الطعن رقم 310 سنة 21 ق – جلسة 04 /11 /1954
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الأول – السنة 6 – صـ 89
جلسة 4 من نوفمبر سنة 1954
القضية رقم 310 سنة 21 القضائية
برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة
الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسى
المستشارين.
تزوير. حكم. تسبيبه. مصادقة المدعى عليه فى دعوى التزوير المدعى على جوهر الواقعة
المطلوب اثباتها. صيرورة الادعاء بالتزوير غير منتج. وجوب القضاء بانهاء إجراءات التزوير.
القضاء برفض دعوى التزوير وإلزام المدعى بالغرامة القانونية. خطأ فى تطبيق القانون.
المادة 289 مرافعات.
وفاء. إثبات. تمسك المدين بأن سبب الدين الثابت بسند إذنى هو التزامه بتوريد أنفار
للدائن. إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات التخلص من الدين دون تحديد طريقة الوفاء.
إخفاق المدين فى الإثبات. النعى على المحكمة بأنها لم تمكنه من إثبات تنفيذ التزامه
على غير أساس.
وفاء. إثبات. حكم. تسبيبه. عجز المدين عن إثبات التخالص من الدين. نعيه على الحكم
القاضى بالزامه بالدين بأنه لم يكيف العقد مصدر هذا الالتزام. نعى غير منتج.
1 – إذا كان المدعى عليه فى دعوى التزوير قد صادق مدعى التزوير على جوهر الواقعة المطلوب
إثباتها فلم تر المحكمة محلا للسير فى إجراءات التزوير لأن الادعاء به أصبح غير منتج
فانه كان عليها وفقا لنص المادة 289 من قانون المرافعات أن تقضى بانهاء اجراءات الادعاء
بالتزوير، أما وقد قضت برفض الادعاء وبالزام مدعى التزوير بالغرامة القانونية فانها
تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، ذلك لأنه لا يجوز الحكم بالغرامة على مدعى التزوير
إلا إذا قضى بسقوط حقه فى الادعاء بالتزوير أو برفضه وفقا لنص المادة 288 من قانون
المرافعات.
2 – إذا كان المدين قد تمسك بأن سبب الدين الثابت بسند إذنى هو تعهده بتوريد عمال للدائن
وكانت المحكمة إذ أحالت الدعوى على التحقيق لإثبات التخالص من الدين لم تحدد طريقا
معينا للوفاء وكان المدين قد أخفق فى الإثبات، فانه لا محل للنعى بأن المحكمة لم تمكنه
من إثبات قيامه بتنفيذ تعهده ذلك لأنه ما دام أن الحكم الصادر بالتحقيق لم يحدد طريقة
الوفاء فكان عليه إثبات قيامه بالعملية محل التعاقد.
3 – متى كان الحكم إذ قضى بالزام المدين بقيمة الدين أقام قضاءه على عجزه عن إثبات
التخالص منه بالبينة فانه يكون غير منتج النعى عليه بأنه لم يكيف العقد الذى نشأ عنه
هذا الدين إذ لا يترتب على إغفال هذا البيان فى خصوص الدعوى تغيير وجه الرأى فيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة
المحامى عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى
أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2667 لسنة 1949 مدنى أشمون وطلب فيها إلزام الطاعن
بأن يدفع إليه بضمانة وتضامن عبد المؤمن معوض وحسين سليمان مبلغ 93 جنيها وذلك بمقتضى
سند إذنى بمبلغ 108 جنيهات مؤرخ فى 28/ 5/ 1949 ومحوّل إليه من سيد أحمد رمضان فى 20/
1/ 1949 وطلب الطاعن إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات التخالص عن الدين جميعه مرتكنا
فى ذلك إلى أنه سدد إلى المحيل من قيمة السند مبلغ 25 جنيها بموجب إيصال مؤرخ فى 26/
6/ 949 وموقع عليه من عبد المقصود مرسى الحناوى وذكر به أنه استلم المبلغ المذكور سدادا
من الدين الذى على الطاعن لترحيل أنفار لمقاومة دودة القطن، ولما أن أدخل المدعى فى
الدعوى المحيل له ضامنا دفعها الأخير بقوله إن أصل الدين كان مبلغ 108 جنيهات وأن المدين
أرسل له مع كاتبه عبد المقصود مبلغ 15 جنيها سدادا من الدين ولم يقبض غيره. وفى 6 من
ديسمبر سنة 1949 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى واقعة التخالص،
وبعد أن أنهت المحكمة التحقيق وجهت اليمين المتممة إلى المحيل على أنه لم يقبض من قيمة
السند إلا مبلغ 15 جنيها وباقى منه 93 جنيها، وبعد أن حلف اليمين قضت المحكمة فى 27/
12/ 949 بالزام الطاعن والضامنين له بأن يدفعوا إلى المطعون عليه الـ 93 جنيها المطالب
به وذلك تأسيسا على أن شاهدى المدعى أيداه فى دعواه وعلى أن وجود السند بيده قرينة
على عدم حصول الوفاء وأن المحيل وجهت إليه اليمين المتممة على استحقاق المبلغ المطالب
به فحلفها وأنه لم يدفع من السند إلا مبلغ 15 جنيها. وقد قال المدعى وشهوده إن هذا
المبلغ دفع عن طريق عبد المقصود مرسى ولم يقبض الدائن المحيل غيره، أما مبلغ العشرة
جنيهات الباقى من مبلغ الـ 25 جنيها فقد ثبت من التحقيق أن عبد المقصود قد قبضه لتوصيله
للمحيل ولم يسلمه لأحد والمدين وشأنه معه. استأنف الطاعن والضامن عبد المؤمن معوض وقيد
استئنافهما برقم 43 لسنة 950 مدنى مستأنف شبين الكوم، واستند المستأنفان فى صحيفة الاستئناف
إلى أنه لم يكن هناك تخالص بالمعنى الذى ذهب إليه حكم محكمة أول درجة لأن سند المطعون
عليه لم يكن سندا إذنيا إنما هو تعهد بتوريد أنفار لمقاومة دودة القطن فى مقابل المبلغ
الوارد به وقد قام بتعهده وارتكن فى ذلك إلى أن السند كان يشتمل على عبارة "توريد أنفار
دودة" وقد أخفى المطعون عليه هذه العبارة بلصق طابعى دمغة عليها لكى لا يتمكن الطاعن
من إثبات واقعة التخالص بتوريده الأنفار لمقاومة دودة القطن. وفى 1/ 1/ 1951 قرر الطاعن
بالطعن بالتزوير فى السند موضوع الدعوى وأعلن شواهد التزوير للمطعون عليه فى 6/ 1/
1951 وحاصلها أنه ثبت بمحضر جلسة 27/ 12/ 1949 أمام محكمة أول درجة أن المحكمة رفعت
طابعى التمغة اللذين كانا على السند المطعون فيه فظهر من تحتهما عبارة "الجميع من صراوة
– أنفار دودة" وأن العبارة المذكورة قد محيت بعد ذلك ويبين للعين المجردة أثر المحو
والكشط مكان تلك العبارة التى كتبت محلها جملة جديدة – كما أن الخط المحرر به عبارة
"الجميع من صراوة" يختلف عن الخط المحرر به باقى السند وأن عبارة "أنفار دودة" التى
محيت أثبتتها محكمة أول درجة بمحضر جلسة 27/ 12/ 1949. وفى 31 من مايو سنة 1951 قضت
المحكمة برفض دعوى التزوير وإلزام المدعى "الطاعن" بمبلغ 25 جنيها غرامة وبتأييد الحكم
المستأنف "فيما قضى به من إلزام الطاعن والضامن بالمبلغ المحكوم به للمطعون عليه".
فقرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب ينعى الطاعن فى الشق الأول من السبب الأول منها
على الحكم المطعون فيه خطأه فى تطبيق القانون ذلك أنه طعن بتزوير سند الدين تأسيسا
على أنه خاص بتوريد أنفار وأن المطعون عليه قد أزال عبارة "توريد أنفار" بعد أن أثبتتها
محكمة أول درجة بمحضر جلسة 27/ 12/ 1949 مما اضطر المطعون عليه إلى اعترافه أمام محكمة
ثانى درجة بأن سبب المديونية هو توريد أنفار وعلى الرغم من ذلك قضى الحكم المطعون فيه
برفض دعوى التزوير وبإلزام الطاعن بغرامتها تأسيسا على أن هذا الاعتراف يجعل دعوى التزوير
غير مجدية مع أن الإقرار المذكور هو إقرار بوجود كتابة صار محوها وهذا يستوجب القضاء
بتزوير الورقة المطعون فيها.
ومن حيث إنه ثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن طعن بالتزوير فى السند بمقولة إنه
كان يحوى بيانا عن سند الدين وهو "توريد أنفار لمقاومة دودة القطن" وأن المطعون عليه
محا هذه العبارة حتى يخفى هذا السبب، فأقر المطعون عليه بمذكرته المودعة بملف الاستئناف
أن أساس الدين هو كما قال الطاعن فلم تر المحكمة محلا للسير فى إجراءات التزوير لأن
الادعاء بالتزوير أصبح غير منتج فكان عليها وفقا لنص المادة 289 مرافعات أن تقضى بإنهاء
إجراءات الادعاء بالتزوير إذ المدعى عليه فى دعوى التزوير يكون باقراره قد صادق مدعى
التزوير على جوهر الواقعة المطلوب إثباتها وإن كان لم يقر بأن هذه العبارة كانت موجودة
أصلا ثم محيت.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الادعاء بالتزوير وبتغريم الطاعن
25 جنيها قد أخطأ فى القانون بما يستوجب نقضه ذلك لأنه لا يجوز الحكم بالغرامة على
مدعى التزوير إلا إذا قضى بسقوط حق مدعى التزوير فى ادعائه أو برفضه وفقا لنص المادة
288 مرافعات.
ومن حيث إن موضوع الادعاء بالتزوير صالح للفصل.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا فى خصوص هذا الادعاء والحكم بإنهاء
إجراءات الادعاء بالتزوير وإعفاء الطاعن من الغرامة.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه فى الشقين الثانى والثالث من السبب الأول
خطأه فى تطبيق القانون، إذ قضى يتأييد الحكم المستأنف الذى قضى بإلزام الطاعن بالمبلغ
المطالب به تأسيسا على السند الإذنى مع أن ذلك لا يتفق مع ما أورده الحكم المطعون فيه
من أن المطعون عليه أقر بأن سبب المديونية هو تعهد بتوريد أنفار وبذلك يكون قد خالف
المواد 137، 148، 150 من القانون المدنى، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بما أخذ به الحكم
الابتدائى من أن الدين ثابت بسند إذنى وأن هذا الدين باق فى ذمة الطاعن لإخفاقه فى
التخالص منه بالأداء كما هو وارد بأقوال الشهود، وهذا القول لا يتفق مع ما نص عليه
بالمادتين 400 و401 من القانون المدنى والحقيقة أن اعتراف المطعون عليه بأن سبب الدين
هو توريد أنفار مما كان يجب معه تنفيذ التعهد وفقا لما اشتمل عليه عملا بالمادتين 148،
150 من القانون المدنى، ومما كان يبرر الإحالة على التحقيق لإثبات قيام الطاعن بتنفيذ
تعهده بتوريد أنفار أجرتهم أكثر من المطالب به.
ومن حيث إن هذا النعى بشقيه مردود أولا بأن الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه على أن
الدين ثابت بسند إذنى بل أقيم على غير ما أخذ به الحكم المستأنف وعلى أن الدين باق
فى ذمة الطاعن لإقراره بقبضه مقابل تعهده بتوريد أنفار ولإخفاقه فى التخالص من سند
الدين بالأداء لما ورد بأقوال الشهود، وهذا الذى قرره الحكم يفيد عجز الطاعن عن إثبات
الوفاء بالدين سواء أكان ناشئا عن سند إذنى أم عن تعهد بتوريد أنفار ولا مخالفة فى
ذلك للمواد 137، 148، 150 من القانون المدنى. ومردود ثانيا بأن محكمة أول درجة أجابت
الطاعن إلى طلب الإحالة على التحقيق لإثبات التخالص من الدين ولم تحدد المحكمة طريقا
معينا لهذا الوفاء فكما يصح أن يكون الوفاء بدفع الدين يصح أن يكون بأى طريق آخر مثل
القيام بالعملية محل التعاقد.
ومن حيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه بتأييده الحكم المستأنف فى
توجيه اليمين المتممة إلى المحيل على استحقاقه مبلغ الدين بموجب السند المرفوع به الدعوى
قد خالف المادة 415 من القانون المدنى لأن أخذه بسند المطعون عليه على اعتبار أنه سند
إذنى يمنع توجيه اليمين المتممة التى يشترط لتوجهيها ألا يكون فى الدعوى دليل كامل
فكيف يتفق توجيه هذه اليمين مع أخذ المحكمة بالورقة المقدمة من المطعون عليه واعتبارها
سندا إذنيا بالمبلغ وهو ما لا يجوز معه توجيه اليمين المتممة.
ومن حيث إن السبب هذا مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه كما فعل الحكم المستأنف
على نتيجة حلف اليمين المتممة التى وجهتها محكمة أول درجة بل ارتكن فى أسبابه على ما
استخلصه من أقوال الشهود من أن الطاعن عجز عن إثبات التخالص من الدين الذى عليه مخالفا
فى ذلك القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى فى السبب الثالث على الحكم المطعون فيه تناقضه فى أسبابه مع
منطوقه ذلك أنه جاء بالحكم الابتدائى فى أسبابه أنه يجب القضاء للمدعى بمبلغ الـ 93
جنيها وذلك بعد أن يخصم من الدين البالغ مقداره 108 جنيها مبلغ الـ 15 جنيها الذى قال
المدعى وشهوده إنه استلمه من الطاعن وتأيد هذا الحكم بالحكم المطعون فيه، مع أن مبلغ
الـ 15 جنيها كان ضمن إيصال بمبلغ 25 جنيها ولا تجوز تجزئة الإيصال المذكور فكان يجب
أن يخصم الـ 25 جنيها جميعه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع
بما أثاره فى سبب طعنه ومن ثم يكون هذا النعى عاريا عن الدليل متعينا رفضه، فضلا عما
هو ثابت من إيصال مبلغ الـ 25 جنيها لم يصدر من المطعون عليه إنما صدر من شخص آخر يدعى
عبد المقصود مرسى الحناوى الذى أقر بأنه استلم المبلغ المذكور لتوصيله للمحيل محمد
سيد أحمد رمضان وقد أقر المحيل بأن لم يقبض إلا مبلغ خمسة عشر جنيها من عبد المقصود
مرسى وكان على الطاعن إن كان ينازع فى هذا الإقرار أن يثبت أن عبد المقصود سلم جميع
المبلغ وهو إذ لم يفعل بعد إحالة الدعوى على التحقيق يكون الحكم فى حل من أن لا يعتد
إلا بالمبلغ المقر بقبضه.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور ذلك أن محكمة
أول درجة قضت بالمبلغ المحكوم به على أساس أنه ثابت بسند إذنى، وجاءت محكمة الاستئناف
وقالت إن سبب المديونية هو توريد أنفار ولم تبين فى أسباب حكمها هل هو سند إذنى أو
عقد توريد أنفار وعلى الرغم من أن المطعون عليه قرر أن سبب الدين هو سند إذنى فإن الحكم
المطعون فيه زاد الأمر غموضا وجاء بأسبابه أن دفاع الطاعن ترديد لما سبق بيانه أمام
محكمة أول درجة وارتكن على أقوال الشهود أمامها للتدليل على إخفاق الطاعن فى التخلص
من الدين بالأداء.
ومن حيث إن هذا النعى غير منتج إذ بحسب الحكم المطعون فيه أن يقيم قضاءه على ثبوت الدين
المقضى به فى ذمة الطاعن تأسيسا على أنه عجز عن إثبات التخلص منه بالبينة وذلك دون
حاجة إلى بيان تكييف العقد الذى نشأ عنه الدين إذ لا يترتب على إغفال هذا البيان فى
خصوص الدعوى تغيير وجه الرأى فيها. على أن حكم الإحالة على التحقيق الصادر من محكمة
أول درجة قد أباح إثبات التخالص من الدين وقد تناول التحقيق واقعة التخالص بتوريد أنفار
كما هو ثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 27/ 12/ 1949 المودعة ضمن أوراق الطعن، وهذا
يتضمن أن التحقيق تناول الوفاء عموما سواء أكان سبب الدين سندا إذنيا أم تعهد بتوريد
أنفار ويفيد أن الطاعن عجز عن إثبات الوفاء على أى وجه من الوجوه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على الحكم المطعون فيه فى خصوص ما قضى فيه بالدين
المطالب به على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
