الطعن رقم 361 سنة 21 ق – جلسة 14 /04 /1955
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 6 – صـ 946
جلسة 14 من أبريل سنة 1955
القضية رقم 361 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين
زكى، المستشارين.
( أ ) فسخ. عقد. شرط فاسخ صريح. الاتفاق على الفسخ فى حالة عدم الوفاء دون حاجة إلى
تنبيه أو حكم. وقوع الفسخ عند المخالفة بقوة القانون. ليس للقاضى سلطة تقديرية ولا
يملك إعطاء مهلة.
(ب) نقض. طعن. سبب الطعن هو خطأ مادى بحث فى الحكم. سبب غير مقبول. الشأن فى تصحيحه
هو الرجوع إلى المحكمة التى أصدرت الحكم. المادة 364 مرافعات.
(ج) شرط جزائى. عقد. التزام. اشتراط الدائن شرطا جزئيا عند عدم التنفيذ. عدم ادعاء
المدين فى كافة مراحل التقاضى أنه لم يلحق الدائن ضرر من عدم التنفيذ. القضاء بالتعويض
المتفق عليه. لا مخالفة فى ذلك للقانون.
1 – الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة الى تنبيه أو حكم من
القضاء عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، يترتب عليه الفسخ حتما بمجرد تحقيق
الشرط بغير ما حاجة لرفع دعوى الفسخ، ولا يملك القاضى فى هذه الحالة سلطة تقديرية يستطيع
معها إعطاء مهلة للمدين لتنفيذ التزامه ولا يكون حكمه منشئا للفسخ.
2 – متى كان الحكم المطعون فيه قد ناقش ما جاء بالحكمين المرفوع عنهما الاستئناف وانتهى
إلى الأخذ بما ورد فيهما من أسباب ثم ذكر سهوا فى منطوقه عبارة تأييد الحكم المستأنف
بدلا من تأييد الحكمين المستأنفين، فإن هذا لا يعدو أن يكون خطأ ماديا بحتا لا يصلح
سببا للطعن بطريق النقض والشأن فى تصحيحه إنما هو للمحكمة التى أصدرت الحكم وفقا للمادة
364 من قانون المرافعات.
3 – لما كان اشتراط الدائن فى العقد جزاء مقدما عند عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه
جائزا ولا مخالفة فيه للنظام العام، وكان المدين لم يدع فى كافة مراحل التقاضى أن ضررا
لم يعد على الدائن من تقصيره فى تنفيذ تعهده فإن الحكم إذ قضى بالتعويض المتفق عليه
فى العقد لا يكون قد خالف القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة
وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1327 سنة 1945 كلى مصر قالا فى صحيفتها إنه رسا عليهما
ومحمد عليوه الهضيبى مناقصة استخراج أحجار من محاجر الحكومة بأبى زعبل بالشروط المفصلة
بالمناقصة المؤرخة فى 11 من أبريل سنة 1944 لمدة ستة أشهر تنتهى فى آخر أكتوبر سنة
1944 مقابل مبلغ 6637 جنيها و500 مليم دفع منه الشركاء الثلاثة العشر ومقداره 663 جنيها
و750 مليما كتأمين للمصلحة وبدأ العمل فى أول مايو سنة 1944 واستمر إلى أن اختلف الشريك
الثالث مع الطاعنين بسبب امتناعه عن دفع أجور العمال فتنازل عن حقوقه فى العملية وعن
نصيبه فى التأمين مع التصريح لهما بقبض كل ما يستحق له طرف المصلحة مستقبلا ولامتناع
المصلحة عن صرف المستحق للطاعنين بسبب هذا الخلاف رفع الطاعنان الدعوى المستعجلة رقم
3095 سنة 1944 وحكم بتعيين الطاعنين حارسين قضائيين على الحجر موضوع المناقصة لإدارته
إلا أن المصلحة وضعت يدها عنوة فى 16 من يوليو سنة 1944 على الحجر واستغلته مستخدمة
أدوات الطاعنين كما استشكلت فى تنفيذ حكم الحراسة وقضى فى 7 من أكتوبر سنة 1944 برفض
الإشكال واستمرار التنفيذ إلا أن المصلحة ظلت تواصل العمل فى المحجر حتى نهاية العقد
وامتنعت عن صرف المستحق للطاعنين عن المدة من 16 من يونيو سنة 1944 لغاية 15 من يوليو
سنة 1944 وقدره 667 جنيها و750 مليما بسبب النزاع فأنذرا المصلحة فى 12 من ديسمبر سنة
1944 برد التأمين ودفع المستحق ومقداره 685 جنيها و850 مليما وبتسليمهما أدواتهما وهى
150 كاسورا و90 عتلة و50 كريك و400 يدشوم وشواكيش وخلافه فى ظرف أسبوع وطلبا الحكم
بإلزام المطعون عليهما متضامنين بمبلغ التأمين وقيمة الفواتير وتسليم أدوات المحجر
أو دفع قيمتها ومقداره ألف جنيه وبمبلغ ألفى جنيه على سبيل التعويض، وفى أول فبراير
سنة 1947 قضت المحكمة أولا – برفض الدعوى بالنسبة للطلبين الأول والثالث الخاصين بالتأمين
والتعويض تأسيسا على أن الطاعنين أخلا بالتزاماتهما فحق عليهما الجزاء المنصوص عليه
فى العقد وهو فسخه ومصادرة التأمين، وثانيا – بالنسبة للطلب الثانى، وهو الخاص بقيمة
الفواتير المستحقة عن الأحجار الموردة، فقد كلفت المحكمة الحكومة بتقديم فواتير التوريد
عن المدة من 16/ 6/ 1944 لغاية 12/ 7/ 1944 ودفاتر الحساب الخاصة بها، أما بالنسبة
للطلب الرابع الخاص بالأدوات التى يقول الطاعنان إن الحكومة استولت عليها، فإن المحكمة
أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان دعواهما بكافة الطرق وللحكومة النفى بالطرق
عينها وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود وقدمت الفواتير وكشف الحساب قضت فى 12 من
يونيو سنة 1948 بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا للطاعنين مبلغ 441 جنيها و644 مليما
والمصاريف المناسبة استنادا إلى أن هذا المبلغ هو ما يستحقه الطاعنان طبقا لأحكام العقد
المحرر بينهما وبين المصلحة بعد خصم رسم الدمغة ومقداره 4 جنيهات و225 مليما ومبلغ
224 جنيها و642 مليما وهو مجموع الغرامات التى حكم بها على الطاعنين، أما بالنسبة للطلب
الآخر فقد أسسته على عجز الطاعنين عن إثباته، استأنف الطاعنان الحكمين لدى محكمة استئناف
القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1017 سنة 65 ق. وفى 29 من أبريل سنة 1951 أيدته المحكمة
لأسبابه ولما أضافته إليه من أسباب فقرر الطاعنان الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مقام على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم
المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب إذ قضى برفض طلبى رد التأمين
والتعويض تأسيسا على أن عقد المقاولة تضمن شرطا من شأنه أن يكون للحكومة الحق فى إلغائه
فى حالة تأخر الطاعنين عن توريد كميات الأحجار المقرر تسليمها فى المواعيد المتفق عليها
وأنها هى السلطة المنوطة بإثبات التأخير بغير حاجة إلى اتخاذ إجراءات قضائية، وأن العقد
قد فسخ بقوة القانون بمجرد إرسال خطاب موصى عليه من الحكومة بغير حاجة إلى أية إجراءات
مع أن وجود شرط فاسخ فى العقد لا يعفى الحكومة من الالتجاء إلى القضاء للحصول على حكم
بالفسخ ولا يسلب القاضى سلطة التقدير. فقد يعطى المدين مهلة ولا يحكم بالفسخ حتى فى
حالة اتفاق المتعاقدين على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه بغير حاجة إلى تنبيه
أو إنذار – على أنه من ناحية أخرى – فإن الحكم الابتدائى الصادر فى 1/ 2/ 1947 المؤيد
لأسبابه بالحكم المطعون فيه اعتبر الطاعنين مقصرين فى تنفيذ العقد بناء على قول الحكومة
من أنها هى السلطة المختصة بتقدير هذا التقصير، فى حين أن هذا الذى ذهب إليه الحكم
يتجافى مع قواعد القانون إذ يسلب القاضى من سلطته التقديرية فى العقود الملزمة من بيان
السبب الذى هو عدم تنفيذ أحد المتعاقدين لالتزامه حيث يجعل المتعاقد الآخر منقطع السبب
لأن الأساس القانونى لقاعدة الفسخ يقوم على نظرية السبب وإذ خلا الحكم – إذ أقر الحكومة
على الفسخ – من تحقيق السبب واقعيا وإسناده إلى أى من المتعاقدين فإنه يكون معيبا بعيب
القصور.
ومن حيث إنه جاء بحكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه. "وحيث إنه
ظاهر من الاطلاع على العقد المحرر بين المدعيين والحكومة بتاريخ 19/ 6/ 1944 أنه مشروط
فى البند الأول منه على وجوب قيام المدعيين باستخراج يومى معين المقدار فى العقد من
الأحجار وتقديمه للحكومة. ونص فى البند الخامس على أن الشروط الواردة فى المناقصة العامة
تعتبر جزءا متمما ومكملا للشروط المبينة فى العقد حيث يلتزم المقاولون بكافة ما ورد
فيها من قيود وشروط وأحكام أخرى عامة أو خاصة. كما أنه ظاهر من الاطلاع على البند الثامن
من شروط المناقصة الملحقة بالعقد أن مواعيد التسليم شرط جوهرى فى العقد وأنه فى حالة
حصول أى تأخير فى تسليم أية كمية من الأصناف المتعاقد عليها يكون للحكومة الحق فى فرض
غرامة معينة مع أحقيتها فى إعداد الكمية المطلوبة بنفسها وإلزام المتعهدين بفرق التكاليف
فضلا عن احتفاظها بحق إلغاء التعاقد طبقا للبند الثامن وأن للمصلحة أن تستعمل كل حقوقها
هذه بمجرد حصول التأخير وبدون حاجة إلى أحكام أو اتخاذ أية إجراءات أخرى أو إقامة الدليل
على حصول ضرر لها وقد نص فى البند الثامن على "أن الفسخ يتم من تلقاء نفسه وبغير حاجة
إلى حكم القضاء بخطاب موصى عليه من رئيس المصلحة أو نائبه يرسل للمقاول أو لوكيله بطريق
البريد الموصى عليه وأنه يترتب على الفسخ مصادرة التأمين بغير حاجة إلى أى إيضاح أو
إثبات الضرر أو اتخاذ إجراءات قضائية كما لها أن تكمل باقى العمل بأى طريقة تريدها
مع بقاء المقاول مسئولا عن تعويض كل خسارة…" ثم قال الحكم, "إن هذه الشروط لا مخالفة
فيها للنظام العام وقد أصبحت قانون المتعاقدين ومن المتفق عليه فقها وقضاء أن الاتفاق
على الشرط الفاسخ الصريح بمجرد تأخير أحد المتعاقدين يترتب عليه وقوع الفسخ حتما وبقوة
القانون بغير حاجة إلى حكم القضاء…" ثم قال الحكم فى صدد الرد على دفاع الطاعنين
من أنهما قاما بتوريد المقطوعة المتفق عليها فى المواعيد المقررة. "إنه فضلا عن أن
إثبات التأخير قد ترك بموجب شروط المناقصة للحكومة بغير إجراءات معينة، فإنه ثابت من
المستندات المقدمة من الحكومة أنها أخطرتهما بخطاب مؤرخ 8 من مايو سنة 1944 (أى بعد
المقاولة بأسبوع واحد) بتقصيرهما فى تقديم المتوسط اليومى المتفق عليه ولفتت نظرهما
إلى تلافى التقصير مرة أخرى وإلا اتخذت الإجراءات اللازمة ضدهما بما فى ذلك فسخ العقد
(مستند رقم 3 من الحافظة 8 دوسيه) ثم عادت المصلحة فوجهت إليهما إنذارا بتاريخ 3/ 7/
1944 أوردت فيه المقادير التى وردت والمقادير التى كان ينبغى توريدها منوهة بمقدار
العجز والتقصير فى التوريد وأنذرتهما (لآخر مرة) بأنه فى حالة عدم تلافى هذا التأخير
تقوم المصلحة باستعمال حقوقها بما فى ذلك إلغاء العقد وقد استلم المدعيان هذا الإنذار
بتوقيعهما على أصله بتاريخ 4/ 7/ 1944 (مستند رقم 4 حافظة 8 دوسيه) ثم قامت المصلحة
بإلغاء العقد بعد ذلك بناء على الاستمرار فى التقصير بخطابها الموصى عليه المؤرخ 16/
7/ 1944 (رقم 5 من الحافظة 8 دوسيه) وحيث إنه واضح من كل ذلك أن قيام الحكومة بإلغاء
العقد كان فى حدود حقوقها الثابتة بالعقد وشروط المناقصة الملحقة به وأن من نتائج هذا
الإلغاء طبقا للشروط المذكورة مصادرة التأمين وإلغاء كل حق للمدعيين ناشئ عن طلب تنفيذه".
ومن حيث إنه لا مخالفة للقانون فى هذا الذى جاء بالحكم – كما أنه لا قصور فيه – ذلك
أنه وقد أثبت أن الطاعنين أخلا بالتزاماتهما بعدم قيامهما بما تعهدا به من توريد مقطوعية
الأحجار المتفق عليها فى المواعيد المقررة أنزل حكم الشروط الواردة بالعقد والمناقصة
من اعتبار العقد مفسوخا بمجرد التحقق من أن الطاعنين لم ينفذا تعهداتهما، ذلك أن الإتفاق،
كما هو الحال فى الدعوى، على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه
أو حكم من القضاء، عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، يترتب عليه الفسخ حتما
بمجرد تحقق الشرط، بغير ما حاجة لرفع دعوى بالفسخ ولا لحكم ينشئ هذا الفسخ، ومن ثم
لا يملك القاضى فى هذه الصورة سلطة تقديرية يستطيع معها إعطاء مهلة للمدين لتنفيذ التزامه،
أما ما يذهب إليه الطاعنان من أن الحكم شابه القصور، إذ أقر الحكومة على الفسخ دون
التحقق من سببه، فهو مردود بأن الحكم تحقق من حصول المخالفات التى ترتب عليها الفسخ
من سكوت الطاعنين عن الرد على الخطابات المرسلة إليهما من المصلحة والانذار الموجه
إليهما فى 3 من يوليه سنة 1944 والموقع عليه منهما بالاستلام فى 4 من يوليه سنة 1944،
والذى سجلت فيه المصلحة عليهما العجز والتقصير فى القيام بالتوريد.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن المستحق للطاعنين
فى ذمة الحكومة طبقا للفواتير المقدمة منها هو مبلغ 670 جنيها انقصه إلى مبلغ 441 جنيها،
هو الذى قضى به للطاعنين. واعتبر الفرق بين المبلغين مقابل قيمة الغرامات المالية التى
أوقعتها الحكومة بواقع 40% من قيمة ما لم يورد من الأحجار. وإذ أجرى الحكم هذا الاستقطاع
أخذا بمجرد قول الحكومة وبحجة أن العقد يخول الحكومة هذه المصادرة، فإنه يكون قد خالف
القانون، ذلك أنه إذا كانت الحكومة اقتطعت من استحقاق الطاعنين قيمة هذه الغرامات الجسمية
من غير سبب يبرر ذلك إلا دعواها بالتقصير فإنه ليس لها فى الوقت نفسه أن تصادر التأمين
بناء على أنه مخول لها بالعقد إجراء ذلك، وإذ أقر الحكم هذا الإجراء مع أن القانون
يأباه والعدالة لا تجيزه لما ينطوى عليه من إثراء على حساب الغير فإنه يكون قد خالف
القانون.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب رد التأمين، وبخصم
ما يعادل قيمة الغرامات مما هو مستحق للطاعنين فى ذمة الحكومة أقام قضاءه على ما استخلصه
من شروط المناقصة الملحقة بالعقد المبرم بين الطاعنين والحكومة إذ ورد بالبند الثامن
منها – على ما أثبته الحكم – "أنه يترتب على الفسخ مصادرة التأمين بغير حاجة إلى أى
إيضاح أو إثبات الضرر أو اتخاذ إجراءات قضائية كما لها (للمصلحة) أن تكمل باقى العمل
بأى طريقة تريدها مع بقاء المقاول مسئولا عن تعويض كل خسارة". كما نص بها أيضا على
"أن مواعيد التسليم شرط جوهرى فى العقد وأنه فى حالة حصول تأخير فى تسليم أية كمية
من الأصناف المتعاقد عليها يكون للمصلحة الحق فى فرض غرامة معينة مع أحقيتها فى إعداد
الكمية المطلوبة بنفسها وإلزام المتعهدين بفرق التكاليف فضلا عن احتفاظها بحق إلغاء
التعاقد طبقا للبند الثامن وأن للمصلحة أن تستعمل كل حقوقها هذه بمجرد حصول التأخير
وبدون حاجة إلى أحكام أو اتخاذ أية إجراءات أخرى أو إقامة الدليل على حصول ضرر لها"
– ولما كان الحكم قد أثبت تقصير الطاعنين فى القيام بالتزاماتهما – على ما سبق بيانه
فى الرد على السبب الأول – وكان اشتراط جزاء مقدما عند عدم قيام الطاعنين بما التزما
به جائزا ولا مخالفة فيه للنظام العام – وكان الطاعنان لم يدعيا فى كافة مراحل التقاضى
أن ضررا لم يعد على المصلحة من تقصيرهما فى تنفيذ تعهداتهما – لما كان ذلك – فإن النعى
على الحكم بما ورد فى هذا السبب لا يكون له أساس.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم شابه القصور فى التسبيب والعيب فى الاستدلال
– ذلك أنه عندما قام الخلاف بين الطاعنين والحكومة قبل صدور حكم أول فبراير سنة 1947
على قيمة فواتير العمل من 16/ 6/ 1944 إلى 15/ 7/ 1944 فبينما يقرر الطاعنان أن مجموعها
685 ج و850 م تقرر الحكومة أنه 315 ج و366 م دون أن تقدم الفواتير – وبعد أن قدمت الحكومة
الفواتير ظهر أن مجموعها 670 ج لا 315 ج يضاف إلى ذلك 15 ج قيدتها الحكومة بدفاترها
على أنها صرفت منها لعمال الطاعنين عن يوم 15/ 7/ 1944 – وأخيرا تراجعت الحكومة فى
دفاعها وقررت أنها تودع أيضا خزانة المحكمة 126 ج و308 م علاوة على المبلغ السابق حتى
يكون المستحق للمقاولين 441 ج و614 م وهو ما أخذت به محكمة أول درجة بحكمها الصادر
فى 12/ 6/ 1948 دون تمحيص أو بيان عما يستحقه الطاعنان مع أنه ورق من صنع الحكومة حرر
لخدمة الدعوى – ولما استأنف الطاعنان تمسكا بهذه المطاعن وعابا على محكمة أول درجة
استنادها إلى هذا الكشف فكان رد الحكم على ذلك "أن الحكومة لو كانت ترمى إلى تلفيق
كشوفها لخدمة قضيتها لأعدت كشوفا على الوضع الذى يحقق لها هذا الغرض من بادئ الأمر
أما عدولها عما قررته أولا عن المستحق للمستأنفين وتصحيحه بما يطابق الواقع فدليل للمصلحة
لا عليها" وهو رد خاطئ ولا سند له فى الدعوى إلا مجرد أقوال الحكومة التى لا تصلح دليلا
فى الخصومة.
ومن حيث إن الحكم الصادر من محكمة أول درجة فى 12/ 6/ 1948 والذى أخذ الحكم المطعون
فيه بأسبابه فى خصوص هذا النعى قال "وبما أن المدعيين لم يردا على ما جاء بهذا الكشف
بدفاع مقنع وكل ما جاء فى مذكرتهما بعيد عن الموضوع حيث لم يطعنا على صحة المبالغ المبينة
بالكشف وعلى مقدار الغرامات وإنما كان كل اعتراضهما منصبا على أن هذه الغرامات هى عن
شهرى مايو ويونيه سنة 1944 وهو دفاع غير مجد لأنه كما يجوز خصم الغرامات من الفواتير
القديمة فإنه لا يوجد ما يمنع من خصمها من الفواتير المستحقة أخيرا وبالنسبة لذلك يكون
المبلغ المستحق دفعه للمدعيين طبقا لما هو ثابت من الاطلاع على الفواتير المقدمة من
الحكومة وكشف الحساب الذى تضمنته مذكرتها هو مبلغ 441 ج و644 م وهو ما يتعين الحكم
به" – فلما استأنف الطاعنان الحكم – قصرا دفاعهما – على ما يبين من الصورة الرسمية
لصحيفة الاستئناف المقدمة لهذه المحكمة – على تعييب الحكم الابتدائى فيما ذهب إليه
من خصم قيمة الغرامات مما هو مستحق لهما عن مدة سابقة على الفواتير دون أن يعترضا على
صحة الأرقام المدونة بالكشف – ومن ثم يكون من غير المقبول النعى على الحكم بما ورد
فى هذا السبب إذ فى سكوت الطاعنين عن بيان المآخذ التى يأخذانها على حكم محكمة أول
درجة فى خصوص جملة ما يستحقه الطاعنان فى ذمة الحكومة – ما يفيد تسليمهما بما دون بالكشف
والفواتير الملحقة به وأن النزاع منحصر فى حق الحكومة فى إجراء الخصم.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه باطل بطلانا جوهريا – ويقول
الطاعنان فى بيان هذا الوجه إن استئنافهما كان منصبا على حكمين قطعيين كل منهما مستقل
عن الآخر صدر أولهما فى أول فبراير سنة 1947 برفض الطلبين الأول والثانى وصدر ثانيهما
فى 12 من يونيه سنة 1948 بإلزام الحكومة بأن تدفع للطاعنين مبلغ 441 ج و644 م وبرفض
باقى الطلبات وأنهما طلبا إلغاءهما فيما لم يقض به لهما – إلا أن المحكمة الاستئنافية
قضت فى موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وهذا خطأ يعيب الحكم، إذ فضلا
عن كونه يتضمن تجهيلا عن أى الحكمين تعنى المحكمة فكأنها بذلك لم تفصل فى الاستئناف
المرفوع لها عن حكمين لا حكم واحد – ولا يغنى عن ذلك أن المحكمة قد تعرضت لأسباب الحكمين
المستأنفين وأخذت بهما لأنه كان يجب عليها أن تنص فى منطوق حكمها بقضائها بشأن الحكمين
حتى تنفق الأسباب مع المنطوق وإلا كان الحكم باطلا.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه قد ناقش ما جاء
بالحكمين المرفوع عنهما الاستئناف وانتهى إلى الأخذ بما ورد فيهما من أسباب – وذكر
سهوا فى منطوقه عبارة تأييد الحكم المستأنف بدلا من تأييد الحكمين المستأنفين ولا يعدو
هذا أن يكون خطأ ماديا بحتا لا يصلح سببا للطعن بطريق النقض والشأن فى تصحيحه – إن
كان للطاعنين مصلحة فى ذلك – إنما هو للمحكمة التى أصدرت الحكم وفقا لنص المادة 364
مرافعات.
ومن حيث إنه لما تقدّم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
