الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 69 سنة 4 ق – جلسة 21 /03 /1935 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) – صـ 640

جلسة 21 مارس سنة 1935

برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك المستشارين.


القضية رقم 69 سنة 4 القضائية

دعوى. سببها. دعوى إيجار. دعوى مقابل الانتفاع. سبب الدعوى الأولى غير سبب الدعوى الثانية. قبول محكمة الاستئناف تغيير أساس الدعوى. نقض. (المادة 368 مرافعات)
إن كون سبب الدعوى هو الإيجار غير كون سببها المطالبة بمقابل الانتفاع. فمتى كانت الدعوى فى أساسها هى دعوى إيجار فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تقبل من المدّعين تغيير أساسها واعتبارها أنها مطالبة بمقابل الانتفاع على الرغم من لفت المدّعى عليه نظرها إلى ذلك واعتراضه بأن طلب التغيير هذا هو من قبيل الطلبات الجديدة التى لا يصح إبداؤها لأوّل مرة لدى محكمة الاستئناف. فاذا هى قبلت التغيير فى أساس الدعوى فانها تكون قد خالفت القانون ويتعين نقض حكمها.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى – حسب ما جاء بالحكم المطعون فيه والمذكرات المقدّمة لهذه المحكمة وللمحكمتين الابتدائية والاستئنافية من قبل – فى أن أحمد بك محمد أبو حسين ومن معه رفعوا الدعوى الحالية أمام محكمة مصر الابتدائية وقالوا فيها إن مورّثهم المرحوم محمد أبو حسين بك تملك هو وسعادة على باشا فهمى – مناصفة بينهما – منزلا بشارع المبتديان بمصر مؤلفا من بدروم ودور أرضى وآخر علوى، وإنهما فى سنة 1922 أجراه جميعه لجريدة السياسة بأجرة سنوية قدرها 700 جنيه ولمدة ثلاث سنين من أوّل أكتوبر سنة 1922 لغاية 30 سبتمبر سنة 1925 قابلة للتجدّد، وإن جريدة السياسة فى 25 مارس سنة 1924 أجرت من باطنها لعلى باشا فهمى الدور العلوى بأجرة سنوية قدرها 200 جنيه ونص فى البند الثانى من العقد أن التأجير من الباطن وقع عن المدّة الباقية من العقد الأصلى وكذلك للمدّة التى يتجدّد لها العقد الأصلى. قالوا وفى 27 فبراير سنة 1928 أنذرت جريدة السياسة المالكين بعدم رغبتها فى تحديد الإجارة، ولكنها إذ لم تخل العين المستأجرة عند انتهاء مدّة الإجارة طالبها المالكون بأجرة المدّة التى استحقت لهم إلى يوم الإخلاء فحكمت لهم بها محكمة مصر ومحكمة الاستئناف. ثم قالوا إذ قد بقى على باشا فهمى منتفعا بما كان فى يده من المنزل وهو النصف، وإذ كانت الأجرة التى استأجرت بها السياسة المنزل كله تبلغ 700 جنيه، فانه يكون لهم الحق فى مطالبة على باشا فهمى بنصف إيجار الدور العلوى وقدره 175 جنيها من تاريخ أوّل ديسمبر سنة 1928 لغاية الآن مع ما يستجدّ بواقع الإيجار 175 جنيها فى السنة. وعلى هذا التمسوا الحكم بالزام على باشا فهمى بأن يدفع لهم 612 جنيها و500 مليم قيمة الإيجار المستحق من أوّل ديسمبر سنة 1928 لغاية آخر مايو سنة 1932 مع ما يستجدّ من أوّل يونيه سنة 1932 بواقع الإيجار السنوى 175 جنيها مع إلزام سعادته بالمصاريف والأتعاب الخ… ولدى المرافعة فى الدعوى أمام المحكمة الابتدائية اعتبر المدّعون المدّعى عليه مستأجرا من الباطن نصف المنزل واعتبر المدّعى عليه نفسه منتفعا بقدر نصيبه، بل بأقل من نصيبه فى المنزل ولذلك التمس الحكم برفض الدعوى. وقد تبادل الطرفان مذكراتهما على هذا الأساس فقال المدّعون فى مذكرتهم الختامية التى أعلنوها لخصمهم فى 14 فبراير سنة 1933 إنهم يطالبون خصمهم بحصتهم فى أجرة عمارة يتمتع بها بنفسه بسبب قانونى معترف به وهو عقد إيجار صادر من جريدة السياسة إلى سعادته، فهو مستأجر لعمارة يملك نصفها… إلى أن قالوا: "ولم يخرج مركز الباشا عن مركز مستأجر من الباطن". وجاء فى مذكرة المدّعى عليه أن استئجاره من باطن جريدة السياسة فقد انتهت مدّته بانتهاء مدّة الإجارة الأصلية، وأنه كشريك بالنصف انتفع بالدور العلوى الذى هو أقل من النصف فلا أجرة عليه، وأنه مع ذلك يعرض على خصمه أن يترك لهم ما تحت يده ويأخذ ما بقى من العقار لمدّة مماثلة للمدّة التى انتفع بها والتمس الحكم برفض الدعوى.
وبتاريخ 19 فبراير سنة 1933 حكمت محكمة مصر الابتدائية بالزام المدّعى عليه بأن يدفع للمدّعين 262 جنيها و500 مليم قيمة الإيجار لغاية مايو سنة 1932 وما يستجدّ من أوّل يونيه سنة 1932 باعتبار الإيجار الشهرى 6 جنيهات و250 مليما اعتبارا بأن المنزل لم تحصل قسمته، وأن لكل من الشريكين الحق فى استغلال أى جزء منه بطريق السكنى، وبأن على باشا فهمى إذ بقى ساكنا فى الدور العلوى يكون ملزما بدفع إجارة النصف منه لنفسه والنصف الآخر لشركائه، وأن المحكمة تقدّر أجرة هذا الدور فى السنة 150 جنيها، فيكون نصفها له والنصف الآخر لشركائه. فاستأنف الطرفان هذا الحكم وأعاد كل منهما دفاعه المتقدّم الذكر أمام محكمة الاستئناف. وتقول محكمة الاستئناف فى صدر حكمها المطعون فيه إن المدّعين أصلا التمسوا منها الحكم بتعديل الحكم المستأنف وتقدير الإيجار على أساس العقد وهو 175 جنيها عن حصة المستأنفين ابتداء من أوّل ديسمبر سنة 1928، والحكم بباقى الطلبات جميعها الواردة بعريضة الدعوى الابتدائية. وبجلسة 10 فبراير سنة 1934 قرّر المستأنفون – على ما جاء بالحكم المطعون فيه – أنهم يطلبون الحكم بمقابل الانتفاع تعديلا لطلباتهم، فدفع عند ذلك على باشا فهمى بعدم قبول هذا التعديل لأنه من الطلبات الجديدة التى لا يجوز عرضها على محكمة الاستئناف لأوّل مرة. ثم بتاريخ 8 أبريل سنة 1934 قضت محكمة الاستئناف بانتقال المحكمة إلى محل النزاع لمعاينة وتبيان الحقيقة. وبعد ذلك حصلت المرافعة وأصر كل طرف على طلباته المبينة بالمذكرات السابقة. فحكمت محكمة الاستئناف بتاريخ 29 أبريل سنة 1934 بالزام على باشا فهمى بأن يدفع لورثة المرحوم محمد بك أبو حسين مبلغ 250 جنيها أجرة لغاية أوّل ديسمبر سنة 1933 وما يستجد باعتبار الفرق 50 جنيها سنويا أو مبلغ 4 جنيهات و165 مليما شهريا للإخلاء وجعلت ثلاثة أرباع المصاريف على على باشا فهمى والربع على ورثة أبو حسين بك، وأمرت بالمقاصة فى أتعاب المحاماة.
وأعلن هذا الحكم إلى الطاعن فى 28 يونيه سنة 1934، فقرّر بالطعن فيه بطريق النقض فى 23 يوليه سنة 1934، وأعلن هذا التقرير إلى المطعون ضدّهم فى 24 منه، وقدّم الطاعن مذكرته الكتابية فى الميعاد ولم يقدّم المطعون ضدّهم شيئا، وقدّمت النيابة مذكرتها فى 24 يناير سنة 1935.
وبجلسة 7 مارس سنة 1935 التى تحدّدت لنظر هذا الطعن أجلته المحكمة لعدم صلاحية الهيئة لجلسة اليوم. وفيها سمعت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مبنى الوجه الأوّل من وجوه الطعن أن المدعين الأصليين حين رفعوا دعواهم على الطاعن أمام محكمة مصر الابتدائية قد بنوها على أنه شريكهم بحق النصف فى المنزل جميعه، وأنه واضع اليد على الدور العلوى منه المعادل لنصف العقار المشترك، وأنه لذلك يكون مسئولا عن نصف أجرة هذا الدور باعتبار أن المنزل جميعه تبلغ أجرته فى السنة 700 جنيه، وأنهم لبثوا يعتبرون دعواهم هذه دعوى إيجار أمام المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف حتى جلسة 10 فبراير سنة 1934، فقرّر وكيلهم أنه إنما يطلب الحكم لموكليه بمقابل الانتفاع تعديلا لطلباته وأن الطاعن دفع بعدم قبول الدعوى شكلا. ويقول الطاعن إنه على الرغم من اعتراضه هذا على تغيير أساس الدعوى وسببها قد قبلت محكمة الاستئناف هذا التغيير وسارت فى الدعوى حتى قضت فيها بالحكم المطعون فيه فخالفت القانون فى ذلك. وترتب على مخالفتها هذه أنها قضت برفض ما طلبه الطاعن من إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات أن ما امتاز به الدور الثانى من المنزل على الدور العلوى إنما كان سببه ما صرفه هو من ماله الخاص فى إعداد الحمام ودورة المياه على الطراز الإفرنجى بغير أن تبين فى حكمها الأسباب التى تكون قد بنت عليها حكم الرفض. وأية هاتين المخالفتين تقتضى نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه فضلا عما جاء بالمذكرة التى قدّمها المدّعون للمحكمة الابتدائية من أن على باشا فهمى يعتبر مستأجرا من باطن جريدة السياسة لنصف العقار المشترك بينهم وبينه وأنه مسئول عن نصف أجرة هذا النصف، وفضلا عما جاء بالحكم المطعون فيه من أن المدّعين رفعوا هذه الدعوى معتبرين على باشا فهمى منتفعا بنصف المنزل وأن إيجار هذا النصف يبلغ 350 جنيها وأن لهم حق مطالبته بنصف هذا الإيجار باعتبارهم مالكين للنصف الآخر وأنهم طلبوا بناء على ذلك الحكم بالزام على باشا فهمى بأن يدفع لهم إيجار حصتهم فى نصف المنزل الذى ينتفع به الخ…. – إنه فضلا عما ذكر فان مجرّد توجيه الدعوى على وجه أن المدّعى عليه شريك بحق النصف فى المنزل جميعه، وأنه واضع اليد على الدور العلوى منه الذى هو نصف العقار المشترك، وأنه لذلك يكون مسئولا عن نصف أجرة هذا الدور لا يترك أدنى شبهة فى أن دعواهم هذه هى دعوى إيجار بحتة، إذ لو كانت مجرّد دعوى ريع لما وسعهم قانونا توجيهها على خصمهم، ما دام هو شريكا على الشيوع وله النصف، وما دام أنه ليس واضعا يده على أكثر من هذا النصف باقرارهم، وما دام النصف الآخر خاليا متروكا لهم ليضعوا يدهم عليه وينتفعوا به إن شاءوا.
وحيث إنه متى كانت الدعوى فى أساسها هى دعوى إيجار لمجرّد العلة المتقدّمة الذكر، فما كان لمحكمة الاستئناف أن تقبل من المدّعين تغيير أساسها واعتبارها أنها مطالبة بمقابل الانتفاع على الرغم من أن المدّعى عليه لفت نظر محكمة الاستئناف فى مذكرته التى قدّمها قبل جلسة 22 ديسمبر سنة 1933 إلى عدم جواز هذا التغيير لو حاوله خصومه، ثم اعترض عليهم – حين تقريرهم بجلسة 10 فبراير سنة 1934 أنهم إنما يطلبون الحكم بمقابل الانتفاع تعديلا للطلبات – بأن طلبهم هذا غير مقبول قانونا لأنه من قبيل الطلبات الجديدة التى لا يصح إبداؤها لأوّل مرة لدى محكمة الاستئناف، ثم قال فى مذكرته التى قدّمها بتاريخ 11 مارس سنة 1934 بأنه متمسك بطلباته ودفاعه المبين فى المذكرة السابقة، ثم أوضح فى مذكرته الختامية الأخيرة أنه متمسك كذلك بطلباته فى المذكرة السابقة.
وحيث إن كون سبب الدعوى الإيجار هو غير كون سببها المطالبة بمقابل الانتفاع، ولا أدل على ذلك من الواقع فى الدعوى الحالية إذ المحكمة الابتدائية، مع اضطراب حكمها، لما اعتبرت المدّعى عليه مسئولا عن الإيجار، قد قدّرت هذا الإيجار عن النصف الذى قال المدّعون إنه ينتفع به وحكمت عليه بنصفه، بينما محكمة الاستئناف، وقد اعتبرت الدعوى دعوى مطالبة بمقابل الانتفاع، لم تقف عند حدّ قول المدّعين فى أصل دعواهم إن المدّعى عليه واضع يده على نصف العقار، بل تجاوزت مقتضى هذا القول ثم عاينت المكان وقرّرت أن الموضوعة يده عليه يربى على النصف فأخلته من المسئولية عما هو واضع اليد عليه مما يكمل له النصف الذى هو أصل حقه فى العقار ولم تلزمه إلا بما قالت إنه مقابل لما يزيد عن هذا النصف ويدخل فى النصف الآخر الذى هو حق شركائه. ولا علة لهذا القضاء سوى قبول المحكمة تغيير سبب الدعوى مع اختلاف حكم القانون فى الدعويين.
وحيث إنه ما دام أساس الدعوى هو الإيجار، وهو أساس واضح كما سبق القول، وما دام كون الدعوى سببها الإيجار هو غير كون سببها المطالبة بمقابل الانتفاع، وما دام الثابت من أوراق المرافعات أن الطاعن قد اعترض على تغيير سببها هذا يجعله مطالبة بمقابل انتفاعه بما يزيد عن نصيبه، وطلب عدم قبول هذا التغيير، وتمسك بدفاعه هذا فى مذكراته على ما سبق ذكره، فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تقبل تغيير الأساس فى الدعوى ولا أن تعتل له بأن هذا التعديل من المدّعين لم يكن إلا تفسيرا منهم لطلباتهم الأولى، لأن أساس الدعوى السابق الذكر لا يحتمل ألبتة هذا التفسير. ويؤكد هذا النظر أن محكمة الاستئناف لو تقبل تعديل أساس الدعوى لكان ينبغى لها أن تجيب المدّعى عليه إلى ما طلبه من تحقيق ما ادّعاه من أنه هو الذى صرف من ماله الخاص فى إعداد الحمام ودورة المياه على الطراز الإفرنجى لأن التحسينات التى يجريها المستأجر فى المحل المستأجر مهما يكن من زيادتها لقيمة نفس العقار فانه ليس من شأنها قانونا أن تزيد فى قيمة الإيجار على المستأجر.
وحيث إن محكمة الاستئناف تكون إذن بقبولها التغيير فى أساس الدعوى قد خالفت القانون. ولهذا يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الدعوى الأصلية صالحة للفصل فيها بالحالة التى هى عليها.
وحيث إنه ما دامت هى دعوى إيجار ولا سند قانونيا لها فيتعين رفضها.
وحيث إن للمدّعين الحق فى مطالبة شريكهم بمقابل ما عساه يكون قد انتفع به زائدا عن نصيبه الذى هو النصف على الشيوع وللمدّعى عليه الحق كذلك فى مطالبة شركائه بنصف ما صرفه فى عمارة الدور العلوى وبفوائده من تاريخ الصرف، والمحكمة تحفظ لكل من الطرفين حقه هذا وتنص على أنها إذ تحكم برفض الدعوى تقصد أن تحكم فيها بالحالة التى هى عليها أى على أساسها الذى أسست عليه وهى أنها دعوى إيجار.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات