الطعن رقم 239 لسنة 21 ق – جلسة 11 /11 /1954
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 6 – صـ 115
جلسة 11 من نوفمبر سنة 1954
القضية رقم 239 لسنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود
عياد المستشارين.
جمارك. تهريب البضائع والمنتجات التى نص عليها المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1939. مناط
توقيع الجزاءات المنصوص عليها فى اللائحة الجمركية. هو نية التهريب أو محاولته. نفى
توافر هذه النية. مسألة موضوعية.
لما كانت المادتان الأولى والثالثة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1939 الخاص بمنع
تصدير بعض المنتجات والبضائع تتضمنان خطابا من الشارع إلى كل من يرغب تصدير بضائع إلى
خارج الأراضى المصرية مما تضمنه الجدول المرافق للقانون بوجوب استصدار ترخيص بذلك من
وزير المالية وإلا كان تصديره إياها أو محاولة إخراجها بغير هذا الترخيص ودون سداد
الرسوم تهريبا يطبق عليه أحكام المادة 33 وما بعدها من اللائحة الجمركية، وكان المستفاد
من المواد 1 و33 و35 من نصوص اللائحة الجمركية الصادرة فى 13 من مارس سنة 1909 وما
أصدرته مصلحة الجمارك من تعليمات فى خصوص تطبيق أحكام هذا القانون أن سواحل البحر الأحمر
والحدود الفاصلة بين الأراضى المصرية والبلاد المجاورة له هى خط الجمارك الأصلى، أما
منطقة المراقبة فهى دائرة معينة حددها القانون لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة، وأن
مجرد وجود شخص داخل هذه المنطقة يحمل بضائع محرم تصديرها إلى الخارج لا يعتبر فى ذاته
تهريبا أو شروعا فيه إلا إذا قام الدليل على توافر نية التهريب وعلى أساس هذا الفهم
للقانون أصدرت مصلحة الجمارك تعليماتها وأوجبت السير على مقتضاه، وبذلك قالت "إن البضائع
التى تعبر القنال مارة إلى الشاطئ الشرقى لا تستحق عليها رسوم الصادر إذا اقتنعت السلطات
الجمركية بأنها معدة للاستعمال فى شبه جزيرة سيناء" مما يقطع بأن نية التهريب أو محاولته
هى مناط الجزاءات المنصوص عليها فى لائحة الجمارك وهى انعقاد النية على تصدير أو محاولة
تصدير البضائع المحرم إخراجها إلا بإذن صريح من السلطة المختصة بعد القيام بوفاء كل
ما يفرضه القانون من التزامات، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد نفت فى حدود سلطتها الموضوعية
توافر نية تهريب النقود والسبائك الذهبية المضبوطة فإنها لا تكون قد أخطأت فى تطبيق
القانون، وإنما ناقشت مسألة موضوعية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى
أنه فى صباح يوم 7 من ديسمبر سنة 1945 قام رجال بوليس الجمارك بتفتيش القطار وركابه
القادم من القاهرة إلى القنطرة – وكان من بينهم المطعون عليهما – وقد وجد مع المطعون
عليه الأول حافظة جيب بداخلها كيس من الورق به ثمانية وعشرون جنيها من الذهب التركى
من فئة الخمسة جنيهات وقطعة من الحلى الذهبية ثم عثر بداخل جوربه على ستة آلاف وتسعمائة
وخمسة وأربعون دولارا امريكيا ورقا وماية وسبعين جنيها مصريا من العملة الورقية كما
عثر بداخل حذائه على خمسين سبيكة من الذهب وفى 15 من ديسمبر سنة 1945 انعقدت اللجنة
الجمركية ببور سعيد وأصدرت قرارها بإدانة المطعون عليهما عن تهمة تهريب السبائك والجنيهات
الذهبية وأوراق العملة الأمريكية والمصرية التى ضبطت معهما وبمصادرة جميع المضبوطات.
عارض المطعون عليهما فى هذا القرار لدى محكمة بور سعيد الابتدائية. وفى 14 من نوفمبر
سنة 1946 قضت المحكمة بتأييد القرار، استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف
المنصورة وقيد بجدولها العمومى برقم 60 تجارى سنة 2 قضائية. وفى 28 من يناير سنة 1951
قضت بإلغاء قرار اللجنة الجمركية. فقررت الطاعنة الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن مقام على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه – إذ أقام قضاءه على
أن نية التهريب غير متوفرة عند المطعون عليهما تأسيسا على أنهما لم يتجاوزا الدائرة
الجمركية حيث كانا فى الحدود الجغرافية للمملكة المصرية وتبعا لا يكونان محلا للمؤاخذة
على فعلتهما إذ أقام الحكم قضاءه على ذلك خالف نصوص اللائحة الجمركية فى مادتيها الأولى
والثانية فى تقرير أن قناة السويس من المناطق الجمركية – كما خالف المادتين 33 و35
من اللائحة المشار إليها وهما واضحتا الدلالة فى اعتبار مجرد مجاوزة الدائرة الجمركية
تهريبا معاقبا عليه كما خالف نصوص المرسوم الصادر فى 7/ 11/ 1941 بمنع تصدير الذهب
سواء أكان عملة أم سبائك أم حلى إلا بترخيص من وزارة المالية. كما أهدر قرار وزير المالية
رقم 67 فى سنة 1940 الذى تمنع نصوصه تصدير النقود والأوراق المالية إستنادا إلى قرار
مجلس الوزراء فى 18/ 5/ 1940 بمقتضى السلطة المخولة فى المادة الثانية من المرسوم رقم
98 لسنة 1939. وأنه لما كان مقتضى تطبيق هذه النصوص أن مجرد مجاوزة الدائرة الجمركية
وهى قناة السويس بغير ترخيص ودون سداد الرسوم يعتبر تهريبا معاقبا عليه دون التفات
إلى تحقق نية التهريب. إذ العبرة هى بوقوع الفعل المؤدى لخروج هذه المحظورات من الدائرة
الجمركية وكانت الحدود الجغرافية للمملكة المصرية مما لا يتعارض مع قيام دائرة جمركية
فى داخل هذه الحدود بقانون يقرر قيامها لما كان ذلك. فان الحكم المطعون فيه إذ قضى
على خلاف ذلك. يكون قد أخطأ فى القانون.
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1939 الخاص بمنع تصدير بعض المنتجات والبضائع
قد نص فى مادته الأولى على أنه "لا يجوز بغير ترخيص من وزير المالية تصدير الحاصلات
والبضائع التى تدخل ضمن الأصناف المبينة بالجدول الملحق بهذا المرسوم بقانون وقد تضمن
الجدول المرافق لهذا القانون والمعدل بالقرار الوزارى رقم 567 فى 18/ 5/ 1940 المعادن
المصنوعة والخام بكافة أنواعها وكذلك النقود والأوراق المالية المصرية والأجنبية والقراطيس
المالية وغيرها من القيم المنقولة وكذلك كوبوناتها وقد جاء بالمادة الثالثة من المرسوم
المشار إليه أن "جميع الحاصلات والبضائع التى تصدر من القطر المصرى أو يحاول إخراجها
مخالفة لهذا المرسوم بقانون تعتبر مهربة وتضبط وتطبق عليها أحكام المادة 33 وما بعدها
من اللائحة الجمركية".
ومن حيث إن هاتين المادتين تتضمنان خطابا من الشارع إلى كل من يرغب تصدير بضائع إلى
خارج الأراضى المصرية مما تضمنه الجدول المرافق للقانون بوجوب استصدار ترخيص بذلك من
وزير المالية وإلا كان تصديره إياها أو محاولة إخراجها بغير هذا الترخيص ودون سداد
الرسوم تهريبا يطبق عليه أحكام المادة 33 وما بعدها من اللائحة الجمركية.
ومن حيث إن اللائحة الجمركية – الصادرة فى 13 من مارس سنة 1909 أوردت فى الباب الأول
منها الأحكام العمومية – فنصت فى المادة الأولى على أن "خط الجمارك – سواحل البحر المالح
والحدود الفاصلة بين القطر المصرى والممالك المجاورة له تعتبر خطأ للجمارك" – ونصت
المدة الثانية على حدود دائرة المراقبة – تخزين ونقل البضائع التى قطعت خط الجمارك
يكون تحت مراقبة عمال الجمرك على مسافة كيلو مترين (أى الفى متر) من الحدود البرية
أو من ساحل البحر المالح أو من ضفتى قنال السويس والبحيرات التى يمر بها.
ومن حيث إن اللائحة الجمركية إذ تحدثت عن التهريب فى الباب السابع منها قالت فى المادة
35 منها إنه "فيما خلا الأحوال العادية المتعلقة بالشروع فى إدخال البضائع بطريق الاحتيال
تعتبر البضائع الآتى بيانها كأنها مهربة وتعامل طبقا للقواعد المنصوص عليها فى المادة
33" – وقد بينت المادة 33 منها ما يجب اتباعه من إجراءات فى مسائل التهريب والجزاءات
التى توقع على المتهم وطرق الطعن فى قرارات اللجان الجمركية.
ومن حيث إنه نظرا لأن منطقة سيناء هى جزء من الأراضى المصرية أصدرت مصلحة الجمارك أحكاما
عامة فى خصوص نقل البضائع بين مصر وبين منطقة سيناء – جاء بالمادة 419 منها ما يلى:
"الحدود الجمركية – قواعد عامة – لما كان قنال السويس واقعا بين شبه جزيرة سيناء وباقى
الأراضى المصرية وكان بذلك فى إمكان السفن المارة فى القنال الاتصال بالشاطئ
فقد تقرر اعتبار قنال السويس (على طول الساحل الغربى منه ومن البحيرات التى يمر بها)
خطأ للحدود المصرية فيما يختص بالمراقبة الجمركية ولم يتقرر وضع حد جمركى ثان على طول
الخط السياسى للملكة المصرية نظرا لما يترتب على ذلك من مضايقة الجمهور بسبب مضاعفة
المراقبة ولذلك وضعت مصلحة الجمارك القواعد الآتية كمبادئ عامة:
أولا – البضائع التى تعبر القنال مارة إلى الشاطئ الغربى منه تستحق عليها رسوم الوارد
ما لم يثبت صاحب الشأن أنها مدفوعة رسومها أو أنها من محصول سيناء.
ثانيا – البضائع التى تعبر القنال مارة إلى الشاطئ الشرقى منه تستحق عليها رسوم الصادر
إذا كانت خاضعة لهذه الرسوم ما لم تقتنع السلطات الجمركية بأن هذه البضائع معدة للاستعمال
فى شبه جزيرة سيناء خاصة.
ومن حيث إنه يستفاد من هذه النصوص وما أصدرته مصلحة الجمارك من تعليمات فى خصوص تطبيق
أحكام هذا القانون أن سواحل البحر الأحمر والحدود الفاصلة بين الأراضى المصرية والممالك
المجاورة له – هى خط الجمارك الأصلى – أما منطقة المراقبة فهى دائرة معينة حددها القانون
لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة وأن مجرد شخص داخل هذه المنطقة يحمل بضائع محرم تصديرها
إلى الخارج لا يعتبر فى ذاته تهريبا أو شروعا فيه إلا إذا قام الدليل على توافر نية
التهريب وعلى أساس هذا الفهم للقانون أصدرت مصلحة الجمارك تعليماتها وأوجبت السير على
مقتضاها – وبذلك قالت "إن البضائع التى تعبر القنال مارة إلى الشاطئ الشرقى لا تستحق
عليها رسوم الصادر إذا ما اقتنعت
السلطات الجمركية بأنها معدة للاستعمال فى شبه جزيرة سيناء" – مما يقطع بأن نية التهريب
أو محاولته هى مناط الجزاءات المنصوص عليها فى لائحة الجمارك وهى انعقاد النية على
تصدير أو محاولة تصدير البضائع المحرم إخراجها إلا بأذن صريح من السلطة المختصة بعد
القيام بوفاء كل ما يفرضه القانون من التزامات.
ومن حيث إنه لما كانت المحكمة قد نفت فى حدود سلطتها الموضوعية توافر نية التهريب فإنها
لا تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون وإنما ناقشت مسألة موضوعية.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
