الرئيسية الاقسام القوائم البحث

نقض مدني – الطعن رقم 6 سنة 24 ق – أحوال شخصية – جلسة 10 /03 /1955 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 6 – صـ 831

جلسة 10 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: أحمد العروسى، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.


القضية رقم 6 سنة 24 القضائية "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. وصية. الوصية فى القانون الإيطالى. قد تكون بالإعطاء وقد تكون بالحرمان. وقوع الحرمان على أصحاب الفروض. حقهم فى طلب بطلان الوصية. وقوع الحرمان على وراث ليس صاحب فرض. ليس له حق طلب البطلان.
الوصية وفقا لنصوص القانون المدنى الإيطالى كما تكون بالإعطاء تكون كذلك بالحرمان. فإذا وقع الحرمان على من احتفظ لهم القانون بأنصبة مفروضة كان لهم وحدهم دون غيرهم طلب بطلان هذا الأثر حتى يخلص لهم نصيبهم المفروض ما لم يكونوا قد قبلوا المساس بحصصهم. أما إذا كان المحروم ليس من أصحاب الفرض على ما يقضى به القانون فإنه يكون للموصى أن يحرمه من تركته ولا يكون له أن يتمسك بما شاب الوصية من بطلان أو عدم نفاذ مما يؤثر على أنصبة أصحاب الفروض متى كان حرمانه فى ذاته قد وقع صحيحا وذلك لانعدام صفته ومصلحته لاستحالة إمكان تورثيه على خلاف مشيئة المورث الصريحة فى وصيته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيما عدا الطاعن السادس إيلى ديمتراكى ثابت إذ لم يقدم توكيل عنه فيكون الطعن غير مقبول منه شكلا.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراقه تتحصل فى أن المرحوم ثابت ثابت الإيطالى الجنسية توفى فى 15/ 9/ 1943 بمدينة بارما بإيطاليا عن تركة شاملة لعقارات ومنقولات كلها بالقطر المصرى وعن وصيتين كان قد أودع أولاهما القنصلية الإيطالية بالقاهرة والثانية بمدينة ميلانو بإيطاليا وعن زوجة وعن أولاد إخوته الأربعة. وفى 28/ 3/ 1946 تقدمت السيدة إيفت دالاتى بنت المرحوم ميخائيل ثابت شقيق المتوفى بطلب إلى قاضى الأحوال الشخصية بمحكمة مصر المختلطة ليثبت وراثتها لعمها المتوفى، وذكرت فى طلبها أن عمها توفى عن زوجته إليس ثابت بنت زلزل وعن أولاد إخوته الأربعة المتوفين من قبله "ديمترى (أو ديمتراكى) وبشير وميشيل (ميخائيل) من الذكور وروزى من الإناث". وفى 11/ 5/ 1946 استمع قاضى الأحوال الشخصية لشهود هذه الطالبة الذين وافقوها، ثم حرر إشهاد الوارثة فى نفس التاريخ بوفاة المورث بإيطاليا عن وصيته وعن ورثته المذكورين فى الطلب. وفى خلال ذلك وفى 12/ 4/ 1946 تقدمت الزوجة (إليس زلزل) بطلب آخر إلى رئيس محكمة مصر المختلطة ليقوم من جانبه بإجراء التحريات اللازمة لتعيين ورثة زوجها تمهيدا لتحرير إشهاد الوراثة وذكرت فى طلبها ما تعلمه عن وصية المورث المودعة بالقنصلية الإيطالية بالقاهرة فى مظروفين أودعا فى 18/ 4/ 1935 و21/ 12/ 1935 ثم طلبت إليه أخيرا العمل على إيداع هذه الوصية بالمحكمة. وفى 28/ 5/ 1946 حرر قاضى الأحوال الشخصية بالمحكمة المختلطة محضرا أثبت فيه حضور الطالبتين (إيفت وإليس) مع شهودهما والمحامين الموكلين عنهما وحضور مندوب المفوضية السويسرية (وكانت فى ذلك الوقت ترعى مصالح رعايا إيطاليا) ثم قرر ذلك المندوب أن المتوفى كان قد استرد فى حياته وصيته الأولى التى سبق له أن أودعها فى 18/ 4/ 1935 وأودع بدلا عنها مظروفا آخر يشتمل على وصيته الجديدة والمحررة كلها بخطه ثم قدمها للسيد القاضى فوصفها فى محضره وأثبت نصها ومحتوياتها وتوقيعات المورث عليها وعلى المظروفين الشاملين لها ثم سلمها للقلم المدنى بالمحكمة لحفظها تطبيقا للمادة 894 من المرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1937 الخاص بالإجراءات التى تتبع فى مواد الأحوال الشخصية. وفى 12/ 3/ 1948 تقدمت الزوجة بطلب جديد قالت فيه إن البيانات التى تتطلبها المادة 886 من المرسوم بقانون 94 لسنة 1937 قد استوفيت والتمست اثبات أنها الوارثة الوحيدة لزوجها المتوفى وأحقيتها فى استلام جميع أعيان التركة – وفى 19/ 4/ 1948 قرر القاضى أنه غير مختص بنظر هذا الطلب لسابقة توثيقه اشهاد الوراثة فى 11/ 5/ 1946 وفى 24/ 7/ 1948 عين القاضى المذكور السيد بولى ديمونجيه مديرا مؤقتا للتركة وخوله الاختصاصات الموضحة فى قرار التعيين. وفى 16/ 11/ 1948 طلبت السيدة مارسيل جريس بنت المرحوم بشير ثابت شقيق المتوفى من قاضى الأحوال الشخصية بالمحكمة المختلطة تحرير إشهاد بالوراثة. ولإلغاء المحاكم المختلطة حول هذا الطلب لمحكمة عابدين الوطنية التى خصصت لقضايا الأحوال الشخصية للأجانب وقيد الطلب بجدولها برقم 2 سنة 1950 وفى 2/ 2/ 1950 قررت رفض هذا الطلب لسابقة تحرير إشهاد الوراثة فى 11/ 5/ 1946 ولأنه لا يصح لهذا السبب تغيير ذلك الإشهاد أو التعديل فيه إلا بحكم قضائى عملا بالمادة 886 مرافعات فى فقرتها الأخيرة. فاستأنفت هذا القرار لمحكمة مصر (دائرة الأحوال الشخصية) وقيد أمامها برقم 79 سنة 1950 س أحوال شخصية وكانت السيدة الزوجة من قبل ذلك تظلمت من قرار قاضى الأحوال الشخصية بعدم اختصاصه بتظلمين قيدا برقم 39 سنة 1949 و40 سنة 1949 احوال شخصية وطلبت الغاء القرار المتظلم منه والحكم باعتبارها الوارثة الوحيدة للمتوفى ثم أقامت فوق ذلك الدعوى 35 سنة 1951 أحوال شخصية وطلبت فيها الحكم: – أصليا بالغاء مأمورية السيد بول ديمونجيه المدير المؤقت للتركة وبالزامه بأن يسلمها جميع أعيان التركة واحتياطيا – بانهاء مأموريته وبأسناد تلك المأمورية بعينها اليها هى باعتبارها وباعتراف جميع الخصوم صاحبة أكبر نصيب فى التركة – هذه القضايا بجملتها عرضت على الدائرة الأولى بمحكمة القاهرة الكلية المختصة بالأحوال الشخصية وقررت بضمها لبعضها ليصدر فيها حكم واحد. وفى 25/ 11/ 1952 حكمت: – أولا: فى قضية الاستئناف 79 سنة 1950 بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض إصدار اشهاد جديد – ثانيا: – فى باقى القضايا والطلبات باعتبار الزوجة السيدة إليس زلزل الوارثة الوحيدة لزوجها المتوفى مع الزامها بتنفيذ وصيته ومع إثبات تركها الخصومة فيما يتعلق بطلب بطلان هذه الوصية فيما يتعلق بالشقين الخاصين بجامعة حلب ومعهد أبحاث القاهرة وكذا مع اثبات اجازتها لهذه الوصية واقرارها بصحتها ورفض ما خالف ذلك من الدعاوى والطلبات. استأنف هذا الحكم ورثة المرحوم ديمتراكى ثابت وقيد برقم 60 سنة 70 ق. واستأنفته السيدة أولجا هندية بنت روزى ثابت وقيد برقم 61 سنة 70 ق واستأنفه ورثة المرحوم بشير ثابت وقيد برقم 62 سنة 70 ق وقررت المحكمة ضم الاستئنافين الآخيرين إلى الأول ثم حكمت فى 30/ 6/ 1954 أولا: بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلا – وثانيا: برفض طلب تدخل طالبى التدخل (مطران الروم الكاثوليك ورئيس الجمعية الخيرية الخاصة بهم) والزامهما بمصروفات طلبهما – ثالثا: برفض الاستئنافات الثلاثة موضوعا وبتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين المصروفات، 200 جنيه اتعاب محاماة. فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين: أولهما مخالفة القانون من وجهين: الأول – مخالفة الحكم لنصوص القانون المدنى الإيطالى، إذ قصر الحكم حق الطعن فى الوصية على أصحاب الفروض من الورثة وعلى ورثتهم حيث قال "والذى يخلص مما تقدم أن الوصية كما تكون بالإعطاء تكون بالحرمان، فإذا اتصل الحرمان بمن احتفظ لهم القانون بأنصبة مفروضة كان لهم وحدهم دون غيرهم طلب بطلان هذا الأثر حتى يخلص لهم نصيبهم المفروض ما لم يكونوا قد قبلوا المساس بحصصهم" هذا القول أو هذا التخريج يخالف حكم القانون الإيطالى على وجهه الصحيح، وتفسير خاطئ لنصوصه، لأن ما نقله الحكم من نصوص ذلك القانون مفترض فيها صحة تصرفات الموصى، أما الوصية موضوع النزاع الحالى فهى باطلة باعتراف الزوجة وبما قرره الحكم المطعون فيه. والقاعدة القانونية الصحيحة هى: أن لكل ذى مصلحة حق الطعن ببطلان الوصية، والطاعنون ذوو مصلحة كما سيبين فى الوجه الثانى. وهذا الوجه حاصله أن الحكم المطعون فيه مسخ وحرف فى معنى ما تضمنته الوصية، من حرمان ورثة الموصى الشرعيين، فعبارة الوصية – على خلاف ما يقول به الحكم – لم تنص على حرمان الورثة إلا لغرض إقامة منشأة بمصر وأخرى بحلب، فإذا ما ثبت استحالة إقامة المنشأتين لعدم توافر الشروط القانونية الواردة فى المادة 600 مدنى إيطالى، فلا يكون هنالك حرمان، وتعتبر التركة بغير وصية، وبذلك تؤول إلى الورثة الشرعيين.
ومن حيث إن هذا السبب مردود فى وجهيه بما استند إليه كل من الحكمين الابتدائى والاستئنافى المؤيد له من نصوص القانون الايطالى الذى يحكم النزاع الحالى طبقا للمادة 17 مدنى فقد قال الحكم الأخير بعد ذلك، "والذى يخلص مما تقدم أن الوصية كما تكون بالاعطاء تكون كذلك بالحرمان، فاذا اتصل الحرمان بمن احتفظ لهم القانون بأنصبة مفروضة كان لهم وحدهم دون غيرهم طلب بطلان هذا الأثر حتى يخلص لهم نصيبهم المفروض ما لم يكونوا قد قبلوا المساس بحصصهم وبالشروط المشار إليها. وعلى ضوء هذه الأحكام يبين أن المستأنفين (الطاعنين) وهم أولاد وبنات اخوة المتوفى (الموصى) ليسوا من أصحاب الفروض على ما يقضى به القانون، ولذلك كان للموصى أن يحرمهم من تركته ويقع حرمانه لهم صحيحا، كذلك ليس لهم الاعتراض على الوصايا التى تتأثر بها أنصبة أصحاب الفروض، لأن هذا الحق قاصر على هؤلاء وحدهم والمستأنفون أنفسهم لا ينازعون فى ذلك، لكنهم يقولون إن الحرمان محله أن تكون الوصية صحيحة لكنها وقد وقعت باطلة فى شقها الخاص بالإيصاء ببناء معهد فى القاهرة وبتأسيس جامعة فى حلب استنادا إلى ما تقضى به المادة 600 من القانون الايطالى، فان المنشأتين الموصى بهما تصبحان فى حكم الوارث المتوفى ويعود المال الموصى به فى هذا الخصوص تركة يتقاسمها الورثة الشرعيون، ويزعمون أن هذه النتيجة هى ما تقضى به المادة 457/ 2 السابق الاشارة إليها – وهذا القول غير صحيح ولا يتفق مع حكم القانون: ذلك أنهم قد حرموا من التركة وجاء حرمانهم صحيحا لأن القانون يجيزه باعتبارهم من غير أصحاب الفروض وينبنى على حرمانهم هذا أنهم لم يعودوا ورثة للمتوفى وكأنهم أجانب عن التركة وكأن المورث مات من غير وارث فيما يتعلق بأشخاصهم. أما القول بأن الحرمان محله أن تكون الوصية صحيحة فقول لا سند له من القانون: ذلك أن الإيصاء بالحرمان فى ذاته وقع صحيحا قانونا غير معلق على شرط صحة الوصية أو نفاذها، كما أنه لو فرض جدلا وبطلت الوصية فى أحد أجزائها فلا أثر لهذا البطلان على ما صح فى باقى أجزائها" وهذا الذى قرره الحكم صحيح فى القانون، وليس يجدى الطاعنين التحدى بالمادة 600 التى تقول إن التصرفات الحاصلة لمصلحة شخص اعتبارى غير معترف به لا تنفذ إذا لم يقدم طلب الاعتراف به خلال سنة من يوم إمكان تنفيذ الوصية. ويبين من ذلك أن القانون لم يعتبر تلك الحالة من حالات البطلان الذى ينعدم به أثر الوصية. وإنما كل ما رتبه القانون عليها هو عدم النفاذ – على أن التحدى بحكم هذه المادة لا يجوز من الوارث المحروم حرمانا صحيحا، لانعدام صفته ومصلحته ولاستحالة إمكان توريثه خلافا لمشيئة المورث الصريحة فى وصية لم يقض ببطلانها. ومن ثم يكون هذا السبب على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الثانى ينحصر فى أن بالحكم المطعون فيه تناقضا بين أسبابه ومنطوقه بما يجعله خاليا من الأسباب ومستوجبا لبطلانه: ذلك أنه اعتبر الزوجة محرومة من الميراث حين قال فى خاتمته "وحيث إن حرمان الزوجة من الميراث أصبح صحيحا وقانونيا لإجازتها لحرمانها طبقا لما جاء فى مذكرتها (21 ملف) السابق إثباتها عند الكلام على الحكم" ومع التصريح بهذا الحرمان قد قضى بتأييد الحكم الابتدائى الذى جاء فيه "أن الزوجة هى الوارثة الوحيدة لزوجها المتوفى، وأن هذا لم يقصد حرمانها إطلاقا" – وفى هذا من التناقض الواضح ما يهدم الحكم ويجعله باطلا.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن التناقض المنسوب إلى الحكم المطعون فيه غير صحيح، لأنه بعد أن تحدث عن حرمان الطاعنين من الميراث انتقل إلى الكلام عن الزوجة فقال: "وقد بان وبإقرار الزوجة أن الموصى قد حرمها من ميراثه فيكون لها وحدها وفق ما سلف من أحكام القانون – أن تقبل هذا الحرمان أو أن ترفض المساس بنصيبها المفروض باعتبارها الوارثة الوحيدة – وحيث إن حرمان الزوجة من الميراث أصبح صحيحا قانونا لإجازتها حرمانها هذا كما جاء فى الحكم الابتدائى، يؤكد ذلك ما جاء فى مذكرتها المقدمة لهذه المحكمة لجلسة 24/ 6/ 1952 والمعلاة تحت رقم 21 دوسيه إذ قررت عند تحدثها عن حرمانها من الميراث قائلة (إن المال يبقى لزوجته ويمتنع ما يتخلف عنها إلى ورثتها وهو نوع من الإيصاء يعرفه القانونان الفرنسى والإيطالى بشروط لا محل للتحدث عنها هنا بعد أن أقرت الزوجة بصحتها" ثم قال "إن صفة الوراثة التى أسندها الحكم الابتدائى للمستأنف عليها إنما كانت لبيان الحالة الشخصية لها والتى يكون لها معها قيام حق الاعتراض على الوصايا أو حق إجازتها وقد أجازتها فعلا بالنسبة لها ولغيرها" – وليس فيما قرره الحكمان أى تناقض.
وحيث إنه لذلك كله يكون الطعن فى غير محله ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات