أصدرت الحكم الآتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة
الجريدة الرسمية – العدد 31 (مكرر) – السنة
الثانية والخمسون
12 شعبان سنة 1430 هـ، الموافق 3 أغسطس سنة 2009 م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، السادس والعشرين من يوليه
سنة 2009 م، الموافق الرابع من شعبان سنة 1430 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيرى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد
خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 54 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المقامة من:
السيد/ منير مصطفى محمد أحمد.
ضـد:
1 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 – السيد المستشار وزير العدل.
3 – السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب.
4 – السيد/ عمرو عبد العزيز مصطفى محمد.
الإجراءات
بتاريخ الثانى عشر من فبراير سنة 2002، أودع المدعى صحيفة الدعوى
الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة من قانون الإجراءات الجنائية وسقوطها فى مجال تطبيقها بالنسبة للصادر ضدهم أحكام غيابية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا
برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى
سبق أن أقام ضد المدعى عليه الرابع الجنحة المباشرة رقم 13366 لسنة 1997 جنح حدائق
القبة، بوصف أنه أصدر إليه شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلب
عقابه بالمادتين (336 و337) من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدى إليه 51 جنيهًا على
سبيل التعويض المؤقت. وبجلسة 10/ 11/ 1997 قضت المحكمة غيابيًا بحبس المدعى عليه الرابع
سنة مع الشغل، وكفالة ألف جنيه، وإلزامه بأن يؤدى إلى المدعى تعويضًا مؤقتًا مقداره
51 جنيهًا، ثم غادر المدعى عليه الرابع البلاد إلى أن عاد بتاريخ 18/ 10/ 2000، وعارض
فى الحكم الغيابى بتاريخ 16/ 7/ 2001. وبجلسة 1/ 10/ 2001 قضت المحكمة بقبول المعارضة
شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى
المدعى عليه الرابع فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 7925 لسنة 2001 وأثناء نظره دفع الحاضر
عنه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة إعمالاً لحكم المادة من قانون الإجراءات
الجنائية، فدفع الحاضر عن المدعى بعدم دستورية نص المادة من القانون ذاته، وإذ
قدرت تلك المحكمة جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطًا لقبول
الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى
الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة
بها المطروحة على محكمة الموضوع. وكان من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر
متحققة بالضرورة بناءً على مخالفة النص التشريعى المطعون فيه للدستور، بل يتعين أن
يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو
ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية
مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورًا إليها
بصفة مجردة، وبالتالى لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان معاً مفهومها، أولهما:
أن يقيم المدعى – فى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون فيه – الدليل
على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاً بعناصره،
ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلاً،
ثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون فيه، بما مؤداه
قيام علاقة سببية بينهما تُحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا عن هذا النص ومترتبًا
عليه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة
تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الحالة لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية
يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن المشرع الجنائى وإن خوَّل المدعى بالحقوق المدنية فى بعض الجرائم التى يجوز
فيها الادعاء المباشر سلطة تحريك الدعوى العمومية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون،
إلا أن هذه السلطة تقف عند مجرد تحريك الدعوى الجنائية، أما مباشرة هذه الدعوى فمنوطة
بالنيابة العامة وحدها باعتبارها نائبًا قانونيًا عن المجتمع، ويقتصر دور المدعى بالحقوق
المدنية على دعواه المدنية فيباشر بالنسبة لها ما يباشره كل خصم فى الدعوى المدنية
التى يقيمها، أما الشق الجنائى من الدعوى فلا علاقة له به، إذ لا يعد طرفًا من أطراف
الخصومة الجنائية التى انعقدت بين النيابة العامة والمتهم، وتنحصر طلباته – باعتباره
مدعيًا بالحقوق المدنية – فى طلب تعويضه عن الأضرار التى لحقته من جراء الجريمة التى
اقترفها المتهم فى الدعوى الموضوعية، فهو لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو
التحدث عن الوصف الذى يراه حولها وإنما يدخل فيها بصفته مضرورًا من الجريمة التى وقعت،
طالبًا تعويضه مدنياً عن الضرر الذى لحق به، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى
الجنائية إلا تبعيتها لها.
وحيث إن المادة من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن:
"تنقضى الدعوى المدنية بمضى المدة المقررة فى القانون المدنى، ومع ذلك لا تنقضى بالتقادم
الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة من هذا القانون والتى تقع بعد تاريخ العمل به.
وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثير لذلك
فى سير الدعوى المدنية المرفوعة معها".
ومفاد هذا النص أن لكل من الدعوى الجنائية والدعوى المدنية أسباب انقضاء خاصة بها،
فأسباب انقضاء الدعوى الجنائية مقصورة عليها وحدها ولا تأثير لها على انقضاء الدعوى
المدنية التى تنقضى كأصل عام بمضى المدة المقررة فى القانون المدنى.
وحيث إن الدفع المبدى من المدعى عليه الرابع – المدعى عليه فى الدعوى الجنائية – بانقضاء
الدعوى بمضى المدة عملاً بحكم المادة من قانون الإجراءات الجنائية والتى تقضى
بانقضاء الدعوى الجنائية فى مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، ليس له
من صلة بالدعوى المدنية فلا تسقط تبعًا لها، ولا تأثير لهذا الانقضاء على سير الدعوى
المدنية المرفوعة معها، إذ المقرر أن التقادم فى الدعوى الجنائية يُسقط حق الدولة فى
العقاب، أما حق المدعى بالحقوق المدنية فى التعويض فيظل قائمًا لا ينقضى إلا بانقضاء
المدة المقررة لانقضاء الحقوق فى القانون المدنى على النحو الذى قررته المادة منه، ومن ثم فإن المركز القانونى للمدعى – باعتباره مدعيًا بالحق المدنى – لن يتغير
حتى ولو قُضى بعدم دستورية المادة من قانون الإجراءات الجنائية والتى تقضى بألا
يوقف سريان المدة التى تسقط بها الدعوى الجنائية لأى سبب كان، وبالتالى فلا يكون للمدعى
ثمة مصلحة فى الطعن بعدم دستورية ذلك النص، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول
دعواه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
| أمين السر | نائب رئيس المحكمة |
