الرئيسية الاقسام القوائم البحث

أصدرت الحكم الآتى:لم يتم التعرف على تاريخ الجلسة

الجريدة الرسمية – العدد 24 مكرر (ب) – السنة الثالثة والخمسون
8 رجب سنة 1431هـ، الموافق 20 يونيه سنة 2010م

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يونيه سنة 2010م، الموافق الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1431هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى:

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 167 لسنة 26 قضائية "دستورية".
المحالة من محكمة جنايات طنطا فى قضية النيابة العامة المقيدة برقم 9500 لسنة 2002 جنايات قسم أول المحلة بحكمها الصادر فى القضية رقم 620 لسنة 2003 قضائية كلى شرق طنطا.

المقامة من:

النيابة العامة.

ضـد:

السيد/ إبراهيم إبراهيم صالح شاهين.


الإجراءات:

بتاريخ الثانى من أغسطس سنة 2004 ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الجناية رقم 9500 لسنة 2002 جنايات قسم أول المحلة الكبرى والمقيدة برقم 620 لسنة 2003 كلى شرق طنطا، بعد أن قضت محكمة جنايات طنطا بجلستها المنعقدة فى 15 يونيه سنة 2004 بوقف السير فى الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نصوص المواد (178 و181/ 1 و195) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة أقامت ضد إبراهيم إبراهيم صالح شاهين الجناية رقم 9500 لسنة 2002 جنايات قسم أول المحلة والتى أعيد قيدها برقم 620 لسنة 2003 كلى شرق طنطا متهمة إياه فى خلال الأعوام 1995 و1998 و1999 بدائرة قسم أول المحلة: بصفته ممن يزاولون نشاطًا تجاريًا خاضعًا للضريبة الموحدة على دخل الأشخاص الطبيعيين لم يقدم لمصلحة الضرائب إخطارًا عند بدء مزاولة نشاط تجارة سيارات وموتوسيكلات خلال الميعاد المحدد قانونًا.
بصفته السالفة الذكر تهرب من أداء تلك الضريبة المقررة قانونًا المستحقة على أرباحه من نشاطه السالف الذكر ومقدارها 26850 جنيهًا يستحق عنها ضريبة أرباح تجارية مقدارها 5670 جنيهًا خلال الأعوام 1995 و1998 و1999 وذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى ذلك النشاط عن علم مصلحة الضرائب على النحو المبين بالأوراق.
بصفته السالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارًا صحيحًا وشاملا مبينًا به الإيرادات والتكاليف وصافى الأرباح والخسائر من مختلف مصادر الدخل الخاضع لتلك الضريبة عن الأعوام 1995 و1998 و1999 خلال الميعاد المحدد قانونًا.
بصفته السالفة الذكر لم يحصل من مأمورية الضرائب المختصة على البطاقة الضريبية خلال الميعاد المحدد قانونًا.
وطلبت معاقبته بالمواد ( 5/ 2 و15/ 2 و91/ 1، 2 و128 و133/ 1،4،5 و178/ 1، 2 و181 و187/ أولا، 4 ثانيًا) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993.
وإذ تراءى لمحكمة جنايات طنطا أن المواد ( 178 و181/ 1 و195 ) من قانون قانون الضرائب على الدخل المشار إليه يشوبها عوار دستورى ذلك أن العقوبة المقررة بالمادة 178 فيها عسف وإمعان فى القسوة لا مبرر لها ويجاوز الغرض التهديدى والتقويمى للعقوبة، كما أن التعويض المقرر بالمادة يجاوز جبر الضرر ويحول دون تفريد العقوبة، فضلا عن أن حصيلة الغرامات والتعويضات التى قد يُقضى بها تؤول إلى صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب وأسرهم طبقًا لحكم المادة من القانون، بالمخالفة لمبدأ وحدة الميزانية العامة وخضوعها لرقابة المجلس التشريعى الأمر الذى يتعارض مع نصوص المواد (4، 23، 32، 34، 38، 41، 114، 115، 116، 118، 119/ 1، 120، 122، 165، 166) من الدستور، ومن ثم فقد قضت بجلستها المعقودة فى الخامس عشر من يونيه سنة 2004 بوقف السير فى الدعوى وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية النصوص السالفة الذكر.
وحيث إن المادة من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 تنص على أن "يعاقب بالسجن كل من تخلف عن تقديم إخطار مزاولة النشاط طبقًا للمادة من هذا القانون، وكذلك كل من تهرب من أداء إحدى الضرائب المنصوص عليها فى هذا القانون باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية الآتية:
1 – تقديم الممول الإقرار الضريبى السنوى بالاستناد إلى دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات مصطنعة مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بالدفاتر أو السجلات أو الحسابات أو المستندات الحقيقية التى أخفاها عن مصلحة الضرائب.
2 – تقديم الممول الإقرار الضريبى السنوى على أساس عدم وجود دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بما لديه فعلا من دفاتر أو سجلات أو حسابات أو مستندات أخفاها عن مصلحة الضرائب.
3 – إتلاف أو إخفاء الدفاتر أو السجلات أو المستندات قبل انقضاء الأجل المحدد لتقادم دين الضريبة.
4 – توزيع أرباح على شريك أو شركاء وهميين بقصد تخفيض نصيبه فى الأرباح.
5 – اصطناع أو تغيير فواتير الشراء أو البيع أو غيرها من المستندات بقصد تقليل الأرباح أو زيادة الخسائر.
6 – إخفاء نشاط أو أكثر مما يخضع للضريبة.
وحيث إن من المقرر أن القوانين الجنائية وإن كان سريانها على وقائع اكتمل تكوينها قبل نفاذها، غير جائز أصلا، إلا أن إطلاق هذه القاعدة يفقدها معناها، ذلك أن الحرية الشخصية وإن كان يهددها القانون الجنائى الأسوأ، فأن هذا القانون يرعاها ويحميها إذا كان أكثر رفقًا بالمتهم، سواء من خلال إنهاء تجريم أفعال أثّمها قانون جنائى سابق، أو عن طريق تعديل تكييفها أو بنيان بعض العناصر التى تقوم عليها، بما يمحو عقوباتها كلية أو يجعلها أقل بأسًا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إنكار الأثر الرجعى للقوانين الجنائية، يفترض أن يكون تطبيقها فى شأن المتهم مسيئًا إليه، فإن كانت أكثر فائدة لمركزه القانونى فى مواجهة سلطة الاتهام، فإن رجعيتها تكون أمرًا محتومًا، إعمالا لقاعدة القانون الأصلح للمتهم تلك القاعدة التى إن اتخذت من نص المادة من قانون العقوبات موطئًا وسندًا، فإن صون الحرية الشخصية التى كفلها الدستور بنص المادة منه هى التى تقيم هذه القاعدة وترسيها بما يحول بين المشرع وتعديلها والعدول عنها. ذلك أن ما يعتبر قانونًا أصلح للمتهم، وإن كان لا يندرج تحت القوانين التفسيرية التى تندمج أحكامها فى القانون المفسر، وترتد إلى تاريخ نفاذه باعتبارها جزءًا منه يبلور إرادة المشرع التى قصد إليها ابتداء عند إقراره لهذا القانون، إلا أن كل قانون جديد يمحو التجريم عن الأفعال التى أثمها القانون القديم، إنما ينشئ للمتهم مركزًا قانونيًا جديدًا، ويُقوض من خلال رد هذه الأفعال إلى دائرة المشروعية مركزًا سابقًا. ومن ثم يحل القانون الجديد وقد صار أكثر رفقًا بالمتهم وأعون على صون الحرية الشخصية التى اعتبرها الدستور حقًا طبيعيًا لا يمس محل القانون القديم فلا يتزاحمان أو يتداخلان، بل ينحى ألحقهما أسبقهما.
وحيث إن البين من أحكام القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل أنه بعد أن ألغى القانون رقم 157 لسنة 1981 برمته أعاد ترتيب أوضاع هذه الضريبة إجرائيًا وموضوعيًا، وجاء بنصوص مغايرة للقانون السابق فى تحديده للأفعال المجرمة والعقوبات المقررة لها نابذًا عقوبة الجناية التى كانت مقررة بمقتضى النص المحال، مستبدلا بها عقوبة أخف وطأة هى عقوبة الجنحة وهى الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات، وغرامة تعادل مثل الضريبة التى لم يتم أداؤها، وأجاز للمحكمة الاكتفاء بالحكم بإحدى هاتين العقوبتين على ما تقضى به أحكام المادة من ذلك القانون. كما نصت المادة من القانون ذاته على معاقبة مرتكب جريمة الامتناع عن تقديم إخطار مزاولة النشاط والامتناع عن تقديم الإقرار الضريبى بعقوبة الغرامة فقط التى لا تقل عن ألفى جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، وبهذه المثابة فإن القانون الجديد يعد قانونًا أصلح للمتهم إذ أتى بعقوبات أخف وطأة من سابقه ويتعين تبعًا لذلك تطبيق أحكامه على المتهم فى الدعوى الموضوعية التى لم يصدر فيها حكم نهائى بعد، ومن ثم فلا محل لبحث دستورية النص المحال بعد أن غدا تطبيق القانون الجديد أمرًا متعينًا.
وحيث إن المادة تنص فى فقرتها الأولى على أن "فى حالة الحكم بالإدانة فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين (178 و179) من هذا القانون يُقضى بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة".
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص وذلك بحكمها فى القضية رقم 332 لسنة 23 قضائية "دستورية" الصادر بجلسة الثامن من مايو سنة 2005 والذى قضى "بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 فيما تضمنه من إلزام من يحكم بإدانته فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة من القانون المذكور بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة" وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (21 تابع) بتاريخ 26/ 5/ 2005، وكان مقتضى نص المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولا فصلا فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم فإن الخصومة فى هذا الشق من الدعوى تكون منتهية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان نص المادة من قانون الضرائب على الدخل يقضى بأن يخصص وزير المالية نسبة من حصيلة الغرامات والتعويضات التى يتم تحصيلها نتيجة الصلح مع الممولين مقابل التنازل عن رفع الدعوى العمومية أو المحكوم بها نهائيًا طبقًا لأحكام هذا القانون، على أن تؤول هذه الحصيلة إلى صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب وأسرهم، ولا شأن لهذا النص بالأفعال المحال بها المتهم إلى المحاكمة الجنائية، فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية هذا النص بفرض صحة المطاعن الدستورية الموجهة إليه لن يكون له أى أثر على الدعوى الموضوعية، لتغدو المصلحة فى الطعن عليه منتفية، وتكون الدعوى فى هذا الشق منها أيضًا غير مقبولة.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

أمين السر رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات