الطعن رقم 188 سنة 22 ق – جلسة 23 /12 /1954
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 6 – صـ 375
جلسة 23 من ديسمبر سنة 1954
القضية رقم 188 سنة 22 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة وبحضور السادة
الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
حكم. تفسيره. مجاوزة المحكمة سلطتها فى التفسير. مثال.
متى كان الحكم المطلوب تفسيره واضحا لا يحتاج إلى تفسير ويفيد بجلاء أن المحكمة لم
تر إجابة طلب معين ورفضته وكان الحكم المطعون فيه قد فسر الحكم السابق بأنه لم يرفض
الطلب المذكور بل قبله فإن المحكمة تكون قد جاوزت سلطتها فى التفسير وأخطأت فى تطبيق
القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامى عن الطاعن والنيابة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أن
بنك بابا نطونيو المطعون عليه الأول أقام على الشركة الطاعنة وهى شركة الأنابيب المصرية
وعلى هركيل كوكينى المطعون عليه الثانى ووزارة الأشغال الدعوى رقم 822 لسنة 70 ق محكمة
مصر الابتدائية المختلطة وطلب فيها بصحيفتها المعلنة فى 22/ 1/ 1945 الحكم بإلزام كوكينى
بأن يدفع إليه مبلغ 5556 جنيها و940 مليما وفوائده قيمة ما انتهى إليه الاعتماد المفتوح
له بالبنك تمويلا لعملية إنشاء مصارف لوزارة الأشغال وهى العملية التى عهدت بها الوزارة
لشركة الأنابيب ثم عهدت بها الأخيرة من الباطن لكوكينى وبإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع
إلى البنك المبالغ التى يحكم بها على الشركة الطاعنة خصما من المبالغ المستحقة لها
على الوزارة. وفى جلسة 21/ 3/ 1946 طلب محامى البنك أن يكون الحكم بما تلزم به الشركة
الطاعنة من مبالغ لكوكينى محكوما به لمصلحة البنك وذلك تنفيذا لعقد الحوالة المؤرخ
فى 5/ 4/ 1944 والصادر من كوكينى للبنك بتحويلة على شركة الأنابيب بالمبالغ التى لكوكينى
فى ذمة الشركة التى أعلنت بعد بعقد الحوالة فى 19/ 4/ 1944 – وأقام هركيل كوكينى على
الشركة الطاعنة ووزارة الأشغال الدعوى رقم 1006 لسنة 70 ق محكمة المنصورة الابتدائية.
وطلب فيها بصحفيتها المعلنة فى 14/ 2/ 1945 إلزام المدعى عليها الأولى "الطاعنة" بأن
تدفع إليه مبلغ 11890 جنيها و225 مليما وفوائده وبإلزام وزارة الأشغال المدعى عليها
الثانية بأن تدفع إلى كوكينى ما عساه يحكم به على الطاعنة خصما مما لها من مبالغ على
وزارة الأشغال – ورفعت الشركة الطاعنة دعوى فرعية وطلبت إلزام كوكينى بأن يدفع إليها
مبلغ 4805 جنيها – وفى 10/ 4/ 1945 أقام عيسى جرجس داود وعلى محمد اسماعيل بعد أن أنجزا
بعض أعمال المقاولة على الشركة الطاعنة وكوكينى وآخرون وهم حلمى ثابت وعبد القادر بدر
وسابا قزمان الدعوى رقم 1598 لسنة 70 ق محكمة مصر الإبتدائية المختلطة وطلب المدعيان
فيها إلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا إليهما مبلغ 436 جنيها و164 مليما وطلب
محامى البنك ندب خبير لتصفية الحساب بين الخصوم وفى 25/ 4/ 1946 قررت المحكمة ضم الدعاوى
الثلاث إلى بعضها وقضت بتعيين خبير لأداء المأمورية المبينة بحكمها، وبعد أن باشر الخبير
مأموريته وقدّم تقريره قضت المحكمة فى 10 من يونيه سنة 1948، أولا: بإلزام هركيل كوكينى
بأن يدفع إلى بنك بابا نطونيو مبلغ 5556 جنيها و940 مليم وفوائده المتفق عليها وثانيا:
برفض دعوى كوكينى التى أقامها على الشركة الطاعنة ووزارة الأشغال وبقبول ما تضمنه الطلب
الفرعى المقدم من الشركة وبإلزام كوكينى بأن يدفع إليها 775 جنيها و494 مليما وفوائده.
ثالثا: بإلزام حلمى ثابت وعبد القادر بدر وسابا قزمان بالتضامن بأن يدفعوا إلى عيسى
جرجس داود وعلى محمد اسماعيل مبلغ 349 جنيها و827 مليما استأنف كوكينى وقيد استئنافه
برقم 296 لسنة 66 ق محكمة استئناف القاهرة الوطنية وطلب فيها إلغاء الحكم المستأنف
فيما قضى به عليه لشركة الأنابيب وإلزامها بأن تدفع إليه مبلغ 4864 جنيها و992 مليما
ورفض طلباتها قبله وتكليف وزارة الأشغال بأن تدفع إلى كوكينى كافة المبالغ الموجودة
تحت يدها لحساب شركة الأنابيب واحتفظ كوكينى بحقه فى رفع استئناف على حده عما قضى به
الحكم الابتدائى عليه لمصلحة البنك وتنازل عن استئنافه الفرعى الذى كان قد رفعه فى
مذكرته المؤرخة 22/ 3/ 1950. واستأنف عيسى جرجس داود وعلى محمد اسماعيل وقيد استئنافهما
برقم 308 لسنة 66 ق وطلبا تعديل الحكم المستأنف والحكم لهما بمبلغ 115 جنيها و518 مليما
زيادة عما قضت به محكمة أول درجة – وأعلن بنك بابا نطونيو فى الاستئناف المرفوع من
عيسى جرجس داود وعلى محمد اسماعيل. وطلب البنك فى المذكرة المقدمة إلى محكمة الاستئناف
قبول تدخله شكلا وفى حالة ما إذا حكم ضد الشركة الطاعنة لكوكينى أن ينص فى الحكم الذى
يصدر عليها لمصلحة كوكينى أنه صادر لمصلحة البنك بصفته متنازلا إليه من كوكينى تنفيذا
لعقد الحوالة المؤرخ فى 5/ 4/ 1944 ويتضمن تنازل كوكينى عن المبالغ التى له فى ذمة
الشركة الطاعنة للبنك. وفى 18/ 1/ 1950 قررت المحكمة ضم الاستئنافين للفصل فيهما بحكم
واحد. وفى 14 من يونيه سنة 1950 قضت المحكمة بقبول الاستئنافين المرفوعين الأول من
هركيل كوكينى والثانى من عيسى جرجس داود وعلى محمد اسماعيل شكلا وفى الموضوع أولا:
بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام هركيل كوكينى بدفع مبلغ 775 جنيها و494
مليما لشركة الانابيب وبإلزام هذه الشركة بأن تدفع لكوكينى مبلغ 1334 جنيها و721 مليما
وفوائده. ثانيا: بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام حلمى ثابت وعبد القادر
بدر وسابا قزمان متضامنين بدفع مبلغ 349 جنيها 827 مليما لعيسى جرجس داود وعلى محمد
اسماعيل. ثالثا: بإلزام شركة الأنابيب بخمسة أسداس المصروفات الخاصة بدعوى كوكينى بما
فيها مصروفات أتعاب الخبير كالونى وألفى قرش مقابل أتعاب المحاماة للدرجتين وبإلزام
كوكينى بالسدس الباقى ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأشارت المحكمة فى السبب الأخير
من أسبابها إلى طلب بنك بابا نطونيو فقالت "أنها تلاحظ أنه بصفته دائنا لكوكينى ومحكوما
لصالحه بقيمة الدين يستطع التنفيذ مباشرة بقيمة المبلغ المحكوم به. وفى 31/ 3/ 1951
أوقع بنك بابا نطونيو بموجب الحكم الصادر من محكمة أول درجة حجزا على كوكينى تحت يد
الشركة الطاعنة استنادا إلى ما قضى به الحكم المذكور من مديونية كوكينى للبنك وإلى
أن مديونية الشركة الطاعنة لكوكينى ثابتة من عقد الحوالة المحرر فى 15/ 4/ 1944 والمعلن
فى 19/ 4/ 1944 ويتضمن تنازل كوكينى إلى البنك عن المبالغ التى لكوكينى فى ذمة الشركة
الطاعنة. وفى 11/ 6/ 1951 استصدر بنك بابا نطونيو على الشركة الطاعنة أمرا بتقدير دينه
قبلها بمبلغ 1334 جنيها و721 مليما وبتوقيع الحجز التحظفى تحت يد بنك باركليز والبنك
العثمانى وبنك مصر وبنك الكريدى ليونيه، فتظلمت الشركة من هذا الأمر، وقالت فى عريضة
تظلمها إن الحكم الاستئنافى الصادر فى 14/ 6/ 1950 والذى ارتكن عليه بنك بابا نطونيو
فى استصدار أمر الحجز لم يقض بأن الشركة مدينة للبنك وأنها دفعت لهركيل كوكيتى كافة
ما يطلبه منها وحصلت على الصورة التنفيذية من الحكم الاستئنافى المعلنة إليها من كوكينى
مؤشرا عليها بدفع ما هو مطلوب وقد تم هذا الدفع فى فبراير سنة 1951 قبل صدور أمر الحجز
فى يونيه سنة 1951 مما لا يكون معه وجه حق لصدور أمر الحجز لعدم مديونية شركة الأنابيب
لبنك بابا نطونيو. وقالت الطاعنة إنه قضى فى التظلم فى 3 من يناير سنة 1952 بقبوله
وإلغاء الأمر بالحجز ولم يقدم ضمن أوراق الطعن الحكم الصادر فى التظلم المذكور. وفى
6 و12 من فبراير سنة 1952 أقام بنك بابا نطونيو الدعوى رقم 70 لسنة 69 ق محكمة استئناف
القاهرة على هركيل كوكينى وشركة الأنابيب وطلب فيها سماع المدعى عليهما الحكم بتفسير
السبب الأخير من أسباب الحكم الاستئنافى الصادر فى 14/ 6 سنة 1950 بأن المحكمة لم تفصل
فى صحة الحوالة الصادرة من هركيل كوكينى لمصلحة البنك المدعى بعقد محرر فى 5/ 4/ 1945،
ومعلن فى 19/ 4/ 1945 وخاص بالمبالغ المستحقة لكوكينى فى ذمة شركة الأنابيب وإلزام
المدعى عليهما بالمصروفات والأتعاب، ودفعت الشركة بعدم قبول طلب التفسير تأسيسا على
أن هذا الطلب منصب على تفسير سبب من أسباب الحكم المفسر مع أن المادة 366 مرافعات تنص
على قصر التفسير على منطوق الحكم لغموضه أو إبهامه وأما ما ورد فى السبب الأخير من
أسباب الحكم الاستئنافى المفسر فلا يصلح أن يكون أساسا لدعوى التفسير. وفى 16 من أبريل
سنة 1952 قضت المحكمة حضوريا وفى غيبة كوكينى بقبول دعوى التفسير وفى الموضوع بالتقرير
بأن المحكمة لم ترفض حقوق بنك بابا نطونيو وشركائه قبل كوكينى وشركة الأنابيب بل قبلتها
وخولت للبنك فضلا عن ذلك الحق فى مباشرة إجراءات التنفيذ المباشر للحصول على مطلوبه
وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة. فقررت الطاعنة بالطعن فى هذا الحكم
بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى فى سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون فى سبعة
أوجه. أولا – لأنه قبل دعوى تفسير لحيثية حكم من الأحكام مع أنه لا سند لذلك فى القانون
إذ أن تفسير الحكم مقصور على منطوقه. وثانيا – لأنه قبل دعوى التفسير مع أنه لا يوجد
غموض أو إبهام فى منطوق الحكم المفسر. ثالثا – لأنه ناقض وألغى الحكم المطلوب تفسيره.
رابعا – لأنه ناقض حتى ما طلبه بنك بابا نطونيو فى طلب التفسير وجاء بحكم يخالف الحكم
الاستئنافى فى منطوقه وتفسيره. خامسا – ناقض وألغى الحكم الاستئنافى الذى قرر أنه قضى
فى استئنافى كوكينى وعيسى جرجس داود وشريكه الذى لم يغير ما قضى به الحكم الابتدائى
من رفض طلبات البنك ضد شركة الأنابيب. سادسا – لأنه ناقض وألغى الحكم الاستئنافى المفسر
الذى قضى بانحصار حق البنك فى تنفيذ الحكم الابتدائى بالاجراء المباشر ضد كوكينى وعلى
الرغم من ذلك قرر الحكم المطعون فيه أن الحكم الاستئنافى لم يرفض حقوق البنك ضد شركة
الأنابيب، سابعا – لأنه ناقض وألغى الحكم الابتدائى القاضى برفض طلب البنك ضد الشركة
فكان لزاما على الحكم التفسيرى المطعون فيه احترام الحكم الاستئنافى المفسر طبقا لمنطوقه
الصريح وحيثيته الواضحة التى رفض فيها طلب البنك ضد الشركة الحكم له بالمبالغ المحوّلة
له من كوكينى على الشركة.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه "أن المحكمة أضافت الحيثية المتنازع عليها لا لتنقص
من حقوق طالب التفسير بل لتقرير أن عبارة الرفض التى وردت على منطوق حكمها لا تنصب
على حقوق بنك بابا نطونيو وشركاه ولا يجب أن يضار بها". وبعد أن تعرض الحكم المطعون
فيه لدفاع الشركة الطاعنة على أن الحكم الاستئنافى المفسر رفض طلب البنك أن يحكم له
بالمبالغ المحوّلة لكوكينى على الشركة الطاعنة جاء به "إن حقوق البنك مستمدة من عقد
التنازل الصادر إليه هذا التنازل الذى أعلن إلى شركة أنابيب الصرف وحجز تحت يدها بمقتضاه
والذى لم يقدم للمحكمة طعن فيه حتى كانت تقضى برفضه، ولذلك فما ورد بالحيثية المتنازع
عليها يندمج فيما ورد بالمنطوق ويبرر طلب التفسير… وأن التفسير الذى تقول به المدعى
عليها الثانية (الشركة الطاعنة) غير سليم وبعيد عن نية المحكمة فهى حين نصت على تخويل
بنك بابا نطونيو وشركاه الحق فى التنفيذ المباشر إنما أرادت أن تخوّل له الحق فى هذا
التنفيذ إلى جانب حقه الآخر عن طريق حجز ما للمدين" ثم رتب الحكم على ذلك قبول دعوى
التفسير والتقرير بأن المحكمة لم ترفض حقوق بنك بابا نطونيو قبل كوكينى وشركة الأنابيب
وهذا الذى انتهى إليه الحكم مخالف للقانون ذلك أنه يبين من مراجعة الأوراق أن البنك
طلب أمام محكمة أول درجة اعتبار ما يحكم به لمصلحة كوكينى على شركة الأنابيب محكوما
به لصالحه وذلك إعمالا لعقد الحوالة المؤرخ 5/ 4/ 1944 الذى بمقتضاه حول كوكينى للبنك
جميع ما يستحقه قبل الشركة فلما قضت محكمة أول درجة برفض طلب كوكينى ضد الشركة لما
ثبت من أن الشركة غير مدينة له لم يعد هناك محل لطلب البنك فقضت برفضه فلم يستأنف البنك
هذا الحكم ولما استأنفه كل من كوكينى وعيسى جرجس داود وعلى محمد اسماعيل أعاد البنك
ما طلبه أمام محكمة أول درجة أى اعتبار ما يحكم به لمصلحة كوكينى على الشركة محكوما
به لصالحه وذلك اعمالا لعقد الحوالة إلا أن محكمة الاستئناف رغما عما انتهت إليه من
مديونية الشركة لكوكينى لم تر محلا لإجابة طلب البنك معللة ذلك بأن للبنك بوصف كونه
دائنا لكوكينى ومحكوما لصالحه من محكمة أول درجة بقيمة دينه التنفيذ مباشرة بقيمة المبلغ
المحكوم به – وقضت فى منطوق حكمها برفض ما خلا ما قضت به من طلبات – وهو قضاء واضح
ليس فى حاجة إلى تفسير ويفيد بجلاء أن المحكمة لم تر مسوغا لما يطلبه البنك من إعمال
أثر الحوالة الصادرة له من كوكينى اكتفاء بما يخوله له الحكم الصادر لمصلحته من محكمة
أول درجة من التنفيذ مباشرة بقيمة دينه – وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ فسر هذا
الحكم بأنه لم يرفض طلب البنك بل قبله إنما هو محاولة لتقويم الحكم لا لتفسيره. وعلى
ذلك تكون المحكمة قد جاوزت سلطتها فى التفسير وأخطأت فى تطبيق القانون مما يتعين معه
نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أن الموضوع صالح للبت فيه.
ومن حيث أنه يبين مما تقدم أن الحكم المطلوب تفسيره واضح العبارة فى أنه إنما قضى برفض
طلب البنك لذلك تكون دعوى التفسير متعين رفضها.
