الطعن رقم 391 سنة 21 ق – جلسة 14 /04 /1955
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 6 – صـ 956
جلسة 14 من ابريل سنة 1955
القضية رقم 391 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة. وبحضور السادة
الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد ومحمد أمين
زكى المستشارين.
إعلان. نقض. طعن. وجوب توجيه الإعلان إلى موطن المعلن إليه. توجيه الإعلان ابتداء إلى
وكيل المعلن إليه فى منزله. بطلان الإعلان. المواد 11 و12 و24 مرافعات.
مؤدى نصى المادتين 11، 12 من قانون المرافعات هو وجوب توجيه الإعلان ابتداء إلى الشخص
فى موطنه وأنه لا يصح تسليم الصورة إلى الوكيل إلا إذا توجه المحضر إلى موطن المراد
إعلانه وتبين له أنه غير موجود به، فاذا كان المحضر قد توجه من بادئ الأمر إلى وكيل
المطعون عليه فى منزله وأعلنه بتقرير الطعن فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلا عملا
بالمادة 24 مرافعات، وللمحكمة أن تقضى بهذا البطلان فى غيبة المطعون عليه وفقا لنص
المادة 95 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة
وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل فى
أن الطاعنات أقمن على المطعون عليه الأول وعلى مصلحة الأملاك الأميرية – المطعون عليها
الثامنة – وعلى باقى ورثة المرحوم السيد ابراهيم سعد وهم المطعون عليهم من التاسعة
إلى الثالثة عشرة – دعوى لدى محكمة الزقازيق الابتدائية قيدت فى جدولها برقم 129 سنة
1937 مدنى كلى – طلبن بعريضتها المعلنة فى 8 من فبراير سنة 1937 بثبوت ملكيتهن إلى
21 ف و2 ط و9 س شائعة فى الأطيان المبينة حدودها ومعالمها بالعريضة ومقدراها 95 ف و17
ط و16 س وبتسليمها إليهن واحتياطيا فى حالة عجز المطعون عليها الثامنة عن إثبات ملكيتها
إلى هذا المقدار المبيع منها إلى مورثهن الحكم بإلزامها بأن تدفع إليهن مبلغ 1056 ج
و950 م مع المصروفات وأتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ – وقلن فى بيان دعواهن إن
الحصة الشائعة فى الأطيان قد آلت إليهن بالميراث عن والدهن المرحوم السيد ابراهيم سعد
الذى كان قد اشترى الأطيان جميعها من المطعون عليها الثامنة بعقد مؤرخ فى 16 من نوفمبر
سنة 920 ومسجل فى 20 من ديسمبر سنة 1920 – دفع المطعون عليه الأول الدعوى بأن مورث
الطاعنات باع الأطيان جميعها إلى الدكتور فيليب عقل – مورث المطعون عليهم من الثانى
إلى السابعة – بمقتضى تنازل مرفق بالملف الخاص بهذه الأطيان والمودع بمصلحة الأملاك
الأميرية – وفى 26 من ديسمبر سنة 1937 قررت المحكمة الانتقال إلى هذه المصلحة ونفذ
هذا القرار فى 13 من أبريل سنة 1938 و17 من مايو سنة 1938. وفى 12 من مارس سنة 1939
حكمت المحكمة بثبوت ملكية الطاعنات إلى نصيبهن الشرعى ومقداره 20 ف و22 ط و11.75 س
شيوعا فى المقدار جميعه وذلك تأسيسا على العقد الصادر إلى المورث من مصلحة الأملاك
الأميرية وعلى أنه لم يثبت من الانتقال وجود التنازل المقول بأنه صدر من هذا المورث
إلى الدكتور فيليب عقل وإلى أنه وإن كان يؤخذ من أوراق الدعوى أن المطعون عليه الأول
قد وضع يده على الأطيان بلا عقد وبطريق الغصب إلا أن المدة من تاريخ بدء وضع يده حتى
تاريخ رفع الدعوى لا تكفى لتملكه الأطيان بالتقادم المكسب للملك – رفع المطعون عليه
الأول استئنافا عن هذا الحكم قيد فى جدول محكمة استئناف القاهرة برقم 729 سنة 56 قضائية
وأقام استئنافه على أن مورث الطاعنات بعد أن اشترى الأطيان من مصلحة الأملاك الأميرية
أراد التخلص من الصفقة وكلف بذلك وكيله عبد الحميد افندى عابد الذى اهتدى أخيرا إلى
الدكتور فيليب عقل الذى قبل الحلول محل المورث فى الصفقة ثم اتفق الدكتور معه – أى
مع المطعون عليه الأول – على مشاركته فيها بحق النصف مقابل دفع 200 ج ونصف الأقساط
الباقية وتحرر بهذا الاتفاق تصريح كتابى من الدكتور فى 18 من يناير سنة 1922 ووضع المطعون
عليه الأول يده على الأطيان بالإصالة عن نفسه وبالنيابة عن شريكه وتأييدا لهذا الاتفاق
صدر من مورث الطاعنات عقد ببيع نصف الأطيان إليه وذلك فى 15 من نوفمبر سنة 1923 إلا
أن هذا العقد سرق منه وأبلغ عن سرقته – كما تمسك المطعون عليه الأول بأنه كسب الملكية
بالتقادم بنوعيه – وفى 25 من فبراير سنة 1941 قررت المحكمة مناقشة الخصوم شخصيا وندبت
لذلك أحد أعضاء الهيئة وصرحت له بالانتقال إلى مصلحة الأملاك الأميرية للاطلاع على
الأوراق الخاصة بالأطيان موضوع النزاع وتم الانتقال إلى مصلحة الأملاك وإلى قسم قضاياها
وإلى مصلحة الأموال المقررة فى 29 من مارس سنة 941، 12 من أبريل سنة 941، 28 من مايو
سنة 941. وفى 3 من نوفمبر سنة 941 طلب ورثة الدكتور فيليب عقل قبول تدخلهم فى الاستئناف
منضمين إلى المستأنف – المطعون عليه الأول – فى طلب رفض الدعوى – وفى 6 من يناير سنة
1942 قبلتهم المحكمة خصوما فى الاستئناف. وفى 12 من أبريل سنة 1945 حكمت المحكمة بقبول
الاستئناف شكلا وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المستأنف –
المطعون عليه الأول – أنه وضع يده على نصف الأطيان مدة خمس عشرة سنة سابقة على تاريخ
رفع الدعوى بصفته مالكا بوضع يد مستمر هادئ غير مشكوك فيه – ورفضت المحكمة فى أسباب
حكمها طلب المطعون عليه الأول إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات صدور عقد 15 من نوفمبر
سنة 1923 الذى أبلغ عن سرقته كما رفضت ادعاء المطعون عليه الأول تملكه نصف الأطيان
بوضع اليد المكسب للملكية بمضى المدة القصيرة بناء على السبب الصحيح – نفذ الحكم التمهيدى
بسماع أقوال شهود الطرفين – وفى 18 من أبريل سنة 1946 حكمت المحكمة فى الموضوع برفض
الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف – طعن المطعون عليه الأول هو وورثة الدكتور فيليب
عقل فى هذا الحكم هو والحكم التمهيدى بطريق النقض – وفى 12 من فبراير سنة 1948 رفضت
المحكمة الطعن بالنسبة للحكم التمهيدى ونقضت الحكم الصادر فى الموضوع تأسيسا على أن
هذا الحكم الصادر فى الموضوع أغفل الرد على دفاع جوهرى تمسك به الطاعن الأول واستدل
عليه بمستندات قدمها وبما تبين من محضر الانتقال الذى قامت بإجرائه محكمة الاستئناف
وحاصل هذا الدفاع هو زوال ملكية المورث السيد ابراهيم سعد عن الأطيان بتصرفه فيها إلى
الدكتور فيليب عقل – عجل نظر الاستئناف ثم أحيل إلى محكمة استئناف المنصورة لاختصاصها
وقيد فى جدولها برقم 211 سنة 1 ق – وفى 22 من مارس سنة 1951 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف
شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليهن الثلاث الأوليات
– الطاعنات – فقررت الطاعنان الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للمطعون عليهم من الثانى
إلى السابعة – ورثة الدكتور فيليب عقل – تأسيسا على أن تقرير الطعن أعلن من بادئ الأمر
إلى الأستاذ عزيز زند المحامى فى منزله باعتباره وكيلا عن المطعون عليهم المذكورين
مع أن المادة 12 من قانون المرافعات توجب توجيه الإعلان ابتداء إلى الأصيل فى موطنه
ولا تجيز إعلان الوكيل إلا بعد القيام بهذا الإجراء وثبوت عدم وجود الأصيل فى موطنه.
ومن حيث إن هذا الدفع فى محله: ذلك أنه يبين من ورقة إعلان الطعن أن الطاعنات طلبن
فيها إعلان المطعون عليهم المذكورين "بطرف وكيلهم عزيز أفندى زند من ذوى الأملاك ويقيم
بالمنزل رقم 247 شارع الملكة قسم الوايلى" وأن الإعلان تم على هذه الصورة فى 16 من
أكتوبر سنة 1951، ولما كانت المادة 11 من قانون المرافعات قد نصت على أنه "تسلم الأوراق
المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه ويجوز تسليمها فى الموطن المختار فى الأحوال
التى بينها القانون" كما نصت المادة 12 من هذا القانون على أنه "إذا لم يجد المحضر
الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن
يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره" وكان مؤدى هذين النصين وجوب توجيه الإعلان ابتداء
إلى الشخص فى موطنه وأنه لا يصح تسليم الصورة إلى الوكيل إلا إذا توجه المحضر إلى موطن
الشخص المراد إعلانه وتبين له أنه غير موجود به – وكانت المادة 24 من قانون المرافعات
قد رتبت البطلان جزاء على عدم مراعاة الإجراءات المنصوص عليها فى المادتين 11 و12 من
هذا القانون – لما كان ذلك فإن إعلان المطعون عليهم المذكورين على الوجه السابق بيانه
يكون باطلا عملا بالنصوص المشار إليها.
ومن حيث إنه وإن كان المطعون عليهم من الثانى إلى السابعة لم يقدموا دفاعا إلا أن للمحكمة
أن تقضى بهذا البطلان بالنسبة لهم وذلك عملا بنص المادة 95 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقى المطعون عليهم.
ومن حيث إنه بنى على سببين يتحصل أولهما فى النعى ببطلان الحكم لقيامه على أدلة يناقض
بعضها بعضا ولقصور تسبيبه، وتقول الطاعنات فى بيان ذلك: (أولا) إن الحكم بعد أن أثبت
ما تضمنه الخطاب المؤرخ فى أول نوفمبر سنة 1922 والثابت تاريخه فى 21 من نوفمبر سنة
1922 والصادر من عبد الحميد عابد إلى الدكتور فيليب عقل وما تضمنه الإقرار المؤرخ فى
21 من ديسمبر سنة 1923 والثابت تاريخه فى 24 منه وما تضمنه الخطاب المؤرخ فى 21 من
أغسطس سنة 1923 والصادر من مورث الطاعنات – بعد أن أثبت الحكم مضمون هذه المستندات
قرر أنه يؤخذ منها أن الأطيان موضوع النزاع سبق أن باعها المورث إلى عبد الحميد عابد
وأن هذا باعها بدوره إلى الدكتور فيليب عقل أى أن هناك تصرفين متعاقبين تناولا الأطيان
موضوع النزاع مع أن هذه النتيجة لا يمكن حملها بتاتا على الخطابين المؤرخين فى أول
نوفمبر سنة 1922، 21 من أغسطس سنة 1923 ذلك لأن الخطاب الأول صريح فى أن عبد الحميد
عابد لم يشتر لنفسه أى أنه غير مالك بينما الخطاب الثانى صريح فى أنه اشترى لنفسه أى
أنه مالك ولا تعدو الفروض التى تخطر على بال قارئ الخطابين واحدا من فرضين اثنين أولهما
أن يقال إن عبد الحميد عابد قد اشترى الأطيان من المورث فى وقت سابق على تاريخ الخطاب
الصادر منه فى أول نوفمبر سنة 1922 بصفته وكيلا عن المورث إلى الدكتور فيليب عقل والفرض
الثانى أن يكون قد اشترى الأطيان من المورث فى تاريخ لا حق على الخطاب المذكور ولا
يمكن الأخذ بالفرض الأول لأن ذلك يتنافى مع تحرير الخطاب المشار إليه من عبد الحميد
عابد بصفته وكيلا عن المورث لا بصفته مالكا أصيلا كما لا يمكن الأخذ بالفرض الثانى
لأنه يكون من غير المعقول أن يشترى عبد الحميد لنفسه من المورث أطيانا سبق له هو أن
باعها إلى الغير باعتباره وكيلا عن هذا المورث – ثانيا – أن هذه النتيجة التى انتهى
إليها الحكم تتعارض مع ما ثبت فى الحكم الصادر فى 12 من أبريل سنة 1945 من أن المطعون
عليه الأول كان يتمسك فى استئنافه بأنه تلقى ملكية نصف الأطيان موضوع النزاع بمقتضى
عقد اتفاق مؤرخ فى 18 من يناير سنة 1922 مما يفيد أن التصرف المقول بصدوره من المورث
إلى الدكتور فيليب عقل قد صدر قبل هذا التاريخ مع أن النتيجة التى انتهى إليها الحكم
استنادا إلى خطابى أول نوفمبر سنة 1922، 21 من أغسطس 1923، على ما فيها من تضارب، تفيد
أن، الدكتور فيليب عقل لم يصدر له تصرف، على أحسن الفروض إلا فى أول نوفمبر سنة 1922
– ثالثا – إنه قد يعترض بأن الحكم على كل حال قد أثبت أن هناك تصرفا صدر من المورث
إلى عبد الحميد عابد وفى هذا ما يكفى لرفض دعوى الطاعنات ولكن هذا الاعتراض مردود بأن
الواضح من أسباب الحكم أن محكمة الاستئناف قد انصرفت إلى إثبات حصول انتقال الملك إلى
الخصوم الثوالث ولم يكن حديثها عن إثبات التصرف إلى عبد الحميد عابد سوى وسيلة لتلك
الغاية فضلا عن أنه لو صح أن الحكم تجوز إقامته على ثبوت حصول التصرف إلى عبد الحميد
عابد فإنه يكون مشوبا فى هذا الشأن بالقصور ذلك أن الثابت من الواقع أن عبد الحميد
عابد هذا لم يتدخل فى الدعوى ولم ينازع الطاعنات فى ملكيتهن وقد أعلن شاهدا فى الدعوى
بعد إحالتها على التحقيق فشهد بأن الاتفاق مع الدكتور فيليب عقل كان قاصرا على تأجير
الأطيان إليه على أن يقوم بإصلاحها ودفع القسط السنوى المستحق عليها فإذا كانت المحكمة
قد قضت برفض دعوى الطاعنات بناء على ثبوت حصول التصرف من المورث إلى عبد الحميد عابد
فإنه كان يتعين عليها أن تذكر ذلك صراحة فى حكمها وأن تبين الأسباب التى من أجلها لم
تقم وزنا لما قرره عبد الحميد عابد هذا فى محضر التحقيق – ويتحصل السبب الثانى من سببى
الطعن فى تعييب الحكم ببطلان إسناده وفساد استدلاله وبالخطأ فى تطبيق القانون – وتقول
الطاعنات فى بيان ذلك إن الحكم قد استمد عقيدته من دليلين أولهما الخطابان المشار إليهما
فى السبب الأول – من سببى الطعن – والدليل الثانى أنه ثبت من محضر الانتقال وجود إقرار
من المورث بأن الطاعن قد حل محله فى الأطيان موضوع النزاع والمطلع على أسباب الحكم
يفهم أن المقصود بالإقرار الذى قرر الحكم بوجوده هو ما أشير إليه فى الخطاب المؤرخ
فى 25 من أغسطس سنة 1924 من وجود عريضة مقدمة من المورث مفادها أن الدكتور فيليب عقل
قد حل محله فى الصفقة وما أشير إليه فى خطاب 29 من مارس سنة 1926 من وجود إيضاح قدمه
المورث إلى المديرية عند تسليمه استمارة حساب الأقساط المستحقة على الأطيان مفاده أن
المورث باع الأطيان إلى الدكتور فيليب عقل – وهذا الذى أثبته الحكم يوهم بأن العريضة
والإيضاح المشار إليهما كانا موجودين بالملفات واطلع عليهما المستشار الذى قام بالانتقال
والحقيقة غير ذلك وأن الورقتين المذكورتين لم يجدهما هذا المستشار بالملفات وكان حديثه
عنهما فى محضر الانتقال مجرد حديث الناقل لصورتى الخطابين – هذا فضلا عن أن الحكم أغفل
جزءا مما ورد فى خطاب 29 من مارس سنة 1926 إذ ورد فى هذا الخطاب أن الدكتور فيليب عقل
لما ووجه بما قرره مورث الطاعنات من بيع الأطيان إليه قرر هو – أى الدكتور – أنه لم
يشتر الأطيان بصفة نهائية وفقط حصل اتفاق بينه وبين المورث على شرائها على أن يحرر
العقد النهائى بعد سداد الأقساط المستحقة عليها وهذا الجزء من الخطاب يفيد تنصل الدكتور
من الصفقة، وتضيف الطاعنات إلى ما تقدم أن الحكم إذا كان قد قصد أن يجعل من الخطابات
المشار إليها فى محضر الانتقال دليلا مستقلا له قيمته فى ثبوت انتقال الملكية من مورث
الطاعنات إلى الدكتور فيليب عقل فإنه يكون قد أخطأ تطبيق القانون إذ جعل للقرينة أو
الشهادة بالتسامع قوة الدليل الكتابى الكامل فيما لا يجوز إثباته بغير الكتابة وإذا
كان الحكم قد قصد اعتبار ما ورد فى هذه الخطابات قرينة تعزز ما سبق للحكم استخلاصه
من الخطاب الصادر من المورث إلى عبد الحميد عابد فى 21 من أغسطس سنة 1923 على أساس
أن هذا الخطاب الأخير هو مبدأ ثبوت بالكتابة صادر من الخصم المطلوب الإثبات عليه تجوز
تكملته بالقرائن، إذا كان الحكم قد قصد ذلك فإنه يكون معيبا بما ورد فى السبب الأول
من سببى الطعن.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه بيانا لطلبات الخصوم الثوالث ودفاعهم ومحصل ما
تضمنته مستنداتهم ما يلى: "ومن حيث إن ورثة المرحوم فيليب عقل تدخلوا فى الاستئناف
بوصف أنهم أخصام ثلث على أساس أنهم لا يطلبون جديدا بل يقصرون دفاعهم على مؤازرتهم
المستأنف فى دفع دعوى المستأنف عليهن الثلاث الأوليات قبله وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف
ورفض دعواهن منضمين بذلك إلى المستأنف فى الشطر الأول من طلباته وهو زوال ملكية مورث
المستأنف عليهن المذكورات عن الأطيان موضوع النزاع لسابقة تصرفهم فيها بالبيع إلى مورثهم
فيليب عقل واحتفظوا بحقهم فى نصف هذه الأطيان إذا ما نازعهم المستأنف مستقبلا واستندوا
فى طلبهم هذا إلى خطاب مؤرخ فى أول نوفمبر سنة 1922 صادر إلى الدكتور فيلب عقل من عبد
الحميد أفندى عابد يتضمن ما يأتى (بما لدى من التفويض من حضرة السيد افندى ابراهيم
سعد من أجهور الرمل بمركز قويسنا بموجب خطابين وتذكرة بوستة فى مبيع أرض مشتراة من
الحكومة بعقد رسمى فى سنة 1920 تبلغ مساحتها 95 ف و17 ط و16 س بحوض رقم 54 وهذه الأطيان
أبيعها لحضرتكم بما عليها من أقساط للحكومة وأموال البالغة من الثمن 1010 جنيهات و40
مليما وصرحت لحضرتكم باستلامها وإدارة شئونها وحركتها بمعرفتكم ومن مصاريفكم الخاصة
واستخدامها كما يشاء المالك فى ملكه وأتعهد لحضرتكم شخصيا بأن أكون مسئولا عن كل ما
ينفى هذا العقد ولحضرتكم الحق فى الرجوع على شخصيا إذا لم أتمم وأسلمكم عقد البيع من
السيد ابراهيم سعد) وقد تسجل هذا الخطاب بتاريخ 21/ 11/ 1922 ووجد بظهره إقرار من عبد
الحميد عابد مسجل فى 24/ 11/ 1923 – ومؤرخ فى 12/ 12/ 1923 موصوف بأنه ملحق لعقد البيع
وفحواه (أصادق على كل ما جاء فيه من البيوع والتعهدات والاشتراطات وأسلم لحضرتكم اليوم
الكارت بوستال المرسلة إلينا من السيد ابراهيم سعد بتاريخ 21 أغسطس سنة 1921 وذلك لحفظها
تحت يد حضرتكم لوقت اللزوم وذلك لأن الجوابات والكارت بوستال المنوه عنهم فى العقد
باطنه فقدوا منى وهذا للمعلومية). ثانيا – كارت بوستال مسطور فيه خطاب بتاريخ 21 أغسطس
سنة 1921 صادر من السيد ابراهيم سعد إلى عبد الحميد عبد الله يتضمن ما يأتى (حيث إنكم
اشتريتم أطيان زفر فيجب دفع القسط والاتفاق مع المصلحة فى باقى الأقساط أولى من القضايا
وأخذنا وأخذتم خطابات بالبيع والشراء فلم يكف فى نظركم هذا الخطاب – ثالثا – إيصال
بتوريد 223 جنيها و120 مليما من الدكتور فيليب عقل لمصلحة الأملاك الأميرية تاريخه
21 من نوفمبر سنة 1923 يتضمن دفع قسط أول أكتوبر سنة 1921 وفوائده المستحقة على المبايعة
الخاصة بأل 95 ف و17 ط و16 س للسيد ابراهيم سعد – رابعا – إيصال بدفع 122 جنيها 381
مليما مدفوعة من فيليب عقل من أصل الثمن والفوائد – خامسا – إيصال بدفع 17 جنيها بتاريخ
أول سبتمبر سنة 1924 مدفوع من الدكتور فيليب عقل مصاريف الدعوى المشطوبة – سادسا –
إيصال بدفع 70 جنيها فى 16 من فبراير سنة 1931 من فيليب عقل – سابعا – إيصال بدفع 30
جنيها فى 19 من مارس سنة 1931 من فيليب عقل". وبعد أن أشار الحكم إلى المستندات التى
قدمها المستأنف – المطعون عليه الأول – للاستدلال على وضع يده وتمسك بها هى والمستندات
المقدمة من الخصوم الثوالث جاء به فى خصوص محضر الانتقال ما يلى: "ومن حيث إنه سبق
لهذه المحكمة أن قررت الانتقال لديوان مصلحة الأملاك الأميرية للاطلاع على دوسيه الصفقة
وقد تم الانتقال بمعرفة أحد أعضاء الهيئة التى أصدرت هذا القرار واطلع على دوسيه 309
– 4 – 159 وكذا الدوسيه رقم 44 – 18 – 129 فوجد بالدوسيه عريضة مذيلة باسم السيد ابراهيم
سعد تاريخها 3 من يونيه سنة 1924 إلى جناب مدير عام المصلحة يلتمس بها شطب القضية المدنية
المرفوعة عليه من المصلحة بما أنه قام بسداد الأقساط المتأخرة عليه لغاية قسط سنة 1923
وتقسط الباقى لثمانى سنوات كما وجد عريضة أخرى من الدكتور فيليب عقل بالنيابة عن سيد
ابراهيم سعد بأنه أرسل مصاريف الدعوى إلى المصلحة بحوالة بوستة ووجد أيضا صورة خطاب
مرسل من مديرية الدقهلية إلى مصلحة الأملاك الأميرية بأنها – أى مديرية الدقهلية –
كتبت إلى مديرية المنوفية بمطالبة سيد إبراهيم سعد بمصاريف القضية فجاء الرد منه بعريضة
قدمها مفادها أن الدكتور فيليب عقل حل محله وواضع اليد على الأطيان وينتفع بزراعتها
ويدفع الأموال سنويا وأنه استعد لسداد كل المطلوب عنها، وكتب لبندر المنصورة لأخذ أقوال
الدكتور فيليب عقل عن كيفية حلوله محل المشترى قال إنه سيجاوب المصلحة مباشرة وأنه
مستعد لسداد مبلغ ال 17 ج مصاريف الدعوى المشطوبة، كما وجد خطاب مرسل من مديرية الدقهلية
إلى مصلحة الأملاك وصورته كما يلى: (لدى الشروع فى تسليم السيد إبراهيم سعد استمارة
رقم 103 بحسابه عن ال 95 ف و17 ط و16 س مشتراة بالبيع رقم 132 بناحية زفر أوضح أنه
باعها لحضرة الدكتور فيليب عقل وحضرته ملزم بسداد ثمنها وقدره 505 ج و230 م وقد تبين
أن التكليف لا يزال باسم المشترى من الحكومة، ووجد أيضا إقرار من الدكتور فيليب عقل
على الورقة المذكورة بأنه لم يشتر الأطيان بصفة نهائية والدليل على ذلك أنها لا تزال
فى تكليف السيد افندى إبراهيم سعد وفقط حصل اتفاق بينهما على أن يشتريها ويأخذ العقد
النهائى عند سداد كامل أقساطها وعلى ذلك سدد للحكومة جميع المتأخر وأن ما يستحق جارى
سداده أولا بأول فلا حق للمصلحة بأن تعامله حسب البند التاسع من العقد إلخ)، ووجد خطاب
من ابراهيم بربك بالنيابة عن الدكتور فيليب عقل بأنه اشترى الأطيان وأصبح مسئولا عن
سداد باقى الثمن ويطلب إعطاءه كشفا بحساب هذه الأطيان لمعرفة الباقى عليه لسداده للمصلحة
– ووجدت أخيرا عريضة مرسلة من السيد إبراهيم سعد إلى مصلحة الأملاك فى 31 من مارس سنة
1932 تتضمن أنها سبق أن باعت له ال 95 ف وكسور بناحية زفر ولم يضع يده عليها للآن لأن
الدكتور فيليب عقل مغتصبها ومتعرض له ويلتمس إجراء اللازم وتسليمه العين المذكورة ومنع
التعرض مع حفظ كافة الحقوق ضد فيليب عقل – وقرر المستأنف شخصيا فى محضر الانتقال بأن
هذا الطلب لم يقدم من السيد إبراهيم سعد إلى مصلحة الأملاك إلا بعد سفر الدكتور فيليب
عقل إلى الشام وهو السفر الأخير الذى لم يرجع بعده إلى مصر" ثم قالت محكمة الاستئناف
"ومن حيث إنه يؤخذ من المستندات رقم أولا وثانيا المقدمة من الأخصام الثلث أن الأطيان
موضوع النزاع سبق أن باعها السيد أفندى إبراهيم سعد إلى عبد الحميد أفندى عابد وهذا
باعها بدوره إلى الدكتور فيليب عقل يؤيد ذلك ما كشف عنه محضر انتقال المحكمة من وجود
إقرار من السيد إبراهيم سعد بأن الدكتور فيليب عقل حل محله فى الأطيان موضوع النزاع
وذلك عقب مطالبته بمصاريف القضية السابق رفعها من مصلحة الأملاك ضده بمتأخر الأقساط
المستحقة وما ثبت بالمستندات رقم ثالثا من دفع هذه الأقساط بمعرفة الدكتور فيليب عقل
ودفع مصاريف الدعوى المذكورة وقد جاءت مستندات المستأنف تترى تؤيد نفاذ هذا البيع بوضع
يده على هذه الأطيان وإدارتها بالفعل… وحيث إنه إزاء ما تقدم فلا يمكن للمستأنف عليهن
الثلاث الأوليات بصفتهن خلفا عاما لمورثهن المرحوم السيد إبراهيم سعد التحلل من تصرفه
السابق بيانه إلى الدكتور فيليب عقل وفى هذا ما يكفى لدحض دعواهن ورفض طلب ثبوت ملكيتهن
للأطيان المتنازع عليها دون التعرض لبحث ملكية المستأنف – المطعون عليه الأول – فهو
وشأنه مع ورثة المرحوم فيليب عقل".
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الحكم قد استند فى ثبوت تخلى مورث الطاعنات عن الأطيان
التى اشتراها من مصلحة الأملاك الأميرية إلى الخطابين المؤرخين فى 21 من أغسطس سنة
1923، أول نوفمبر سنة 1922 وإلى الإقرار المؤرخ فى 12 من ديسمبر سنة 1923 المدون بظهر
الخطاب الثانى واعتبر أن هذه الأوراق كافية بذاتها لثبوت التخلى ثم قال إن هذا الذى
تفيده الأوراق يؤيده ما ثبت عند الانتقال من وجود إقرار من المورث يعترف فيه بحلول
الدكتور فيليب عقل محله فى الصفقة ويؤيده أيضا ما ثبت بالمستندات المقدمة من أن المورث
لما رفعت عليه الدعوى من مصلحة الأملاك بالمطالبة بمتأخر الأقساط كان الدكتور فيليب
عقل هو الذى قام بدفع الأقساط المتأخرة وبدفع مصاريف الدعوى. وإذا كان الحكم قد توهم
خطأ أن تاريخ الخطاب الأول – الكارت بوستال – هو 21 من أغسطس سنة 1921 لا 21 من أغسطس
سنة 1923 وهو تاريخه الحقيقى ورتب على ذلك أن التصرف بالبيع صدر أولا من المورث إلى
عبد الحميد عابد ثم من عبد الحميد عابد إلى الدكتور فيليب عقل فى حين أن هذه الأوراق
الثلاث التى استند إليها الحكم إنما تدل على صدور التصرف منه بصفته وكيلا عن المورث
إلى الدكتور فيليب عقل – الأمر المشار إليه فى الخطاب المؤرخ فى أول نوفمبر سنة 1922
وفى الاقرار المدوّن بظهره والذى أراد عبد الحميد عابد تأييده بالكارت بوستال المؤرخ
فى 21 أغسطس سنة 1923 بعد أن قرر أن الخطابات التى فوّض بمقتضاها من المورث بالبيع
قد فقدت منه – إذا كان الحكم قد أخطأ فى هذا الخصوص فإن هذا لا يغير من النتيجة التى
انتهى إليها وهى ثبوت التصرف فى الأطيان من المورث وأيلولتها إلى الدكتور فيليب عقل
لأنه سيان أن يكون تخلى مورث الطاعنات وتجرده عن ملكية الأطيان نتيجة التصرف فيها بالبيع
مباشرة إلى الدكتور فيليب عقل من عبد الحميد عابد بصفته وكيلا عن المورث أو نتيجة تصرفين
متعاقبين صدر أحدهما من المورث إلى عبد الحميد عابد والثانى من عبد الحميد عابد إلى
الدكتور فيليب عقل – وعلى ذلك يكون غير صحيح ما تدعيه الطاعنات من التناقض فيما تضمنته
هذه الأوراق الثلاث ويكون من غير المنتج تعييب الحكم فيما شابه فى هذا الصدد من خطأ
فى الاسناد – أما تحدى الطاعنات بأن ما أثبته الحكم من حصول التصرف إلى الدكتور فيليب
عقل فى أول نوفمبر سنة 1922 يتعارض مع ادعاء المطعون عليه الأول بأنه تلقى ملكية نصف
الأطيان من الدكتور فيليب عقل بعقد اتفاق مؤرخ فى 18 من يناير سنة 1922 فمردود بأن
الحكم المطعون فيه لم يتعرض مطلقا لبحث ملكية المطعون عليه الأول للأطيان كلها أو بعضها
واستغنى عن التعرض لذلك بثبوت تخلى المورث عن الأطيان إلى الدكتور فيليب عقل – وأما
ما تنعاه الطاعنات على الحكم بالقصور إذ أغفل الرد على ما قرره عبد الحميد عابد فى
محضر التحقيق من أن التصرف الصادر من المورث إلى الدكتور فيليب عقل كان فى حقيقته إيجارا
لا بيعا فمردود بأن محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد استقلالا على كافة حجج الخصوم وأوجه
دفاعهم – وفى أخذ الحكم المطعون فيه بالإقرار الكتابى الصادر من عبد الحميد عابد والمتضمن
أن التصرف كان بيعا لا إيجارا – الرد الضمنى على ما قرره هذا الشاهد فى محضر التحقيق.
ومن حيث إنه لما كان يبين مما تقدم أن الحكم قد اعتبر أن دعامته الأولى فى تقرير ثبوت
تخلى مورث الطاعنات عن الأطيان إلى الدكتور فيليب عقل هى الخطابان المؤرخان فى أول
نوفمبر سنة 1922 و21 من أغسطس سنة 1923 والإقرار المدوّن بظهر الخطاب الأول وكانت هذه
الدعامة كافية لحمل قضاء الحكم فى هذا الخصوص فإنه يكون من غير المنتج تعييب الحكم
فيما استطرد إليه بعد ذلك بشأن ما ورد فى محضر الانتقال.
ومن حيث إنه فضلا عما تقدم فإن الحكم بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لورثة الدكتور فيليب
عقل ينبنى عليه أن تقرير ملكية مورثهم للأطيان موضوع النزاع بناء على تخلى مورث الطاعنات
عنها إليه أصبح أمرا مفروغا منه، ولما كان المطعون عليه الأول يدعى أنه اشترى نصف هذه
الأطيان من الدكتور فيليب عقل فإن له مصلحة ظاهرة فى التمسك بأن ملكية البائع قد استقرت
بصفة نهائية على الوجه السابق بيانه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن فى موضوعه على غير أساس ويتعين رفضه.
