أصدرت الحكم الآتى:لم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 43 (مكرر) – السنة
الثانية والخمسون
7 ذو القعدة سنة 1430 هـ، الموافق 26 أكتوبر سنة 2009 م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الحادى عشر من أكتوبر سنة
2009 م، الموافق الثانى والعشرين من شوال سنة 1430 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر
سامى يوسف ومحمد خيرى طه ورجب عبد الحكيم سليم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 50 لسنة 30 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ حسن كامى محمد على كامى.
ضد:
1 – السيد رئيس الجمهورية.
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 – السيد وزير المالية.
4 – السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات.
الإجراءات
بتاريخ السادس من فبراير سنة 2008، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية:
1 – المادتين (5، 6)، وتعريف المكلف الوارد فى المادة الأولى من قانون الضريبة العامة
على المبيعات رقم 11 لسنة 1991، وسقوط الفقرة الأولى من المادة ، وتعريف المسجل
الوارد فى المادة الأولى من القانون ذاته.
2 – الفقرة الثالثة من المادة وتعريف الضريبة الإضافية الوارد فى المادة الأولى
من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991.
3 – القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات بأكمله المعدل
بالقانونين رقمى 91 لسنة 1996، 2 لسنة 1997.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطلب الأول للمدعى، وعدم قبول
طلبيه الثانى والثالث.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة
العامة كانت قد قدمت المدعى للمحاكمة أمام محكمة جنح التهرب الضريبى فى القضية رقم
465 لسنة 2004، متهمة إياه – بصفته مسجلاً خاضعًا لأحكام قانون الضريبة العامة على
المبيعات – بالتهرب من أداء تلك الضريبة عن نشاطه فى مجال خدمات البريد السريع الدولى،
وذلك بتقديم هذه الخدمات دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها خلال الفترة
من ديسمبر سنة 1999 حتى إبريل سنة 2000، كما ادعى وزير المالية مدنيًا فى الجنحة ذاتها
لإلزام المتهم بأداء قيمة الضريبة الإضافية بواقع 1/ 2 % عن كل أسبوع تأخير من تاريخ
الاستحقاق وحتى السداد. وأثناء تداول الدعوى دفع المدعى بجلسة 13/ 1/ 2008 بعدم دستورية
نص المادتين (5، 6) وتعريف المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 1991، وتمسك بالمذكرة
المقدمة منه بجلسة 5/ 2/ 2006 والتى دفع فيها بعدم دستورية القانون رقم 11 لسنة 1991
بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات المعدل بالقانونين رقمى 91 لسنة 1996 و2
لسنة 1997 من أوجه ثلاثة تتمثل فى نص المادتين (5، 6) وتعريف المكلف فى المادة
الأولى، الفقرة الأولى من المادة ، الفقرة الثالثة من المادة وتعريف
الضريبة الإضافية فى المادة الأولى. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت
للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بشأن تعريف
الضريبة الإضافية الوارد بنص المادة الأولى من قانون الضريبة العامة على المبيعات،
ونص الفقرة الثالثة من المادة من القانون المذكور، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 31/
7/ 2005 فى القضية رقم 90 لسنة 20 قضائية "دستورية"، والذى قضى برفض الدعوى، وقد نشر
هذا الحكم فى الجريدة الرسمية عدد تابع بتاريخ 25/ 8/ 2005. وكان مقتضى المادتين
(48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى
الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره
قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة
طرحه عليها من جديد لمراجعته، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق
من الدعوى.
وحيث إن المادة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة
1991 تنص على أنه: "يقصد فى تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية التعريفات
الموضحة قرين كل منها: …. المكلف: الشخص الطبيعى أو المعنوى المكلف بتحصيل وتوريد
الضريبة للمصلحة سواء كان منتجًا صناعيًا أو تاجرًا أو مؤديًا لخدمة خاضعة للضريبة
بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه فى هذا القانون، وكذلك كل مستورد لسلعة أو خدمة
خاضعة للضريبة بغرض الاتجار مهما كان حجم معاملاته….
المسجل: هو المكلف الذى تم تسجيله لدى المصلحة وفقًا لأحكام هذا القانون….".
وتنص المادة على أن "يلتزم المكلفون بتحصيل الضريبة، وبالإقرار عنها وتوريدها للمصلحة
فى المواعيد المنصوص عليها فى هذا القانون".
وتنص المادة على أن "تستحق الضريبة بتحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة
المكلفين وفقًا لأحكام هذا القانون….".
وتنص المادة من القانون ذاته فى فقرتها الأولى على أن "على المسجل أداء حصيلة
الضريبة دوريًا للمصلحة رفق إقراره الشهرى وفى ذات الموعد المنصوص عليه فى المادة من هذا القانون، وذلك طبقًا للقواعد والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية". وحيث
إن قضاء هذه المحكمة، قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة، تُعد شرطًا لقبول الدعوى
الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية،
وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية، لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية
المرتبطة بها، والمطروحة أمام قاضى الموضوع، فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى
الدستورية غير مقبولة. بما مؤداه، أنه لا يكفى لقبولها أن يكون النص التشريعى المطعون
فيه مخالفًا فى ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد
أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور، على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا. متى كان ذلك،
وكان النزاع الموضوعى، فى الخصومة الماثلة، يدور فى شقه الجنائى حول اتهام المدعى –
بصفته مسجلاً خاضعًا لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات – بالتهرب من أداء تلك
الضريبة عن نشاطه فى مجال خدمات البريد السريع الدولى، وذلك بتقديمه هذه الخدمات دون
الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها خلال الفترة من ديسمبر سنة 1999 حتى إبريل
سنة 2000، ويدور فى شقه المدنى حول مطالبة وزير المالية إلزام المدعى بأداء قيمة الضريبة
الإضافية بواقع 1/ 2% عن كل أسبوع تأخير من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد، نتيجة
لعدم أدائه الضريبة الأصلية فى الميعاد، فإن مصلحة المدعى الشخصية المباشرة فى الدعوى
الماثلة، تكون متوافرة ويتحدد نطاقها فى نص المادة من قانون الضريبة العامة على
المبيعات فيما قررته من التزام المكلفين بتحصيل الضريبة، وبالإقرار عنها وتوريدها للمصلحة
فى المواعيد المنصوص عليها فى القانون، دون غيره من النصوص الواردة بصحيفة الطعن الماثل
إذ لا انعكاس لها على النزاع الموضوعى.
وينعى المدعى على النص المطعون فيه محددًا نطاقًا على الوجه المتقدم إلزامه المكلف
القيام بعمل يتمثل فى تحصيل الضريبة والإقرار عنها وتوريدها للمصلحة دون تقرير مقابل
لهذا العمل، بما يجعله بمثابة مندوب تحصيل يعمل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات دون
أجر، بالمخالفة لما هو مقرر من أن الأصل فى العمل أن يكون إراديًا قائمًا على الاختيار
الحر، فلا يحمل عليه المواطن حملاً إلا أن يكون وفق قانون لأداء خدمة عامة وبمقابل
عادل، وذلك وفقًا لحكم المادة من الدستور، بما يغدو معه النص المذكور مخالفًا
للدستور متعين الإلغاء، بما يستتبع سقوط حكم الفقرة الأولى من المادة وتعريف المسجل
الوارد فى المادة من القانون ذاته.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الدستور أعلى من شأن الضريبة العامة، وقدر أهميتها بالنظر
إلى خطورة الآثار التى ترتبها، وبوجه خاص من زاوية جذبها لعوامل الإنتاج أو طردها أو
تقييد تدفقها، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها بالتالى على فرص
الاستثمار والادخار والعمل وتكلفة النقل وحجم الإنفاق. وكان الدستور – نزولاً على هذه
الحقائق واعترافًا بها – قد مايز بنص المادة بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض
المالية، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، وأن
ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى يبينها القانون؛ ومؤدى ذلك أن السلطة التشريعية
هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون
يصدر عنها متضمنًا تحديد نطاقها، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان
مبلغها، والملتزمين أصلاً بأدائها والمسئولين عنها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها،
وكيفية أدائها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها، إذ يجوز أن
يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون.
وحيث إن الأصل فى الضريبة العامة على المبيعات بحسبانها من الضرائب غير المباشرة –
أن يتحمل المستهلك عبئها، ومن ثم كان يتعين تحصيلها منه مباشرة، باعتبار أنها فى حقيقتها
ضريبة على الاستهلاك. غير أن هذا الأصل يتعذر تطبيقه من الناحية العملية لكثرة المستهلكين،
وضخامة عددهم وصعوبة تحصيل هذه الضريبة منهم، وزيادة نفقاته، لذلك كان منطقيًا أن يتجه
المشرع – فى النص المطعون فيه – إلى تحديد ملتزم آخر بأدائها، وهذا التنظيم التشريعى
يهدف إلى تحقيق سرعة وسهولة ضبط عملية تحصيل الضريبة، وضمان توريدها إلى الخزانة العامة
بما يحقق الغرض المقصود منها وهو الحصول على غلتها لمواجهة الإنفاق العام الناتج عن
التوسع فى المشروعات العامة التى تتصل بالمجالات المختلفة.
وحيث إنه لما كان مناط استحقاق ضريبة المبيعات هو تحقق واقعة بيع سلعة خاضعة للضريبة
أو أداء خدمة بمعرفة المكلفين عملاً بنص المادة من قانون الضريبة العامة على المبيعات
المشار إليه، ومن ثم فإن الضريبة تندمج فى ثمن السلعة أو الخدمة وتعد جزءًا منه، ولا
يتصور تبعًا لذلك بيع هذه أو أداء تلك دون تحصيل هذه الضريبة من مشترى السلعة أو متلقى
الخدمة، وإلا كان المكلف متراخيًا عنها بمحض إرادته واختياره، وسواء كانت الأولى أو
الثانية فإنه يلتزم بتوريد الضريبة فى الميعاد، وإلا كان عدلاً ومنطقًا تحمله الجزاء
المقرر قانونًا على عدم توريدها فى الميعاد المقرر قانونًا.
وحيث إنه لا وجه للقول بأن المشرع كان يتعين عليه إقرار مقابل عادل للمكلف بتحصيل الضريبة
نظير قيامه بهذا العمل، ذلك أن الأجر ولئن كان مشروطًا – بموجب الفقرة الثانية من المادة
من الدستور – لأداء العمل الذى تلزم الدولة مواطنيها القيام به نزولاً على دواعى
الخدمة العامة ووفاء بمتطلباتها، فإن حمل المواطنين على تحصيل الضرائب أيًا كانت طبيعتها
لا يحمل فى ذاته معنى التكليف بعمل، بقدر ما هو واجب فى إطار ما تنص عليه المادتان
(61 و119) من الدستور، كما لا يقصد بهذا العمل أن يكون إيلامًا للمكلفين به، وإنما
يقع عبؤه عليهم بوصفهم مواطنين يسهمون عدلاً فى تحمل نصيبهم من التنمية وتطوير مجتمعهم،
بما يؤكد تضامنهم بما لا يشكل مخالفة لحكم المادة من الدستور أو لأى حكم آخر به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
