الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 5459 لسنة 41 ق – جلسة 15 /04 /2001 

مجلس الدولة – المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة – مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون – الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخريونيه سنة 2001) – صـ 1407


جلسة 15 من إبريل سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ ممدوح حسن يوسف محمود، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر، ود. محمد ماهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5459 لسنة 41 القضائية

عاملون بالهيئة القومية للبريد – تأديب – إختصاص مجلس إدارة الهيئة المذكورة بوضع اللائحة المتعلقة بشئونهم لا يلغى إختصاص المحكمة التأديبية دون سواها بتوقيع جزائى الأحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة المتعلقة بشئونهم (القانون رقم 19 لسنة 1982).
ينبغى على الجهة التى تصدر اللوائح التنفيذية أن تتقيد بالمبادئ والأسس والضمانات سواء ما ورد منها فى الدستور أو فى قانون نظام العاملين بالدولة، أو نظام العاملين بالقطاع العام – من هذه المبادئ والضمانات ما نص عليه قانون نظام العاملين بالقطاع العام من إختصاص المحكمة التأديبية دون سواها بتوقيع جزائى الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة – تخويل القانون لجهة معينة إصدار لائحة خاصة بالعاملين دون التقيد بما هو مقرر بقانون باقى العاملين بالدولة والقطاع العام لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره تعويضاً تشريعياً – تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأثنين الموافق 25/ 9/ 1995 أودع الأستاذ …… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقرير بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط فى الطعنين رقمى 347 لسنة 21 ق , 1 لسنة 22 ق بجلسة 22/ 8/ 1995 والقاضى فى منطوقه " بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 812 لسنة 1994 فيما تضمنه من فصل الطاعنين من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار ".
وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الطعنين.
وتم إعلان الطعن للمطعون ضدهما بتقرير الطعن بتاريخ 3، 9/ 10/ 1995.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى ارتآت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 23/ 2/ 1999 وبجلسة 27/ 4/ 1999 قررت الدائرة احالة الطعن إلى الدائرة الخامسة – موضوع – بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 13/ 6/ 1999 حيث نظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 24/ 12/ 2000 تقرر اصدار الحكم فى الطعن بجلسة 11/ 3/ 2001 فيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فيكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أن …… (المطعون ضده الأول) أقام الطعن رقم 347 لسنة 21 ق بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط بتاريخ 14/ 8/ 1994 كما أقام ….. (المطعون ضده الثانى) الطعن رقم 1 لسنة 22 ق بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة المذكورة بتاريخ 2/ 10/ 1994 وقد طلب كل منهما الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 812 لسنة 1994 فيما تضمنه من فصله من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال كل من الطاعنين شرحاً لطعنه أنه يعمل بمنطقة بريد المنيا وقد صدر القرار المطعون فيه استنادا إلى ما نسب إليهما من أنه تم ضبطهما ومعهما مبلغ 130 ريالا سعودياً وورقة مالية فئة ألف دينار أردنى ومبلغ 178.5 جنيهاً مصرياً ونعى كل من الطاعنين على القرار المطعون فيه مخالفته لحكم القانون وأنه مشوباً بعيب الإنحراف بالسلطة.
وبجلسة 22/ 8/ 1995 صدر الحكم المطعون فيه مشيداً على أن ما تقضى به المادة 13 من لائحة الجزاءات التأديبية للعاملين بالهيئة القومية للبريد باختصاص رئيس مجلس إدارة الهيئة بتوقيع عقوبة الفصل بدلا من الإحالة إلى المحاكمة التأديبية حتى شاغلى الدرجة الثالثة وذلك بالنسبة للمخالفات المقرر لها الإحالة إلى تلك المحكمة يعد مخالفاً لمبدأ المشروعية والنظام العام التأديبى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال إذ لم يتعرض الحكم لدفاع الهيئة الطاعنة إذ أن القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ينص فى المادة الأولى منه على تطبيق أحكام هذا القانون على العاملين بالهيئات العامة فيما لم تنص اللوائح الخاصة بهم وبالتالى تكون أحكام القانون رقم 19 لسنة 1982 بإنشاء الهيئة المذكورة ولائحة نظام العاملين بالهيئة هى الواجبة التطبيق على العاملين بالهيئة دون الأحكام الواردة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه الذى يقتصر تطبيقه فى حالة عدم ورود نص بالقوانين واللوائح الخاصة بالهيئات العامة.
وأضاف الطاعن أن المادة رقم 16 من القانون رقم 19 لسنة 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد تنص على أن مجلس إدارة الهيئة هو السلطة المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها وله أن يتخذ ما يراه لازماً من قرارات لتحقيق الأغراض التى انشئت من أجلها دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية…. وعلى الأخص اقتراح وضع اللائحة المتعلقة بتعيين العاملين بالهيئة وترقيتهم وتحديد رواتبهم وبدلاتهم ومكافآتهم وتأديبهم وسائر شؤونهم الوظيفية دون التقد بنظم العاملين بالدولة. وأنه تم اقتراح اللائحة واعتمدت بقرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982 وقد أجازت المادة رقم 93 من هذه اللائحة لرئيس مجلس الإدارة بالنسبة إلى العاملين حتى الدرجة الثالثة توقيع جزاء الفصل من الخدمة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملك اصداره قانوناً مطابقاً لصحيح حكم اللائحة المشار إليها. ويضحى الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما قضى به من عدم مشروعية النص الوارد فى اللائحة بهذا الخصوص وكذلك عدم مشروعية القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المشرع قد حدد فى القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة الأختصاصات فى توقيع الجزاءات على العاملين فنصت المادة رقم 82 من هذا القانون على أنه " يكون الاختصاص فى توقيع الجزاءات التأديبية كما يلى: –
1 – لشاغلى الوظائف العليا فى حدود اختصاصاته توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوما فى السنة….
2 – للسلطة المختصة توقيع الجزاءات الواردة فى البنود من 1 إلى 6 من الفقرة الأولى من المادة …
3 – كما يجوز للسلطة المختصة توقيع الجزاءات الواردة فى البنود 7، 8، 9 من المادة وذلك فى المخالفات الجسيمة التى تحددها لائحة الجزاءات.
4 – تختص المحكمة التأديبية بتوقيع أى من الجزاءات المنصوص عليها فى المادة …
ومن حيث إن الجزاءات التى حددتها المادة من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه تندرج فى البند من الإنذار حتى البند الخفض إلى وظيفة من الدرجة الإدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذى كان عليه قبل الترقية. وقد تضمن البند من هذه المادة جزاء الإحالة إلى المعاش، وفى البند رقم جزاء الفصل من الخدمة ومن ثم تكون المحكمة التأديبية المختصة هى وحدها المختصة بتوقيع عقوبتى الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة دون غيرها.
ومن حيث إنه ولئن كان القانون رقم 19 لسنة 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد قد اختص مجلس إدارة الهيئة المذكورة اقتراح وضع اللائحة المتعلقة بتعيين العاملين بالهيئة وترقيتهم وتأديبهم وسائر شئونهم الوظيفية دون التقيد بنظم العاملين بالدولة، فقد قضت الدائرة المشكلة طبقاً للمادة (54 مكرراً) من قانون مجلس الدولة بالمحكمة الإدارية العليا (دائرة توحيد المبادئ) أنه ينبغى على الجهة التى تصدر اللوائح التنفيذية أن تتقيد بالمبادئ والأسس والضمانات سواء ما ورد منها فى الدستور أو فى قانون نظام العاملين بالدولة أو نظام العاملين بالقطاع العام ومن هذه المبادئ والضمانات ما نص عليه قانون نظام العاملين بالقطاع العام من إختصاص المحكمة التأديبية دون سواها بتوقيع جزائى الإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة (ذات القاعدة مقررة فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة)، كما أن تخويل القانون لجهة معينة اصدار لائحة خاصة بالعاملين دون التقيد بما هو مقرر بقانون باقى العاملين بالدولة والقطاع العام لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره تعويضاً تشريعياً، إذ من المسلم به أن لكل من القانون واللوائح التنفيذية والتفويض التشريعى مجاله وفقاً لأحكام الدستور حيث تنص المادة على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع وتنص المادة على أنه لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفى الأحوال الاستثنائية وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثى أعضائه أن يصدر قرارات لها قوة القانون، ويجب أن يكون التفويض لمدة محددة وأن يبين فيه موضوعات هذه القرارات والأسس التى تقوم عليها ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب فى أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما كان لها من قوة القانون، أى أن التفويض التشريعى لا يكون إلا لرئيس الجمهورية دون غيره وعند الضرورة وفى أحوال استثنائية وبشروط معينة حددتها المادة المشار إليها، أما ما يصدر من قوانين تخول رئيس الجمهورية أو غيره اصدار لوائح العاملين دون التقيد بالقوانين والقواعد المعمول بها، لا يمكن أن ينطوى على تفويض فى اصدار قرارات لها قوة القانون وفقا لما تنص عليه المادة من الدستور ولا يخرج عن كونه دعوة لممارسة اختصاص رئيس الجمهورية أو غيره بإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القانون طبقاً لما تقضى به المادة من الدستور والتى نصت على أن "يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو اعفاء من تنفيذها وله أن يفوض غيره فى إصدراها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه" (حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 1368 لسنة 43 ق. عليا، 1430 لسنة 43 ق. عليا بجلسة 18/ 1/ 2001).
ومن حيث إنه لما تقدم وإذ كانت لائحة شئون العاملين بالهيئة القومية للبريد خولت لرئيس الإدارة سلطة فصل العامل حتى الدرجة الثالثة على نحو يخالف حكم المادة رقم 82 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 استناداً لنص المادة من القانون رقم 19 لسنة 1982 المشار إليه الذى خول مجلس إدارة الهيئة وضع اللوائح المتعلقة بتعيين العاملين وترقيتهم وتأديبهم دون التقيد بنظم العاملين بالدولة فإن اللائحة التى يضعها مجلس الإدارة فى هذا الشأن تعد اللوائح التنفيذية التى يتعين أن تقتصر على تفصيل المبادئ التى وردت فى القانون دون إضافة لها أو تعديل فى أحكامها أو اعفاء من تنفيذها طبقاً لنص المادة من الدستور.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر من رئيس إدارة الهيئة الطاعنة استناداً إلى نص اللائحة الخاصة بشئون العاملين بها وقد انتهت المحكمة إلى عدم مشروعية اللائحة المذكورة فيما نصت عليه من تخويل رئيس مجلس إدارة الهيئة سلطة فصل العامل من الخدمة فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مشوباً بالانعدام لإغتصابه سلطة المحكمة التأديبية ويتعين من ثم الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر وقضى بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصل كل من المطعون ضدهما من الخدمة فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم الواقع والقانون، ومن ثم يضحى هذا الطعن فى غير محله متعين الرفض.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات