الطعن رقم 10 سنة 22 ق – جلسة 03 /02 /1955
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 6 – صـ 599
جلسة 3 من فبراير سنة 1955
القضية رقم 10 سنة 22 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
شفعة. المستأجر الذى يقيم بناء على الارض التى استأجرها. لا يثبت له حق الشفعة باعتباره
جارا مالكا لهذا البناء. قياس حالته على حالة المحتكر. لا يجوز.
إنه وإن كان للمحتكر وفق النظام المقرر فى الشريعة الإسلامية أن يشفع ببنائه إلا أنه
لا يصح أن تقاس حالته على حالة المستأجر الذى يقيم بناء على الأرض التى استأجرها، ذلك
أن المحتكر طبقا للنظام المشار إليه له حق عينى تتحمله العين فى يد كل حائز لها، ويراد
به استبقاء الأرض للبناء تحت يد المحتكر ما دام قائما بدفع أجر المثل، فهو مالك لمنافع
العين ملكا أبديا بدوام دفعه أجرة المثل بخلاف المستأجر فإن عقد الإيجار لا يخوله إلا
حقا شخصيا قبل المؤجر ولا يعطيه حق البقاء والاستقرار على الدوام فلا يثبت له حق الشفعة
بوصفه جارا مالكا للبناء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامى عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن
المطعون عليه الأول أقام فى 22 من نوفمبر سنة 1950 الدعوى رقم 5 سنة 1951 محكمة كوم
امبو على الطاعن وآخرين طلب فيها الحكم بأحقيته فى أخذ العقار المبين بصحيفة الدعوى
بالشفعة. وفى 26 من نوفمبر سنة 1951 قضت المحكمة بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم
لدى محكمة أسوان الابتدائية وقيد بجدولها برقم 116 سنة 1951. وقد أقام استئنافه على
ثلاثة أسباب أولها أن المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) لا يملك الأرض المجاورة
للعقار المشفوع فيه بل يستأجرها من الحكومة بعقد إيجار ومن ثم لا يكون له حق الشفعة.
والثانى أن الشفيع يفقد ملكية المبانى التى أقامها على الأرض المؤجرة إليه بانقضاء
مدة عقد الإيجار وبذلك تكون ملكيته غير دائمة. والثالث: أن حالة المستحكر إذا بيعت
الرقبة وهى التى أقامت عليها محكمة أول درجة حكمها تختلف عن حالة الشفيع – وفى 26 من
نوفمبر سنة 1951 قضت المحكمة بتأييد الحكم لأسبابه ولما أضافته إليه من أسباب. فقرر
الطاعن الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مقام على سبب واحد هو خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون. ويقول
الطاعن فى بيان هذا السبب إن الثابت من تقرير الخبير الذى ندبته محكمة أول درجة أن
الأرض المجاورة للعقار المشفوع فيه مملوكة لمصلحة الأملاك الأميرية وأن المطعون عليه
الأول ليس إلا مجرد مستأجر لا حق له إلا فى المبانى القائمة على الأرض المؤجرة – وقد
دفع الطاعن بأن الشفعة لا تجوز للمطعون عليه الأول لأنه مالك لبناء على أرض مؤجرة وأنه
وإن كانت المبانى التى تقوم على أرض مؤجرة قد تعتبر عقارا بحكم المادة 82 فقرة أولى
من القانون المدنى إلا أن حق المستأجر هو دائما حق منقول لأن كل ما للمطعون عليه الأول
كمستأجر عند انتهاء الإجارة هو إما الانقاض أو القيمة وذلك أولا: بحكم العقد المبرم
فيما بين مصلحة الأملاك الأميرية والمطعون عليه الأول. وثانيا: بحكم القانون لأن المادة
592 من القانون المدنى تنص على أنه إذا أوجد المستأجر فى العين المؤجرة بناء أو غراسا
أو غير ذلك من التحسينات مما يزيد فى قيمة العقار التزم المؤجر أن يرد للمستأجر عند
انقضاء الإيجار ما أنفقه فى هذه التحسينات أو ما زاد فى قيمة العقار ما لم يكن هناك
اتفاق بغير ذلك. فاذا كانت هذه التحسينات قد استحدثت دون علم المؤجر أو رغم معارضته
كان له أيضا أن يطلب من المستأجر إزالتها وله أن يطلب فوق ذلك تعويضا عن الضرر الذى
يصيب العقار من هذه الإزالة إن كان للتعويض مقتض. فاذا اختار المؤجر أن يحتفظ بهذه
التحسينات فى مقابل رد إحدى القيمتين المتقدم ذكرهما جاز للمحكمة أن تنظره إلى أجل
للوفاء بها (م 592 مدنى) ويبين من ذلك أن ملكية المبانى هى – فى كل الأحوال – لصاحب
الأرض وكل ما فى الأمر أنه يجب عليه أن يرد إلى المستأجر ما أنفقه إلا إذا كان متفقا
على غير ذلك – ومن ثم لا يمكن أن يعتبر من أقام بناء على أرض مؤجرة مالكا بالمعنى المقصود
فى المادة 936 من القانون المدنى. أما قول الحكم بأنه مع التسليم الجدلى بأن ملكية
المطعون عليه الأول للمبانى المشفوع بها قابلة للزوال ويعتبر فى هذه الحالة مالكا تحت
شرط فاسخ هو انتهاء عقد الإيجار، فهو قول مردود بأن الشرط الفاسخ ينصب على الملكية
وقد يتحقق وقد لا يتحقق والحال ليس كذلك بالنسبة للمستأجر إذ هو صاحب يد عارضة مؤقتة
مآلها حتما إلى الزوال. أما ما ذهب إليه الحكم من أن المطعون عليه الأول حكمه حكم المستحكر
الذى يقيم بناء فى الأرض المحكرة فهو قياس مع الفارق لأن المادة 936 من القانون المدنى
إذ قررت حق الشفعة للمستحكر ففى صورة ما إذا بيعت الرقبة دون سواها وذلك لحكمة توخاها
الشارع وهى جمع ما تفرق من حق الملكية.
ومن حيث إن الثابت من تقرير الخبير المقدمة صورته الرسمية لهذه المحكمة. والذى اعتمده
الحكم المطعون فيه – وأقام عليه قضاءه – "أن المبانى المقامة على الأرض المؤجرة إلى
المطعون عليه الأول من مصلحة الأملاك الأميرية تزال عند نهاية عقد الإيجار أو تسلم
لمصلحة الأملاك الأميرية بدون مقابل". ومفاد ذلك – أن مصلحة الأملاك الأميرية إذ تعاقدت
مع المطعون عليه الأول على تأجير قطعة الأرض المملوكة لها اتفقت على مصير المبانى التى
يقيمها المستأجر – فهو على ما أثبته الحكم قد التزم برد العين المؤجرة عند انتهاء الإيجار
بالحالة التى كانت عليها وقت التأجير. ولما كان حكم البناء فى الأرض المستأجرة – وان
لم يرد فى شأنه نصوص خاصة فى القانون المدنى القديم بل كان متروكا للقواعد العامة (م
65 وما بعدها) على خلاف القانون المدنى الجديد إذ أورد فى هذا الشأن نصا خاصا فرق بمقتضاه
بين حالة قيام المستأجر بالبناء بعلم المؤجر ودون اعتراض منه وحالة قيامه بها دون علم
المؤجر أو برغم معارصته – وجعل لكل حالة حكما – إلا أن يكون بين المؤجر والمستأجر واتفاق
فى شأن مصير البناء (مادة 592 مدنى) فهو الواجب النفاذ، ولما كان مفاد القواعد العامة
التى كانت سارية إلى ما قبل صدور القانون المدنى الجديد لا تغاير أحكام القانون المدنى
الجديد فى عدم تملك المستأجر المبانى التى يقيمها على أرض مستأجرة كما هو الحال فى
الدعوى وكان كل حقه مقصورا على مقابل دفع ما تكلفه من نفقات أو ما زاد فى قيمة العقار
وكان عقد الإيجار المبرم بين المطعون عليه الأول ومصلحة الأملاك الأميرية لا يرتب للمطعون
عليه الأول هذه الملكية كان اعتبار الحكم المطعون عليه الأول مالكا لما أقامه من بناء
وتأسيسا على ذلك يعتبر جارا مالكا يثبت له الحق فى الشفعة عملا بنص المادة 936 من القانون
المدنى مخالفا للقانون، أما القول بأن للمحتكر الذى يستحكر أرضا طبقا لقواعد الشريعة
الاسلامية ويقيم عليها بناء أن يشفع ببنائه بوصفه جارا مالكا. وفى هذا ما يسمح بقياس
حالته على حالة المستأجر الذى يقيم بناء، هذا القول مردود بأنه إن صح أن للمحتكر وفق
النظام المقرر فى الشريعة أن يشفع ببنائه، إلا أنه لا يصح أن تقاس حالته على حالة المستأجر
الذى يقيم بناء بالشروط التى استأجر بها المطعون عليه الأول، ذلك أن المحتكر طبقا للنظام
المشار إليه له حق عينى تتحمله العين فى يد كل حائز لها ويراد به استبقاء الأرض للبناء
تحت يد المحتكر ما دام قائما بدفع أجر المثل، فهو مالك لمنافع العين ملكا أبديا يدوم
بدوام دفعه أجرة المثل بخلاف المستأجر فان عقد الإيجار لا يخوله إلا حقا شخصيا قبل
المؤجر ولا يعطيه حق البقاء والاستقرار على الدوام.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إنه للأسباب السالفة الذكر يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليه
الأول.
