الطعن رقم 33 سنة 1 ق – جلسة 24 /12 /1931
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة من 12 نوفمبر سنة 1931 لغاية 29 أكتوبر سنة 1936) – صـ 34
جلسة 24 ديسمبر سنة 1931
برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.
القضية رقم 33 سنة 1 القضائية
( أ ) تقادم. انقطاع المدّة. المسائل المتعلقة بها. مناط خضوعها
لرقابة محكمة النقض.
(ب) تقادم. ورقة الطلب القاطعة للمدّة. شروطها. (المادتان 82 و205 مدنى)
1 – المسائل المتعلقة بانقطاع مدّة التقادم يكون مناط خضوعها لرقابة محكمة النقض هو
التفرقة بين ما إذا كان قطع مدّة التقادم مترتبا على اعتراف واضع اليد أو المدين بالحق
المطالب هو به اعترافا يجب الرجوع فى استفادته إلى فعل مادى مختلف على دلالته، أو إلى
ورقة مقدّمة فى الدعوى مختلف على دلالتها الصريحة أو الضمنية كذلك، وبين ما إذا كان
قطع المدّة مترتبا على ورقة الطلب المقدّم للمحكمة بالحق المطلوب استرداده أو اقتضاؤه.
ففى الصورة الأولى يكون حكم قاضى الموضوع مبنيا على ما استنتجه هو من الأفعال أو الأوراق
المقدّمة المتنازع على دلالتها العقلية، ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فى ذلك. أما فى
الصورة الثانية فما دام النزاع بين خصوم الدعوى قائما على ما يكون لورقة الطلب من الأثر
القانونى فى قطع مدّة التقادم وعلى متى تكون الورقة قاطعة، وفيم تكون، أى على ما اشترطه
القانون فى ورقة الطلب (Demande en Justice) من الشرائط القانونية، فيكون فصل المحكمة
فى ذلك فصلا فى مسألة قانونية تخضع فيه لمراقبة محكمة النقض.
2 – المفهوم من نص المادتين 82 و205 من القانون المدنى أن الشارع قد اشترط أن يتوافر
فى الورقة التى تقطع مدّة التقادم (Demande en justice) معنى الطلب الواقع فعلا للمحكمة،
الجازم بالحق الذى يراد استرداده (فى التقادم المملك) أو بالحق الذى يراد اقتضاؤه (فى
التقادم المبرئ من الدين)، ولهذا لا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق مّا قاطعة إلا
فى خصوص هذا الحق أو ما التحق به من توابعه، مما يجب لزوما بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه،
فان تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما، فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعا لمدّة التقادم
بالنسبة للحق الاخر.
الوقائع
المدّعى عليه فى الطعن بصفته ناظرا على وقف الشريفة سراء هانم رفع
على الطاعنة فى سنة 1911 دعوى أمام محكمة بنى سويف الابتدائية الأهلية طلب فيها الحكم
بتبعية أطيان للوقف كانت الطاعنة وضعت اليد عليها بطريق الغصب بعد وفاة زوجها الشريف
عون الرفيق باشا فى سنة 1905 مع إلزامها بتسليمها له وحفظ الحق له فى ريعها. فحكمت
محكمة بنى سويف له بهذه الطلبات فى مارس سنة 1917 وأيدت محكمة استئناف مصر هذا الحكم
فى 2 أبريل سنة 1922. وفى 9 يوليه سنة 1922 رفع هذا الناظر على الطاعنة دعوى أخرى طالبها
فيها بريع هذه الأطيان المغصوبة من سنة 1905 إلى سنة 1922 فحكمت له محكمة استئناف مصر
به بعد تقديره بمعرفتها فى 2 مارس سنة 1925. وفى 19 أغسطس سنة 1923 رفع عليها هذه الدعوى
الحالية أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية مدّعيا أن هذه الأعيان الموقوفة التى حكم
له باستلامها كانت تحت يد زوجها المرحوم الشريف عون الرفيق باشا من سنة 1877 لغاية
سنة 1905 وكان يديرها لحساب الوقف بطريقة الإنابة. ولذلك فانه يطلب الحكم بالزام الطاعنة
بصفتيها بأن تدفع من تركة مورّثها ريع هذه الأطيان البالغ قدره 17712 جنيها. فدفعت
الطاعنة بسقوط الحق فى إقامة الدعوى بمضى المدّة الطويلة . وبتاريخ 6 مارس سنة 1926
حكمت محكمة مصر بقبول الدفع وسقوط الحق فى الدعوى. فاستأنف المدّعى هذا الحكم وطلب
بصحيفة استئنافه الحكم بالغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليها بأن تدفع للمستأنف
13284 جنيها وفوائده من يوم المطالبة الرسمية. فحكمت محكمة استئناف مصر بتاريخ 20 أبريل
سنة 1931 بالغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليها بصفتيها بأن تدفع من تركة مورّثها
للمستأنف 1944 جنيها والفوائد القانونية باعتبار المائة خمسة من تاريخ المطالبة معتمدة
فى ذلك على أن ناظر الوقف برفعه دعوى تبعية الأرض المغصوبة للوقف فى سنة 1911 قد قطع
على واضع اليد مدّة التقادم سواء أكان التقادم بخصوص تملك العين أم كان التقادم بخصوص
التخلص من ريعها وبخاصة لأن ناظر الوقف قد صرح فى صحيفة تلك الدعوى بأنه يحتفظ بحقه
فى المطالبة بالريع مستقبلا. وقد قرّرت الطاعنة بالطعن فى هذا الحكم بقلم الكتاب بتاريخ
أوّل سبتمبر سنة 1931، ثم قدّمت مذكرتها ومستنداتها. وقدّمت النيابة مذكرتها كذلك فى
الميعاد ولم يقدّم المدّعى عليه فى الطعن مذكرته. وطلبت النيابة فى مذكرتها قبول الطعن
ونقض الحكم.
وبجلسة المرافعة المحدّدة لنظر هذه القضية صمم الحاضر عن رافعة النقض على ما جاء بتقرير
طعنه ومذكرته، وأصرت النيابة على الطلبات المدوّنة بمذكرتها ثم تأجل النطق بالحكم لجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن مبنى الوجه الثالث من وجوه الطعن أن محكمة استئناف مصر قد أخطأت فى تطبيق
القانون من ناحية اعتبارها صحيفة افتتاح دعوى الملكية المرفوعة على الطاعنة من ناظر
الوقف فى سنة 1911 قاطعة للتقادم المسقط للحق فى الريع سواء أكان ذلك الريع هو الذى
استحق للوقف على الطاعنة التى ادّعت الملك فيه لنفسها بعد وفاة مورّثها أم كان هو الريع
الذى استحق على تركة هذا المورّث لإدارته أطيان الوقف حال حياته بطريقة الإنابة.
ومن حيث إنه لا صحة لما قالته النيابة من أن هذا الوجه موضوعى وأن قضاء محكمة النقض
الفرنسية قد جرى على اعتبار جميع المسائل المتعلقة بانقطاع مدة التقادم موضوعية لا
مراقبة لها عليها، لأن الصحيح الثابت فى قضاء تلك المحكمة هو التفرقة بين ما إذا كان
قطع مدّة التقادم مترتبا على اعتراف واضع اليد أو المدين بالحق المطالب هو به اعترافا
يجب الرجوع فى استفادته إلى فعل مادى مختلف على دلالته أو إلى ورقة مقدّمة فى الدعوى
مختلف على دلالتها الصريحة أو الضمنية كذلك وبين ما إذا كان قطع المدّة مترتبا على
ورقة الطلب المقدّم للمحكمة بالحق المطلوب استرداده أو اقتضاؤه إذ يكون حكم قاضى الموضوع
فى الصور الأولى مبنيا على ما استنتجه هو من الأفعال أو الأوراق المقدّمة المتنازع
على دلالتها العقلية. أما إذا قام النزاع بين خصوم الدعوى على ما يكون لورقة الطلب
من الأثر القانونى فى قطع مدّة التقادم وعلى متى تكون الورقة قاطعة وفيم تكون، وبالجملة
متى قام النزاع على ما اشترطه القانون فى ورقة الطلب من الشرائط القانونية فيكون فصل
المحكمة فى ذلك فصلا فى مسألة قانونية تخضع هى فيه لمراقبة محكمة النقض.
ومن حيث إن المادة 205 من القانون المدنى الأهلى تنص على أن "القواعد المقرّرة للتملك
بمضى المدّة من حيثية أسباب انقطاعها أو إيقاف سريانها تتبع أيضا فى التخلص من الدين
بمضى المدة". ومن حيث إن المادة 82 من القانون المدنى تنص على أن المدّة المقرّرة للتملك
بوضع اليد تنقطع إذا طلب المالك استرداد حقه بأن كلف واضع اليد بالحضور للمرافعة أمام
المحكمة.
ومن حيث إنه يفهم من نص هاتين المادتين أن الشارع قد اشترط أن تتوفر فى الورقة التى
تقطع مدّة التقادم معنى الطلب الجازم الواقع فعلا للمحكمة بالحق الذى يراد استرداده
فى التقادم المملك أو بالحق الذى يراد اقتضاؤه فى التقادم المبرئ من الدين، ولهذا لا
تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق مّا قاطعة إلا فى خصوص هذا الحق أو ما التحق به من
توابعه مما يجب لزوما بوجوبه أو يسقط كذلك بسقوطه، فإن تغاير الحقان مصدرهما فالطلب
الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعا لمدّة التقادم بالنسبة للحق الآخر.
ومن حيث إن صحيفة افتتاح دعوى الملكية التى رفعها ناظر الوقف على الطاعنة سنة 1911
بطلب تبعية الأرض الموقوفة التى كانت فى يدها بطريق الغصب تتضمن الطلب الجازم باسترداد
هذا الملك منها فهى صالحة لأن تقطع مدّة تملكها بالتقادم كما تقطع مدّة التخالص من
ريعها المستحق على الطاعنة من تاريخ الغصب الذى هو سنة 1905 لأن ريع هذه المدّة يجب
فى ذمة الغاصب بوجوب ردّ الملك، وقد يسقط هذا الفرع بسقوط أصله. أما ريع المدّة السابقة
على سنة 1905 الذى يقول ناظر الوقف بخصوصه إنه قد وجب بذمة مورّث الطاعنة لإدارته الأطيان
بطريق الإنابة مدّة حياته وإنه لذلك يكون له حق اقتضائه من تركته – أما هذا الريع فهو
حق آخر له سببه وله محل وفاء آخر هو غير محل وفاء الريع المتقدّم ذكره المستحق من سنة
1905. كذلك يقول هذا الناظر فى صحيفة دعوى الريع المرفوعة من المدّة من سنة 1905 إلى
سنة 1922 المعلنة فى 9 يوليه سنة 1922 إنه احتفظ بهذا الريع المذكور، ومحكمة استئناف
مصر حكمت له عند الحكم بالملكية بحفظ حقه فيه عن المدّة المذكورة.
ومن حيث إنه ينتج من جميع ما تقدّم أن محكمة الاستئناف قد أخطأت فى تطبيق المادتين
205 و82 من القانون المدنى، إذ اعتبرت صحيفتى دعوى الملكية ودعوى الريع الأول المتقدّمتى
الذكر قاطعتين لمدّة التخالص من ريع المدّة المطلوب الحكم بها فى الدعوى الحالية. وعلى
ذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم وإحالة القضية على محكمة استئناف مصر للحكم فيها من
جديد.
