الطعن رقم 253 سنة 21 ق – جلسة 02 /12 /1954
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 6 – صـ 222
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1954
القضية رقم 253 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد
جابر المستشارين.
انكار التوقيع. تزوير. إنكار التوقيع بالختم مع الاعتراف بصحة البصمة. وجوب اعتبار
الورقة صحيحة حتى يطعن فيها المنكر بالتزوير.
استقر قضاء محكمة النقض على أنه لا يجوز تكليف المتمسك بالورقة أن يثبت توقيع خصمه
عليها فى صورة اعتراف ذلك الخصم ببصمة ختمه، بل فى هذه الحالة يجب اعتبار الورقة صحيحة
حتى يطعن فيها بالتزوير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل فى أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 545 سنة 1946 أمام
محكمة مصر الابتدائية على الطاعنين والسيد اسماعيل الزينى طالبة الحكم بإلزامهم بدفع
مبلغ 1600 جنيه وذلك بموجب سند صادر لها من مورث الطرفين المرحوم حسن إسماعيل الزينى
موقع عليه بختمه ومؤرخ فى 8/ 4/ 1939 ومستحق السداد فى 3/ 5/ 1940 وثابت التاريخ فى
17/ 6/ 1943 وقد قضى للمدعية بطلباتها. فاستأنفته الطاعنتان أمام محكمة استئناف مصر
وقيد الاستئناف برقم 905 سنة 63 ق وبنى الاستئناف على بطلان الحكم لأن مورث بعض المستأنف
عليهن السيد اسماعيل الزينى كان قد توفى قبل صدور الحكم كما أن السند المحكوم بمقتضاه
لا سبب له فضلا عن أنه كتب بدون علم المورث حسن اسماعيل الزينى فقضت فى 5/ 1/ 1947
برفض الدفع ببطلان الحكم المستأنف وبعدم قبول الطعن بإنكار التوقيع لأن المستأنفتين
الطاعنتين لم تنكرا الختم ولكن أنكرتا التوقيع به. وفى 11/ 1/ 1947 قرر المستأنفتان
بالطعن بالتزوير فى السند. وفى 12/ 1/ 1947 أوقفت الدعوى الأصلية حتى يفصل فى دعوى
التزوير وقد أعلنت أدلة التزوير، وفى 5/ 6/ 1949 قضت المحكمة بقبول الدليلين الأولين
وإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى أن المدعى عليها سرقت ختم المورث وقامت بتحرير
السند موضوع الدعوى أو جعلت غيرها يقوم بتحريره وبصمت هى بختم المورث على السند موضوع
الدعوى وذلك بغير إذنه ولا موافقته وأن المدعى عليها – المطعون عليها – أقرت واعترفت
أمام آخرين بأنها زورت فعلا السند المذكور. وبعد أن نفذ الحكم وسمعت المحكمة أقوال
شهود الطرفين قضت فى 31/ 3/ 1951 برفض دعوى التزوير وبصحة السند فقررت الطاعنتان بالطعن
فى هذا الحكم وفى الحكم الصادر قبله فى 5/ 1/ 1947 بعدم قبول الطعن بإنكار التوقيع.
ومن حيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب تنعى الطاعنتان بالأول منها على الحكم الصادر
فى 5/ 1/ 1947 الخطأ فى تطبيق القانون إذ رفض طريق الطعن بإنكار التوقيع لأن قانون
المرافعات سن طريقين لإثبات التوقيع وهما (أولا) طريق إنكار الإمضاء أو الختم وفى هذه
الحالة يكون المكلف بالإثبات هو المتمسك بالورقة و(ثانيا)طريق الإدعاء بالتزوير وفى
هذه الحالة يكون المكلف بالتزوير هو من يدعيه. ولكن هناك حالة خاصة بالتوقيع بالختم
وهى أن يعترف المتمسك قبله ببصمة الختم ولكنه ينكر حصول التوقيع بها من قبل صاحب الختم
نفسه وفى هذه الحالة الأخيرة وإن اختلفت فيها الآراء فى أى الطريقين يمكن سلوكه، إلا
أنه مما لا شك فيه أنه إذا تقدم منكر التوقيع بالقرائن الدالة على تمكن المتمسك بالورقة
من الحصول على الختم وكان من السهل عليه والحالة هذه التوقيع به على ما يشاء من الأوراق
كان فى وسع المتمسك ضده بالورقة أن يكتفى بالإنكار ويكون عبء إثبات التوقيع فى هذه
الصورة على المتمسك بها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أنه من الخطأ تكليف
المتمسك بالورقة أن يثبت توقيع خصمه عليها فى صورة اعتراف ذلك الخصم ببصمة ختمه بل
فى هذه الحالة يجب اعتبار الورقة صحيحة حتى يطعن فيها بالتزوير وبطريقة القانون.
ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثانى على الحكم الصادر فى 31/ 3/ 1951 القصور
فى التسبيب لأنهما تمسكتا لدى محكمة الموضوع بأن المورث كان مريضا وطريح الفراش وأن
المطعون عليها تمكنت من الاستحواذ على ختمه والتوقيع به على السند موضوع النزاع كما
وقعت على سندين آخرين باسم إحدى الطاعنتين عزيزة حسن اسماعيل، وقد قدمت الطاعنتان أدلة
عديدة مثبتة لكل هذه الوقائع ولكن محكمة الموضوع لم تتحدث عن شئ من ذلك مع أن فيه الدليل
القاطع على صحة دعواهما من أن السند مزور وفى إغفال الحكم التحدث عن هذه الأدلة المرتبطة
بواقعة التزوير المؤدية إلى الاقتناع بحصوله قصور فى الحكم يعيبه.
ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثالث على الحكم بالقصور لعدم رده على مستند تمسكتا
به لدى قاضى الموضوع وهو أن المطعون عليها حررت لهما إقرارا مؤرخا فى 25/ 12/ 1945
تشركهما فيه فى السند الذى تطالب بقيمته وكان قصدها من ذلك تغطية التزوير الحاصل منها
فى السند.
ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الرابع على الحكم بالقصور لأنهما تقدمتا لقاضى
الموضوع بالصور الفوتوغرافية للشيكات المتعددة التى وقعت عليها بمبالغ كثيرة فإنه يكفى
الإطلاع عليها وطريقة صرفها للتحقق من أن ختم المورث كانت تعبث به المطعون عليها كيف
شاءت دون علم من المورث لفائدتها وفائدة زوجها. ومع أهمية هذا الدفاع أغفلت المحكمة
الرد عليه.
ومن حيث إن هذه الأسباب مردودة جميعا بأن محكمة ثانى درجة التى حصل أمامها الطعن بالتزوير
بعد أن أحالت الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى ما إدعته الطاعنتان من سرقة المطعون عليها
لختم المورث وبصمها بهذا الختم على السند المطعون فيه بالتزوير بغير إذنه ولا موافقته
وأن المطعون عليها اعترفت أمام آخرين بتزويرها السند وسماعها أقوال شهود الطرفين قضت
بتزوير السند لأن أقوال الشاهد الأول من شهود الإثبات – شهود الطاعنتين – سماعية، أما
باقى شهودهما فإن المحكمة لا تثق بأقوالهم لأنهم يمتون إلى المدعية الأولى – الطاعنة
الأولى – بصلة القرابة ولهم مصلحة محققة فى إثبات تزوير السند المطعون فيه وأنه فضلا
عن ذلك فإنه ثبت من أقوال شهود المطعون عليها صحة توقيع المورث على السند المطعون فيه.
ثم تحدثت عما ذهبت إليه الطاعنتان من مرض المورث قبل وفاته بثلاث سنين مرضا كان لا
يعى معه شيئا وانتهاز المطعون عليها هذه الفرصة للحصول على ختمه بأنه "زعما عن أن مرض
المورث لم يكن محل بحث وتحقيق فى هذه الدعوى إلى أن الثابت من عقود البيع المتداوله
التى صدرت عن المورث بتاريخ 6/ 4/ 1944 و25/ 12/ 1944 و28/ 12/ 1944 و 19/ 6/ 1945
أن المورث وقع بنفسه على هذه العقود وجميع تواريخها لاحقة للتاريخ الثابت للسند وهو
17/ 2/ 1943". ويبين من هذا الذى أنف ذكره أنه ثبت للمحكمة صحة توقيع المورث على السند
المطعون فيه من أقوال شهود المطعون عليها التى إطمأنت إليها خلافا لأقوال شهود الطاعنتين
التى لم تطمئن إليها وزادت على ذلك ردا على ما زعمته الطاعنتان من أن المورث كان مريضا
بحيث لا يعى شيئا مما مكن للمطعون عليها من الاستحواذ على ختمه والتوقيع به على السند
المطعون فيه بأن هذا المورث وقع بنفسه على عقود بيع لاحقة، ومن ثم يكون النعى بالقصور
بهذا الخصوص غير صحيح وقد اطمأنت المحكمة إلى صحة السند فلا عليها إن هى لم تتابع الطاعنتين
فى كل ما أثارتاه من دفاع، فالشيكات المتعددة الصادرة للمطعون عليها وزوجها والتى تقول
الطاعنتان إنها هى التى وقعت عليها بختم المورث قبيل وفاته لا تدل على التزوير فى السند
المطعون عليه وليس من شأنها أن تثنى المحكمة عما ثبت لها من صحة توقيع المورث عليه
كما أنف بيانه. أما عن الورقة التى تقول الطاعنتان بصدورها من المطعون عليها فى 25/
12/ 1945 لمصلحتهم تغطية للتزوير فلم يقدماها إلى هذه المحكمة. ومن ثم يكون التحدى
بها عاريا عن الدليل ولذلك يتعين رفض هذه الأسباب حيث لا قصور فى الحكم يعيبه.
