الطعن رقم 295 سنة 21 ق – جلسة 24 /03 /1955
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 6 – صـ 855
جلسة 24 من مارس سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
القضية رقم 295 سنة 21 القضائية
حكم. تسبيبه. إحالته على أسباب حكم آخر. شرطه. ثبوت إلغاء الحكم
المحال عليه بأى طريق من طرق الطعن. عدم جواز الإحالة. علة ذلك.
إنه وإن كان يجوز تسبيب الحكم بتبنى أسباب حكم آخر سبق صدوره بين الخصوم ومقدم فى ملف
الدعوى وذلك بالإحالة عليه، إلا أن شرط ذلك أن لا يكون هذا الحكم قد ألغى، ذلك أن إلغاء
الحكم بأى طريق من طرق الطعن يجرده من كل أثر قانونى ويصبح شأنه شأن الأوراق العادية
التى تقدم فى الدعوى. فكما أنه لا يجوز تسبيب الحكم بالإحالة على ما تضمنته ورقة من
الأوراق التى يقدمها الخصوم، كذلك لا يجوز تسبيب الحكم بالإحالة إلى حكم صدر بين الخصوم
وقضى بعد ذلك بنقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحاميين عن الطاعن والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع كما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل فى أنه بصحيفة معلنة فى 10 من ابريل
سنة 1917 أقام ناظرا الوقف (الطاعن) الدعوى رقم 721 لسنة 1917 أمام محكمة القاهرة الابتدائية
يطالبان المطعون عليه الثانى بمبلغ 2226 جنيها و500 مليم قيمة 1278 مترا مربعا قال
بأنهما ضمن أعيان الوقف المشمول بنظارتهما وأن المطعون عليه الثانى أدخلهما فى توسيع
أحد شوارع بندر الجيزة، وأثناء سير الدعوى أرادت ناظرة الوقف المطعون عليها الأولى
الدخول فى الدعوى لتطلب الحكم للوقف المشمول بنظارتها بقيمة ما أخذه المطعون عليه الثانى
ولكن المحكمة رفضت دخولها بناء على اعتراض الطاعن، ثم قضت فى 7 من يناير سنة 1922 بإلزام
المطعون عليه الثانى بأن يدفع للوقف الطاعن مبلغ 1278 جنيها تعويضا باعتبار ثمن المتر
جنيها واحدا واستندت فى قضائها إلى ما ثبت لها من المستندات وتقريرى الخبراء الذين
ندبتهم لتطبيقها من أن أرض النزاع هى من أعيان الوقف "الطاعن" وأن المطعون عليه الثانى
استولى عليها وجعلها طريقا عاما فى أوائل سنة 1903 – فاستأنف المطعون عليه الثانى هذا
الحكم وقيد استئنافه برقم 347 لسنة 39 ق وقضت محكمة استئناف القاهرة فى 27 من يونيه
سنة 1923 بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وجعلته مبلغ 319 جنيها و500 مليم
باعتبار المتر الواحد 250 مليما وبصحيفة فى 13 يناير سنة 1923 أقامت ناظرة الوقف المطعون
عليها الأولى الدعوى رقم 884 لسنة 1923 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون
عليه الثانى وطلبت أصليا الحكم بأحقية وقفها للأرض موضوع النزاع واحتياطيا إلزام المطعون
عليه الثانى بأن يدفع لها قيمتها مبلغ 3500 جنيه وفوائده القانونية من يوم اغتصابه
لها لغاية السداد فدفع الوقف (الطاعن) بأن أرض النزاع مملوكة له دون المطعون عليه الأول
وطلب المطعون عليه الثانى رفض الدعوى بالنسبة له، أولا – لدخول أرض النزاع فى المنافع
العامة، وثانيا – لأن ذمته برأت من مبلغ التعويض لسبق دفعه إياه للوقف الطاعن بموجب
حكم نهائى وكان الدفع لصاحب الحق الظاهر وبحسن نية. وطلب أخيرا وعلى أسوأ الفروض استرداد
المبلغ الذى كان أودعه على ذمة الوقف الطاعن تنفيذا للحكم الذى صدر ضده لهذا الوقف
– فقضت المحكمة الابتدائية فى 9 من مارس سنة 1931 برفض الدعوى استنادا إلى ما ظهر من
تقرير الخبير الذى ندبته من أن أرض النزاع تدخل فى مستندات الوقف الطاعن دون مستندات
الوقف المطعون عليه الأول التى لم يمكن تطبيقها لخلوها من حدود الأعيان الواردة بها
– فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 1187 لسنة 48 ق وقضت محكمة
استئناف القاهرة فى 26 من فبراير سنة 1933 بإلغاء الحكم وبإلزام المطعون عليه الثانى
بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 319 جنيها و500 مليم وفوائده بواقع 5% سنويا من يوم
المطالبة الرسمية للسداد، وبنت حكمها على ما ثبت لها من المستندات من أن المطعون عليه
الأول هو المالك لأرض النزاع دون الطاعن، وأنها تقدر التعويض باعتبار المتر الواحد
250 مليما، وأن المطعون عليه الثانى قصر فى إدخال المطعون عليه الأول فى الدعوى مع
علمه بمنازعته فى ملكية العقار وكان عليه أن يرفع الأمر للقضاء فى مواجهة الطاعن والمطعون
عليه الأول المنازع له، وأن دفعه الثمن للطاعن فى هذه الظروف لا يمكن معه القول بأنه
دفع الدين لصاحب الحق الظاهر وبحسن نية – وبتقرير محرر فى 7 من سبتمبر سنة 1933 طعن
المطعون عليه الثانى فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 83 لسنة 3 ق وطلب نقض
الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف. وفى 21 من يونيه سنة 1934 قضت محكمة النقض
بنقض الحكم المطعون فيه وفى موضوع الاستئناف برفض دعوى وقف مير اللواء (المطعون عليه
الأول) قبل مجلس محلى الجيزة (المطعون عليه الثانى) وبإلزام وقف مير اللواء بمصاريف
الطعن وبمصاريف الدرجة الاستئنافية وبمبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب محاماة لمجلس محلى
الجيزة وحده، وقصرت محكمة النقض بحثها على السبب السادس الذى أورده مجلس محلى الجيزة
فى طعنه، وحاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تعريف حسن النية الواجب توافره للتقرير
بصحة دفع الدين لصاحبه الظاهر، وقالت محكمة النقض بعد بحث هذا السبب: "وحيث إنه يبين
من كل ما تقدم أن للمجلس المحلى كل العذر اذا كان قد دفع ثمن الأرض لوقف الشوربجى أو
أودعه على ذمته بالمحكمة الشرعية وأن دفعه هذا ببرئ ذمته، ويكون قضاء الحكم المطعون
فيه بإلزام المجلس المحلى بدفع ثمن الأرض مرة أخرى إلى وقف مير اللواء غير صحيح ومتعينا
نقضه لخطئه فى تفهم المعنى القانونى لحسن النية المبرئ للذمة وفى تطبيق وقائع الدعوى
عليه ولا حاجة بعد ذلك للبحث فى باقى الأوجه الأخرى التى تدور على خطأ الحكم فى اعتباره
أن وقف مير اللواء هو المالك للأرض المنزوعة ملكيتها، فإن تلك الأوجه مهما تكن وجاهتها
ومهما يكن من صحة وجود الأخطاء التى تشير إليها بالحكم، لا محل لبحثها ما دام قبول
الوجه السادس يحقق للطاعن غرضه". ثم قالت "إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه على أساس
ما هو ثابت فى الدعوى من حسن نيته فى دفع الثمن لوقف الشوربجى وأنها ترى مع نقض الحكم
القضاء فى موضوع الاستئناف بمعنى ما تقدم وأن وقف مير اللواء على كل حال محفوظ له الحق
فى مخاصمة وقف الشوربجى للحصول على مبلغ الثمن سواء المودع فى المحكمة الشرعية أو نظيره
إذا كان وقف الشوربجى قد استعمل المبلغ المودع فى شراء عين له كما أن ما يتعلق بأتعاب
المحاماة ترى المحكمة أن لا تقضى منها إلا بما يطلبه المجلس فقط دون ما يطلبه وقف الشوربجى"
– وبعد أن أصدرت محكمة النقض حكمها هذا أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 414 لسنة
1947 أمام محكمة الجيزة الابتدائية وطلب فى صحيفتها المعلنة فى 20 من أغسطس سنة 1947
إلزام الطاعن بصفته بأن يدفع له فى شخص المطعون عليه الثانى مبلغ 319 جنيها و500 مليم
نقدا أو بأحقيته لما يقابلها عينا فى العين التى سيبنيها فيما بعد مع حفظ حقه فى الرجوع
على الطاعن بفوائد المبلغ أو بريع العين المستبدلة والتعويضات. فدفع الطاعن بعدم جواز
نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكمين رقم 721 سنة 1917 مدنى كلى القاهرة ورقم 891
لسنة 23 ق استئناف القاهرة – فقضت محكمة الجيزة الابتدائية فى 30 من ديسمبر سنة 1948
برفض الدفع وبجواز نظر الدعوى وفى موضوعها بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون عليه
الأول بصفته مبلغ 319 جنيها و500 مليم على أن يودع المبلغ خزانة المحكمة الشرعية على
ذمة شراء عين لوقف مير اللواء الذى يمثله المطعون عليه الأول مع حفظ كافة حقوق المطعون
عليه الأول، وأقامت المحكمة قضاءها على أن حكم محكمة النقض لم يلغ كل أثر لحكم محكمة
الاستئناف الصادر فى 26 من فبراير سنة 1933 وإنما نقض ذلك الحكم فى خصوص ما قضى به
من إلزام المجلس المحلى واحترامه فيما عدا ذلك إذ نص فى أسبابه على حفظ حق وقف مير
اللواء فى استرداد ثمن الأرض التى أدخلها المطعون عليه الثانى فى المنافع العامة، كما
أقامته على أن حكم محكمة الاستئناف إذ فصل فى ملكية الأرض المتنازعة بين الوقف وقرر
تبعيتها لوقف مير اللواء أصبح لهذا الوقف أن يرجع على وقف الشوربجى الطاعن بما قدر
ثمنا للعين التى أدخلت فى الشارع بقدر ما دفعه المجلس المحلى لوقف الشوربجى، وأنه لذلك
يحكم بإلزام الأخير بالمبلغ المذكور – فاستأنف الطاعن هذا الحكم بصحيفة معلنة فى 27
من يونيه سنة 1949 طلب فيها الحكم أصليا بعدم قبول دعوى المطعون عليه الأول لسابقة
الفصل فيها بين الوقفين واحتياطيا رفضها مع إلزام المطعون عليه الأول فى جميع الأحوال
بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وفى أثناء نظر الاستئناف دفع الطاعن أيضا بسقوط حق
المطعون عليه الأول فى المطالبة بمضى المدة الطويلة ارتكانا على الحكم الذى أصدرته
محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 891 لسنة 37 ق بتاريخ 20 من فبراير سنة 1932.
وبعد ذلك قضت محكمة الاستئناف فى 20 من فبراير سنة 1951 فى موضوع الاستئناف برفضه وتأييد
الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بمصاريفه وبمبلغ 600 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمطعون
عليه الأول – فقرر الطاعن الطعن بالنقض فى هذا الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه التناقض فى الأسباب والقصور فى التسبيب،
لأنه بعد أن قرر أن حكم محكمة الاستئناف الصادر فى 26 من فبراير سنة 1933 والذى نقض
فى 21 من يونيه سنة 1934 أصبح عديم الاثر بنقضه وزالت عنه بذلك حجيته فيما قضى به من
ملكية وقف مير اللواء للأرض موضوع النزاع، بعد أن قرر الحكم المطعون فيه ذلك عاد واستند
إلى نفس الحكم المنقوض فيما تضمنته أسبابه من أدلة وقرائن على ملكية وقف مير اللواء
للأرض موضوع النزاع وقضى له بناء على ذلك بمبلغ التعويض قبل الوقف الطاعن.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أنه وإن كان يجوز تسبيب الحكم بتبنى أسباب حكم آخر
سبق صدوره بين الخصوم ومقدم من ملف الدعوى، وذلك بالإحالة عليه، الا أن شرط ذلك أن
لا يكون هذا الحكم قد ألغى، إذ أن إلغاء الحكم بأى طريق من طرق الطعن يجرده من كل أثر
قانونى ويصبح شأنه شأن الأوراق العادية التى تقدم فى الدعوى، فكما أنه لا يجوز تسبيب
الحكم بالإحالة على ما تضمنته ورقة من الأوراق التى يقدمها الخصوم، كذلك لا يجوز تسبيب
الحكم بالإحالة إلى حكم صدر بين الخصوم وقضى بذلك بنقضه – ولما كان الثابت من الحكم
المطعون فيه أنه إذ قضى بملكية وقف مير اللواء للأرض موضوع النزاع وباستحقاق ذلك الوقف
بناء على ذلك لمبلغ التعويض قد اكتفى فى قضائه هذا بالاحالة على الحكم الصادر من محكمة
استئناف القاهرة فى 26 من فبراير سنة 1933 وما حواه ذلك الحكم من أدلة واستنتاجات قال
الحكم المطعون فيه إنها سائغة ومقبولة وأنه يقره عليها ويأخذ بها، وذلك دون أن يبين
الحكم المطعون فيه هذه الأدلة تفصيلا مع أن الحكم الذى أحال عليه كان قد نقض فى 21
من يونيه سنة 1934 – لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون خاليا من الأسباب متعينا
نقضه دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.لك لا يجوز تسبيب الحكم
