الطعن رقم 291 سنة 21 ق – جلسة 06 /01 /1955
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 6 – صـ 429
جلسة 6 من يناير سنة 1955
القضية رقم 291 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الاستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة سليمان ثابت وكيل المحكمة، وأحمد العروسى، ومحمد أمين زكى، ومحمد فؤاد جابر
المستشارين.
( أ ) اختصاص. دفع. الدفع بعدم الاختصاص النوعى فى ظل قانون المرافعات القديم وجوب
إبدائه قبل ما عداه من أوجه الدفع وقبل ابداء أقوال وطلبات ختامية. طلب ضم شكوى قبل
إبداء الدفع بعدم الاختصاص. سقوط الحق فى الدفع. المادة 134 مرافعات قديم.
(ب) دعوى. دعوى رفعت على أنها دعوى ملكية للمطالبة بأصل الحق. اعتبار المحكمة لها أنها
دعوى وضع يد. خطأ فى القانون.
1 – لما كانت المادة 134 من قانون المرافعات القديم التى كانت تحكم الدعوى تنص على
أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولو كان بالنسبة لنوع القضية يجب ابداؤه قبل ما عداه
من أوجه الدفع وقبل ابداء أقوال وطلبات ختامية متعلقة بأصل الدعوى، وكان المدعى عليه
قبل أن يدفع بعدم الاختصاص طلب ضم شكوى وهو طلب تأجيلى متصل بأصل الدعوى، فان الحكم
إذ قضى بسقوط حقه فى الدفع لا يكون قد خالف القانون.
2 – ليس للمحكمة المطروحة عليها دعوى الملكية والتى فصل فيها من محكمة أول درجة على
هذا الأساس أن تفصل فيها على أنها دعوى وضع يد لاختلاف الدعويين اختلافا جوهريا فى
أركانهما وشروطهما ولما فى ذلك من إهدار لحقوق طرفى الخصومة. وإذن فمتى كان المدعى
قد أسس دعواه على ثبوت حق الاتفاق الذى خصصه المالك الأصلى البائع لطرفى الخصومة لمصلحة
أطيانه، وكان مفهوم هذا التحديد الذى تمسك به أمام المحكمة الاستئنافية وأصر عليه فى
دفاعه أنه يطالب بملكية هذا الحق، وكان الحكم قد غير أساس الدعوى من تلقاء نفسه وعرض
لها على أنها دعوى وضع يد وقضى فيها على هذا الأساس الذى ابتدعه فإنه يكون قد خالف
القانون لتجاوز المحكمة سلطتها على الدعوى المطرحة عليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامى عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن واقعة الدعوى – على المستفاد من الحكم المطعون فيه وباقى أوراق الطعن –
تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 932 سنة 1946 كلى مصر ضد الطاعنين ومصلحة
الأملاك الأميرية وقال فى صحيفتها المعلنة فى 5 و23 من ديسمبر سنة 1945 إنه اشترى من
مصلحة الأملاك الأميرية 24 فدانا و9 قراريط و23 سهما بجهة كفر الشيخ وكان لهذه الأطيان
مصرف خصوصى يصب بواسطة "سحارة" تمر تحت مسقى مجاورة له فى مصرف آخر خصوصى بأرض الطاعنين
وينتهى هذا المصرف الأخير إلى مصرف "أبو خشبة العمومى" غير أن رجال مورث الطاعنين قد
هدموا تلك السحارة مما اضطره إلى إقامة الدعوى رقم 2549 سنة 1945 مستعجل مصر طلب فيها
ندب خبير لإثبات حالتها وما طرأ عليها من تغيير وبيان سببه وإثبات حالة أرضه وزراعته
وتقدير قيمة التعويض وتكاليف إعادة الحالة إلى أصلها وقد ندبت المحكمة خبيرا وقدم تقريرا
أثبت فيه سبق وجود "السحارة" كما قدر الضرر الناتج عن هدمها ومقدار تكاليف إعادتها
لحالتها الاولى وانتهى المطعون عليه من ذلك إلى طلب الحكم بإعادة السحارة إلى حالتها
الأولى مع تعويض قدره 16 جنيها حسبما قدره الخبير، فدفع الطاعنون الدعوى بعدم اختصاص
المحكمة بنظرها لأنها من دعاوى اليد التى يختص بنظرها القاضى الجزئى وطلبوا فى الموضوع
رفض الدعوى على أساس أن السحارة موضوع دعوى لم يكن لها وجود من قبل مما يجعل وضع اليد
غير قائم وشرط العنف فى إزالته غير متوافر كما أن المدة القانونية المقررة لرفع دعوى
منع التعرض قد انقضت على فرض التسليم جدلا بوجود هذه السحارة من قبل، وقد رد المطعون
عليه على ذلك بأن طلب إعادة السحارة طلب مجهول القيمة والتعويض تبعى وبذا تكون الدعوى
من اختصاص المحكمة الكلية هذا إلى أن الحق فى الدفع قد سقط لسبق التكلم فى الموضوع
وذلك بطلب ضم شكوى – وقد ضمت المحكمة الدفع للموضوع وقضت بتاريخ 27/ 1/ 1947 بندب خبير
لمعاينة أطيان طرفى الخصوم وبيان الترع والمصارف التى بها مع تقدير عمر هذه المصارف
وما كان موجودا منها قبل شراء كل طرف لأطيانه مع بيان طريقة صرف أطيان المطعون عليه
قبل أن يشتريها ومدى استمراره وكيف بطل هذا الصرف إن صح ذلك إلى آخر ما جاء بالحكم
التمهيدى المشار إليه. وبتاريخ 28/ 3/ 1949 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم الاختصاص
وفى الموضوع برفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات – وذكرت فى أسباب حكمها
بشأن الدفع أنه بنى على تأويل الطاعنين لدعوى المدعى "المطعون عليه" مع أن الدعوى ملك
لرافعها يؤسسها ويكيفها على الوجه الذى يراه وما دامت دعوى المطعون عليه لا تخرج عن
كونها دعوى بإلزام الخصم بفعل شئ لا دعوى منع تعرض كما يريدها الخصوم فهى من اختصاص
المحكمة الكلية، وأما بالنسبة للموضوع فإن المطعون عليه لم يفصح عن الأساس القانونى
لإلزام الطاعنين بالابقاء على السحارة التى يدعيها على فرض وجودها وما دام ليس ثمة
أساس لهذا الإلزام من عقد بينه وبين الطاعنين وما دام قد تبين أن المطعون عليه ومصلحة
الأملاك لم يقوما بانشاء هذه السحارة بل الذى أقامها أحد صغار المستأجرين الذى لا يستطيع
أن يخلق للأرض ارتفاقا بفعله أو يحملها به ما دامت يده عارضة وأن المدة التى يقول المطعون
عليه إنه استعمل فيها السحارة لا تكفى لأن تكسبه ملكية حق الارتفاق عليها… إلى آخر
ما جاء بأسباب الحكم. استأنف المطعون عليه هذا الحكم مصرا على طلباته السابق إيرادها
بعريضه دعواه الابتدائية وأضاف إليها "أنه ثبت من خريطة فك الزمام فى سنة 1939 ومن
سجلات وخرائط ومكاتبات مصلحة الأملاك والرى وتقريرى الخبيرين فى الدعوى أن المصارف
فى أرض المطعون عليه يرجع وجودها إلى ما قبل سنة 1939 ووجود السحارة ثابت من هذه السجلات
مما يثبت حق الاتفاق عليها بصرف النظر عن شخص منشئها… وبتاريخ 19/ 5/ 1951 قضت محكمة
استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 894 سنة 66 ق بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم
المستأنف وباعادة السحارة إلى الحالة التى كانت عليها وفقا لما جاء بطلبات المطعون
عليه وأسست قضاءها فى الموضوع على أن الدعوى إعادة وضع يد أساسها وجود حق ارتفاق، وثابت
من تقارير الخبراء ومن مكاتبات مصلحة الأملاك والرى وخرائط المساحة سنة 1939 أن المطعون
عليه كان له وضع يد سابق على السحارة موضوع حق الارتفاق عن نفسه وعن مصلحة الأملاك
التى تلقى عنها، ثم أخذت المحكمة فى الاستدلال على توافر شروط وضع اليد وتكامل مدته
ومن ثم تكون الدعوى بهذا الوصف الذى أسبغته المحكمة عليها مستوفية شروطها وعلى أساس
صحيح من القانون. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون إذ فعوا
بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى على اعتبار أنها من دعاوى اليد مما يختص
بنظره القاضى الجزئى وقد تمسكوا بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف فى مذكرتهم الختامية
إلا أن محكمة أول درجة التفتت عن هذا الدفع على اعتبار أن الدعوى حسب تكييف رافعها
"المطعون عليها" هى دعوى ملكية ولأنه قرر فى رده على هذا الدفع بأن طلب إعادة السحارة
إنما هو طلب مجهول القيمة تختص بنظره المحكمة الابتدائية ولأن حق الطاعنين قد سقط فى
التمسك بهذا الدفع لسبق التكلم فى الموضوع بطلب ضم شكوى وقد أقر الحكم المطعون فيه
هذا النظر مع أن استئناف الحكم فى الموضوع ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة أول الدرجة
الثانية ويترتب عليه طرح النزاع عليها مع أسانيده وأدلته وفى كل ما قضت به الأحكام
القطعية والأحكام المتعلقة بإجراءات الثبوت ونحوها – فإذا ما رأت محكمة الاستئناف تعديل
أساس الدعوى واعتبرتها دعوى إعادة وضع يد بدلا من دعوى ملكية كان عليها أن تعرض للدفع
بعدم الاختصاص وتقضى فيه من تلقاء نفسها لأن الاختصاص النوعى فى قانون المرافعات الجديد
الفاصل فى الدعوى أصبح من النظام العام.
ومن حيث إن ما أورده الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه "بأن حق المستأنف عليهم فى
التمسك بالدفع قد سقط لعدم إبدائه قبل ما عداه لأنهم طلبوا ضم شكوى فى أول جلسة وان
المستأنف عليهم المذكورين ردوا على هذا فى مذكرتهم المقدمة لجلسة 27/ 1/ 1947 فى الصحيفة
العاشرة منها بقولهم… ولا يشفع للمدعى أننا طلبنا ضم شكوى معينة أثناء تحضير الدعوى
لأن هذا التحضير معناه تهيئة الدعوى وجعلها صالحة للمرافعة فى جميع نواحيها وطلب ضم
شكوى لا يمكن أن يكون طلبا موضوعيا لأن قانون التحضير لم يكن قد خلق بعد عند وضع قانون
المرافعات… وهذا الذى يقوله الطاعنون غير صحيح لأن المادة 134 من قانون المرافعات
القديم الذى فى ظله سارت الدعوى وحكم فيها كانت توجب إبداء الدفع بعدم الاختصاص قبل
ما عداه من الدفوع الأخرى وقبل الإدلاء بأى قول أو طلب يتعلق بموضوع الدعوى ولا شك
أن طلب ضم شكوى هو طلب يتعلق بالموضوع ومع ذلك فإن المستأنف عليهم المذكورين لم يستأنفوا
استئنافا فرعيا للتمسك بدفعهم فلا محل لاعادة النظر فيه…".
ومن حيث إن هذا الذى أورده الحكم المطعون فيه من تقرير سقوط حق الطاعنين فى الدفع بعدم
الاختصاص للتراخى فى إبدائه وذلك بعد طلب ضم شكوى صحيح فى القانون ولا خطأ فيه وفقا
لنص المادة 134 من قانون المرافعات القديم التى كانت تحكم الدعوى والتى كان يجرى نصها
بأن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولو كان بالنسبة لنوع القضية يجب إبداؤه قبل ما عداه
من أوجه الدفع وقبل ابداء أقوال وطلبات ختامية متعلقة بأصل الدعوى والدفع بطلب ضم شكوى
هو دفع تأجيلى متصل بأصل الدعوى وعلى ذلك يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى موضوع النزاع
أنه أخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى فى الدعوى على اعتبار أنها دعوى وضع يد مع أن المطعون
عليه لم يستند فى طلباته فيها إلى وضع اليد بل على ملكيته لحق الارتفاق الذى أنشأه
رب الأسرة وبذا يكون الحكم المطعون فيه قد استبدل من تلقاء نفسه دعوى وضع يد – بدعوى
ملكية ويكون قضاؤه فيها على مقتضى هذا الوصف والتكييف غير جائز قانونا باعتباره طلبا
جديدا لا يجوز طرحه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف فضلا عما من إخلال بحق دفاع الطاعنين
الذى تحدد فى النطاق الذى رسمه المطعون عليه لدعواه.
ومن حيث إنه يبين من وقائع الدعوى أن المطعون عليه أقام دعواه ابتداء بطلب إعادة السحارة
التى تصل المصرف الخصوصى الواقع فى أرضه بالمصرف الخصوصى الواقع فى أرض جيرانه وهم
الطاعنون وقد أراد بدعواه إثبات حق ارتفاق الصرف ولذلك عندما دفع الخصوم بعدم اختصاص
المحكمة بنظر الدعوى لأنها دعوى وضع يد أنكر عليهم ذلك وقرر أن دعواه محلها طلب مجهول
القيمة وبعد أن رفضت المحكمة الدفع استعرضت دفاع الخصوم ورأت أن الدعوى وفقا لطلبات
المدعى تقوم على المطالبة بملكية حق ارتفاق وقضت فيها بالرفض لأن حق الارتفاق يجب أن
يستند إلى التزام قانونى من عقد أو تملك بوضع اليد وهو غير متوافر فى الدعوى فلما استأنف
المطعون عليه هذا الحكم صرح فى صحيفة استئنافه بأن أساس دعواه هو المطالبة بملكية حق
الارتفاق مستندا فى ثبوت هذا الحق إلى تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة وإلى
ما تضمنه عقد تمليكه من احترام كافة حقوق الرى والصرف لأطيانه وقد استعرض الحكم المطعون
عليه هذا التأسيس الواضح وأورده ضمن أسبابه بقوله "ومن حيث إن المستأنف استأنف هذا
الحكم وطلب إلغاءه وإعادة السحارة إلى حالتها… وبنى استئنافه على أسباب منها… أن
الخبير الذى ندبته محكمة أول درجة بعد اطلاعه على سجلات مصلحة الأملاك ومصلحة الرى
أثبت وجود السحارة بخرائطها ومكاتباتها وهذا يثبت حق الارتفاق للمستأنف ولا أهمية لشخص
منشئ للسحارة" ثم استطرد الحكم كذلك "ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الدعوى باعتبارها
إعادة وضع يد المستأنف على السحارة لأن له حق ارتفاق عليها وهو صرف المياه فيها…
فقد دفع المستأنف عليهم كما سبق ذكره فى مذكرتهم المقدمة لجلسة 28 من مارس سنة 1949
لمحكمة أول درجة بأنها واجبة الرفض، أولا: لأن المستأنف لم يكن له وضع يد سابق على
حق الارتفاق بالمصرف الذى يزعمه، وثانيا: لأنه لم يرفع دعواه فى ميعاد سنة من وقت التعرض
المزعوم…" ثم أخذ الحكم المطعون فيه فى مناقشة دفاع الطاعنين حتى خلص إلى القول بأنه
"من هذا يتضح بجلاء أن المستأنف كان له وضع يد سابق على السحارة موضوع حق الارتفاق
عن نفسه وعن مصلحة الأملاك التى تلقى الملك عنها" ثم انتهى الحكم فى ختام أسبابه إلى
قوله "ومن حيث إنه من كل هذا تكون الدعوى إعادة وضع يد استوفت شرائطها القانونية ويتعين
إلغاء الحكم المستأنف وإعادة السحارة إلى ما كانت عليه… الخ" ويتضح من هذا الذى سبق
بيانه أن المطعون عليه أسس دعواه على ثبوت حق الارتفاق الذى خصصه المالك الأصلى "مصلحة
الأملاك البائعة لأرض طرفى الخصومة" لمصلحة أطيانه وكان مفهوم هذا التحديد الذى تمسك
به أمام محكمة الاستئناف وأصر عليه فى دفاعه أمامها أنه يطالب بملكية حق ارتفاق الصرف
بواسطة السحارة موضع النزاع ولكن الحكم المطعون فيه غير أساس الدعوى من تلقاء نفسه
وعرض للدعوى على اعتبار أنها دعوى وضع يد وقضى فيها على هذا الوضع الذى ابتدعه وعلى
ذلك يكون الحكم قد خالف القانون لتجاوز المحكمة سلطتها على الدعوى المطروحة عليها إذ
ليس للمحكمة المطروحة أمامها دعوى الملكية والتى فصل فيها من محكمة أول درجة على هذا
الأساس أن تفصل فيها على أنها دعوى وضع يد وذلك لاختلاف الدعويين اختلافا جوهريا فى
أركانهما وشروطهما ولما فى ذلك من أهدار لحقوق طرفى الخصومة وكان يجب عليها فى صورة
الدعوى أن تتقيد بما عرضه المدعى "المطعون عليه" من طلبات، ومتى تقرر ذلك تعين نقض
الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى موضوع الدعوى دون حاجة إلى التعرض لبحث باقى أوجه
الطعن.
