الطعن رقم 113 لسنة 41 ق – جلسة 18 /04 /1971
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الثانى – السنة 22 – صـ 362
جلسة 18 من أبريل سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين، ومحمد السيد الرفاعى.
الطعن رقم 113 لسنة 41 القضائية
مسئولية مدنية. "مسئولية متولى الرقابة". دعوى مدنية. نقض. "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
قوام مسئولية متولى الرقابة. افتراض إخلال بواجب الرقابة أو إساءة التربية. أو الأمرين
معا. نقض هذه القرينة. وقوعه على عاتق متولى الرقابة.
المادة 173 مدنى.
عدم جواز إثارة أساس المسئولية المدنية لأول مرة أمام النقض.
إن نص المادة 173 من القانون المدنى يجعل الوالد مسئولا عن رقابة ولده الذى لم يبلغ
من العمر خمس عشرة سنة، أو بلغها وكان فى كنفه، ويقيم من ذلك مسئولية مفترضة تبقى إلى
أن يبلغ الولد سن الرشد، وتستند هذه المسئولية بالنسبة إلى الوالد على قرينة الإخلال
بواجب الرقابة أو إلى افتراض أنه أساء تربية ولده، أو إلى الأمرين مع، ولا تسقط إلا
بإثبات العكس، وعبء ذلك يقع على كاهل المسئول الذى له أن ينقض هذه القرينة بأن يثبت
أنه قام بواجب الرقابة، أو أن يثبت أن الضرر كان لا بد واقعا ولو قام بهذا الواجب بما
ينبغى من العناية، وعلى المسئول وهو الوالد أن يثبت أيضا أنه لم يسيء تربية ولده، وإذا
كان ما تقدم وكان يبين من محاضر الجلسات أن الطاعن لم يجادل فى أساس مسئوليته هذه أمام
محكمة الموضوع، فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى ليلة 21/ 10/ 1969 بدائرة قسم روض الفرج محافظة القاهرة: قتل سمير عبده محمد على عمدا بأن طعنه بآلة حادة (مطواة) قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى والتى أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. وبتاريخ 16/ 12/ 1969 قرر مستشار الإحالة إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات على اعتبار أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر ضرب سمير عبده محمد على عمدا بآلة حادة فأحدث إصابته المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته، وطلب عقابه بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. وادعى إبراهيم عبده محمد على وأسماء بركات فرج عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنيا قبل محمود أحمد هريدى عن نفسه وبصفته وليا طبيعيا على ابنه المتهم ومسئولا عن الحقوق المدنية بمبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادتين 236/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات، وألزمت المسئول عن الحقوق المدنية محمود أحمد هريدى بصفته وليا طبيعيا على ابنه المتهم بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مبلغ ألفين من الجنيهات وبأن يدفع لإبراهيم عبده محمد على مبلغ خمس مائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى القانون
وشابه إخلال بحق الدفاع وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه قضى بالتعويض على والد المتهم
(المسئول عن الحقوق المدنية) على أساس المسئولية المفترضة استنادا إلى المادة 173 من
القانون المدنى رغم انتفاء هذه المسئولية لفجائية الحادث ووقوعه فى غيبة الوالد واستحالة
الرقابة، كما اعتمد الحكم المطعون فيه على ما أدلى به نائب كبير الأطباء الشرعيين من
أقوال أمام المحكمة دون أن يعرض لما طلبه الدفاع من إحاطة الطبيب الشرعى بتاريخ ووقت
إجراء الجراحة للمجنى عليه حتى يمكن الجزم بالأثر الناتج عن طول وقصر المدة بين وقت
إجرائها وبين وقت استجواب المجنى عليه على درجة وعيه وإدراكه، هذا فضلا عن أن المدافع
عن الطاعن (المتهم) دفع بأنه فى حالة دفاع شرعى عن نفسه، وقد أطرح الحكم المطعون فيه
هذا الدفاع بما لا يسيغ إطراحه وبما لا يصلح ردا عليه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان نص المادة 173 من القانون المدنى يجعل الوالد مسئولا عن رقابة ولده
الذى لم يبلغ خمس عشرة سنة أو بلغها وكان فى كنفه، ويقيم من ذلك مسئولية مفترضة تبقى
إلى أن يبلغ الولد سن الرشد، وكانت هذه المسئولية بالنسبة إلى الوالد تستند إلى قرينة
الإخلال بواجب الرقابة أو إلى افتراض أنه أساء تربية ولده، أو إلى الأمرين معا ولا
تسقط إلا بإثبات العكس، وعبء ذلك يقع على كاهل المسئول الذى له أن ينقض هذه القرينة
بأن يثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن يثبت أن الضرر كان لا بد واقعا ولو قام بهذا
الواجب بما ينبغى من العناية وعلى المسئول وهو الوالد أن يثبت أيضا أنه لم يسيء تربية
ولده، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يجادل فى أساس مسئوليته هذه أمام محكمة
الموضوع، فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، أما ما آثاره الطاعن
بصدد اعتماد الحكم المطعون فيه على ما أدلى به نائب كبير الأطباء الشرعيين من أقوال
أمام المحكمة دون أن يعرض لما طلبه الدفاع من إحاطة الطبيب الشرعى بتاريخ ووقت إجراء
الجراحة للمجنى عليه حتى يمكن الجزم بالأثر الناتج عن طول أو قصر المدة بين وقت إجرائها
وبين وقت استجواب المجنى عليه على درجة وعيه وإدراكه فمردود بما يبين من الإطلاع على
المفردات المضمومة من أن المجنى عليه المذكور دخل المستشفى يوم 20/ 10/ 1969 وأجريت
له الجراحة وانتقل إليه وكيل النيابة المحقق فى الساعة 3 والدقيقة 15 من مساء 21/ 10/
1969 ولم يجر سؤاله إلا بعد أن حضر طبيب المستشفى، وقرر أن حالته تسمح باستجوابه ومن
ثم يبين أن ما أثير فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
قد رد على الدفاع بتوافر حالة الدفاع الشرعى بقوله: "وحيث إنه عن القول من الدفاع بتوافر
حالة الدفاع الشرعى لدى المتهم فبالرغم من تناقض هذا الدفع مع موقف المتهم الذى ينكر
وجوده أصلا فى مكان الحادث كما ينفى التشاجر مع المجنى عليه ورفيقه أو الخلاف بينه
وبينهما فإن وقائع الحادث حسبما جاءت فى أقوال الشهود جميعا تتعارض مع قيام هذا الموقف
إذ لم يقل أحد منهم أن المجنى عليه أو رفيقه……… كان يحمل مطواة تصلح لأن تكون
أداة فعل يعتبر جريمة على النفس أو المال كما لم ينسب أحد إلى المجنى عليه أنه تعدى
حتى بالضرب أو الإيذاء من أى نوع كان على أحد من المتهم أو رفيقه فى الحادث وإذ أخذ
بأقوال هذا الأخير وهو …… وهو أحسن الفروض بالنسبة للمتهم، فإن رفيق المجنى عليه
….. ضرب ….. هذا بقبضة يده على رأسه فى نفس الوقت الذى هجم فيه المتهم على المجنى
عليه وفعل هذا الضرب على فرض حصوله لا يشكل بأى حال من الأحوال الفعل الذى يتخوف أن
يحدث منه الموت أو حتى مجرد التعدى وهو شرط حق الدفاع الشرعى الذى يبيح رد الاعتداء
تطبيقا لأحكام المادتين 249 و250 من قانون العقوبات ويضاف إلى ما تقدم أنه لم يثبت
إصابة المتهم بأية إصابة فى جسمه ولم يقل أن أحدا تعدى عليه بالضرب أو الإيذاء بحيث
يصح له الزعم بأنه كان فى موقف الدفاع الشرعى عن هذا الاعتداء، ومن ثم يكون هذا الدفع
على غير أساس من الواقع أو القانون متعين الالتفات عنه" وما أثبته الحكم فيما تقدم
كاف وسائغ، ومن ثم يكون ما أثير فى هذا الصدد فى غير محله ويكون الطعن برمته على غير
أساس متعينا رفضه موضوعا.
