الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 148 سنة 21 ق – جلسة 25 /11 /1954 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 6 – صـ 165

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1954

القضية رقم 148 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
قوة الأمر المقضى. إجارة. ملكية. حكم صادر فى دعوى إيجار برفض قبول تدخل مدعى الملكية وبالزام المستأجر بدفع الأجرة للمؤجر. لا يحوز قوة الأمر المقضى فى دعوى الملكية.
الحكم الصادر فى دعوى الإيجار بإلزام المستأجر بدفع الأجرة للمؤجر ورفض قبول تدخل مدعى ملكية العقار المؤجر، لا يجوز قوة الأمر المقضى فى دعوى الملكية التى يرفعها مدعى الملكية ضد هذا المؤجر لاختلاف موضوع الدعويين، ذلك لأن الإيجار وهو علاقة شخصية بين طرفين يجوز الحكم به للمؤجر ولو كان غير مالك على خلاف دعوى الملكية التى لا يقضى فيها إلا للمالك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع – حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 797 سنة 1947 كلى طنطا ضد الطاعنين بصحيفة أعلنت فى 7 و9 من أكتوبر سنة 1947 قالت فيها إنها تملك 3 أفدنة و8 قراريط و6 أسهم أطيانا زراعية بزمام ناحية العداوى مركز كفر الزيات كما تملك حصة قدرها 14 قيراطا وسهمان من 24 قيراطا فى منزل مساحته 100 متر و40 سنتيمترا كائن ببندر طنطا بشارع درب التراسين وذلك بموجب عقود مسجلة كانت مودعة مع ختمها لدى والدها المرحوم على على الضرغامى مدة حياته، وأن الطاعنة الأولى السيدة فهيمة عبد اللطيف محمد زوجة والدها انتهزت فرصة مرضه الأخير واستولت على ختمها ومستندات تمليكها المودعة طرفه وتصرفت فى الأعيان المذكورة بالبيع إلى الطاعن الثانى بعقد مؤرخ فى 28/ 5/ 1946 ومسجل فى 6/ 6/ 1946، ثم عادت الطاعنة الأولى فاستردت منه هذه الأعيان بعقد لا حق مؤرخ فى 29/ 6/ 1946 ومسجل فى 27/ 7/ 1946 – ولما تكشفت لها هذه الحقيقة بعد وفاة والدها فى 27 من أغسطس سنة 1947 أبلغت ضد الطاعنة الأولى، ثم سارعت برفع دعواها المذكورة طالبة الحكم أولا: بوضع العقارات المتنازع عليها تحت الحراسة القضائية حتى يفصل نهائيا فى شأن ملكيتها، ثانيا: تثبيت ملكيتها لتلك العقارات وتسليمها… وقد قضت محكمة أول درجة فى 4 من نوفمبر سنة 1948 برفض طلب الحراسة… واستندت المطعون ضدها فى الموضوع إلى العقود الأربعة المسجلة للتدليل على شرائها هى ووالدها المرحوم على على الضرغامى المقادير الثابتة بتلك العقود وما يخص كلا منهما فيها وأن الختم الموقع به على هذه العقود هو ختمها لا ختم الطاعنة الأولى وقالت المطعون ضدها إنها وإن كانت تسمى "نفيسه" إلا أنها اشتهرت باسم فهيمة، وأن كلا الاسمين لذات واحدة حسب الثابت بالإعلام الشرعى المقدم منها، ويؤيد ذلك أيضا ما ورد الإقرار الصادر من حافظ فتح الله جنيدى البائع لمعظم الأطيان المتنازع عليها ومضمونه أن البيع كان للبنت لا الزوجة. وقد رفعت الطاعنة الأولى الدعوى بأن عقود التمليك الصادرة عن الأطيان والمنزل لاسم فهيمه على على الضرغامى قد صدرت لها شخصيا وأنها وحدها صاحبة هذا الاسم نسبة إلى زوجها الذى منحها هذا الاسم أخذا بالتقليد العائلى فى أسرة زوجها، واستدلت على ذلك بإقرارين صادرين لها من زوجها فى أول أكتوبر سنة 1935 وأحدهما ثابت التاريخ فى 22/ 5/ 1946 ذكر فيهما أن فهيمه عبد اللطيف محمد هى المسماة بفهيمة على الضرغامى، واشتهرت بهذا الاسم وهى زوجته ومقيمة معه وأن الزوج على على الضرغامى يقرر كذلك أن ليس له بنت تسمى فهيمة مطلقا والتزم هذا الزوج فى أحد هذين الإقرارين بدفع مبلغ 400 جنيه إليها إذا عارضها أو نازعها أحد فى ممتلكاتها – كما استندت الطاعنة فى دفاعها كذلك إلى تعهد كتابى موقع عليه من السيد أحمد على الضرغامى "ابن زوجها" ذكر فيه أنه يتعهد بالمحافظة على والده وأخيه وزوجة والده "الطاعنة الأولى" فهيمة عبد اللطيف الضرغامى مما يؤيد شهرتها بهذا الاسم، كما استندت إلى وضع يدها الفعلى على الأطيان والمنزل من وقت شرائها وإدارتها لنفسها وانتفاعها بغلتها وتأييد ذلك بتوكيل شرعى أصدره لها زوجها فى 5 من ديسمبر سنة 1945 برقم 123 سنة 45/ 1946 متتابعة باسم فهيمة عبد اللطيف الضرغامى وبعقود إيجار محررة منها لمستأجرين عديدين باسم فهيمة على على الضرغامى وأشارت الطاعنة فى دفاعها بصفة خاصة إلى الحكم رقم 1488 سنة 1947 مدنى كفر الزيات الذى أراد أحمد الضرغامى شقيق المطعون عليها التدخل فى الدعوى المشار إليها خصما "ثالثا" على أساس أنه هو المالك للقدر المطالب بإيجار بموجب عقد بيع عرفى محرر فى 5/ 2/ 1945 صادر إليه من والده على على الضرغامى بعد أن كان قد تدخل فى الدعوى رقم 220 سنة 1947 مدنى كفر الزيات المرفوعة من الطاعنة على أحد مستأجريها بصفته وكيلا عن شقيقته المطعون عليها "نفيسة على على الضرغامى" خصما ثالثا فى تلك الدعوى مدعيا ملكية الأطيان المطالب بإيجارها وقد قضى برفض هذا التدخل تأسيسا على أن الظاهر من أوراق الدعوى أن طالبة التدخل اسمها نفيسة كالثابت بقسيمة زواجها ولم يرد فيها اسم شهرة لها وأن إقرار المورث الرقيم أكتوبر سنة 1935 يفيد صراحة أن زوجته فهيمة عبد اللطيف محمد ضرغام هى بذاتها فهيمة على على الضرغامى وأن الإعلام الشرعى الخاص باسم شهرة المطعون ضدها لا قيمة له لأنه من عملها وحدها وإن دل هذا الإعلام على شئ فإنما يدل على اسم المطعون ضدها الحقيقى "نفيسة" وزادت الطاعنة فى دفاعها الوارد بمذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة لجلسة 8 من يونيه سنة 1948 بأن الدعوى المطروحة ترديد لذات النزاع الذى سبق إثارته فى القضايا رقم 60 و61 و220 سنة 1947 مدنى كفر الزيات الخاصة بطلب الإيجار وقد فصل فى تلك القضايا على سبيل الجزم فى النزاع على الاسم الذى يتنازعه الطرفان وأن النزاع على الملكية لم يعد نزاعا جديا إذ سبق الفصل فى موضوعه من محكمة كفر الزيات فى دعاوى الإيجار المشار إليها… وفى 2 من يونيه سنة 1949 أصدرت محكمة أول درجة حكمها فى الدعوى بثبوت ملكية المطعون ضدها إلى القدر المبين بصحيفة افتتاح الدعوى وتسليمه إليها تأسيسا على أن الثابت بعقود التمليك أن المشترى فيها هو فهيمة "بنت" على على الضرغامى وليست فهيمة عبد اللطيف على الضرغامى أو فهيمة على الضرغامى زوجة المورث ولم يذكر فى العقود أن المشترية زوجته وإقرار المورث بأن ليس له بنت باسم فهيمة لا يتنافى مع كون اسم المطعون ضدها نفيسه وأنها اشتهرت باسم فهيمة يؤكد هذا ما ورد باقرار حافظ فتح الله جنيدى الرقيم 15 من نوفمبر سنة 1934 البائع بأن البيع منه كان للبنت وأنه قبض الثمن منها لا من الزوجة… استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 817 سنة 5 ق استئناف اسكندرية طالبين إلغاءه والقضاء برفض الدعوى استنادا إلى ذات الأسباب التى قدماها لمحكمة أول درجة وزادت الطاعنة الأولى فى مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف لجلسة 15/ 4/ 1950 تحضير أن طلبت فى ختامها من باب الاحتياط الكلى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أنها هى التى تعاقدت عن الأعيان المتنازع عليها لنفسها وباسمها الذى اشتهرت به "فهيمة على على الضرغامى" وأنها وضعت يدها على الأطيان المتنازع عليها بصفتها مالكة ظاهرة بنفسها من تاريخ الشراء حتى الآن وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1950 قضت محكمة لاستئناف بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعنان الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقد بنى طعنهما على ثلاثة أسباب الأول والثانى منهما مخالفة القانون وقصور فى الأسباب والثالث منها قصور فى الأسباب.
ومن حيث إن السبب الأول يتحصل فى أن أسباب الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه تدور جملة وتفصيلا حول نفى الملكية عن الطاعنة الأولى نفيا مستفادا فى نظر الحكمين من كون العقود صدرت إلى فهيمة على على الضرغامى دون فهيمة زوجة على على الضرغامى ومن عجز الطاعنين عن تقديم تفسير يقنع المحكمة بعكس الظاهر من العقود الأربعة ومن عدم تقديم شهادة الميلاد المثبتة لصغر سن المطعون ضدها وفى هذا النظر مخالفة للقانون وقصور فى التدليل ذلك لأن الطاعنين كانا فى موقف المدعى عليه فى الدعوى الملكية وحسبهما فى هذا المقام الاكتفاء بإنكار الدعوى وأن يتطلبا من الحكم الصادر بملكية المطعون عليها "نفيسه" إيراد الدليل المقبول على أن نفيسة هى هى بالذات فهيمة بنت على على الضرغامى فإذا سكت الحكم عن ذلك دون أن يبين المقدمات الواقعية الدالة على أن فهيمة هى نفيسة فإنه يكون قد خالف القانون إذ قضى بالملكية للمدعية لمجرد نفيها عن المدعى عليها كما يكون قاصر الأسباب مجهلا لعدم إيضاحه كيف أطلق اسم فهيمة على نفيسه المحكوم لها ومتى كان ذلك وما سنده وهل قام حول هذا السند خلاف أم لا – مع قيام هذا الخلاف فعلا بين الطرفين على ذلك – وهو ما يعتبر حجر الزاوية فى قبول الدعوى من عدمه الأمر الذى تغاضى عنه الحكمان دون التفات إلى قيمة الإشهاد الشرعى ولا إلى أحكام الإيجار الصادرة فى مواجهة المطعون ضدها وما تضمنته من إهدار لقيمة هذا الإشهاد وما حواه من اختلاق شهرة مصطنعة للمطعون ضدها بعد وفاة أبيها وكان واجب الحكم أن يقول كلمته فيها وألا يغفل التحدث عن وثيقة الزواج الرسمية الخاصة بالمطعون ضدها التى تثبت أنها لغاية 6 يوليه سنة 1946 لم يكن لها سوى اسم واحد.
وحيث إن هذا النعى مردود بما أورد الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص إذ قرر "وحيث إن النزاع بين المدعية والمدعى عليها ينحصر فى أن كلا منهما تدعى أنها المشترية فى العقود الأربعة الأول المقدمة بحافظة المدعية فتقول المدعية إنها اشتهرت باسم فهيمة وأنها بنت المرحوم الشيخ على الضرغامى وتقول المدعى عليها الأولى إنها المشترية بتلك العقود فاسمها فهيمة وقد نسبها زوجها المرحوم على الضرغامى إليه منذ زواجهما فاشتهرت بفهيمة على الضرغامى كما استندت كل منهما على ما قدمته من مستندات على صحة ادعائهما.
وحيث إنه بالرجوع إلى تلك العقود يبين أن المشترى فيها هى فهيمة بنت على الضرغامى وليس فهيمة عبد اللطيف الضرغامى أو فهيمة على الضرغامى زوجة على الضرغامى بل المذكور أنها فهيمة بنت على الضرغامى وجاء بالحكم الاستئنافى المطعون فيه: إن المستأنفين لم يقدما أى تفسير بالمرة لما جاء بعقود التمليك من أن المشترى فيها هى فهيمة بنت على على الضرغامى مع أن كلمة بنت التى وردت فى جميع العقود تعريفا لفهيمة المشترية تقطع بطريقة حاسمة بأنها ابنة على على الضرغامى وليست زوجته إذ لو كانت زوجته لذكر ذلك صراحة ولكتب الاسم فهيمة على على الضرغامى دون ذكر كلمة "بنت" التى تقطع فى بيان صلة فهيمة المشترية بأنها ابنة على على الضرغامى وسكوت المستأنفين عن تقديم أى تفسير يغير من هذا البيان الواضح المؤيد لدعوى المستأنف عليها يدل على عجزهما عن مواجهة هذا الدليل الحاسم ويبين من هذا الذى قرره الحكمان أن محكمة الموضوع لم تقض للمطعون ضدها بملكية الأعيان المتنازع عليها لمجرد عجز الطاعنين عن إثبات ملكيتهما لهذه الأعيان بل لما ثبت لها بالدليل الحاسم أن هذه الأعيان مملوكة للمطعون ضدها نفيسه بنت على على الضرغامى الشهيرة بفهيمة وإذا كان الحكمان الابتدائى والمطعون فيه قد عرضا إلى تفنيد ما يتمسك به الطاعنان أو إلى عدم تقديمهما ما يؤثر فى صحة مستندات المطعون ضدها فلا يكون هذا منهما إلا استكمالا لأسباب الحكم ولا يسوغ اتخاذ ذلك وسيلة لبتر أسباب الحكم والزعم بأنه بنى على مجرد عجز أحد طرفى الخصومة عن إثبات ما يدعيه. أما القول بأن محكمة الموضوع لم تحسم المسألة الجوهرية القائمة بين طرفى الخصومة وهى أن نفيسه المطعون ضدها هى بذاتها فهيمة بنت على على الضرغامى فإن الحكم الابتدائى قد عرض لذلك بقوله: "وحيث إن المشترية فى العقود الوارد بها العقارات موضوع النزاع بأنها فهيمه بنت على الضرغامى قاطع فى أنها المدعية لأنها ابنة الشيخ على الضرغامى أما ما جاء بالإقرارين الصادرين من المرحوم الشيخ على الضرغامى من أنه ليس له بنت تدعى فهيمه فهو لا يتنافى مع كون اسم المدعية نفيسة وأنها اشتهرت باسم فهيمه وتأكد هذا بما جاء بالإقرار رقم 2 حافظة رقم 10 دوسيه الصادر من أحد البائعين فى العقد رقم 3 حافظة رقم 4 وهو حافظ فتح الله جنيدى الذى يقرر فيه أن عقد البيع.. صادر منه للمدعية وأنه قبض الثمن منها وليس من المدعى عليها الزوجة…". كما قرر الحكم المطعون فيه فى هذا الصدد "إن الإقرارات الصادرة من على على الضرغامى عن الأعيان المذكورة لا تقوم حجة على المستأنف عليها لأنها تستمد حقها فى الملكية من العقود الصادرة من البائعين للأعيان سالفة الذكر لاسمها بصفتها ابنة على على الضرغامى فلا قيمة لهذه الإقرارات فى الإثبات ضدها لنفى هذه الملكية وهى لا تخرج عن كونها شهادة مكتوبة من شخص توفى وهى فى ذاتها شهادة محوطة بالشبهات لعلاقة الزوجية التى كانت تربطه بالمستأنفة الأولى التى كانت تقيم معه ويتضح من سياق هذه التقريرات الموضوعية التى أوردها الحكمان الإبتدائى والمطعون فيه أنهما عالجا هذا الخلاف حول الاسم المتنازع عليه من حيث اعتبار المطعون ضدها نفيسة وشهرتها فهيمة وأنها هى المشترية للعقارات المتنازع عليها وعدم التعويل على إقرارات المورث التى تستند إليها الطاعنة ولا يعدو بعد هذا أن يكون النزاع فى هذه التقريرات جدلا موضوعيا مما يتصل بتقدير الأدلة فى الدعوى وهو ما ينآى عن رقابة هذه المحكمة ومن ثم كان هذا الوجه من الطعن على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن السبب الثانى من أسباب الطعن يتحصل فى أن الطاعنة الأولى تمسكت عند عرض النزاع على المحكمة الابتدائية بحجية الأحكام الثلاثة الصادرة فى دعاوى الريع رقم 60 و61 و220 سنة 1947 مدنى كفر الزيات وكان قضاؤها فى حضور ومواجهة المطعون ضدها – ينفى ما ادعته هذه الأخيرة من أن لها اسما آخر وينفى حقها فى ريع العقارات المتنازع عليها تبعا لذلك وكان تمسكها فى المذكرة رقم 12 دوسيه صريحا واضحا بأنه قد فصل فى تلك القضايا على سبيل الجزم فى ذلك النزاع على الإسم الذى تحاول المدعية إثارته وأنه لم يعد هناك نزاع جدى على الملكية بل هو نزاع صورى سبق أن فصلت فيه محكمة كفر الزيات فى قضايا الإيجار المشار إليها. ورغم هذا التمسك بالحجية فقد ضن الحكم المستأنف على الطاعنة بالبحث فى حقيقة تلك الأحكام مع أن الدعوى الحالية ترمى إلى إهدار ما تضمنته من قضاء صريح فى نقطة هى لب الخصومة وجوهرها ودون أن تتنبه إلى تمسك الطاعنة بحجية الأمر المقضى المستفاد منها وهذا قصور وإبهام فيه إهدار لأهم ما استندت إليه الطاعنة ولأن سكوت الحكم المطعون فيه عن التعليق على هذا الدفاع مما يعيب الحكم ويبطله ذلك لأنه قضاء بين نفس الخصوم وفى نفس الموضوع على خلاف حكم سابق مما يجعله صالحا للطعن فيه طبقا للمادة 426 مرافعات سواء دفع بذلك أم لم يدفع ولأنه جاء مخالفا لحكم المادة 425 مرافعات لخروجه على حجية الشئ المقضى فيه بإهدار الحقوق المقررة فى قضايا الريع فوق أنه سكت عن الرد على دفاع جوهرى وعن مناقشة مستندات هامة يتغير لها وجه الحكم فى الدعوى.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن استناد الطاعنه الأولى إلى الأحكام الصادرة فى دعاوى الإيجار الثلاث كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن أوراق الطعن المقدمة كان بصدد التدليل على أنها هى المشترية لأعيان النزاع لا المطعون ضدها ولم تر محكمة الموضوع الأخذ بهذا التدليل فاطرحته لإقتناعها بأن المشترية هى فهيمه على على الضرغامى لا فهيمه عبد اللطيف حسب ظاهر العقود وترجح لديها ذلك بشواهد وأدلة أخرى وفى هذا ما يسقط فى نظرها الاستدلال بسند تلك الأحكام الثلاثة وما انطوت عليه – وقد أبرز الحكم الاستئنافى المطعون عليه هذا المعنى وأكده بقوله: "إن عقود الإيجار المقدمة من المستأنفين عرفية وغير ثابتة التاريخ وأن إجراءات الحجز التى اتخذت بمقتضاها تالية لوفاة على على الضرغامى فلا يحتج بها على المستأنف ضدها" وفى عدم تعويل المحكمة على عقود الإيجار للعلة التى أوردها الحكم ما يسفر عن عدم تعويلها على التدليل بتلك الأحكام التى بنيت عليها. وهذا تدليل فى نظرها غير منتج ولا جدوى من الرد عليه.
وحيث إنه يضاف إلى ما تقدم أن أحكام الإيجار الثلاثة المشار إليها كان موضوعها مطالبة بإيجار وقد رفض طلب تدخل المطعون ضدها فى تلك الدعاوى ولا يصح أن يمس حقها فى الملكية ولا يصح أن تحاج بهذه الأحكام فى خصوصها لاختلاف موضوع الدعويين وذلك لأن الإيجار وهو علاقة شخصية بين طرفين يجوز الحكم به للمؤجر ولو كان غير مالك على خلاف دعوى الملكية التى لا يقضى فيها إلا للمالك. وأما الاستناد إلى المادة 426 مرافعات فمناطه توافر شروط قاعدة قوة الأمر المقضى وهى غير متوافرة فى خصوصية الدعوى ذلك لأن القضاء الصادر فى دعاوى الإيجار فى الصورة المتقدمة لا حجية له بالنسبة لطلب الملكية ومن ثم كان هذا النعى على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الطاعنة تمسكت بطلب إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات وضع اليد ولإثبات أن الطاعنة هى التى تعاقدت لنفسها وباسمها الذى اشتهرت به وهو فهيمة على على الضرغامى وأنها وضعت اليد على الأطيان المتنازع عليها بصفتها مالكة ظاهرة بنفسها من تاريخ شراء العقارات المبينة فى العقود حتى الآن كما أنها قدمت إلى محكمة الاستئناف عقد البيع الابتدائى المحرر فى 20 من يونية سنة 1937 الخاص بالمنزل والذى ذكر فيه أن البيع صدر إلى الشيخ على الضرغامى وزجته فهيمة. ولكن محكمة الموضوع لم ترد على طلب التحقيق ولم تشر بشئ إلى دلالة عقد البيع المشار إليه مع أنه منتج فى تملك العقارات المبيعة وهذا قصور مبطل للحكم.
وحيث إن هذا النعى مردود كذلك بأن مدار الخلاف بين الطرفين كان قائما على التحقق من شخصية المشترى لأعيان النزاع وقد أدلى كل طرف بدفاعه ومستنداته وقد حصلت محكمة الموضوع فهمها للواقع فى الدعوى واقتنعت بما قضت به للمطعون عليها بملكية تلك الأعيان المتنازع عليها وبنت قضاءها على أسباب كافية لحمله وحسب الحكم أن يكون قائما على ما يبرره من الاعتبارات ويتضمن الرد على ما أثير فى الدعوى من أوجه دفاع موضوعية، مما يجعل طلب التحقيق وقرينة عقد البيع العرفى غير منتجين.
وحيث إنه من ذلك يتضح أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات