الطعن رقم 23 سنة 1 ق – جلسة 28 /01 /1932
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) – صـ 69
جلسة 28 يناير سنة 1932
برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.
القضية رقم 23 سنة 1 القضائية
( أ ) إعلان، كلمة "لمحله" الواردة بالمادة السادسة من قانون المرافعات.
المقصود بها. متى يجوز الإعلان للمحل المختار؟ البطلان المترتب على عدم الإعلان بالمحل
الأصلي. غير متعلق بالنظام العام. (المواد 6 و332 و365 و404 و405 مرافعات)
(ب) طعن. إجراءاته. حدود البطلان المنصوص عليه فى المادة 15 من قانون النقض.
(المادتان 22 مرافعات و15 و17 من قانون محكمة النقض)
(جـ) تفصيل أسباب الطعن فى التقرير. معناه والغرض منه.
(المادة 15 من قانون محكمة قانون النقض)
1 – لا نزاع فى أن المقصود بكلمة "لمحله" الواردة بالمادة 6 من قانون المرافعات إنما
هو المحل الأصلى، إذ أن الشارع عندما أراد إجازة الاعلان للمحل المختار نص على ذلك
صراحة، كما يتبين ذلك من مراجعة المواد 332 و365 و404 و405 وغيرها من قانون المرافعات.
وهذه القاعدة وإن كانت عامة ويتعين الحكم بموجبها ببطلان الطعن شكلا عملا بالمادة 22
من قانون المرافعات فى حالة عدم إعلانه إلى الخصوم شخصيا أو فى محلهم الأصلى، إلا أنه
يجب حتما مع ذلك أن ينظر فى الأمر: فان كان الإعلان على غير مقتضى تلك القاعدة حصل
بفعل الخصوم كان غير باطل، لأن البطلان المترتب على عدم الإعلان فى المحل الأصلى لا
يتعلق بالنظام العام، ويكفى لزواله قبول الإعلان فى المحل المختار، خصوصا مع عدم ذكر
المحل الأصلى فى الأوراق المعلنة بمعرفة الخصم الذى يتمسك بهذا البطلان.
2 – إن حكم البطلان الوارد فى المادة 15 من قانون النقض لا ينصب إلا على البيانات الخاصة
المتعلقة بموضوع الطعن، لا على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومحال
إقامتهم، إذ لم يكن المشرع بحاجة إلى النص على بطلان الطعن فى حالة إغفال بعض تلك البيانات
مع قيام المادة 22 من قانون المرافعات.
3 – إن الغرض من عبارة "تفصيل الأسباب" الواردة فى المادة 15 من قانون النقض هو تعيين
هذه الأسباب بكل دقة بحيث يكون كل سبب منها قائما بذاته ومستقلا بنفسه، حتى لا يتسنى
للطاعن – بعد فوات ميعاد التقرير بالطعن – أن يتمسك بغيرها مما لا يتعلق بالنظام العام
بدعوى اندماجه فى سبب من الأسباب المذكورة.
الوقائع
رفع أصحاب السموّ الأمراء…….. الدعوى رقم 641 سنة 1928 ضدّ
وزارة الأوقاف ومجلس مديرية المنوفية أمام محكمة مصر الأهلية طلبوا فيها الحكم أصليا
بتثبيت ملكيتهم إلى 8 فدادين و10 قراريط وتسليمها إليهم واحتياطيا الحكم عليهما متضامنين
بدفع قيمتها وقدرها 45000 جنيه والمصاريف والأتعاب والنفاذ مع حفظ سائر الحقوق وعلى
الأخص المطالبة بريعها. كذلك رفعوا الدعوى رقم 640 سنة 1928 أمام المحكمة المذكورة
ضدّ وزارة الأوقاف وحمزه أفندى رستم طلبوا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى 22 فدانا
و21 قيراطا و2200 متر موضحة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وتسليمها إليهم مع إلزامهما
بالمصاريف والأتعاب والنفاذ مع حفظ الحق فى المطالبة بالريع من تاريخ وضع يد الوزارة
وحفظ جميع الحقوق بسائر أنواعها.
وبجلسة 3 أبريل سنة 1928 قرّرت المحكمة بضم هاتين القضيتين لبعضهما وحكمت بالتصديق
على الصلح الحاصل بين أصحاب السموّ الأمراء وبين وزارة الأوقاف، ثم عدّل المدعون طلباتهم
باعلان تاريخه 11 مارس سنة 1928.
وبجلسة 12 مايو سنة 1928 دفع مندوب مجلس المديرية فرعيا بعدم اختصاص محكمة مصر لأن
المجلس له شخصية معنوية فتجب مقاضاته أمام المحكمة المختصة. ثم دفع بعدم قبول الدعوى
لأن أصحاب السموّ الأمراء لم يثبتوا حقهم قانونا. وبجلسة 7 نوفمبر سنة 1928 أدخل المرحوم
أحمد أفندى صادق خصما ثالثا فى الدعوى. وبجلسة 26 ديسمبر سنة 1928 أدخل المدعون الاخرون
أخصاما جددا فى الدعوى. وبتاريخ 9 مايو سنة 1929 قضت محكمة مصر برفض الدفع الفرعى.
فاستأنف الطاعنان هذا الحكم بتاريخ 27 و30 يوليه سنة 1929 أمام محكمة استئناف مصر الأهلية
وطلبا إلغاءه وقبول الدفع الفرعى المقدّم من مجلس المديرية وعدم قبول دعوى الأمراء
لعدم وجود صفة لهم فى رفعها مع إلزامهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وفى أثناء
السير فى الاستئناف توفى المرحومان أحمد أفندى صادق وحسن أفندى حسنى وحل محلهما ورثتهما.
وبجلسة 23 مارس سنة 1931 دفع مندوب وزارة الداخلية دفعا خاصا بالنظام العام فقرّرت
المحكمة بضم الدفع للموضوع وقضى بتاريخ 5 مايو سنة 1931 حضوريا بقبول الاستئناف شكلا
وبرفض الدفع الفرعى الخاص بطلب الإيقاف وفى الموضوع برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف
وألزمت المستأنفين بالمصاريف ومبلغ 500 قرش أتعاب محاماة لكل فريق من فريقى المستأنف
عليهم.
وبتاريخ 11 أغسطس سنة 1931 قرّر حضرة نائب قسم قضايا وزارة الداخلية بالطعن بطريق النقض
والإبرام فى هذا الحكم المعلن للوزارة ومجلس مديرية المنوفية فى 19 يوليه سنة 1931
طالبا قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه برمته واحتياطيا عدم قبول
الدعوى لانتفاء الصفة.
وبعد استيفاء الإجراءات القانونية حدّد لنظر هذه القضية جلسة 7 يناير سنة 1932 ومنها
تأجلت لجلسة 14 يناير سنة 1932. وبالجلسة المذكورة تمسك الوكيل عن حضرات أصحاب السموّ
الأمراء بالدفوع الفرعية المقدّمة فى مذكرته الخاصة ببطلان الطعن شكلا. وطلب النائب
عن وزارة الداخلية رفض هذه الدفوع، وأصرت النيابة على ما جاء بمذكرتها، ثم تأجل الحكم
فى الدفوع الفرعية لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن حضرات أصحاب السموّ الأمراء المدّعى عليهم فى الطعن دفعوا ببطلان هذا الطعن
شكلا وبنوا هذا الدفع على سببين: (الأوّل) عدم إعلانه إلى الخصوم فى محلهم الأصلى.
(والثانى) مخالفته لما أوجبه قانون النقض فى المادة 15 منه من حيث وجوب إيضاح محلات
إقامة الخصوم. ثم أردفوا هذا الدفع بدفع خاص بالوجه الثالث من أوجه الطعن وهو عدم قبول
هذا الوجه لعدم تفصيل الأسباب التى بنى عليها الطعن عند التقرير به فى قلم الكتاب وإعلانهم
به.
عن السبب الأوّل
حيث إن المادة من قانون النقض الخاصة بميعاد إعلان الطعن قرّرت فى الفقرة الثانية
منها أن يكون هذا الإعلان بورقة من أوراق المحضرين وبالأوضاع المعتادة وأنه من ضمن
هذه الأوضاع ما نصت عليه المادة من قانون المرافعات من أنه يجب أن تسلم الأوراق
المقتضى إعلانها لنفس الخصم أو لمحله.
وحيث إنه لا نزاع أن المقصود بكلمة "لمحله" هو المحل الأصلى إذ أن الشارع عندما أراد
إجازة الإعلان للمحل المختار نص على ذلك صراحة كما يتبين ذلك من مراجعة المواد 232
و365 و404 و405 وغيرها من قانون المرافعات.
وحيث إن هذه القاعدة وإن كانت عامة ويتعين الحكم بموجبها ببطلان الطعن شكلا فى حالة
عدم إعلانه إلى الخصوم شخصيا أو فى محلهم الأصلى عملا بالمادة 22 من قانون المرافعات
إلا أنه كثيرا ما يستشكل الأمر على رافع النقض وقت الشروع فى التقرير به وإعلانه، وذلك
بفعل الخصم الذى أعلن له الحكم وأغفل ذكر محله الأصلى واكتفى بتعيين محله المختار.
ففى هذا المقام لا يخلو الحال من أحد أمرين: إما أن يكون قد عين هذا المحل عن رغبة
منه فى قيامه مقام محله الشخصى لتعلن فيه جميع الأوراق الخاصة به، وإما أن يكون قد
أغفل ذكره عمدا منه أو سهوا. وفى كلتا الحالتين يكون إعلان الطعن بالنقض فى المحل المختار
غير معيب لأن البطلان المترتب على عدم الإعلان فى المحل الأصلى لا يتعلق بالنظام العام،
ويكفى لزواله قبول الإعلان فى المحل المختار خصوصا مع عدم ذكر المحل الأصلى فى الأوراق
المعلنة بمعرفة الخصم الذى يتمسك بهذا البطلان.
وحيث إن حضرات أصحاب السموّ الأمراء، مع أنهم هم المدّعون أصلا، قد أعلنوا الحكم المطعون
فيه إلى وزارة الداخلية بدون أن يعينوا محلهم الأصلى فى هذا الإعلان فدل ذلك على أنهم
اتخذوا محلا معينا لهم مكتب المحامى أو الوكيل عنهم فى الدعوى الأصلية ليقوم مقام محلهم
الأصلى. لذا يكون الإعلان صحيحا والطعن فيه غير وجيه.
عن السبب الثانى
وحيث إن المادة من قانون النقض نصت على أن تقرير الطعن يجب أن يشتمل – علاوة على
البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومحلات إقامتهم – على بيان الحكم المطعون
فيه وتاريخه وتفصيل الأسباب التى بنى عليها الطعن فاذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه
كان باطلا.
وحيث إنه يتبين من هذا النص أن المشرع بينما أنه ذكر البيانات العامة جملة أتى على
ذكر البيانات الخاصة التى يجب أن يشتمل عليها التقرير تفصيلا. والحكمة فى ذلك ظاهرة
إذ أن البيانات العامة فى جميع الأوراق القضائية واحدة وأحكام قانون المرافعات فيها
معلومة. أما البيانات الخاصة فهى موضوع تشريع جديد. لذا رأى أن يعدّدها واحدة واحدة
وأن يحذر الجمهور من إغفالها كلها أو بعضها بأن يعتبر الطعن باطلا.
وحيث إن ما ذهب إليه حضرات أصحاب السموّ الأمراء من أن البطلان منصب على جميع ما أوجبت
المادة المذكورة اشتمال التقرير عليه سواء بالنسبة للبيانات العامة أو بالنسبة للبيانات
الخاصة لا يستقيم والعبارة الواردة فى نهاية الفقرة الأولى من هذه المادة وهى "على
هذا الوجه" الدالة على أن المراد بها نفس موضوع الطعن.
وحيث إنه فضلا عن ذلك فان المشرع ما كان فى حاجة للنص على بطلان الطعن فى حالة إغفال
أحد البيانات العامة مع قيام المادة 22 من قانون المرافعات والإشارة الواردة بها على
المواد الخاصة بهذه البيانات. وقد سبق القول بأن المحل المعين قد يكفى عن ذكر المحل
الأصلى. وحينئذ لا يكون هناك لبس يؤدى إلى البطلان.
وحيث إنه يتضح مما تقدّم أن حكم البطلان الوارد فى المادة 15 لا ينصب إلا على البيانات
الخاصة المتعلقة بموضوع الطعن. ولذا يكون التمسك به فى غير ما وضع له على غير أساس.
عن السبب الثالث
حيث إن مبنى الوجه الثالث من أوجه الطعن حسب البيان الوارد فى تقرير النقض هو "مخالفة
الحكم للقانون إذ استند فى إثبات صفة المدعيين فى رفع الدعوى إلى أدلة غير الأدلة الشرعية
الجائز قبولها فى موضوع إثبات الوراثة".
وحيث إن حضرات أصحاب السموّ الأمراء يدفعون ببطلان ورقة الطعن شكلا بالنسبة لهذا الوجه
لأنه جاء مجملا وغير مفصل، فلم يبين القانون المخالف ولا وجه المخالفة، ولا يفهم منه
ما هى الأدلة التى ارتكنت عليها المحكمة وما هى الأدلة الشرعية الجائز قبولها فى موضوع
إثبات الوراثة، فى حين أن قانون النقض صريح فى المادة 15 منه بوجوب تفصيل الأسباب وإلا
كان الطعن باطلا.
وحيث إن الغرض من عبارة "تفصيل الأسباب" الواردة فى المادة 15 المذكورة هو تعيين هذه
الأسباب بكل دقة، كل منها قائم بذاته، حتى لا يتسنى للطاعن بعد فوات ميعاد التقرير
بالطعن التمسك بخلافها بدعوى اندماجه فى السبب الواضح فى هذا التقرير.
وحيث إن الصيغة التى وضع بها الوجه الثالث قد توفرت فيها هذه الدقة فانه يفهم منها
صراحة أن القانون المخالف هو قانون المحاكم الشرعية وأن وجه المخالفة واقع فى موضوع
إثبات الوراثة وهذا كل ما يتطلبه القانون. أما البيان الذى يشير إليه حضرات أصحاب السموّ
الأمراء فهذا محله فى المذكرة المكتوبة التى نصت المادة 18 من قانون النقض تحت "ثالثا"
بوجوب تقديمها بشرح أسباب الطعن المفصلة فى التقرير، وإلا ما كان المشرع فى حاجة إلى
النص على تقديم هذه المذكرة المكتوبة وترتيب أحكام على عدم تقديمها. كما أنه ما كان
استعمل لفظة "شرح" بدلا من لفظة "تفصيل" التى سبق له ذكرها إذا كان اللفظان يؤدّيان
معنى واحدا.
وحيث إنه من كل ذلك تكون الدفوع المقدّمة على غير أساس ويتعين رفضها.
