الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 362 سنة 21 ق – جلسة 20 /01 /1955 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 6 – صـ 507

جلسة 20 من يناير سنة 1955

القضية رقم 362 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.
( أ ) تنفيذ عقارى. البطلان الذى كان مقررا فى المادة 608 مرافعات مختلط. هو بطلان نسبى. لا يصح للمدين المنزوعة ملكيته أن يتمسك به.
(ب) تنفيذ عقارى. بيع. اتفاق المدين مع آخر على شراء العقار المنزوعة ملكيته بثمن يفى بحقوق جميع الدائنين والتدخل فى المزايدة تنفيذا لهذا الاتفاق. النص فى الاتفاق. على أن الزيادة فى الثمن الناتجة من المزايدة هى من حق المشترى من المدين ولا شأن لهذا الأخير بها. ليس فى هذا الاتفاق ما يمس حرية المزايدة. الدفع ببطلانه لمخالفته للنظام العام. على غير أساس.
1 – البطلان الذى كان مقررا فى المادة 608/ 1 من قانون المرافعات المختلط إنما هو بطلان نسبى لا يتمسك به إلا من شرع النص لحمايتهم ممن تعلق حقهم بالتنبيه كالدائنين المسجلة رهانهم أو الدائن المباشر للاجراءات أو مشترى العقار بالمزاد أما المدين المنزوعة ملكيته فلا يملك الطعن بالبطلان على تصرف صدر منه بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية عن ذات العقار بل يبقى تصرفه صحيحا ومنتجا لآثاره.
2 – إذا اتفق المدين مع آخر على شراء العقار المنزوعة ملكيته اتقاء لخطر المجازفة وسعيا وراء الحصول على ثمن ثابت قدر أنه مناسب لقيمة العقار ويحقق مصلحة الدائنين الذين تعلق حقهم بالتنفيذ بضمان حصولهم على كامل حقوقهم والتزام المشترى بالتدخل فى المزاد والمزايدة حتى يصل بالثمن إلى الحد المتفق عليه بحيث إذا اضطر إلى الزيادة فى الثمن فوق هذا المبلغ تكون هذه الزيادة من حقه ولا شأن للمدين البائع بها، فإن الدفع ببطلان هذا الاتفاق لمخالفته للنظام العام وانعدام سبب استحقاق المشترى للزيادة عن الثمن المتفق عليه يكون على غير أساس، ذلك أن هذا الاتفاق ليس من شأنه الإخلال بحرية المزايدة أو إبعاد المزايدين عن محيطها بدليل أن المتعاقدين قدرا احتمال رسو المزاد على غير المشترى من المدين بثمن يزيد على الثمن المسمى مما يدل على انتفاء فكرة المساس بحرية المزايدة فضلا عن تحقيقه مصلحة المدين ودائنيه، وأما الادعاء بانعدام سبب الزيادة فمردود بأن المتعاقد مع المدين أصبح بمقتضى الاتفاق المشار إليه فى مركز المشترى والمدين فى مركز البائع ومن حق المشترى الحصول على الزيادة وسببها القانونى هو العقد المبرم بينهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن واقعة الدعوى – على المستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن الطاعنين يملكون أطيانا مقدارها 12 فدانا و14 قيراطا وسهمان على المشاع فى 47 فدانا و5 قراريط بناحية شبرا كانت محملة بتسجيلات لعدة دائنين وقد اتخذ أحدهم المدعو "هانوكا" إجراءات نزع ملكيتها وأودع قائمة شروط البيع وقدر لها ثمنا قدره 10000 جنيه (عشرة آلاف جنيه) فعارض الورثة "الطاعنون" فى هذا التقدير لبخس الثمن المقدر طالبين رفعه إلى خمسة وعشرين ألفا من الجنيهات أى بواقع 2000 جنيه للفدان الواحد وقد أوقفت إجراءات نزع الملكية حتى يفصل فى هذه المعارضة وخشية صدور الحكم فى المعارضة على غير ما يريده الطاعنون واحتمال تعريض المالك للبيع جبرا وبثمن بخس رأوا أن يبيعوا هذا العقار وديا إذا كان الثمن مجزيا ويفى بديون الدائنين فأعطوا تفويضا ببيع هذا العقار إلى حرم الأستاذ برزان المحامى الوكيل عنهم فى قضية نزع الملكية وفى باقى قضاياهم على أن يكون البيع بثمن قدره 2000 جنيه للفدان الواحد وحدد أجل هذا التفويض ورؤى – رغم انقضائه – تجديده حتى تلاقت به رغبة الشركة المطعون عليها مع رغبة الطاعنين فى الشراء بهذا السعر وقد أعد الاتفاق فعلا وتحرر بين الطرفين عقد بيع ابتدائى تاريخه 7 من يوليه سنة 1944 تضمنت نصوصه التزام شركة بلليلى المطعون عليها بالتدخل فى المزاد والمزايدة حتى تصل بالثمن إلى الحد المتفق عليه بالعقد الابتدائى وقدره 25000 جنيه للصفقة جميعها ونص فى العقد المذكور أنه إذا اضطرت الشركة المشترية إلى الزيادة فى الثمن فوق المبلغ المتفق عليه فإن هذه الزيادة تبقى من حق الشركة المشترية ويلتزم الطاعنون من الآن بتنازلهم عن هذه الزيادة لصالح الشركة المشترية مهما بلغت قيمة هذه الزيادة ويصرح الطاعنون لها بأولويتها وامتيازها عن أى دائن آخر فى صرف هذه الزيادة عند اجزاء توزيع الثمن الذى سوف يرسون به المزاد والتزام الطاعنون كذلك بالتنازل عن المناقضة المرفوعة منهم فى قضية البيع رقم 69 سنة 69 ق حتى يمكن تحريك إجراءات البيع الموقوفة بسبب هذه المناقضة وتحديد جلسة البيع قبل 30/ 11/ 1944 وإلا كان للشركة المشترية حق إعفائها من هذا الاتفاق مع تعويض جزائى قدره 3000 ج إلى آخر شروط الاتفاق المشار إليه وقد قام الطاعنون بالتزامهم وقد تم تحديد جلسة 28 من سبتمبر سنة 1944 بعد أن تنازلوا فى 15 من أغسطس سنة 1944 عن المناقضة فى شروط البيع وقد رسا المزاد فى هذه الجلسة على شركة بلليلى المطعون عليها بثمن قدره 32000 ج وقد أثبت الحكم المطعون فيه أنه لم يتقدم مزايدون بجلسة البيع سوى الخواجة كوتاريللى وقد كف يده وقد أودعت الشركة المطعون عليها الثمن الراسى به المزاد بخزينة المحكمة ثم بادرت بطلب فتح التوزيع عن الثمن وتقدمت بطلب أحقيتها لقيمة هذا الفرق واختصاصها به طبقا لشروط الاتفاق المبرم بين الطرفين والتنازل الصادر من الطاعنين إليها عن هذا الفرق ولما أن خص قاضى التوزيع المطعون عليها بهذا الفرق عارض الطاعنون فى قائمة التوزيع كما رفعوا الدعوى الحالية بطلب بطلان اتفاق 7 من يوليو سنة 1944 وملحقه المؤرخ 26 من سبتمبر سنة 1944 لمخالفته النظام العام ولإخلاله بحرية المزايدة ولبطلان سبب التعاقد وإثراء المطعون عليها بغير حق على حساب الطاعنين وقيدت هذه الدعوى أمام محكمة مصر الابتدائية المختلطة برقم 1716 سنة 70 ق وبجلسة 16 من مارس سنة 1948 قضت فيها: أولا – باثبات إقرار الطاعن الثانى بأنه لم يعد يمثل أخاه الطاعن الأول باعتباره غائبا وحفظت لهذا الأخير جميع حقوقه: ثانيا – باعتبار عقد 7 من يوليه سنة 1944 وملحقه المحرر فى 26 من سبتمبر سنة 1944 باطلين ولا أثر لهما لمخالفتهما للنظام العام وألزمت الشركة المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولما أعلن هذا الحكم للشركة المحكوم عليها فى 3 من يوليه سنة 1948 قررت باستئنافه فى 4 من أغسطس سنة 1948 أمام محكمة استئناف اسكندرية المختلطة وقيد هذا الاستئناف بجدولها العام برقم 39 سنة 74 ق ونظرا لانتهاء فترة انتقال القضاء المختلط وإحالته إلى القضاء الوطنى – أحيل هذا الاستئناف إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد بجدولها العام برقم 1023 سنة 66 ق وهذه قضت فى هذا الاستئناف بجلسة 10 من يونيه سنة 1951 بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم "الطاعنين" وألزمتهم بالمصروفات والأتعاب وقد أسست قضاءها على أن حماية المبيع بالمزاد من كل عبث يقصد بها تحقيق مصلحة عامة تعلو على مصلحة الأفراد وعلى ذلك فهى تعتبر من النظام العام وكل اتفاق من شأنه أن يمس حرية المزاد يكون باطلا وأن الدائنين الذين تعلق حقهم بالتنفيذ فى خصوص هذا النزاع لم يضاروا لأن مقدار ديونهم يقل عن الثمن المتفق عليه وواضح من عقد الاتفاق أن الطاعنين كانوا يخشون خطر البيع بثمن بخس فآثروا الاتفاق مع المطعون عليها على تحديد مبلغ ثابت قدروا أنه مناسب لقيمة الأطيان وأن التزام الشركة بدخول المزاد لا يعطله بل يزيده نشاطا وأن الطاعنين أدخلوا فى تقديرهم احتمال رسو المزاد على غير الشركة المطعون عليها وبثمن يزيد على الثمن المتفق عليه مما ينفى فكرة المساس بحرية المزاد وأن الطاعنين كانوا يستفيدون حتما من هذا الاتفاق إذا لم يوجد منافس لها فى المزاد وأخيرا لم يوجد ما يدل على أن أحدا أراد الدخول فى المزاد وامتنع أو ابتعد لعلمه بهذا الاتفاق ما دام قد ثبت أن هذا الاتفاق لم يقصد به الإخلال بحرية المزاد فوجب أن تتوافر قوته الملزمة. فطعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن هذا الطعن قد أقيم على سببين يتحصل أولهما فى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون إذ أجاز صحة اتفاق 7 من يوليه سنة 1944 وملحقه الرقيم 26 من سبتمبر سنة 1944 مع مخالفته (أولا) لنص المادة 608/ 1 من قانون المرافعات المختلط القديم التى كانت تجعل تصرفات المدين الحاصلة بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية باطلة بطلانا مطلقا يقع بغير حاجة إلى استصدار حكم به (وثانيا) لأن العقد المذكور قد تحرر عن نصيب قاصر وغائب لم ترخص المحكمة الحسبية ببيع نصيبهما (وثالثا) لمخالفته للنظام العام لإخلاله بحرية المزايدة لأن البيع بالمزاد يجب أن يكون جديا لا مجرد تسخير الهيئة القضائية فى تنفيذ اتفاق يعقده المدين المنزوعة ملكيته مع راغب الشراء ولما كانت هذه الضوابط لم تتحقق فى البيع الجبرى الذى تم نتيجة لاتفاق 7 من يوليو سنة 1944 المشار إليه إذ حرم المدين من الحصول على أكبر ثمن يمكن أن تباع به أرضه ومكن للمشترى "المطعون عليها" الانفراد بالصفقة وتملكها بثمن محدد مهما بلغت قيمته فى المزاد فيكون تقرير البطلان واجبا (ورابعا) لانعدام سببه إذ أن اتفاقهما على دخول الشركة المطعون عليها فى المزاد لا يعتبر بذاته سببا لاستحقاقها الزيادة عن الثمن المتفق عليه لأن هذه الزيادة ليست مترتبة على دخول الشركة فى المزاد وإنما على رغبة الغير فى الشراء وحتى مع افتراض اعتبار التدخل فى المزاد سببا فى رفع قيمة الثمن فما كان يجوز أن يترتب عليه أى حق للشركة المطعون عليها فى هذه الزيادة الناشئة عن تدخلها بل كل ما يمكن أن يباح لها هو المطالبة بمقابل تسخيرها فى هذه العملية وعلى أبعد الفروض كان يصح إعمال الشرط الجزائى المتفق عليه بين الطرفين لمن خالف نصوصه أو امتنع عن تنفيذه.
ومن حيث إن هذا النعى مردود – ذلك أن البطلان الذى كان مقررا فى المادة 608/ 1 من قانون المرافعات المختلط – إنما هو بطلان نسبى لا يتمسك به إلا من شرع النص لحمايتهم ممن تعلق حقهم بالتنفيذ كالدائنين المسجلة رهانهم أو الدائن المباشر للاجراءات أو مشترى العقار بالمزاد أما المدين المنزوعة ملكيته فلا يملك الطعن بالبطلان على تصرف صدر منه بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية عن ذات العقار بل يبقى تصرفه صحيحا ومنتجا لآثاره – ومردود كذلك بما هو ثابت من أن القاصر "انجيلى" قد أجازت هذا البيع بعد بلوغها سن الرشد بتوقيعها على ملحق هذا العقد المحرر فى 26 من سبتمبر سنة 1944 والمتضمن نفاذ كافة نصوص العقد الأول وباجازتها اللاحقة تكون قد صححت العقد الأول بالنسبة لنصيبها من يوم صدوره فى 7/ 7/ 1944 وأما بالنسبة لنصيب الغائب "جرابيد جزمجيان" الطاعن الأول فالثابت من تقرير الطعن أن الشركة المطعون عليها قد اعتبرت أن الاتفاق موضوع النزاع غير سار عليه ولا ملزم له ودفعت له نصيبه فى فرق الثمن باعتباره صاحب نصيب موروث عن والده فى العقار المنزوعة ملكيته واقتصر نزاعها على نصيبه كوارث لوالده "اراكسى جرمجيان" التى كانت قد وقعت عقد 7 من يوليه سنة 1944 وبذلك تنتفى علة البطلان التى أثارها الطاعنون فى هذا الخصوص – وأما ما يأخذه الطاعنون على الاتفاق بأنه يؤدى إلى الإخلال بحرية المزاد فمردود بما أورده الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص بقوله "إنه لم يثبت أن الذين كانت لهم رغبة فى الشراء قد علموا بوجود هذا الاتفاق وامتنعوا عن دخول المزاد أو كفوا عن المزايدة بسببه" وأن المتعاقدين قد أدخلوا فى تقديرهم احتمال رسو المزاد على غير الشركة "المطعون عليها" بثمن يزيد على الثمن المسمى مما يدل على أن فكرة المساس بحرية المزاد أو إبعاد المزايدين كانت منتفعة وأن ورثة جزمجيان كانوا يخشون خطر البيع بثمن بخس على حد اعترافهم فى العقد فرأوا أن يتحاشوا كل مجازفة وذلك بالاتفاق مع الشركة المطعون عليها على تحديد مبلغ ثابت قدروا أنه الثمن المناسب لقيمة الأطيان وعلى دخولها فى المزاد مشترية بهذا الثمن وهو فى ذاته لا يعطل حرية المزاد بل يزيدها نشاطا وأن الدائنين الذين تعلق حقهم بالتنفيذ لم يضاروا وما كان من المحتمل أن يضاروا من هذا الاتفاق لأن مقدار ديونهم تقل عن الثمن المتفق عليه فضمنوا بذلك الحصول على حقوقهم كاملة". ويبين من هذا الذى أورده الحكم أن لم يكن من شأنه الاخلال بحرية المزايدة أو ابعاد المزايدين عن محيطها بل على عكس ذلك قد حقق مصلحة الطاعنين باتقاء خطر المجازفة والحصول على ثمن ثابت قدروا أنه مناسب لقيمة العقار ومصلحة الدائنين بضمان حصولهم على كامل حقوقهم – وأما ادعاء الطاعنين بانعدام السبب فيما اتفق عليه من أن كل زيادة تربو على الثمن المتفق عليه وهو 25000 ج يكون للمطعون عليه فمردود بأن مفاد الاتفاق أن الشركة المطعون عليها أصبحت بمقتضى هذا الاتفاق فى مركز المشترى والطاعنون فى مركز البائع وبذلك يكون للمطعون عليها الحق فى الحصول على أى زيادة قد يرسو بها المزاد تربو على الثمن المتفق عليه وسببها القانونى هو عقد الاتفاق، ومن ثم كان النعى فى خصوص هذا السبب بسائر وجوهه على غير أساس ويتعين لذلك رفضه.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور فى أسبابه وتناقض فى تقريراته إذ بعد أن قرر أن حماية المزاد من كل عبث قاعدة كلية يقصد بها تحقيق مصلحة عامة فتعتبر لذلك من النظام العام ويترتب على الاخلال بها البطلان المطلق عاد فقرر أن البطلان فى صورة هذه الدعوى نسبى لأن الدائنين الذين تعلق حقهم بالتنفيذ لم يضاروا بهذا التعاقد ما دام أن الثمن المتفق عليه قد أوفى على ديونهم وضمنوا به الحصول على كامل حقوقهم وهذا تناقض يعيب الحكم ويبطله وأضاف الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن التعاقد المطلوب بطلانه أبرم تحت تأثير ظروف تجعل رضاهم مشوبا فضلا عن أن إجازة هذا التعاقد يترتب عليها اثراء الشركة المطعون عليها بلا سبب فضلا عن أن سبب التعاقد غير مشروع بل معدوم وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع مما يجعله قاصرا فى أسبابه مستوجبا نقضه.
ومن حيث إن هذا النعى مردود إذ أن الحكم المطعون فيه قد أورد القاعدة القانونية الصحيحة بقوله "لا نزاع أن حماية البيع بالمزاد من كل عبث هى قاعدة كلية يقصد بها تحقيق مصلحة عامة فتعتبر لذلك من النظام العام" ثم اخذ فى تطبيق هذه القاعدة على العقد موضوع النزاع فلم يجد فى نصوصه ما يمس حرية المزاد أو يخل بها بل على العكس وجد فى تنفيذه ما يزيد المزاد نشاطا وأنه حقق مصلحة للمدينين والدائنين جميعا بقوله إن الدائنين لم يضاروا وما كان يمكن أن يضاروا من هذا الاتفاق إطلاقا لأن مقدار ديونهم يقل عن الثمن المتفق عليه وإن الطاعنين تحاشوا كل مجازفة بالاتفاق مع الشركة على مبلغ ثابت قدروا أنه مناسب لقيمة أطيانهم، ثم استخلص الحكم مما استظهره من أوراق الدعوى وظروفها أن فكرة المساس بحرية المزاد أو ابعاد المزايدين كانت منتفية وبالتالى أجاز الاتفاق محل النزاع – كان استخلاصه سائغا وحسب الحكم أن تكون أسبابه مستمدة من أوراق الدعوى وظروفها وكافية لحمله ومؤدية للنتيجة التى انتهى إليها ومن ثم فلا تناقض ولا قصور مما يتعين معه رفض هذا الوجه – وأما عن اغفال الرد على ما يتمسك به الطاعنون أمام محكمة الاستئناف من أن العقد المتنازع عليه قد أبرم تحت تأثير ظروف تجعل رضاء الطاعنين مشوبا فمردود لأن الثابت أن أساس دفاع الطاعنين الذى ردده الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه لم يكن قائما على البطلان لفساد الرضاء بل على أن الاتفاق باطل بطلانا مطلقا لمخالفته للنظام العام ولنص القانون وقد رد الحكم على هذا الدفاع فى أكثر من موضع من أسبابه ولا يعيب قضاءه أنه أغفل الرد على هذه المزاعم بأسباب خاصة رآها غير جوهرية وما ذكرت إلا استكمالا لأوجه الدفاع ومع ذلك فان الحكم المطعون فيه قد اورد فى أسبابه ما ذكره الطاعنون عن ظروف التعاقد مع الشركة وحالة الاضطراب التى كانوا عليها وقت قبولهم لهذا التعاقد وتوقيعه وكذلك ما ردت به الشركة الطاعنة من أن الطاعنين هم الذين التمسوا منها شراء الأطيان خشية ضياعها بثمن بخس وانتهى الحكم إلى ترجيح رواية المطعون عليها مما يفيد اطراح المحكمة لدفاع الطاعنين فى خصوص الظروف التى أبرم التعاقد خلالها مما يجعل هذا الوجه من النعى واجب الرفض، وأما ما ينعاه الطاعنون على إغفال الحكم الرد على انعدام سبب التعاقد أو إثراء الشركة منه بلا سبب فمردود إذ أنه متى كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد استخلص من ظروف الدعوى وأوراقها أن الاتفاق موضوع النزاع هو اتفاق صحيح ومنتج لآثاره واستدل على وجهة نظره بما أورده فى أسبابه وهو استدلال سائغ – كان مفاد هذا أن العقد قائم على سبب مشروع وكان فى ذلك الرد الكافى على دفاع الطاعنين فى خصوص هذا، ومن ثم يكون هذا السبب بجميع أوجهه على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات