أصدرت الحكم الآتى:لم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 43 (مكرر) – السنة
الثانية والخمسون
7 ذو القعدة سنة 1430 هـ، الموافق 26 أكتوبر سنة 2009 م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الحادى عشر من أكتوبر سنة
2009 م، الموافق الثانى والعشرين من شوال سنة 1430 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى والسيد عبد
المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى ورجب عبد الحكيم سليم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 46 لسنة 27 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ مجدى محمد إبراهيم على العربى.
بصفته الممثل القانونى لشركة العربى للصناعات الهندسية.
ضد:
1 – السيد رئيس جمهورية مصر العربية.
2 – السيد الدكتور رئيس الوزراء.
3 – السيد الدكتور وزير المالية.
الإجراءات
بتاريخ العشرين من شهر فبراير سنة 2005، أودعت الشركة المدعية صحيفة
هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، بطلب الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها أصليًا: عدم قبول الدعوى واحتياطيًا: رفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة
المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 1823 لسنة 2003 مدنى كلى أمام محكمة بور سعيد الابتدائية
ضد المدعى عليه الثالث بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات والجمارك وآخرين
طالبة إلزامهم برد المبالغ المحصلة ضريبة مبيعات على السلع المستوردة من الخارج والسابق
للشركة سدادها وإجماليها 71787.20 جنيهًا، وأثناء تداول الدعوى دفعت الشركة المدعية
بعدم دستورية المواد (6/ 2، 3 و11/ 2، 3 و32/ 2، 3 و47/ 1 و50) من قانون الضريبة العامة
على المبيعات، الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والمادة فقرة 2 من لائحته التنفيذية،
وكذا المنشور رقم 23 لسنة 1992 الصادر من مصلحة الضرائب على المبيعات، لمخالفتها للمواد
(8، 38، 40، 61، 119) من الدستور، وبجلسة 21/ 4/ 2004 حكمت المحكمة وقبل الفصل فى الموضوع
بندب خبير، وبتاريخ 17/ 7/ 2004 أودع الخبير تقريرًا ضمنه أن الشركة المدعية مسجلة
لدى مصلحة الضرائب على المبيعات باعتبارها (منتج صناعى)، وأن مشمول رسائل التداعى تمثل
"مستلزمات إنتاج"، وبجلسة 12/ 11/ 2005 قررت محكمة الموضوع التصريح للمدعى برفع دعواه
الدستورية فأقام دعواه الماثلة.
وحيث إن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى
شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة
فى الدعوى الموضوعية، بما مؤداه أن تفصل المحكمة فى الخصومة من جوانبها العملية، وليس
من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية،
ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على
النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من
غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا
الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلاً عن
مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنًا تحديده
وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا فى مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص
قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد
من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة
الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى
أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية،
عما كان عليه قبلها.
وحيث إن المقرر أيضًا فى قضاء هذه المحكمة، أن الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية
لا يوقعها فى حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى دستورية
النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة
التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عنه إلى
الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعًا.
وحيث إن نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات تعتبر كلا واحدًا، يكمل بعضها بعضا،
ويتعين أن تفسر عباراته بما يمنع أى تعارض بينها، إذ إن الأصل فى النصوص القانونية
التى تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها
وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها وتتحد توجهاتها لتكون نسيجًا متآلفًا.
ولما كان نص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات،
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1999 تنص على أن (تفرض الضريبة العامة على المبيعات على
السلع المصنعة والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص…..)، فإن تعيين هذا الالتزام الضريبى
لا يستقيم منهجًا إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام، كماهية المكلف
وماهية المستورد هو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوبًا لدلالات الألفاظ حسبما أوردها المشرع
بالمادة الأولى من القانون ذاته، حيث عرفت "المكلف" بأنه "الشخص الطبيعى أو المعنوى
المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجًا صناعيًا، أو تاجرا أو مؤديًا
لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه فى هذا القانون، وكذلك كل
مستورد لسلعة أو خدمة خاضعة للضريبة بغرض الاتجار مهما كان حجم معاملاته". كما عرفت
"المستورد" بأنه "كل شخص طبيعى أو شخص معنوى يقوم باستيراد سلع صناعية أو خدمات من
الخارج خاضعة للضريبة بغرض الاتجار". الأمر الذى يتضح معه بجلاء اتجاه إرادة المشرع
إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار لضريبة المبيعات المقررة
وفقًا لهذا القانون، وقد ربط دومًا فى نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما
يتم استيراده. متى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية تهدف بدعواها الموضوعية إلى إعفائها
من الخضوع للضريبة العامة على المبيعات على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها فى الصيانة
والإحلال لمصانعها، فإن التطبيق السليم لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات يكون
محققًا للشركة المدعية بغيتها من دعواها الموضوعية، إذ إن بحث مدى خضوع السلع للضريبة
يعد بالضرورة سابقًا على بحث تقدير وعاء تلك الضريبة، ولا يكون لها مصلحة فى الطعن
على النص الطعين، بحسبان أن الضرر المدعى به ليس مرده إلى تلك النصوص وإنما مرده إلى
الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها، ومن ثم فإن الشركة المدعية يمكنها
بلوغ طلباتها الموضوعية من خلال نجاحها فى إثبات الغرض من استيراد المواد المجلوبة
من الخارج – وذلك شأنها أمام محكمة الموضوع – دون حاجة إلى التعرض للنص من الوجهة الدستورية
لانتفاء مصلحتها، ومن ناحية أخرى فإن النص المطعون عليه (المادة 11 فقرة 2 والمنشور
رقم 23 لسنة 1992) – قد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بشأنه فى الدعوى رقم 45
لسنة 27 قضائية دستورية بحكمها الصادر بجلسة 14/ 12/ 2008 والقاضى (برفض الدعوى) مطهرًا
للنص من أية مثالب دستورية، والمنشور بالعدد 52 مكرر الصادر فى 30 ديسمبر 2008 من الجريدة
الرسمية.
وحيث إن انتفاء مصلحة الشركة المدعية للأسباب السابق بيانها يقتضى عدم قبول الدعوى
الماثلة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
| أمين السر | رئيس المحكمة |
