الطعن رقم 15 لسنة 45 ق “أحوال شخصية” – جلسة 26 /01 /1977
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
الجزء الأول – السنة 28 – صـ 296
جلسة 26 من يناير سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمان عياد، ومحمد الباجورى، وصلاح نصار.
الطعن رقم 15 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"
(1، 2، 3) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين. بطلان.
تغيير الطائفة أو الملة. لا ينتج أثره بمجرد ابداء الرغبة. وجوب الدخول فيها واتمام
طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام من الجهة الدينية المختصة.
سلطة الرئيس الدينى فى التحقق من جدية طلب تغيير الطائفة أو الملة قبل قبوله وإبطاله
بعد حصوله. عمل دينى لا قضائى. لا يؤثر فيه صدور القانون 462 لسنة 1955.
إبطال الجبهة الدينية للانضمام للطائفة أو الملة. سريانه بأثر رجعى متى كان البطلان
معاصرا لقرار الانضمام. حقها فى فصل الشخص لسبب لاحق للانضمام. ليس للفصل أثر رجعى
أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين" محكمة الموضوع. نقض.
اسباغ الوصف الصحيح على قرار الجهة الدينية بأنه الغاء للانضمام أو أعتباره فصلا
من مسائل القانون. لمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع فيما انتهت إليه من تكيف بصدده.
أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". حكم "قصور".
منازعة الزوج فى قرار الجهة الدينية بابطال انضمامة للطائفة. وجوب إعمال محكمة
الموضوع سلطتها فى مراقبة الأسباب التى حدث إلى اصدارة. أغفالها ذلك. قصور
1 – المستقر – فى قضاء هذه المحكمة – أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة
إلا إنه عمل ارادى من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره
بمجرد الطلب وإبداء الرغبة، ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية
الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة.
2 – للرئيس الدينى للملة أو الطائفة التى يرغب الشخص فى الانضمام إليها أن يتحقق قبل
قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة، كما أن له أن يبطل الانضمام
بعد قبوله ويعتبره كان لم يكن إذا تبين له عدم جديتة اعتبارا بأنه يندرج فى صميم الأعمال
الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه
الجهات لا تملكها بعد صدوره القانون 462 لسنة 1955.
3 – للجهات الكنسية سلطة البحث فى دوافع وبواعث التغيير بقبول الانضمام إليها بداءة،
كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كأن لم
يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من الغير إلا التحايل
على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه، فيسرى
عندئذ بأثر رجعى، أما إذا كان حسن النية صادق العقيدة عند انضمامه ثم جدت ظروف أتاحت
له الاستفادة من الآثار القانونية التى تخولها إياه أحكام هذا التغيير، فان أبطال القرار
بالمعنى السالف لا يكون له محل. وإن كان يجوز للجهات الكنسية أن تفصله طالما وجدت فى
سلوكه الدينى ما لا يروق لها، والقرار بالفصل لا يكون له فى هذه الحالة أثر رجعى لأن
الانضمام يكون تم صحيحا.
4 – إذ كان البين من الدفاع الذى ساقه الطاعن أمام محكمة الموضوع نعيا على الشهادة
الصادرة بإلغاء انضمامه إلى طائفة الروم الأرثوذكس أنها موقعة من غير مختص بإصدارها
وإنها فى حقيقتها إسقاط للعضوية أو فصل من الكنيسة وليست إقرارا لحالة البطلان التى
شابت قبول الانضمام، وأنه ليس للجهة الدينية إلغاء الانضمام دون سماع دفاعه، والقول
بأن الشهادة المشار إليها تعتبر قرارا بإلغاء الانضمام أو تعد فصلا من الكنيسة هى مسألة
تكييف يقصد بها اسباغ الوصف الصحيح عليها لمعرفة ما اذا كان لها من أثر رجعى أو لا
يترتب عليها هذا الأثر، وهى مسائل القانون التى يخضع قضاء الموضوع بصددها لرقابة محكمة
النقض.
5 – لقاضى الموضوع الحق فى مراقبة الأسباب التى حدت بالجهة الدينية على الغاء قرار
الانضمام – أيا كان الوصف الذى تطلقه عليه – للتحقق من أنه صدر فى نطاقه ولم يخرج عنه
واستهدف الحيلولة دون التحايل على القانون وحتى لا يمثل الالغاء قيدا على مبدأ حرية
العقيدة والمساس به، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه وقف عند حد تقرير سلطة
الرئيس الدينى فى سلامة إلغاء انضمامه وقيامه على أسباب مسوغة، فإنه يكون فضلا عن خطئه
فى تطبيق القانون قد أغفل دفاعا جوهريا من الجائز أن يترتب عليه تغير وجه الرأى فى
الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
إن الطاعن أقام ضد المطعون عليها الدعوى رقم 399 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام
محكمة اسكندرية الابتدائية بطلب الحكم باثبات طلاقه لها الحاصل فى 27/ 10/ 1972 طلقة
أولى رجعية، وقال شرحا لدعواه أنه تزوجها بصحيح العقد الصادر لدى كنيسة الأقباط الأرثوذكس
فى 29/ 4/ 1951 ودخل بها، وإذ دب الخلاف بينهما وأضحت الحياة الزوجيه مستحيلة وإذ انضم
إلى طائفة الروم الأرثوذكس فى 11/ 9/ 1972 ومن قبل رفع الدعوى فى 19/ 11/ 1972 بينما
هى قبطية أرثوذكسية وهما يدينان بالطلاق، وقد أوقعه عليها عند إقامة دعواه بقوله "زوجتى
السيدة……… طالق منى" فقد طلب الحكم باثباته، دفعت المطعون عليها بأن الطاعن لا
يزال قبطيا أرثوذكسيا تبعا لصدور قرار فى 17/ 1/ 1973 من بطريركية الروم الأرثوذكس
بالاسكندرية بأن انضمامه للطائفة يعتبر لاغيا وكأنه لم يكن، وبتاريخ 26/ 3/ 1973 حكمت
المحكمة باثبات طلاقه الطاعن لزوجته المطعون عليها طلقة رجعية اعتبارا من 27/ 10/ 1972.
استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 22 سنة 1973 أحوال شخصية "نفس" اسكندرية
طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 2/ 2/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف
ورفض الدعوى.
طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى
بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة
المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى
التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن الرئيس
الدينى لطائفة الروم الأرثوذكس التى انضم إليها الطاعن قبل رفعه لدعواه وقبل إيقاعه
الطلاق بارادته المنفردة، أصدر أمرا باعتبار انضمامه إلى الطائفة لاغيا وكأن لم يكن،
وأن هذا الأمر لم يكن محل طعن منه، ورتب على ذلك أنه لم يكن فى أى وقت من الأوقات من
أبناء تلك الطائفة، وأن طرفى التداعى ليسا مختلفى الطائفة فلا يحق للطاعن إيقاع الطلاق،
فى حين أنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن منح شهادة الانضمام من الجهة الدينية
المختصة ثم صدور قرار منها بالغائها وعدم الاعتداد بالانضمام ينبغى أن يخضع لتقدير
القضاء تحرزا من الانحراف فى مباشرة تلك السلطة، وإن سلطان الجهة الدينية الذى ما زال
باقيا لها مقيد بالصالح العام خاصة إذا اصطدم مع مبدأ أساسى هو حرية العقيدة، وإذ لم
يرد الحكم على هذا الدفاع فأنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب علاوة على الخطأ فى تطبيق
القانون.
وحيث إن النعى فى محله، ذلك أنه لما كان المستقر فى قضاء هذه المحكمة أن تغيير الطائفة
أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادى من جانب الجهة الدينية المختصة،
ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة ولكن بعد الدخول فيها واتمام
طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة،
مما مقتضاه أن للرئيس الدينى للملة أو الطائفة التى يرغب الشخص فى الانضمام إليها أن
يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة، كما أن له أن يبطل
الانضمام بعد قبوله ويعتبره كان لم يكن إذا تبين له عدم جديته، اعتبارا بأنه يتدرج
فى صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة
قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان مفاد
ذلك أن للجهات الكنسية سلطة البحث فى دوافع وبواعث التعبير لقبول الانضمام إليها بداءة،
كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كان لم
يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سئ النية ولم يستهدف من التغير إلا التحايل
على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه، فيسرى
عندئذ بأثر رجعى، أما إذ كان حسن النية صادق العقيدة عند انضمامه ثم جدت ظروف أتاحت
له الاستفادة من الآثار القانونية التى تخولها إياه أحكام هذا التغيير فإن إبطال القرار
بالمعنى السالف لا يكون له محل، وإن كان يجوز للجهات الكنسية أن تفصله طالما وجدت فى
سلوكه الدينى ما لا يروق لها والقرار بالفصل لا يكون له فى هذه الحالة أثر رجعى لأن
الانضمام يكون قد تم صحيحا. لما كان ذلك وكان البين من الدفاع الذى ساقه الطاعن أمام
محكمة الموضوع نعيا على الشهادة الصادرة بإلغاء انضمامه إلى طائفة الروم الارثوذكس
إنها موقعة من غير مختص باصدارها وأنها فى حقيقتها إسقاط للعضوية أو فصل من الكنيسة،
وليست إقرار لحالة البطلان التى شابت قبول الانضمام، وأنه ليس للجهة الدينية الغاء
الانضمام دون سماع دفاعه وكان القول بأن الشهادة المشار إليها يعتبر قرارا بالغاء الانضمام
تعد فصلا من الكنيسة هى مسألة تكييف يقصد منها إسباغ الوصف الصحيح عليها لمعرفة ماذا
كان لها من أثر رجعى أو لا يترتب عليها هذا الأثر، وهى من مسائل القانون التى يخضع
قضاء الموضوع بصددها لرقابة محكمة النقض، وكان من حق قاضى الموضوع – مراقبة الأسباب
التى حدت بالجهة الدينية على الغاء قرار الانضمام – أيا كان الوصف الذى تطلقه عليه
– للتحقق من أنه فى نطاق الحدود المشار إليها ولم يخرج عنه واستهدف الحيلولة دون التحايل
على القانون وحتى لا تمثل الإلغاء قيدا على مبدأ حرية العقيدة والمساس به، لما كان
ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه وقف عند حد تقرير سلطة الرئيس الدينى فى ابطال الانضمام
ورتب عليه رفض الدعوى، رغم منازعة الطاعن فى سلامة إلغاء انضمامه وقيامة على أسباب
مسوغة، فانه يكون فضلا عن خطئه فى تطبيق القانون وقد أغفل دفاعا جوهريا من الجائز أن
يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الدعوى، مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقى الأسباب.
