القضيتان رقما 218 و267 سنة 22 ق – جلسة 16 /06 /1955
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 6 – صـ 1266
جلسة 16 من يونيه سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد المستشارين.
القضيتان رقما 218 و267 سنة 22 القضائية
( أ ) حكم. تسبيبه. حكم بتقدير أتعاب محام عن القضايا التى باشرها
لمصلحة موكله. اعتماده على مستندات محررة باللغة اليونانية. اعتراف المحكمة فى ذات
الحكم بجهلها باللغة اليونانية. تناقض. بطلان.
(ب) حكم. تسبيبه. إغفال المحكمة طلب ترجمة مستندات الدعوى إلى اللغة العربية. مخالفة
الحكم للمادة 26 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 وقصور.
(ج) حكم. تصحيحه. إغفال الفصل فى بعض الطلبات وطلب الفصل فيها من جديد وفقا للمادة
368 مرافعات. المقصود به هو إغفال هذه الطلبات سهوا أو غلطا. قضاء الحكم صراحة أو ضمنا
برفض هذه الطلبات. وسيلة التصحيح. هى الطعن فى الحكم بالطريق المناسب.
(د) حكم. القبول المانع من الطعن فيه. شرطه. مثال.
(هـ) فوائد. حكم. تسبيبه. رفض طلب الفوائد عن مبلغ من النقود محكوم به مقابل أتعاب
المحاماة دون إيراد أسباب تبرر الرفض. قصور. مثال.
1 – متى كانت المحكمة بعد أن قررت فى صدر حكمها أنه كان من الأصوب أن يستصدر المحامى
أمرا بتقدير أتعابه من المحكمة القنصلية اليونانية عن القضايا التى فصلت فيها خصوصا
وأن المذكرات والمستندات أساس المطالبة مكتوبة باللغة اليونانية التى تجهلها المحكمة
ولم تترجم بأكملها إلى اللغة العربية عادت فأقامت قضاءها للمحامى بما يستحقه من أتعاب
عن مباشرة الأعمال القضائية وغير القضائية أمام جهتى التقاضى القنصلى والمختلط على
ذات المستندات المقدمة فى الدعوى ومنها المستندات المحررة باللغة اليونانية التى تجهل
حقيقتها، فإن حكمها يكون معيبا يعيب التناقض.
2 – إغفال المحكمة طلب ترجمة المستندات التى أقامت عليها قضاءها بتقدير أتعاب المحامى
من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية يجعل حكمها مخالفا للمادة 26 من القانون رقم
147 لسنة 1949 بإصدار قانون نظام القضاء التى تقرر بأن لغة المحاكم هى اللغة العربية
فضلا عن قصوره فى التسبيب قصورا يستوجب نقضه.
3 – المستفاد من صريح نص المادة 368 من قانون المرافعات أن مناط الأخذ به أن تكون المحكمة
قد أغفلت سهوا أو غلطا الفصل فى طلب موضوعى إغفالا كليا يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها
لم يقض فيه قضاء ضمنيا مما يحسن معه الرجوع إلى نفس المحكمة بطلب عادى ليس له موعد
محدد يسقط بانقضائه الحق فى تقديمه، أما إذا كان المستفاد من أسباب الحكم أو منطوقه
أنها قضت صراحة أو ضمنا برفض الطلب فإن وسيلة تصحيح الحكم إنما تكون بالطعن فيه بإحدى
طرق الطعن العادية أو غير العادية إذا كان قابلا لها. وإذن فمتى كان الواقع هو أن المحكمة
بعد أن قضت للخصم بالمبلغ الذى قدرته له رفضت القضاء له بالفوائد بقولها "ورفض ما عدا
ذلك من الطلبات" فإن سبيل الخصم للمطالبة بهذه الفوائد هى الطعن فى الحكم بالطريق المناسب.
4 – جرى قضاء هذه المحكمة على أن ما يكون به قبول الحكم المانع من الطعن من قول أو
عمل أو إجراء يجب أن يكون دالا على ترك الحق فى الطعن دلالة لا تحتمل الشك، وإذن فمتى
كان المحكوم له إذ قبض المبلغ المحكوم به قد احتفظ بحقه فى الطعن بطريق النقض لعدم
الحكم له بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ فإن سكوته عن الرد على خطاب موجه إليه من
المحكوم عليه يخبره فيه بعدم أحقيته فى الفوائد التى حكم برفضها لا يفيد تركه الحق
فى الطعن على الحكم.
5 – متى كانت المحكمة إذ قضت للمحامى بالمبلغ الذى قدرته له مقابل الأعمال التى باشرها
لصالح موكله قد رفضت طلب الفوائد دون أن تورد أسبابا تبرر هذا الرفض فإن حكمها يكون
مشوبا بعيب القصور، ذلك أن الفوائد فى صورة الدعوى إنما هى تعويض قانونى عن التأخير
فى الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ من النقود مصدره عقد الوكالة التى كانت قائمة بين الطرفين
وهى تستحق للوكيل من يوم إعلان صحيفة الدعوى عملا بنص المادة 182 من القانون المدنى
المختلط الذى يحكم النزاع المقابلة للمادة 226 من القانون المدنى الجديد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد وكيل
المحكمة المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن رقم 218 سنة 22 قضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى
أن الأستاذين نيقولا وخاريديم موستكاس المحاميين أقاما الدعوى رقم 2210 سنة 74 أمام
محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة سابقا بعريضة أعلنت بتاريخ 11 من يونيو سنة 1949
على السيدة فانى أرملة المرحوم ديمترى سبتسير وبولو وجورج ابن ديمترى – أحيلت بعد
انتهاء فترة الانتقال على محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها تحت رقم 3817 سنة
49 كلى مصر – طلبا فيها إلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 14000
جنيه مصرى وفوائده القانونية كأتعاب للأعمال القضائية وغير القضائية التى قاما بها
لصالحهما – وفى 23 من أبريل سنة 1951 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا
للمدعيين مبلغ 3600 جنيه والمصروفات المناسبة لما قضى به ورفضت ما عدا ذلك من
الطلبات، مؤسسة قضاءها على أنه بان لها بعد الاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها
والقضايا المنضمة – أن الجهود التى بذلها المدعيان فى سبيل المحافظة على حقوق
المدعى عليهما فى التركة موضوع النزاع هى جهود صادقة فى جملتها وكانت مهمتها متشعبة
النواحى استغرقت كثيرا من الوقت واتخذا فى سبيل انجازها طائفة من الأعمال القضائية
والإجرائية الخارجة عن دائرة القضاء – وأنه وإن كانت هذه الجهود لم تكلل بالنجاح فى
بعض النواحى، إذ من الثابت أن معظم القضايا التى أقامها المدعيان باسم موكليهما لم
تأت بنتائج مرضية للمدعى عليهما فإنه من المبادئ المقررة أن الأتعاب تستحق للمدعى
عليهما مهما كانت نتيجة العملية التى عهد اليهما بها، وأنه "عند تقدير الأتعاب
المطلوبة يجب أن تأخذ المحكمة بعين الاعتبار لعميلة النزاع المطروح وقيمة الدعوى
ومقدار المجهود الذى بذله المدعيان والزمن الذى استغرقته أعمالهما ونتيجة هذه
الأعمال ومدى ما وصلت إليه من نجاح فى الدفاع عن حقوق موكليهما والمركز الاجتماعى
والمالى لهذين الموكلين – وأنه على ضوء هذه المبادئ وبعد تدقيق النظر فى ظروف هذا
النزاع وملابساته ترى المحكمة أن تقدير النقابة المختلطة لأتعاب المدعيين بمبلغ 14
ألف جنيه هو تقدير مبالغ فيه يجاوز إلى حد كبير ما يستحقانه جزاء لأعمالهما
ومجهودهما فى النزاع وترى أن تقصر أتعابهما على مبلغ أربعة آلاف جنيه على أن يستنزل
منها ما دفع إليهما بتاريخ 4/ 8/ 1948 وقدره أربعمائة جنيه" – استأنف المحكوم
عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر استئنافا أصليا قيد بجدولها العمومى برقم
591 سنة 68 ق بعريضة أعلنت إلى المستأنف عليهما بتاريخ 9 من يوليو سنة 1951 طلبا
فيها لما جاء بها من أسباب، الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وتحديد باقى أتعاب
المستأنف عليهما – بعد الأربعمائة جنيه المدفوعة لهما بمبلغ مائتى جنيه فقط.
واستأنف أيضا المستأنف عليهما أصليا نفس الحكم بعريضة أعلنت إلى المستأنف عليهما
أصليا نفس الحكم بعريضة أعلنت إلى المستأنف عليهما بتاريخ 11 يوليو سنة 1951 طلبا
فيها لما جاء بها من أسباب، تعديل الحكم المستأنف والحكم على المستأنف عليهما
بالتضامن والتكافل بدفع مبلغ 14 ألف جنيه مع الفوائد القانونية من تاريخ رفع
الدعوى. وفى 17 من أبريل سنة 1952 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا ورفضهما
موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل فريق بمصاريف استئنافه وأمرت بالمقاصة فى
أتعاب المحاماة – فقرر كل من الفريقين الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
(عن الطعن رقم 218 سنة 22 ق):
ومن حيث إن هذا الطعن مقام على سبب واحد يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ لم يفصل
فى المسألة الجوهرية التى اتخذها الطاعنان أساسا لدفاعهما أمام المحكمة وهى وجوب
ترجمة حافظة مستندات المطعون عليهما إلى اللغة العربية حتى يتسنى للمحكمة أن تقف
على حقيقة جهدهما وتتمكن بالتالى من بناء حكمها بتقدير الأتعاب على أساس سليم – إذ
أغفلت المحكمة مناقشة هذا الدفاع الجوهرى أو الرد عليه أو حتى مجرد الإشارة إليه فى
حكمها على الرغم من أنه كان محل أخذ ورد بين الخصوم وبعضهم من جهة وبينهم وبين
المحكمة فى جلسة المرافعة الأخيرة من جهة أخرى، فإن حكمها يكون معيبا بعيب القصور
فى التسبيب – على أنه من ناحية أخرى فإنه ليس أدل على أن المحكمة لم تبن اقتناعها
على أساس واضح مستمد من ظروف الدعوى وملابساتها من اعترافها الصريح الذى سجلته فى
أسباب حكمها والذى يثبت أنها لم تستوعب سلطتها فى فهم الواقع فى الدعوى من الأدلة
المقدمة وفى وزن هذه الأدلة وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر. فقد ذكرت فى
حكمها بصدد التحدث عن الاستئناف المرفوع من المطعون عليهما والذى فصلت فيه بنفس
الحكم المطعون فيه ما يلى "وحيث إن المستأنفين تقدما إلى نقابة المحامين المختلطة
بطلب تقدير أتعابهما فى هذه القضايا سواء منها التى نظرت أمام المحاكم القنصلية
اليونانية أو التى فصل فيها القضاء المختلط وفضلا هذا الإجراء على الطريق الأصوب
وهو الالتجاء إلى المحاكم القنصلية اليونانية لاستصدار أوامر تقدير عن القضايا التى
فصلت فيها هذه المحاكم وهى أدرى بها وأقدر على معرفة الجهود التى بذلها المستأنفان
فيها – ولا شك أن هذه الأوامر كان يمكن أن تكون أساسا صالحا لتقدير أتعابهما وأكثر
نفعا لهما من المذكرات والمستندات المكتوبة باللغة اليونانية التى تجهلها هذه
المحكمة والتى لم تترجم بأكملها إلى اللغة العربية" – وهكذا اعترفت المحكمة فى
أسباب حكمها بأنها أقامت قضاءها على المجهول لا المعلوم إذ أقرت أن المستندات
والمذكرات مكتوبة باللغة اليونانية التى تجهلها – وأن هذه المستندات وتلك المذكرات
لا تصلح بحالتها هذه كأساس لتقدير أتعاب المطعون عليهما – فكيف قدرت هذه الأتعاب
إذن؟ – وعلى أى أساس بنت حكمها؟ فإذا قررت بعد ذلك أنها بنت حكمها على أساس
المستندات المقدمة فى الدعوى، والتى أقرت أنها تجهلها ولا تدرى شيئا عما ورد بها،
فإنها تكون بذلك قد ناقضت نفسها بنفسها إذ قررت أنها تجهل ما ورد بها ثم عادت فقررت
أنها تبنى حكمها على أساسها. وقد كان الأحرى بمحكمة الاستئناف أن تلزم المطعون
عليهما بترجمة المستندات حتى تقف على مدى جهدهما وتتحرى صدق ما وجهه الطاعنان إلى
سلوكهما فى المحافظة على حقوقهما إذ أن القانون يجعل مبلغ الجهد الذى بذله المحامى
أساسا لتقدير أتعابه وإذ هى لم تفعل فإن حكمها يكون قاصرا فى أسبابه الواقعية مما
يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة لمحكمة الاستئناف – فى
4 من مارس سنة 1952 – أنهما تمسكا فيها بوجوب ترجمة جميع المستندات المقدمة من
المطعون عليهما إلى اللغة العربية، وهذا نص ما قدموه من دفاع فى هذا الخصوص "قد
يسأل سائل ما الذى حدا بنا إلى التشديد فى إلزام الأستاذين موستكاس بترجمة جميع
المستندات التى حشيا بها حوافظهما العديدة الضخمة – إننا لم نطلب هذا الطلب من باب
التعسف أو التعجيز بل لأنه – أولا – طلب مركز على القانون باعتبار أن كل مستند فى
دعوى يجب أن يكون باللغة العربية أو على الأقل مترجما بها – ثانيا – لأنه طلب منطقى
إذ لا يمكننا مناقشة مستندات فى لغة لا نعرفها مثل اللغة اليونانية أو لغة تكون
الترجمة منها محل مناقشة مثل اللغة الفرنسية – ثالثا – لأنه طلب عملى، لعلمنا بأن
هذه الحوافظ الضخمة محشوة بأوراق لا قيمة لها فى الدعوى – رابعا وأخيرا – لأن
المحكمة نفسها لا يمكنها أن تكون عقيدتها وتستند فى حكمها إلى مستندات لا تفهم
كنهها وقيمتها وقد عارض الخصوم طويلا فى طلبنا مع أننا لم نخرج بذلك عن جادة الصواب
ثم رأت هيئتكم الموقرة أن تقضى بإلزام المحاميين المذكورين بترجمة ما يريان ترجمته
فى مصلحتهما تدعيما لدعواهما. وانتهى الأمر بأن أقام الأستاذان المذكوران بترجمة
جزء يسير من هذه الحوافظ الضخمة لا يعدو العشر منها ولم تكن هذه الترجمة كاملة
وبالتالى لم تمكن أمينة فى كثير من الأوراق إذ اكتفيا بترجمة رؤوس أقلامها – ولما
كانت القضية منصبة على تقدير أتعاب محاماة ولا يمكن هذا التقدير إلا إذا تيسر
للمحكمة الموقرة الاطلاع على حقيقة ما قدم من دفاع فى حينه لتكون على علم تام
بمداخل الأمور وخوارجها وعلى بينة مما أثير من نزاع فى الموضوع ومما نوقش فى
القانون وما استلزمه الدفاع من عناية وبحث وتقص فى الوقائع وفى التشريعات المختلفة
التى كانت تهيمن على النزاع. لما كان ذلك فإنه من المفهوم ألا تقضى هذه المحكمة
الموقرة فى الدعوى الحالية فتقدر الأتعاب إلا على ضوء ما قدم إليها من مستندات تحوى
البيانات المطلوبة بعاليه ولذلك طلبنا أن يثبت فى محضر الجلسة أن الخصمين يكتفيان
بما قدماه من المستندات المترجمة دون سواها من التى لم تترجم وأنهما يوافقان على
استبعاد المستندات التى ظلت على أصلها بغير ترجمة وأنهما يرتكنان فى دفاعهما إلى
المستندات المترجمة تاركين جانبا تلك التى لم تترجم – وكم كانت دهشتنا عظيمة عندما
لاحظنا أن الأستاذين المحترمين اقتصرا على ترجمة بعض الأحكام التى صدرت فى
المنازعات التى دارت حول تركة المرحوم سبستير وبولو ولم يعينا بترجمة أوراق ملأت
حوافظهما، على أنه كان من المفهوم أن تترجم الحوافظ جميعها كى نطلع نحن ثم تطلع
المحكمة الموقرة عليها باعتبار أن محتويات الحوافظ هى من ضروريات القضية، ولكن
أحجامهما عن ذلك كله له مغزاه وإهمالهما ترجمة باقى المستندات له معناه وهو أن
الحوافظ حشر فيها كل ما هب ودب من أوراق لا قيمة لها فحوت ما لا دخل له فى الدعوى.
فعندما اضطر إلى تبيان (وغربلة) فحوى مستنداتهما قصرا الترجمة على جزء يسير منها
وعلى ذلك كنا إذن على حق فى طلبنا وكنا حذرين فى تدقيقنا وتأكيدنا ضرورة ترجمة
الأوراق المقدمة".
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن ذكر فى أسبابه القضايا
التى تولى المطعون عليهما الدفاع فيها عن الطاعنين من أنها عشر قضايا منها خمس أمام
المحاكم القنصلية اليونانية وخمس أمام القضاء المختلط وأن المحاميين "تقدما إلى
نقابة المحامين المختلطة بطلب تقدير أتعابهما فى هذه القضايا سواء منها التى نظرت
أمام المحاكم القنصلية اليونانية أو التى فصل فيها القضاء المختلط وفضلا هذا
الاجراء على الطريق الأصوب وهو الالتجاء إلى المحاكم القنصلية اليونانية لاستصدار
أوامر تقدير عن القضايا التى فصلت فيها هذه المحاكم وهى أدرى بها وأقدر على معرفة
الجهود التى بذلها المستأنفان فيها – وأنه لا شك أن هذه الأوامر كان يمكن أن تكون
أساسا صالحا لتقدير أتعابهما وأكثر نفعا لهما من المذكرات والمستندات المكتوبة
باللغة اليونانية التى تجهلها هذه المحكمة ولم تترجم بأكملها إلى اللغة العربية.
ولكن الشأن فى القضايا المختلطة أيسر وموضوع التقدير فيها أسهل ولا تثريب على
المستأنفين فيما سلكاه فى خصوصها سيما وأن الأعمال الغير قضائية لا يجوز أن تكون
محل أوامر تقدير". بعد أن ذكر الحكم ذلك انتهى إلى "أنه على أساس المستندات المقدمة
فى الدعوى وأخذا بما نصت عليه المادة 42 من قانون المحاماة أمام المحاكم الوطنية من
وجوب مراعاة أهمية الدعوى وثروة الموكل ومبلغ الجهد الذى بذله المحامى فيها عند
تقدير الأتعاب ترى المحكمة أن المبلغ الذى قضى به الحكم المستأنف وهو أربعة آلاف
جنيه جزاء واف للأعمال القضائية التى قام بها المستأنفان لصالح المستأنف عليهما" –
مما مفاده أن المحكمة بعد أن قررت فى صدر حكمها أنه كان من الأصوب أن يستصدر
المطعون عليهما أوامر تقدير بأتعابهما من المحكمة القنصلية اليونانية عن القضايا
التى فصلت فيها – خصوصا وأن المذكرات والمستندات – أساس الطلب مكتوبة باللغة
اليونانية التى تجهلها المحكمة ولم تترجم بأكملها إلى اللغة العربية. بعد أن قررت
المحكمة ذلك عادت فأقامت قضاءها للمطعون عليهما بما يستحقانه من أتعاب عن مباشرة
الأعمال القضائية وغير القضائية أمام جهتى التقاضى القنصلى والمختلط – على تلك
المستندات المقدمة فى الدعوى – ومنها المستندات المحررة باللغة اليونانية والتى
تجهل حقيقتها – وإذ فعلت المحكمة ذلك – فإن حكمها يكون معيبا بعيب التناقض إذ أقامت
المحكمة قضاءها على دليل قررت هى فى ذات حكمها أنه غير صالح للاستشهاد به هذا ومن
ناحية أخرى فإن المحكمة إذ لم ترد على ما تمسك به الطاعنان من وجوب ترجمة هذه
المستندات إلى اللغة العربية حتى يستطيع الطاعنان إقامة دفاعهما على أسس سليمة وحتى
تستطيع المحكمة أن تتعرف حقيقة ما قام به المطعون عليهما من مجهود وعلى أساس هذه
المعرفة تقدر الأتعاب – إذ لم تلق المحكمة بالا إلى هذا الدفاع فإن حكمها يكون فضلا
عن مخالفته للمادة 26 من القانون رقم 147 لسنة 1949 بإصدار قانون نظام القضاء التى
تقرر بأن لغة المحاكم هى اللغة العربية – فإنه يكون قاصر التسبيب إذ لم يبين علة
إغفاله هذا الدفاع الجوهرى لما له من أثر فى الفصل فى الدعوى متى كان الفصل فيها –
كما هو الحال فى الدعوى – منوطا بمعرفة كنه ومدى المجهود الذى بذله المطعون عليهما
والمستدل عليه بتلك المستندات التى لا تعرف محكمة أو الطاعنان من أمرها شيئا لأنها
محررة بغير لغة المحاكم وهى اللغة العربية.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.
ومن حيث إنه وقد قبل الطعن تكون دعوى المطعون عليهما بالتعويض تأسيسا على أن الطعن
كيدى هى دعوى فى غير محلها ويتعين رفضها مع إلزام المطعون عليهما بمصروفاتها.
(عن الطعن رقم 267 سنة 22 قضائية):
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بعدم جواز الطعن تأسيسا على أن الحكم
الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه حين قدر أتعاب الطاعنين بالمبلغ الذى قضى لهما
به ثم ختم منطوقه بعبارة (مع رفض ما عدا ذلك من الطلبات) فإنه لا يمكن حمل هذه
العبارة على أنه قضاء برفض طلب الفوائد بل تنصب هذه العبارة، فى الواقع، على رفض ما
زاد من مبالغ طالب بها الطاعنان كأتعاب لهما فوق ذلك المبلغ الذى حصل القضاء به
لهما، ذلك لأن الحكم الابتدائى وكذلك الحكم المطعون فيه لم يعرضا لطلب الفوائد ولم
يناقشاه بكلمة واحدة فى أسبابهما سهوا متهما فى أن هذا الطلب هو من الطلبات الأصلية
فى دعوى الطاعنين الابتدائية وفى الاستئناف. وأنه متى كان الأمر كذلك وكان من
المقرر أنه إذا رفضت المحكمة فى المنطوق الصريح للحكم أمرا دون بحث فيه فإن هذا
الرفض لا يحوز قوة الشئ المحكوم به. وأنه لذلك يكون الطلب الخاص بالفوائد قد فات
على المحكمة أن تفصل فيه. وتبعا يكون لصاحبيه أن يجددا أمره إن أرادا أمام المحكمة
لتقول فيه كلمتها طبقا للمادة 368 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن هذا الدفع فى غير محله. ذلك أن المادة 368 مرافعات إذ نصت على أنه "إذا
أغفلت المحكمة الحكم فى بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه الحضور
أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه" فإن المستفاد من صريح النص أن مناط الأخذ به أن
تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط السهو الفصل فى طلب موضوعى إغفالا كليا يجعل
الطلب باقيا معلقا أمامها لم يقض فيه قضاء ضمنيا مما يحسن معه الرجوع إلى نفس
المحكمة بطلب عادى ليس له موعد محدد بانقضائه بسقط الحق فى تقديمه أما إذا كان
المستفاد من أسباب الحكم أو منطوقه أنها قضت صراحة أو ضمنا برفض الطلب فإن وسيلة
تصحيح الحكم إنما تكون بالطعن فيه بإحدى طرق الطعن العادية أو غير العادية إذا كان
قابلا لها. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة – إذ قضت للطاعنين بما
قدرته لهما من أتعاب رفضت القضاء لهما بالفوائد عما قدرته بقولها" ورفض ما عدا ذلك
من الطلبات" مما يستفاد منه أنها فصلت فى طلب الفوائد برفضها – لما كان ذلك – فإن
الطعن فى هذا الحكم النهائى يكون بطريق النقض، إذا كان هذا الفصل مخالفا للقانون أو
غير مسبب – ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ومن حيث إن المطعون عليهما دفعا بعدم قبول الطعن شكلا بناء على وجهين – الأول –
لعدم استيفائه الإجراءات الشكلية التى يتطلبها القانون – والثانى – لفوات ميعاد
الطعن. ويقولان فى بيان الوجه الأول. بأنه يبين من تقرير الطعن أنه خلا من ذكر
البيانات التى يتطلبها القانون فقد اكتفى فيه بذكر الحكم المطعون فيه دون بيان
أرقام قيده فى الجدول العمومى مع أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 17/ 4/
1952 تضمن الفصل فى استئنافين رأت المحكمة ضمهما والفصل فيهما بحكم واحد أحدهما
مرفوع من المطعون عليهما ورقمه فى الجدول 591 سنة 68 قضائية وثانيهما مرفوع من
الطاعنين ورقمه بالجدول 617 سنة 68 ق ولم يفصح الطاعنان عن أيهما يراد الطعن فيه مع
أن المادة 429 مرافعات توجب أن يشتمل التقرير على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه
وبيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وطلبات الطاعن بحيث إذا لم يحصل الطعن على هذا
الوجه كان باطلا وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، كما أن تقرير الطعن لم
يتضمن أى بيان للأسباب التى بنى عليها الطعن بل اكتفى الطاعنان بعبارة "وذلك بسبب
أن الحكم الاستئنافى أخطأ فى تطبيق القانون" ثم أضافا "هذا والمطالبة بالفوائد
منصوص عليها فى المادة 182 من القانون المدنى المختلط الذى كان معمولا به وقت رفع
الدعوى وفى المادة 226 من القانون المدنى المصرى الحديث السارى وقت النطق بالحكم
الابتدائى والحكم الاستئنافى" وهذه العبارات لا تفيد شيئا فى توضيح سبب الطعن – مما
يجعل التقرير غير مستوف للشكل الذى يتطلبه القانون – والوجه الثانى. يتحصل فى أن
التقرير بالطعن حصل فى 9 من يوليه سنة 1952 فى حين أنه يتضح من مذكرة الطاعنين
أنهما قبلا الحكم المطعون فيه قبولا صريحا نهائيا يرجع تاريخه إلى 13 من مايو سنة
1952. ويقولان فى بيان ذلك إنه يتضح من مذكرة الطاعنين أن هناك ثلاثة خطابات تبودلت
بينهما وبين المطعون عليهما بشأن تنفيذ الحكم المطعون فيه رغم عدم إعلانه – أولها –
الخطاب المرسل إليهما من المطعون عليهما فى 9 من مايو سنة 1952 الذى يقرران فيه أنه
منعا لتنفيذ الحكم يدفعان لهما قيمة المبالغ المحكوم بها وذلك بشيك بمبلغ 3600 جنيه
على بنك التجارة… فرد الطاعنان على هذا الخطاب بخطاب آخر فى نفس التاريخ يقرران
فيه استلام الشيك ويطالبان بالمصاريف القضائية وباستحقاقهما للفوائد القانونية عن
المبلغ المحكوم به. فرد المطعون عليهما على هذا الخطاب بخطابهما المؤرخ فى 12 من
مايو سنة 1952 الذى ذكرا فيه صراحة أنهما "يعترضان على طلب الفوايد لأن الطاعنين
تقدما بهذا الطلب أمام المحكمة الابتدائية فرفضته بأن ذكرت فى منطوق حكمها برفض ما
عدا ذلك من الطلبات ثم تجددت هذه المطالبة فى صحيفة الاستئناف وقد قضى الحكم
الاستئنافى بتأييد الحكم الابتدائى أى برفض طلب الفوائد أيضا. وسكت الطاعنان ولم
يعقبا على هذا الخطاب وقبلا المبلغ المدفوع لهما مما يدل على أنهما سلما بوجهة نظر
المطعون عليهما وقبلا تنفيذ الحكم على الوجه المتقدم – وهذا القول الصريح يغنى عن
إعلان الحكم ويبدأ من تاريخه سريان ميعاد الطعن، فلو أنهما أرادا الطعن فى الحكم
لوجب أن يتم ذلك فى خلال الثلاثين يوما التى يبدأ سريانها من تاريخ وصول هذا الخطاب
أى ابتداء من 13 من مايو سنة 1952 فتفويتهما هذا الميعاد وتقريرهما فى 9 من يوليه
سنة 1952 أى بعد أكثر من الثلاثين يوما يجعل الطعن غير مقبول شكلا.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من هذا الدفع فهو مردود بأنه يبين من تقرير الطعن أن
الطاعنين ذكرا فيه أنهما يطعنان بطريق النقض فى الحكم الصادر من محكمة استئناف
القاهرة بجلسة 17 من أبريل سنة 1952 الذى جاء مؤيدا للحكم الابتدائى الصادر ضد
المطعون عليهما بتاريخ 23/ 4/ 1951 فى الدعوى رقم 3817 سنة 1949 القاهرة، ولما كان
هذا الذى اشتمل عليه التقرير من بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه كافيا ينتفى به
التجهيل عن الحكم المطعون فيه فإن الطعن يكون صحيحا شكلا عملا بنص المادة 429 أما
ما يذهب إليه الطاعنان من أن التقرير لم يشتمل على الأسباب التى بنى عليها الطاعنان
طعنهما ومن ثم يكون باطلا فهو فى غير محله – ذلك أن الطاعنين بينا فى تقرير الطعن
المآخذ التى يأخذانها على الحكم المطعون فيه بعدم قضائه لهما بالفوائد القانونية عن
المبلغ الذى قضت به لهما مع مخالفة ذلك للمادة 182 من القانون المدنى المختلط الذى
كان ساريا وقت رفع الدعوى كما خالفت المادة 226 من القانون المدنى المصرى السارى
وقت النطق بالحكم الابتدائى والاستئنافى، وهو بيان وإن كان موجزا إلا أنه كاف فى
تحقيق غرض القانون من تحديد الطعن والتعريف بوجوهه والمقصود منه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من الدفع فهو مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن
يكون به قبول الحكم من قول أو عمل أو إجراء يجب أن يكون دالا على ترك الحق فى الطعن
دلالة لا تحتمل الشك – ولما كان يبين من الأوراق أن الطاعنين قد احتفظا عند قبضهما
المبلغ المقضى به بحقهما فى الطعن بطريق النقض لعدم قضاء الحكم لهما بالفوائد
القانونية عنه – لما كان ذلك – فإنه لا يمكن أن يستفاد من سكوتهما بعد ذلك عن الرد
على خطاب الطاعنين فى 13 من مايو سنة 1952 أنهما تركا حقهما فى الطعن.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
ومن حيث إنه مقام على سبب واحد يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام
المطعون عليهما بأن يدفعا لهما مبلغ 3600 جنيه ورفض طلب الفوائد القانونية بواقع 4%
سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة فى 11 من يونيه سنة 1949 حتى تاريخ الوفاء
خالف المادة 182 من القانون المختلط الذى كان ساريا وقت رفع الدعوى والمادة 226 من
القانون المصرى السارى وقت النطق بالحكم الابتدائى والاستئنافى فى 17 من أبريل سنة
1952.
ومن حيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المحكمة بحكمها المطعون فيه إذ قضت برفض طلب
الفوائد لم تورد أسبابا خاصة لقضائها فى هذا الخصوص فى حين أن هذه الفوائد إنما هى
تعويض قانونى عن التأخير فى الوفاء بالإلزام بدفع مبلغ من النقود مصدره هو عقد
الوكالة التى كانت قائمة بين الطاعنين والمطعون عليهما – وهى قد تستحق للطاعنين من
يوم إعلان صحيفة الدعوى – عملا بنص المادة 182 من القانون المدنى المختلط – الذى
كان ساريا وقت رفعهما – كما أن المادة 226 من القانون المدنى تقرر حكما عاما
لاستحقاق الفوائد عن التأخير فى الوفاء بالالتزام إذا كان محله مبلغا من النقود
ومعلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به وأن هذه الفوائد التعويضية
تسرى من يوم المطالبة القضائية بها – وإذ لم يقل الحكم كلمته فى كل هذه المسائل،
وإذ لم يفصح غما إذا كان ما قدره من أجر قد روعى تعويضهما عن التأخير فى الوفاء
بالأجر أم لا؟ – فإنه يكون قاصر التسبيب متعين النقض.
