نقض مدني – الطعن رقم 16 لسنة 45 ق – أحوال شخصية – جلسة 23 /03 /1977
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
الجزء الأول – السنة 28 – صـ 768
جلسة 23 من مارس سنة 1977
برياسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضويه السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، ود/ عبد الرحمن عياد نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.
الطعن رقم 16 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"
إثبات "الإقرار". أحوال شخصية.
الاقرار. ماهيته. الإقرار القضائى قد يرد بصحيفة الدعوى. ما يرد على لسان الشخص تأييدا
لادعائه من اقوال فيها مصلحة لخصمه لم يقصد أن يتخذها خصمه دليلا عليه. لا تعد اقرارا.
علة ذلك. مثال فى تحديد الفرقة بين الزوجين.
إثبات. حكم. نقض.
الأصل فى الإجراءات أنها روعيت. عدم تقديم الطاعن دليل عدم إعلانه بجلسة التحقيق أثره.
عدم قبول النعى فى هذا الطعن.
إعلان. تزوير.
إثبات المحضر اتباعه القواعد المقررة فى القانون لضمان وصول صورة الاعلان إلى المعلن
إليه. سبيل إثبات العكس. الادعاء بالتزوير.
إثبات "البينة".
صلة القرابة أو المصاهرة بين الخصم وشاهده ليست سببا لرد الشاهد أو لعدم سماع شهادته.
أحوال شخصية "الطلاق".
عرض الصلح على الزوجين قبل ايقاع الطلاق. أمر لا توجيه مجموعة 1955 للاقباط الارثوذكس.
ما جاء بهذا الصدد فى مجموعة 1938. لا مجال لتطبيقه أمام القضاء. علة ذلك.
1 – إنه وإن كان الأصل فى الاقرار بوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج
ضده آثارا قانونية بحيث تصبح فى غير حاجة إلى الاثبات وينحسم النزاع فى شأنها وأن الاقرار
القضائى قد يرد فى صحيفة الدعوى التى رفعها المقر، إلا أنه يشترط فيه ما يشترط فى الأعمال
القانونية من وجود الإرادة، بمعنى أنه يجب أن يدرك المقر مرمى أقرارة، وأن يقصد به
الزام نفسه بمقتضاة وأن يكون مبصرا أنه سيتخذ حجة عليه، وأن خصمه سيعفى بموجبه من تقديم
أى دليل، فلا يعد من قبيل الاقرار الملزم ما يرد على لسان الشخص تأييدا لادعائه من
أقوال فيها مصلحة لخصمه، ما دام لم يقصد به أدلائة بهذه الأقوال أن يتخذها خصمة دليلا
عليه، ولما كان البين من صحيفة الدعوى التى أقامتها المطعون عليها أمام محكمة أول درجة
أنها وأن حددت فيها حصول إعتداء الطاعن عليها بالضرب وتركه منزل الزوجية يوم 20/ 5/
1970 إلا أنها أردفت ذلك بأنه حرر عن هذه الواقعة محضر ادارى لم تذكر رقمه وكانت المطعون
عليها قد أوضحت أمام محكمة الاستئناف أن الصحيفة المشار إليها وقع بها خطأ مادى يتعلق
بتاريخ الفرقة، وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح قد مدوناته عن أن المحضر الذى استندت
إليه المطعون ضدها صادف محله فى سنة 1969 فإن مجريات الخصومة ومسلك المطعون عليها فيها
لا تساعد على حمل التاريخ المثبت فى الصحيفة بأنه إقرار ملزم لها حددت فيه بدء الفرقة،
وبالتالى فلا تثريب على محكمة الاستئناف إن هى أحالت الدعوى إلى التحقيق طالما لم تجد
فيها ما يقيد الإقرار الحاسم للنزاع فى خصومة.
2 – إذ كان البين من الصورة الرسمية لمحاضر جلسات التحقيق أمام محكمة الاستئناف المقدمة
من الطاعن أنه حدد لإجرائه جلسة 4/ 2/ 1974؛ ولما استبان عدم إعلان الطاعن أجلت لجلسة
8/ 4/ 1974 وفيها سمعت شهود المطعون عليها وحدها لأنه لم يحضر، وكان المفروض فى الاجراءات
أن تكون قد روعيت، وكان الطاعن لم يقدم دليلا على إعلانه لتلك الجلسة، فإن النعى فى
هذا الشق يكون مقبولا.
2 – إذ كان الوارد بأصل إعلان الطاعن للجلسة التى حددت للمرافعة بعد التحقيق أن المحضر
أثبت انتقاله إلى مسكنه ووجده مغلقا فسلم صورة الإعلان لمندوب الإدارة بقسم شبرا وأخطر
عنه بكتاب مسجل، وكانت البيانات التى أثبتها المحضر دالة على أنه اتبع القواعد المقررة
فى القانون لضمان وصول الصورة إلى المعلن إليه، فإن الإعلان يكون صحيحا وتترتب عليه
جميع الآثار القانونية ومنها اقتراض وصول الصورة فعلا إلى المعلن إليه، ولا سبيل لإثبات
زعم الطاعن بأن إعلانه لم يتم لتلك الجلسة إلا عن طريق الادعاء بالتزوير.
4 – مفاد المادة 82 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن القانون لم يجعل القرابة
أو المصاهرة بين الخصم وشاهده سببا لرد الشاهد أو عدم سماع شهادته.
5 – إذ كانت المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس جاءت خلوا
مما يوجب عرض الصلح بداءة على طرفى النزاع، وكانت محاولة التوفيق بين الزوجين وعرض
الصلح عليها المشار إليه فى المادتين 59، 60 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية الخاصة
بالأقباط الأرثوذكس الصادرة فى 1938 لا مجال للأخذ بها بعد الغاء المجالس الملية بمقتضى
القانون رقم 462 لسنة 1955 لأن المادتين وردتا فى باب إجراءات الطلاق ولا تعتبران من
القواعد الموضوعية المتعلقة بأسبابه، ومردهما إلى السلطات الممنوحة للكنيسة بشأن تأديب
الأب الروحى للزوجين حتى يتوبا وينصلح أمرهما ولا محل لتطبيقهما أمام القضاء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 743 سنة 1972 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة شمال
القاهرة الإبتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه وأمره بعدم التعرض لها فى أمور
الزوجية، وقالت بيانا لدعواها أنها تزوجته بتاريخ 24/ 9/ 1967 طبقا لشريعة الأقباط
الأرثوذكس، وبعد الدخول والمعاشرة اعتدى عليها بالضرب وترك منزل الزوجية، وإذ دامت
فرقتهما أكثر من ثلاث سوات واستجكم النفور بينهما فقد أقامت الدعوى بطلباتها. وبتاريخ
28/ 10/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف
رقم 150 لسنة 89 ق "أحوال شخصية" القاهرة طالبه إلغاءه والحكم بتطليقها من الطاعن.
وفى 14/ 1/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها
أن الطاعن افترق عن المعيشة معها لخطأ من جانبه وبغير خطأ منها وأن هذه الفرقة استطالت
مدة ثلاثة سنوات متصلة وأن عودة الحياة الزوجية بينهما مستحيلة، وبعد سماع شاهدى المطعون
عليها حكمت بتاريخ 3/ 2/ 1975 بالغاء الحكم المستأنف وتطليقها على زوجها الطاعن بطلقة
بائنة. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها
الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة
المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين، الأول والثانى منها على
الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بالتطليق
وفق المادة 57 من مجموعة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس استنادا إلى أقوال شاهدى
المطعون عليها من أن استحكام النفور والفرقة بين الزوجين ترجع إلى سنة 1969، فى حين
أنها أقرت فى صحيفة دعواها التى أقامتها فى 21/ 2/ 1972 بأن واقعة اعتداء الزوج عليها
وتركه منزل الزوجية صادفت محلها فى 20/ 5/ 1970، مما يفيد أن الدعوى رفعت قبل اكتمال
شرط الفرقة بثلاث سنوات متصلة، وما كان يسوغ لمحكمة الاستئناف أن تلتفت عن هذا الاعتراف
إلى دليل أقل قوة فى الإثبات هو أقوال الشهود، ويعتبر حكم الإحالة إلى التحقيق غير
سديد لأنه ينطوى على أهدار الإقرار القضائى الصادر من المطعون عليها، فى شأن تحديد
مدة الفرقة بلجوئه إلى شهادة الشهود ولإثبات ما يخالفه، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه وأن كان الأصل فى الإقرار يوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة
من شأنها أن تنتج ضده آثارا قانونية بحيث تصبح فى غير حاجة إلى الاثبات وينحسم النزاع
فى شأنها، وأن الإقرار القضائى قد يرد فى صحيفة الدعوى التى رفعها المقر، إلا أنه يشترط
فيه ما يشترط فى الأعمال القانونية من وجود الإرادة، بمعنى أنه يجب أن يدرك المقر مرمى
إقراره، وأن يقصد به الزام نفسه بمقتضاه، وأن تكون مبصرا أنه سيتخذ حجة عليه، وأن خصمه
سيعفى بموجبه من تقديم أى دليل، فلا يعد من قبيل الإقرار الملزم ما يرد على لسان الشخص
تأييدا لادعائه من أقوال فيها مصلحة لخصمه دليلا عليه، ولما كان البين من صحيفة الدعوى
التى أقامتها المطعون عليها أمام محكمة أول درجة أنها وإن حددت فيها حصول اعتداء الطاعن
عليها بالضرب وتركة منزل الزوجية يوم 20/ 5/ 1970 إلا أنها أردفت ذلك بأنه حرر عن هذه
الواقعة محضر إدارى لم تذكر رقمه وكانت المطعون عليها قد أوضجت أمام محكمة الاستئناف
أن الصحيفة المشار إليها وقع بها خطأ مادى يتعلق بتاريخ الفرقة، وكان الحكم المطعون
فيه قد أفصح فى مدوناته عن أن المحضر الذى استندت إليه المطعون عليها صادف محله فى
سنة 1969، فإن مجريات الخصوم ومسلك المطعون عليها فيها لا تساعد على حمل التاريخ المثبت
فى الصحيفة بأنه إقرار ملزم لها حددت فيه بدء الفرقة، وبالتالى فلا تثريب على محكمة
الاستئناف أن هى أحالت الدعوى إلى التحقيق طالما لم تجد فيها ما يفيد الإقرار الحاسم
للنزاع فى خصوصه، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع والنعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان من وجوه
(أولها) إن محكمة الاستئناف سمعت شهادة شاهدى المطعون عليها بجلسة 8/ 4/ 1974 فى غيبة
الطاعن دون أن تتحقق من إعلانه إعلانا قانونيا بالجلسة المحددة لإجراء التحقيق، كما
أنه بعد انتهاء التحقيق لم يعلن الطاعن لجلسة المرافعة التى تحدد لها يوم 10/ 12/ 1974
بدليل توجيه إعلانين له فى يوم واحد أحدهما من قلم الكتاب أخطر عنه بالمسجل رقم 304
والثانى من المطعون عليها أخطر عنه بالمسجل رقم 10510، وبعيد عن العقل أن يكون الفارق
بين الإخطارين هذا العدد الضخم من الخطابات (الثانى) أن المحكمة لم تتحقق من صلة ومدى
قرابة شاهدى المطعون عليها بها، مع أن إثبات هذه الصفة بمحضر التحقيق أمر جوهرى. بالإضافة
إلى أن الحكم عول على شهادتهما فى إثبات مدة الفرقة رغم أنهما لم يقطعا باستمرارها
ثلاث سنوات قبل رفع الدعوى (الثالث) أن المحكمة أغفلت عرض الصلح على الزوجين المتنازعين
قبل السير فى إجراءات الإثبات أو التحقيق أسباب الطلاق، طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس
التى تستوجب عرض الصلح على الطرفين بمعرفة الهيئة المرفوع إليها الدعوى، وهو ما يعيب
الحكم المطعون فيه لقيامه على إجراءات باطلة.
وحيث إن النعى مردود فى وجهه الأول بأنه لما كان البين من الصورة الرسمية لمحاضر جلسات
التحقيق أمام محكمة الاستئناف المقدمة من الطاعن أنه حدد لإجرائه جلسة 4/ 2/ 1974 ولما
استبان عدم إعلان الطاعن أحيلت لجلسة 8/ 4/ 1974 وفيما سمعت شهود المطعون عليها وحدها
لأنه لم يحضر، وكان المفروض فى الإجراءات أن تكون قد روعيت، وكان الطاعن لم يقدم دليلا
على عدم إعلانه لتلك الجلسة، فإن النعى فى هذا الشق يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان
الوارد بأصل إعلان الطاعن للجلسة التى حددت للمرافعة بعد التحقيق أن المحضر أثبت انتقاله
إلى مسكنه ووجده مغلقا فسلم صورة الاعلان لمندوب الإدارة بقسم شبرا وأخطر عنه بكتاب
مسجل، وكانت البيانات التى أثبتها المحضر دالة على أنه اتبع القواعد المقررة فى القانون
لضمان وصول الصورة إلى المعلن إليه، فإن الإعلان يكون صحيحا وتترتب عليه جميع الآثار
القانونية ومنها افتراض وصول الصورة فعلا إلى المعلن إليه، ولا سبيل لإثبات زعم الطاعن
بان إعلانه لم يتم لتلك الجلسة إلا عن طريق الإدعاء بالتزوير. والنعى مردود فى وجهه
الثانى بأنه لما كان مفاد المادة 82 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن القانون
لم يجعل القرابة أو المصاهرة سببا لرد الشاهد أو عدم سماع شهادته، وكان الحكم المطعون
فيه قد اطمأن إلى شهادة شاهدى المطعون عليها واستخلص منها استخلاصا سائغا النتيجة التى
انتهى إليها من توافر الشروط المنصوص عليه فى المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية
للأقباط الأرثوذكس، وكان تقرير الدليل والاطمئنان إلى أقوال الشهود من إطلاقات محكمة
الموضوع، وكانت صفة الشاهدين أو قرابتهم للمطعون عليها لم تكن ذات أثر فى تقدير أو
عدم تقدير المحكمة لشهادتهما، فإن النعى فى هذا الوجه لا يعدو إن يكون جدلا موضوعيا
فى الدليل بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، والنعى فى الوجه الثالث مردود كذلك
بأنه لما كانت المادة 57 المشار إليها جاءت خلوا مما يوجب عرض الصلح بداءة على طرفى
النزاع، وكانت محاولة للتوفيق بين الزوجين وعرض الصلح عليهما المشار إليها فى المادتين
59 و60 من مجموعة قواعد الاحوال الشخصية الخاصة بالأقباط الأرثوذكس الصادرة فى سنة
1928 لا مجال للأخذ بها بعد إلغاء المجالس الملية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955
لأن المادتين وردتا فى باب إجراءات الطلاق ولا تعتبران من القواعد الموضوعية المتعلقة
بأسبابه، ومردهما إلى السلطات الممنوحة للكنيسة بشأن تأديب الأب الروحى المؤرخين حتى
يتوبا وينصلح أمرهما، ولا محل لتطبيقها أمام القضاء الوضعى، ويكون النعى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
