الطعن رقم 37 سنة 21 ق – جلسة 18 /11 /1954
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 6 – صـ 127
جلسة 18 من نوفمبر سنة 1954
القضية رقم 37 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
( أ ) مسئولية. مسئولية الحكومة عن تنفيذ المشروعات العامة. هى مسئولية تقصيرية – وجوب
إثبات أن خطأ وقع من جانبها.
(ب) إجارة. مسئولية. شرط إعفاء المؤجر من المسئولية الناشئة عن تعطيل آلات الرى وتغيير
طريقة. هو شرط صحيح قانونا.
1 – لا تسأل الحكومة إن هى قامت بتنفيذ مشروع من المشروعات العامة مثل تحويل ترعة إلى
مصرف إلا فى نطاق المسئولية التقصيرية، فلا تسأل عما يكون قد لحق الأفراد من ضرر بسبب
هذا المشروع إلا إذا ثبت أنها ارتكبت خطأ معينا يكون سببا لمساءلتها.
2 – النص فى عقد الإيجار على إعفاء المؤجر من كل مسئولية تنشأ عن الرى وعطل آلاته وتغيير
طريقه هو شرط صحيح قانونا ملزم للمستأجر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامين عن الطاعنة والمطعون عليهما الأولى والثانية والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل – كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقى أوراق الطعن – فى أن
الطاعنة تمتلك 29 فدانا وكسور بناحية ميت كنانة مركز طوخ واستأجرت من وزارة الأوقاف
أطيانا لمدة ثلاث سنوات تنتهى فى 14 من نوفمبر سنة 1939 منها 187 فدانا وكسور لوقف
ابراهيم عبد رب النبى النحاس بناحية الحصة مركز طوخ و89 فدانا وكسور لوقف أحمد خالد
الحكيم بناحية ميت كنانة، وفى سنة 1937 أنشأت وزارة الأشغال مصرفا يسمى مصرف الدير
اخترق الأرض المملوكة للطاعنة بناحية ميت كنانة وحولت الترعة التى كانت تروى منها أطيان
وقف ابراهيم عبد رب النبى النحاس، وكانت تسمى ترعة مصرف العموم إلى مصرف وجعلت طريق
ريها الوحيد ترعة حصة كوم بتين، فأقامت الطاعنة هذه الدعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية
تطالب فيها بتعويض الضرر الذى أصابها فى أطيانها الملك وفى الأطيان المستأجرة وبنت
دعواها على أن وزارة الأشغال لما أنشأت مصرف الدير أنشأت عليه أيضا طلومبة رفعت بها
مياه المصرف الضارة إلى أطيانها الملك فأضرت بخصوبتها وأتلفت زراعتها وحديقتها، كما
أن وزارة الأشغال عندما حولت ترعة مصرف العموم التى كانت تروى منها الأطيان المستأجرة
من وقف النحاس وجعلتها مصرفا لم تنشئ لها طريقا آخر للرى يفى بحاجتها بدلا من طريق
الرى الذى عطلته وأن وزارة الأوقاف لم تعمل من جانبها على تلافى هذه الحالة فأصاب هذه
الأطيان المستأجرة من وقف خالد النحاس عطش أضر بزراعتها كما أصاب الأطيان المستأجرة
من وقف خالد ضرر كبير بسبب ما أخذ منها فى مشروع مصرف الدير وبسبب العطش الذى لحقها
من جراء عطل آلات الرى التابعة لهذا الوقف وعدم كفايتها، واستندت فى دعواها إلى تقارير
الخبراء المقدمة فى دعاوى اثبات الحالة رقم 621 و749 أ لسنة 1938 و1246 لسنة 1939 مستعجل
مصر. وفى 6 من يونيه سنة 1940 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض دعوى الطاعنة وبنت
حكمها بالنسبة لتعويض الضرر الخاص بالأطيان المملوكة للطاعنة على أنه لم يثبت من الأوراق
ولا من تقرير الخبير ما يدل على وقوع خطأ أو إهمال من وزارة الأشغال. أما بالنسبة لتعويض
الضرر الخاص بالأطيان المستأجرة فقالت إن وزارة الأشغال كانت فى حدود استعمال حقها
المقرر فى القانون عندما قامت بتحويل ترعة مصر العموم إلى مصرف مراعية فى ذلك مصلحة
المجموع، فلا يمكن أن تسأل عن تعويض فرد بذاته بزعم أن المياه شحت عما كانت عليه فلحقه
ضرر من جراء ذلك، وأما فيما يختص بوزارة الأوقاف وجهتى الوقف التى تتبعها الأطيان المستأجرة
فقالت المحكمة بعدم مسئوليتها استنادا إلى البند السادس عشر من عقدى الإيجار الذى ينص
على إعفاء جهة الوقف من كل مسئولية فى هذا الشأن وأخيرا بالنسبة لما أخذ من الأرض المستأجرة
للمنفعة العامة قالت المحكمة أنها أجابت الطاعنة إلى ما طلبته فى دعويى الإيجار المرفوعتين
عليها وكانتا منظورتين بنفس الجلسة وخصمت لها من أصل الإيجار المطلوب منها ما تستحقه
من التعويض فى هذا الصدد. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم طالبة إلغاءه والقضاء لها بكامل
طلباتها التى تقدمت بها أمام محكمة القاهرة الابتدائية قبل المطعون عليهم، فقضت محكمة
استئناف القاهرة فى 30 من ديسمبر سنة 1950 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض
الدعوى بالنسبة لتعويض الضرر الذى أصاب الطاعنة فى أرضها المملوكة لها وألزمت وزارة
الأشغال بأن تدفع لها مبلغ 490 جنيها و680 مليما والمصروفات المناسبة عن الدرجتين،
وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. فقررت الطاعنة بالطعن بالنقض فى هذا الحكم فى
شقه الذى قضى برفض طلب التعويض عن الأطيان المستأجرة.
وحيث إن الطعن بنى على سببين: حاصل أحدهما وقوع تناقض فى الحكم المطعون فيه إذ ألزم
وزارة الأشغال بتعويض الضرر الذى أصاب الطاعنة فى أطيانها المملوكة لها ولم يلزمها
بالتعويض عن الضرر الذى أصابها فى الأطيان التى استأجرتها من وقفى النحاس وخالد.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه فرق بين الضرر الذى أصاب
الطاعنة فى أرضها المملوكة لها من جراء إنشاء وزارة الأشغال مصرفا فى وسطها وتسرب مياه
المصرف إليها، والضرر الذى أصاب الطاعنة فى الارض المستأجرة من جراء تحويل وزارة الأشغال
الترعة المارة بوسط الأرض التابعة لوقف النحاس إلى مصرف وما لحق الطاعنة بسبب ذلك التحويل
من العطش الذى أضر بزراعة الأرض المستأجرة من الوقف المذكور فقضى الحكم بإلزام وزارة
الأشغال بالتعويض فى الحالة الأولى استنادا إلى ما ثبت من تقرير الخبير حسين فهيم فى
دعوى إثبات الحالة رقم 621 لسنة 1938 مستعجل مصر من تقصير وزارة الأشغال وقضى برفض
التعويض قبلها فى الحالة الثانية استنادا إلى ما قاله من أن الطاعنة لم تبين أن خطأ
أو إهمالا وقع من وزارة الأشغال عندما قامت بتحويل الترعة إلى مصرف وظاهر بجلاء من
هذا الذى ذكره الحكم فى أسبابه ألا تناقض فيه إذ أنه لا تلازم بين الضرر فى الحالتين
لاختلاف سببه فى كل منهما، ولأن ثبوت تقصير وزارة الأشغال فى الحالة الأولى لا يستتبع
بالضرورة ثبوت تقصيرها فى الحالة الثانية.
وحيث إن السبب الآخر من أسباب الطعن يتحصل فيما تنعاه الطاعنة على الحكم من قصور فى
أسبابه المتعلقة برفض الشق الثانى من طلباتها عن تعويض الضرر الذى أصابها فى الأطيان
المستأجرة وقد حصرت الطاعنة أوجه القصور فيما يأتى: – أولا – ما عزاه إليها من اضطراب
فى الطلبات وثانيا – عدم رده على طلبها الاحتياطى الخاص بالانتقال للتحقق من الضرر
أو ندب خبير للتأكد منه وثالثا – عدم رده على ما تمسكت به من وجوب الأخذ بمبدأ تحمل
التبعة فيما يصيب الأفراد من الضرر الناشئ عن أعمال الإدارة بغير حاجة إلى ضرورة إثباتها
الخطأ رابعا – عدم رده على ما أثارته من مسئولية جهة الوقف عن عدم انتفاعها الانتفاع
الكامل بالأطيان المستأجرة نتيجة إلغاء الترعة وتعطيل وابورات الرى وخامسا – قول الحكم
المطعون فيه على خلاف الثابت فى الأوراق أنها لم تبين أن خطأ أو إهمالا وقع من وزارة
الأشغال عندما قامت بتحويل ترعة مصرف العموم إلى مصرف فى حين أن الخبير حسين فهيم أثبت
فى تقريره المقدم فى قضية إثبات الحالة رقم 621 لسنة 1938 مستعجل مصر والخبير عياد
بشاى فى تقريره المقدم فى قضية إثبات الحالة رقم 1246 لسنة 1939 مستعجل مصر أثبتا الضرر
الذى أصاب زراعتها فى الأطيان المستأجرة من الوقف وسببه وهو إلغاء وزارة الأشغال لترعة
مصرف العموم المارة وسط الأطيان وقف النحاس دون أن تدبر لها طريقا آخر للرى يفى بحاجة
تلك الأطيان ثم تركيبها ماسورة للرى على ترعة حصة كوم تبين بطريقة خاطئة لا تتفق والأصول
الفنية وتمنع وصول المياه إلى داخل الأرض.
وحيث إن الأوجه الأربعة الأولى من أوجه القصور سالفة الذكر مردودة أولا بما يستفاد
من الحكم المطعون فيه من أن ما عزاه إلى الطاعنة من اضطراب فى الطلبات إنما كان تزيدا
وأنه أقام قضاءه فى شقه الخاص برفض طلب التعويض عن الأرض المستأجرة من وقف خالد على
انتفاء المسئوليه التقصيرية بالنسبة لوزارة الأشغال وذلك لعدم توافر ركن الخطأ من جانبها
وفى شقه الخاص برفض طلب التعويض قبل جهتى الوقف على أن مسئوليتها قبل الطاعنة هى مسئولية
تعاقدية وأنه لا محل للرجوع على جهتى الوقف لما نص عليه فى البند السادس عشر من عقدى
الإيجار الموقع عليهما من الطاعنة المستأجرة والذى يقضى بعدم مسئولية جهة الوقف عن
كل ما يتعلق بالرى وعطل آلاته وتغيير طريقه. ومردوده ثانيا – بما يستفاد من الحكم المطعون
فيه من أن محكمة الموضوع لم تكن بحاجة إلى إثبات حصول الضرر فيما يختص بالأطيان المستأجرة
وإنما كانت فى سبيل بحث توافر ركن الخطأ بالنسبة لوزارة الأشغال لترتب عليه مسئوليتها
التقصيرية ولذا فإن سكوت الحكم المطعون فيه عن الرد على الطلب الاحتياطى الخاص بالانتقال
أو ندب خبير لتحقيق الضرر معناه رفضه ضمنا لعدم لزومه – ومردودة ثالثا – بأن الحكم
المطعون فيه قد رد على ما سمته الطاعنة بمبدأ تحمل التبعة فقرر بحق أن وزارة الأشغال
لا تسأل إن هى قامت بتنفيذ مشروع من المشروعات العامة مثل تحويل ترعة إلى مصرف إلا
فى نطاق المسئولية التقصيرية فلا تسأل عما يكون قد لحق الأفراد من ضرر بسبب هذا المشروع
إلا إذا ثبت أنها ارتكبت خطأ معينا يكون سببا لمساءلتها وفقا لنص المادة 151 من القانون
المدنى القديم. ومردودة رابعا – بما جاء بالحكم المطعون فيه عن البند السادس عشر من
عقدى الإيجار الذى اتفق فيه على إعفاء وزارة الأوقاف وجهتى الوقف اللتين استأجرت الطاعنة
أرضهما من كل مسئولية تنشأ عن الرى وعطل آلاته وتغيير طريقه وأنه شرط صحيح قانونا ملزم
للطاعنة، وهذا الذى ذكره الحكم صحيح فى القانون ويتضمن الرد السائغ الذى يؤدى إلى النتيجة
التى انتهى إليها من رفض دعوى التعويض بالنسبة لوزارة الأوقاف وجهتى الوقف اللتين كانت
تمثلهما وزارة الأوقاف عند التأجير للطاعنة.
وحيث إن الوجه الخامس من أوجه القصور الذى تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه فى
محله ذلك أنه يبين من الحكم المذكور عندما تحدث عن مسئولية وزارة الأشغال عن الضرر
الذى أصاب الطاعنة فى الأطيان المستأجرة أنه اكتفى بالقول بأن الطاعنة لم تبين أن خطأ
أو إهمالا وقع من وزارة الأشغال عندما قامت بتحويل ترعة مصرف العموم المارة وسط أرض
وقف النحاس إلى مصرف مع أنه ثابت من الصورة المقدمة من صحيفة الاستئناف أن الطاعنة
أشارت فيها إلى الخطأ الذى ارتكبته وزارة الأشغال فى هذا الشأن وقالت "وكيف تقول محكمة
أول درجة أنه لم يثبت حصول خطأ أو إهمال ترتب عليه حصول الضرر المدعى به وأنه ليس بالأوراق
ولا تقرير الخبير المنتدب ما يدل على وجود هذا الخطأ مع أن نفس مندوب وزارة الأشغال
يعترف فى محاضر أعمال الخبير أنها وضعت ماسورة الرى التى أنشأتها بعد إلغاء الترعة
بطريقة عكسية تمنع دخول المياه إلى داخل الأرض بوقف ابراهيم عبد رب النبى النحاس بالحصة"
فسكوت الحكم المطعون فيه عن الرد على هذا الدفاع الجوهرى وإغفاله هو والحكم المستأنف
الذى أحال عليه يعيبه بالنسبة لما قضى به فى خصوص مسئولية وزارة الأشغال عن الضرر الذى
أصاب الطاعنة فى الأطيان التى استأجرتها من وقف ابراهيم عبد رب النبى النحاس، وكان
على الحكم المطعون فيه أن يعرض لبحث هذا الخطأ المدعى به وبقول كلمته فيه الأمر الذى
يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه تقضا جزئيا فى هذا الخصوص فحسب.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن بالنسبة لوزارة الأوقاف وجهتى الوقف وبالنسبة لوزارة
الأشغال عن الأطيان التى استأجرتها الطاعنة من وقف أحمد خالد الحكيم ونقض الحكم نقضا
جزئيا بالنسبة لوزارة الأشغال فى خصوص قضائه برفض دعوى الطاعنة قبلها بشأن الأطيان
المستأجرة من وقف ابراهيم عبد رب النبى النحاس.
