نقض مدني – الطعن رقم 7 لسنة 45 ق – أحوال شخصية – جلسة 23 /02 /1977
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
الجزء الأول – السنة 28 – صـ 563
جلسة 23 من فبراير سنة 1977
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجورى، وصلاح نصار.
الطعن رقم 7 لسنة 45 قضائيه "أحوال شخصية"
حكم "بيانات الحكم". بطلان.
وجوب أن يكون الحكم ذاته مستكملا شروط صحته. اغفال الحكم المطعون فيه بيان اسم أحد
المستأنفين فى ديباجته. أثره. بطلان الحكم. مادة 178 مرافعات.
(3،2) وصية. إثبات. حكم.
الوصية تصرف غير لازم. للموصى الرجوع فيها صراحة أو دلالة. إثبات الرجوع بعد وفاة
الموصى. اشتراط الكتابة فى الرجوع الصريح. الرجوع الضمنى يكون بأى فعل أو تصرف يدل
على نقضه الوصية. جواز إثبات ذلك. بكافة الطرق.
توكيل الموصى أحد المحامين لسحب والغاء كافة وصاياه. القضاء بأن هذا العمل لا يدل
على الرجوع فيها. عدم تمحيص الحكم دلالة سحب الوصية بالفعل. خطأ وفساد فى الاستدلال.
1 – إذ أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن
يتضمن الحكم بيان اسماء الخصوم والقابهم وصفتهم قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات
من تتردد بينهم الخصومة فى الدعوى التى صدر فيها الحكم تعريفا نافيا للجهالة أو اللبس
حتى لو يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه، وإذ رتبت هذه المادة البطلان
على "النقض أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم وصفاتهم" إنما عنت النقص أو الخطأ اللذين
تترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس فى التعريف بشخصيته مما قد يؤدى إلى عدم التعرف
على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بآخر لا شأن له بالخصومة فى الدعوى ولما كان
لا يغنى عن هذا البيان إمكان معرفة اسم الخصم من ورقة أخرى من أورق الدعوى ولو كانت
رسمية، لأن الحكم يجب أن يكون مشتملا بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة
ما نقص فيه من البيانات الجوهرية التى يستلزمها القانون لصحته بأى دليل آخر غير مستمد
منه، وإذ صدر الحكم المطعون فيه مغفلا فى ديباجته ومدوناته أسم الطاعنة الثالثة إغفالا
تاما وكان من شأن ذلك أن يشكك فى حقيقة وضع الطاعنة الثالثة واتصالها بالخصومة المرددة
فى الدعوى ولا يغنى عن ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من أن المحكوم ضدهم طعنوا عليه
بطريق الاستئناف لأن بعض المحكوم عليهم أرتضوا حكم محكمة أول درجة ولم يستأنفوه، ويكون
الحكم قد أغفل بيانا جوهريا من بياناته يترتب عليه بطلانه.
2 – مفاد نص المادتين 2، 18 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 أن الوصية بحسب الأصل
تصرف غير لازم لا تنفذ إلا بعد الوفاة، ولا يترتب عليها أى حق قبلها، فيجوز من ثم للموصى
الرجوع صراحة أو دلالة عنها كلها أو بعضها ما دام أن الرجوع الصحيح يكون بأى عبارة
ينطقها الموصى أو يكتبها تدل بوضوح على أنه غير راغب فى الأبقاء على الوصية، وهو وحده
الذى شرط المشرع لسماع الدعوى بعد ثبوته بورقة رسمية أو عرفية كتبت كلها بخط المتوفى
وعليها امضاؤه أو مصدق على توقيعه عليها فى الحوادث الواقعة من سنة 1911 الميلادية،
لأن الموصى إنما يقصد الرجوع ابتداء ويسعى إليه مما يحفزه إلى تحرير سند بإثباته، أما
الرجوع دلالة فيصح بأى فعل أو تصرف يصدر من الموصى بعد الوصية ينبئ عنه وتقوم القرينة
أو العرف على أنه أراد بالفعل نقض الوصية أو يتضمن الفعل من تلقاء نفسه نقضها، ولا
يحتاج فى إثباته بعد وفاة الموصى إلى ما يحفزه فى الرجوع الصريح لأنة ينصب على حوادث
مادية لا حصر لها يجوز إثباتها بكافة سبل الإثبات.
3 – إذ كان الواقع المسلم به من الخصوم فى الدعوى أن الموصى قبل وفاته وكل أحد المحامين
فى سحب وإلغاء كافة وصاياه، وقام الوصى فعلا بسحبها جميعا – ومنها الوصية محل النزاع
– من مكان إيداعها الشهر العقارى وكان الطاعنون قد تمسكوا أمام قضاء الموضوع أن هذا
التصرف من الموصى ينبئ عن الرجوع دلالة عن هذه الوصية اعتمادا على القرينة المستقاه
من انصراف إرادة الموصى فى التوكيل الصادر منه لمحامية إلى السحب والالغاء وكان الحكم
الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بأن صدور توكيل
عام من الموصى يتضمن فيما تضمنه سحب وإلغاء الوصايا لا يمكن أن يدل بقرينة أو عرف على
الرجوع عن الوصية فإنه يكون بذلك قد تحجب عن بحث دلالة سحب الوصية فعلا، وعن تمحيص
ما إذا كانت الإراده بنوع خاص فى توكيل عام إلى الغاء الوصية وتصرف ينهض قرينة تدل
على الرجوع فإنه يكون قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن المطعون عليها أقامت على الطاعنين وأخريات الدعوى رقم 278 لسنة 1972 احوال شخصية
"نفس" أمام محكمة الأسكندرية الأبتدائية بطلب الحكم بثبوت وصحة ونفاذ الوصية المحررة
فى 20/ 7/ 1965 وأمرهم بعدم التعرض لها فيها وقالت شرحا لها أنه بتاريخ 1/ 7/ 1972
توفى زوجها المرحوم….. وانحصر إرثه الشرعى فيها وفى أخوته الأشقاء وإذ أوصى لها بثلث
تركته بمقتضى وصية مؤرخة 20/ 7/ 1961 كتبت بخطه وعليها أمضاوّه، وتوفى مصرا على وصيته،
وإذ نازعها بقية الورثة فيها فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 28/ 5/ 1973 حكمت المحكمة بصحة
ونفاذ الوصية. استأنف الطاعنون وأخرى هذا الحكم بالاستئناف رقم 21 لسنة 1973 ق اسكندرية
طالبين الغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 5/ 1/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم
المستأنف. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت
فيها الرأى بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر
وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منها
على الحكم المطعون فيه بالبطلان، وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم أغفل فى ديباجته وأسبابه
اسم الطاعنة الثالثة ضمن من استأنفوا الحكم مما يشوبه بنقض جسيم فى أسماء الخصوم يترتب
عليه بطلان وفق المادة 178 من قانون المرافعات.
وحيث إن النعى فى محله، ذلك أن المادة 178 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة – إذ أوجبت أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم قد قصدت
بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة فى الدعوى التى صدر فيها الحكم تعريفا
نافيا للجهالة أو اللبس حتى لا يكشف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه، وإذ رتبت
هذه المادة البطلان على "النقض أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم وصفاتهم" إنما عنت
النقض أو الخطأ اللذين يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس فى التعريف بشخصيته مما
يؤدى إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بأخر لا شأن له بالخصومة
فى الدعوى، ولما كان لا يغنى عن هذا البيان امكان معرفة اسم الخصم من ورقة أخرى من
أوراق الدعوى ولو كانت رسمية لأن الحكم يجب أن يكون دالا بذاته على استكمال شروط صحته
بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية التى يستلزمها القانون لصحته بأى
دليل آخر غير مستمد منه، لما كان ذلك وكان الواقع فى الدعوى أنها رفعت ابتداء من كل
من "….. – الطاعن الأول – و…….. و…….. و…….. و…….. – الطاعنة الثانية – و….
الطاعنة الثالثة" وصدر الحكم الابتدائى فى غيبة كل من…. وحضوريا للباقين فاستأنف
الطاعنون الثلاث وأخرى، ثم صدر الحكم المطعون فيه مغفلا فى ديباجته ومدوناته اسم الطاعنة
الثالثة إغفالا تاما، فأن من شأن ذلك أن يشكك فى حقيقة وضع الطاعنة الثالثة واتصالها
بالخصومة المرددة، ولا يغنى عن ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من أن المحكوم ضدهم
طعنوا عليه بطريق الاستئناف لأن بعض المحكوم عليهم إرتضوا حكم محكمة أول درجة، ولم
يستأنفوه، ويكون الحكم قد أغفل بيانا جوهريا من بياناته يترتب عله بطلانه ومن ثم يتعين
نقض الحكم لهذا السبب.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بباقى الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون
والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم أسس قضاءه على سند من القول بأنهم
لم يقدموا الأوراق التى تتطلبها المادة الثانية من قانون الوصية فى الرجوع القولى الصريح
وأنه لا يجوز الاستناد إلى التوكيل الصادر من الموصى بسحب وإلغاء الوصايا، باعتباره
رجوعا بالدلالة عنها، لأن صدور توكيل عام منه يتضمن ذلك فيما تضمنته من نطاق التوكيل
لا يمكن أن يدل بقرينة أو عرف على الرجوع الفعلى عن الوصية، فى حين أن الطاعنين لم
يستندوا إلى المادة الثانية المشار إليها، وإنما ركنوا إلى المادة 18 من قانون الوصية
التى تتكلم عن الرجوع دلالة بكل فعل أو تصرف يدل بقرينة أو عرف عليه، وقد غاب عن الحكم
الدلالة الصريحة والقرينة المستفادة من توكيل الموصى محاميه بسحب وإلغاء كافة الوصايا
الصادرة منه والمودعة مكاتب الشهر العقارى أو أية جهة أخرى، وقيام الوكيل بسحبها فعلا،
وهو يدل على اتجاه إرادة الموصى فى الرجوع عن وصاياه، مما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق
القانون والفساد فى الاستدلال.
وحيث إن النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946
على أنه …….. ولا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الرجوع القولى عنها بعد وفاة الموصى
فى…….. الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الأفرنجية…….. إلا إذا
وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها امضاءه كذلك تدل على ما ذكر،
أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع فيها مصدقا على توقيع الموصى عليها وفى المادة 18 منه
على أنه "يجوز للموصى الرجوع عن الوصية كلها أو بعضها صراحة أو دلالة، ويعتبر رجوعا
عن الوصية كل فعل أو تصرف يدل بقرينة أو عرف على الرجوع عنها… ومن الرجوع دلالة كل
تصرف يزيل الملك الموصى عن الموصى به" يدل على أن الوصية بحسب الأصل تصرف غير لازم
لا تنفذ إلا بعد الوفاة، ولا يترتب عليها أى حق قبلها، فيجوز من ثم للموصى الرجوع صراحة
أو دلالة عنها كلها أو بعضها ما دام حيا. والرجوع الصريح يكون بأية عبارة ينطقها الموصى
أو يكتبها تدل بوضوح على أنه غير راغب فى الإبقاء على الوصية وهو وحده الذى شرط المشرع
لسماع الدعوى به ثبوته بورقة رسمية أو ورقة عرفية كتبت كلها بخط المتوفى وعليها إمضاءه
أو مصدق على توقيعه عليها فى الحوادث الواقعة من سنة 1911 الميلادية، لأن الموصى أنما
يقصد الرجوع ابتداء ويسعى إليه مما يحفزه إلى تحرير سندا بإثباته، أما بالرجوع دلالة
فيصح بأى فعل أو تصرف يصدر من الموصى بعد الوصية ينبئ عنه وتقوم القرينة أو العرف على
أنه أراد بالفعل نقض الوصية أو يتضمن الفعل من تلقاء نفسه نقضها، ولا يحتاج فى إثباته
بعد وفاة الموصى إلى ما يستلزم فى الرجوع الصريح لأنه ينصب على حوادث ماديه لا حصر
لها يجوز إثباتها بكافة سبل الإثبات، ولما كان الواقع المسلم به من الخصوم فى الدعوى
أن الموصى قبل وفاته وكل احد المحامين فى سحب وإلغاء كافة وصاياه، وقام الوكيل فعلا
بسحبها جميعا – ومنها الوصية محل النزاع – من مكان إيداعها بمكتب الشهر العقارى، وكان
الطاعنون قد تمسكوا أمام قضاء الموضوع بأن التصرف من الموصى ينبئ عن الرجوع دلالة على
هذه الوصية اعتمادا على القرينة المستقاه من انصراف إرادة الموصى فى التوكيل الصادر
منه لمحاميه إلى السحب والإلغاء وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون
فيه قد رد هذا الدفاع بأن صدور توكيل عام من الموصى يتضمن فيما تضه سحب وإلغاء الوصايا
لا يمكن أن يدل بقرينة أو عرف على الرجوع عن الوصية فأنه يكون بذلك قد تحجب عن بحث
دلالة الوصية فعلا، وعن تمحيص ما إذا كانت الإشارة بنوع خاص فى توكيل عام إلغاء الوصايا
تصرف ينهض قرينة تدل على الرجوع فإنه يكون قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد
فى الاستدلال بما يستوجب نقضه لهذا السبب أيضا.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم.
