذا الوكيل كما يمثل دائنى المفلس فإنه يمثل المفلس أيضا ولا صفة للشريك المفلس فى المطالبة بإشهار إفلاس الشركة أو أى شريك آخر.
ومن حيث إن القانون يستوجب فى حالة تقديم طلب إشهار الإفلاس من غير المدين أو النيابة العامة أن يكون مقدم الطلب دائنا لمن يطلب الحكم بإشهار إفلاسه مما ينبنى عليه أنه لا يجوز للشريك المتضامن أن يطلب الحكم بإشهار إفلاس أحد شركائه المتضامنين إلا إذا صفى الحساب بينهما وتبينت مديونية الشريك المطلوب إشهار إفلاسه للشريك طالب إشهار الإفلاس ويترتب على ذلك أن وكيل الدائنين فى تفليسة أحد الشركاء فى شركة التضامن لا تكون له صفة فى المطالبة بإشهار إفلاس باقى الشركاء المتضامنين إلا إذا ظهر من تصفية الحساب بينهم وبين المفلس الذى يمثله أنه دائن لهم ولكن تقديم طلب إشهار الإفلاس من غير ذى صفة لا يترتب عليه حتما الحكم بعدم قبول دعوى إشهار الإفلاس إذ يجوز للمحكمة فى هذه الحالة وعملا بنص المادة 196 من قانون التجارة أن تحكم من تلقاء نفسها بإشهار الافلاس متى تبينت من ظروف النزاع المطروح أمامها أن المدين المطلوب إفلاسه هو تاجر وأن ثمت دائنا أو دائنين آخرين بديون تجارية قد توقف هذا المدين عن وفاء ديونهم مما تتوافر معه الشروط الموضوعية فى خصوص إشهار الإفلاس. كذلك يجوز للمحكمة فى حالة توافر هذه الشروط أن تحكم من تلقاء نفسها بإشهار الافلاس إذا كان طالب إشهار الإفلاس دائنا ذا صفة فى طلب إشهار الافلاس ثم تنازل عن طلبه – ولما كان يبين من أسباب الحكم المستأنف التى أحال عليها الحكم المطعون فيه ومن الأسباب الأخرى التى أضافتها محكمة الاستئناف أن محكمة الموضوع قد اعتبرت أن الدين الذى رفعت من أجله دعوى الافلاس رقم 227 سنة 1950 القاهرة على محمد عبد المجيد بوصفه صاحب مصنع بلاط الهلال – هو والديون الأخرى المشار إليها فى الحكمين الابتدائى والاستئنافى هى كلها ديون مترتبة فى ذمة شركة بلاط الهلال المكونة من الطاعنين هما ومحمد عبد المجيد ولم تكن ديونا مترتبة فى ذمة هذا الأخير بصفته الشخصية – كما اعتبرت أن الشركة متوقفة عن دفع الديون المشار إليها وقررت أن الطاعنين باعتبارهما شريكين متضامنين ملزمان بوفاء ديون الشركة ومن أجل ذلك حكمت بإشهار إفلاس الطاعنين قائلة إنها تقضى بذلك عملا بنصوص المادتين 195 و196 من قانون التجارة – ولما كانت المادة الأخيرة تجيز لمحكمة الموضوع على ما سبق بيانه أن تحكم بإشهار الافلاس من تلقاء نفسها ولو كان طلب إشهار الافلاس مقدما من غير ذى صفة أو رغم تنازل طالب إشهار الافلاس عن طلبه – لما كان ذلك فإنه يكون غير منتج ما يتمسك به الطاعنان من عدم قبول طلب إشهار الافلاس لتقديمه من غير ذى صفة.
ومن حيث إن الطاعنين يتمسكان فى الشق الثانى من السبب الثالث من أسباب الطعن بوقوع خطأ فى الإجراءات موجب لبطلان الحكم المطعون فيه ويقولان فى بيان ذلك إن محكمة الاستئناف يتعين عليها قانونا أن تنظر القضايا بالحالة التى كانت عليها أمام محكمة الدرجة الأولى من ناحية الموضوع والخصوم وأنه بالرجوع إلى بيانات الحكم المطعون فيه تبين أنها خلت من ذكر خصم من الخصوم وهو دردير محمد مصطفى الذى كان مختصما كمدعى عليه فى الدعوى رقم 227 سنة 1950 إفلاس كلى مصر كما كان معلنا بصحيفة الاستئناف.
ومن حيث إن هذا النعى عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعنان بملف الطعن صورة رسمية من صحيفة الاستئناف المرفوع منهما حتى يبين منها ما إذا كانا قد اختصما فى هذا الاستئناف دردير محمد مصطفى أم لم يختصماه فضلا عن أن بيانات الحكم المستأنف خالية من الإشارة إليه باعتباره خصما وقت صدور ذلك الحكم – هذا إلى أنه ظاهر من وقائع النزاع السابق بيانها أن الطاعنين إنما اختصما دردير محمد مصطفى عندما رفعا دعواهما طالبين فى بادئ الأمر القضاء بإلغاء حكم إشهار الإفلاس الصادر لمصلحته ضد محمد عبد المجيد من محكمة القاهرة بهيئة ابتدائية فى 9 من يناير سنة 1951 ولما قضى فى الاستئناف المرفوع من محمد عبد المجيد بتأييد هذا الحكم عدل الطاعنان طلباتهما فى مواجهة المطعون عليه بصفته وكيلا عن الدائنين فى تفليسة محمد عبد المجيد إلى طلب الحكم بأحقيتهما لثلثى ورشة البلاط – وبعد تعديل الطلبات على النحو المشار إليه ونزول الطاعنين عن طلب إلغاء حكم إشهار الإفلاس لم يكن ثمت ما يقضى الاستمرار فى مخاصمة المحكوم لمصلحته بإشهار الإفلاس.
ومن حيث إن باقى ما ورد فى باقى أسباب الطعن يتحصل فى تعييب الحكم المطعون فيه بمخالفته القانون وقصور تسبيبه وإخلاله بحق الدفاع ويقول الطاعنان فى بيان ذلك إنه يشترط لجواز إشهار إفلاس التاجر أن يكون الدين المطلوب إشهار الإفلاس بسبب التوقف عن وفائه غير متنازع فيه وأنه بالرجوع إلى سند الدين الذى رفعت من أجله دعوى إشهار الإفلاس الأولى من دردير محمد مصطفى يتبين أنه موقع عليه من محمد عبد المجيد بصفته الشخصية وأن توقيعه على هذا السند لا يحمل اسم الشركة ولا عنوانها. ولما كان عقد الشركة بين الطاعنين وشريكهما محمد عبد المجيد قد أشهر وفقا للقانون وتضمن هذا العقد أن المدير هو محمد عبد المجيد وأنه لا يجوز له التوقيع إلا بعنوان الشركة المبين بالعقد وهو "محمد عبد المجيد وشركاه" وكانت المادة 22 من قانون التجارة لا تلزم الشركاء بأعمال المدير إلا إذا كان توقيعه بعنوان الشركة فإنه لم يكن يجوز إشهار إفلاس الطاعنين بناء على دين لم يوقع عليه من مدير الشركة بهذا العنوان. ويقول الطاعنان أيضا إن الحكم المطعون فيه قد اعتبر الطاعنين متوقعين عن وفاء دينين أحدهما محرر سنده بمبلغ 150 جنيها لمصلحة أحمد زكى سامى ومؤرخ فى 20 من يونيه سنة 1949 والآخر محرر سنده بمبلغ 500 جنيه لمصلحة محمد أمين محمد ومؤرخ فى 16 من أبريل سنة 1948 وكل منهما موقع عليه من محمد عبد المجيد ولكن توقيعه عليهما لا يحمل اسم الشركة ولا عنوانها وقد أضيفت بعد تحرير كل منهما وفى صدره عبارة "الجهة – شارع عبد الرازق بركات رقم 4 قسم السيدة زينب بمحافظة مصر" وكانت هذه الإضافة فيما تضمنته من بيان المكان الذى تباشر الشركة فى جزء منه أعمالها مقصودا بها الإيهام بأن السندين موقع عليهما من محمد عبد المجيد بعنوان الشركة وقد طلب الدائنان بهذين السندين تدخلهما فى الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى منضمين إلى المطعون عليه فى طلب إشهار إفلاس الطاعنين وقدما سنديهما ولكن المحكمة المذكورة رفضت تدخلهما الأمر الذى كان يتعين معه استبعاد سنديهما – ولكن محكمة الدرجة الأولى قضت مع ذلك بإشهار إفلاس الطاعنين على أساس أنهما متوقفان عن وفاء الدين الثابت فى هذين السندين فلما رفع الطاعنان استئنافهما قررا فى دفاعهما أمام محكمة الاستئناف أن كلا من السندين قد أضيفت إليه العبارة السابق بيانها وأبديا استعدادهما للطعن بالتزوير فيهما ولكن المحكمة أغفلت هذا الدفاع وأصدرت حكمها المطعون فيه تأسيسا على هذين السندين ورغم هذه المنازعة فى صحة البيانات الواردة فيهما.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ تحدث عن الديون التى قضى بإشهار إفلاس الطاعنين بسبب التوقف عن دفعها ورد به ما يلى "ومن حيث إن المستأنفين – الطاعنين – ينعيان على الحكم الإبتدائى انه قضى بإشهار الإفلاس مع عدم مديونية الشركة بدين ما إذ الدين الذى رفعت به الدعوى بداءة مترتب فى ذمة محمد عبد المجيد شخصيا لا فى ذمة الشركة – ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على السند الذى كان أساس دعوى الافلاس أنه موقع عليه من محمد عبد المجيد وهو الشريك فى شركة التضامن مع المستأنفين الذى يخول حق الادارة والتوقيع عن الشركة ووصف فى صدر السند بأنه صاحب ورشة بلاط السيدة زينب – وذكر تحت الامضاء عنوان رقم 4 شارع عبد الرازق بركات (وهو عنوان الشركة ذاتها) وقد رأت المحكمة بحق أن إمضاء المدين بهذه الكيفية يعتبر إمضاء بعنوان الشركة يخول طلب إشهار إفلاس الشركة وعززت رأيها هذا بما استمدته من طلب تدخل دائنين أحدهما أحمد زكى سامى الذى يطلب إشهار إفلاس الشركة إذ وقع محمد عبد المجيد بصفته صاحب ورشة بلاط الهلال بشارع عبد الرازق بركات بمصر على سند بمديونيته بمبلغ 150 جنيها استحق السداد فى 20 من يونيه سنة 1949 والدائن الآخر هو محمد أمين محمد يداين محمد عبد المجيد بسند قيمته 500 جنيه يستحق السداد فى 26 من أبريل سنة 1948 وذكر فيه أن المدين محمد عبد المجيد شريك أول ومدير مالى وإدارى شركة بلاط الهلال. وقد رأت المحكمة بحق أن المدين الذى أمضى بعنوان الشركة فى جميع السندات ما يجعل الشركة نفسها فى حالة توقف عن الدفع وقضت بإفلاسها وإذا كانت المحكمة قد رفضت قبول تدخل هذين الدائنين فليس من حرج عليها فى أن تأخذ من سندى دينهما ما تستدل به على حالة التوقف عن الدفع ولعلها بنت الرفض على أن محل التدخل سيجئ فيما بعد أمام السنديك ومأمور التفليسة بصدد تحقيق الديون فإذا أضيف إلى ذلك أن دائنا آخر هو بوليسين زكى بيانكو تقدم فى الدعوى مطالبا بمبلغ 77 جنيها و925 مليما قيمة عشرة سندات إذنيه مستحقة الوفاء وقع على اثنين منها من محمد عبد المجيد وشريكه على عبد العال وقد وقعها جميعا محمد عبد المجيد بصفته صاحب ورشة بلاط السيدة زينب وذكر فيها أن الدين مطلوب من محمد عبد المجيد وشريكه عبد العال وأن هناك دائنا آخر تقدم للسنديك وهو أمين أفندى حنا يداين محمد عبد المجيد بخمس سندات إذنيه قيمتها 307 جنيه موقعا عليها من محمد عبد المجيد بصفته صاحب ورشة البلاط إذا ما تجمعت كل هذه القرائن على عجز المدين – الشركة – عن الوفاء بديونه فلا نزاع فى أن المحكمة كانت على حق حين رأت فى هذا العجز حالة توقف عن الدفع. ومن حيث إنه لا يشترط لالتزام شركة التضامن نص خاص وإنما يكفى أن يكون التوقيع من الشريك الذى عهدت إليه إدارة الشركة بعنوان الشركة وما نعت به فى السندات من أنه صاحب ورشة البلاط فى شارع عبد الرازق بركات رقم 4 بالسيدة زينب ما يكفى لاعتبار الديون مرتبطة بأعمال الشركة وخاصة بها رغم إخفائه عن بعض الدائنين اشتراك غيره معه فى الشركة لأن صفة تمثيله لهذا المصنع هى التى كانت محل اعتبار الدائنين حين أقرضوه هذه الديون وهى صفة قائمة فعلا لأنه يمثل هذا المصنع وله حق التوقيع عنه نيابة عن الشركة التى له فيها حق الثلث، وإن كان قد خلع على نفسه فى بعض السندات صفة الملكية منفردا عن غيره فلا تأثير لذلك على أن الالتزام كان ذا صلة بالمصنع وأن محمد عبد المجيد أمضى هذه السندات بصفته ممثلا له وإن كان مالكا مع غيره".
ومن حيث إنه يبين من هذا الذى أورده الحكم: أولا – أن السند المؤرخ فى 26 من أبريل سنة 1948 والمحرر لمصلحة الدائن محمد أمين محمد بمبلغ 500 جنيه قد تضمن بيان صفة الموقع عليه وهو محمد عبد المجيد وأنه هو الشريك الأول والمدير المالى للشركة وهذا كاف فى ترتيب الالتزام فى ذمة الشركة وعلى ذلك فإنه لم يكن ثمت جدوى من الطعن على هذا السند بالتزوير بالنسبة للعبارة المقول إنها أضيفت إليه والخاصة بالمحل الذى تباشر فيه الشركة أعمالها والتى لا شأن لها بالبيان المشار إليه الملزم للشركة الذى لم ينازع الطاعنان فى صحته – ثانيا أن الحكم بإشهار إفلاس الطاعنين لم يبن على مجرد توقف الشركة عن وفاء الديون الثلاثة المشار إليها فى سبب النعى بل ثبت لمحكمة الموضوع توقفها عن وفاء دينين آخرين أحدهما لبولسين زكى بيانكو والآخر لأمين افندى حنا – وهذان الدينان الأخيران لم يبد من الطاعنين نزاع فى خصوصهما ولما كان القانون لا يشترط للحكم بإشهار الإفلاس تعدد الديون التى يتوقف المدين عن وفائها بل يجيز إشهار إفلاسه ولو ثبت توقفه عن وفاء دين واحد فإن منازعة الطاعنين فى الديون الثلاثة السابق بيانها ليس من شأنها منع الحكم بإشهار إفلاسهما – ثالثا – أنه وإن كان الحكم المطعون فيه حين تحدث عن عنوان الشركة لم يوضح التفرقة بين عنوان الشركة الذى يقصد به المكان الذى تباشر فيه الشركة أعمالها وبين عنوان الشركة الذى أشار إليه قانون التجارة فى المادة 22 منه إلا أنه – الحكم اعتبر للأسباب التى أوردها أن الديون التى اقترضها محمد عبد المجيد والتى سبقت الاشارة إليها كانت متصلة ومرتبطة بأعمال الشركة تسأل عنها الشركة والشركاء المتضامنون ولو خلا توقيع الشريك المدير على السندات الخاصة بها من بيان عنوان الشركة – وهذا الذى انتهى إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون – ذلك لأن توقيع الشريك المدير فى شركة التضامن باسمه على تعهد من التعهدات دون بيان عنوان الشركة لا يترتب عليه بمجرده إعفاء الشركة من الالتزام وإنما يقوم قرينة على أن الشريك المدير يتعامل فى هذه الحالة لحسابه الخاص وهى قرينة تقبل النفى وإثبات العكس بكافة طرق الاثبات بما فيها القرائن – ولما كانت أسباب الطعن خالية من تعييب الحكم فى خصوص القرائن التى استدل بها على أن السندات المقدمة فى الدعوى كانت مرتبطة بأعمال الشركة فإنه يكون من غير المنتج القول بأن هذه السندات لم يكن موقعا عليها من الشريك المدير للشركة بعنوان الشركة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن بجميع وجوهه على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات