الطعن رقم 608 لسنة 8 ق – جلسة 13 /02 /1965
مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة – العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) – صـ
653
جلسة 13 من فبراير 1965
برئاسة السيد الاستاذ حسن أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم المستشارين.
القضية رقم 608 لسنة 8 القضائية
( أ ) اختصاص – محكمة القضاء الادارى – القانون رقم 31 لسنة 1963
بتعديل المادة 12 من قانون مجلس الدولة – سريانه بأثر مباشر مادام قد عمل به قبل قفل
باب المرافعة باعتباره من القوانين المعدلة للاختصاص.
(ب) اختصاص – محكمة القضاء الادارى – الفصل عن غير الطريق التأديبى – طلب الاستمرار
فى صرف المرتب بصفة مؤقتة لحين الفصل فى طلب الغاء القرار الجمهورى بالفصل عن غير الطريق
التأديبى – خروجه عن ولاية القضاء الادارى – أساس ذلك.
فى 4 من مارس 1963 صدر القانون رقم 31 لسنة 1963 بتعديل المادة 12 من القانون رقم
55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة ونص فى مادته الأولى على أن يستبدل بنص المادة
المذكورة النص الآتى: "لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر فى الطلبات المتعلقة
بأعمال السيادة ويعتبر من قبيل أعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة باحالة
الموظفين العموميين الى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم من غير الطريق التأديبى." كما
نص فى المادة الثانية على أن يعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية وقد نشر فيها
فى 11 من مارس سنة 1963 العدد 56 .. وهذا القانون باعتباره من القوانين المعدلة للاختصاص
– يسرى بأثره المباشر على المنازعة الحالية طالما أنه قد عمل به قبيل قفل باب المرافعة
طبقا للمادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
أن قرار الفصل المطعون فيه – والذى يطلب المطعون ضدهما الاستمرار فى صرف مرتبهما
بصفة مؤقتة الى أن يفصل فى طلب الغائه – هو قرار صادر من السيد رئيس الجمهورية بفصلهما
عن غير الطريق التأديبى. ومن ثم فانه يخرج عن ولاية القضاء الادارى ويتعين لذلك رفض
الطلب المستعجل الخاص باستمرار صرف مرتب المطعون ضدهما.
اجراءات الطعن
فى يوم 15 من فبراير سنة 1962 أودع السيد محامى ادارة قضايا الحكومة
بصفته نائبا عن السيد وزير التموين سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن قيد بجدولها تحت
رقم 608 لسنة 7 قضائية فى الحكم الصادر من المحكمة الادارية لوزارات الخزانة والاقتصاد
والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1961 فى القضية رقم 24 لسنة 9 قضائية
المقامة من السيدين/ محمد رمضان شحاته زناتى وكرم عزمى يوسف ضد وزارة التموين والقاضى:
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها. وثانيا: برفض الدفع
بعدم قبول الدعوى وبقبولها. وثالثا: بأحقية كل من المدعين فى صرف نصف مرتبه بصفة مؤقته
اعتبارا من تاريخ صرف هذا المرتب لحين الفصل فى الدعوى الموضوعية ورابعا: بالزام الجهة
الادارية المصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وقد طلبت الوزارة الطاعنة – للأسباب الواردة بصحيفة الطعن احالة الطعن الى دائرة فحص
الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وباحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا
لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض دعوى المطعون
ضدهما مع الزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن الدرجتين.. وأعلنت صحيفة الطعن
للمطعون ضده الأول فى 20 من يونيه سنة 1962 وللمطعون ضده الثانى فى 16 من نفس الشهر..
وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن انتهت فيه الى أنها
ترى الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى
بنظر الدعوى.. وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963 بتعديل نص المادة 12
من القانون رقم 55 لسنة 1959.. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم
أى من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة
جلسة 20 من يونيه سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فى 25 من مايو سنة 1964 وفيها قررت
الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا دائرة أولى وأمرت باجماع الآراء بوقف
تنفيذ الحكم المطعون فيه.. وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 19 من ديسمبر
سنة 1964 وأخطرت بها ذوو الشأن فى 9 من نوفمبر سنة 1964 وبعد أن سمعت ما رأت سماعه
من ايضاحات ذوى الشأن قررت اصدار الحكم بجلسة 6 من فبراير سنة 1965 وصرحت بتقديم مذكرات
الى ما قبل الجلسة بأسبوعين.. ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاتمام المداولة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من أوراق الطعن – تتحصل فى أن المطعون
ضدهما السيد/ محمد رمضان شحاته زناتى والسيد/ كرم عزيز يوسف أقاما الدعوى رقم 24 لسنة
9 قضائية أمام المحكمة الادارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين
بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة المذكورة فى 11 من أكتوبر سنة 1961 ضد وزارة التموين
طلبا فيها الحكم باستمرار صرف راتبهما بصفة مؤقتة طبقا للمادة 21 من قانون تنظيم مجلس
الدولة رقم 55 لسنة 1959 مع الزام الوزارة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة..
وقالا فى بيان الدعوى أنه فى غضون شهر يونيه سنة 1959 قام المدعى الثانى – وكان مفتش
تموين كفر صقر.. بجولة تفتيشية على أعمال التموين بدائرة اختصاصه.. وفى أثناء مروره
ضبط المدعو على محمد صدقى من أهالى ناحية الهجارسة مركز كفر صقر يتجر فى بعض السلع
التموينية دون أن يحتفظ بفواتير شرائها مخالفا بذلك القانون فحرر ضده محضرا أحيل من
أجله للمحاكمة حيث قضت المحكمة بتغريمه مائتى جنيه.. فما كان منه الا أن قدم الى قسم
الرقابة الادارية شكوى مفادها ان موظفى مكتب تموين كفر صقر يأخذون رشاوى من التجار
ويقتسمون الغنائم فيما بينهم.. وقام بتحقيق هذه الشكوى ثلاثة من ضباط الرقابة الذين
اصطحبوا الشاكى الى مكتب التموين المذكور بعد أن سلموه أوراقا نقدية من فئة الخمسين
قرشا وضعوا عليها علامة مميزة. ثم دخل التاجر الى المكتب وخرج وأعطى الاشارة المتفق
عليها فيما بينهم فدخل الضباط الثلاثة وضبطوا الأوراق النقدية بجيب جاكتة كاتب المكتب
وضبطوا بعض كوبونات الجاز فى جيوب ثلاثة من موظفيه وتم القبض عليهم جميعا وقدموا الى
محكمة أمن الدولة بمحكمة جنايات الزقازيق بتهمة رشوة فقضت بجلسة 8 من أبريل سنة 1961
فى الجناية رقم 8 لسنة 1961 ببراءتهم جميعا وصدق السيد الحاكم العسكرى العام على الحكم
فى 20 من يونيه سنة 1961 فأفرج عنهم.. ولما حاولوا العودة الى وظائفهم أفهموا بأن قرارا
قد صدر من السيد رئيس الجمهورية فى 19 من يونيه سنة 1960 بفصلهم من الخدمة فتظلم المدعيان
للسيد وزير التموين فى 16 من أغسطس سنة 1961 ولكنه لم يرد عليهما فرفعا هذه الدعوى
وينعيان على قرار فصلهما أنه قام على غير سبب لأن تهمة الرشوة – التى هى سبب القرار-
قد أبراتهما المحكمة منها ولا يوجد فى أوراق الدعوى الجنائية، بعد انتفاء تهمة الرشوة،
ما يمكن أن ينسب معه اليهما أو أنهما أتيا فعلا مخالفا للتعليمات والنظم الادارية وقد
قطع ملف خدمتهما باستقامتهما وحسن تقديرهما للأمور.. وقد ردت الحكومة على الدعوى فدفعت
بعدم قبولها لرفعها على غير ذى صفة لأن موضوعها البحث فى قرار جمهورى فيلزم لذلك تمثيل
رئاسة الجمهورية فى الدعوى وبعدم قبولها شكلا لرفعها بعد الميعاد لأن المدعيين قد تظلما
بعد أكثر من ستين يوما من تاريخ علمهما الحقيقى بالقرار وطلبت فى الموضوع رفض الدعوى
استنادا الى أن القرار الجمهورى استند الى السلطات المخولة الى السيد رئيس الجمهورية
بالدستور المؤقت والقانون رقم 210 لسنة 1951 فى الفقرة السادسة من المادة 107 منه وطالما
أن هذا القرار لم يتضمن السبب الذى يستند اليه فيفترض أنه صدر منطويا على سبب صحيح
مكتمل الأركان.. وبجلسة 11 من نوفمبر سنة 1961 أمام المحكمة الادارية قرر الحاضر عن
المدعيين أن اسم المدعى الثانى كرم عزمى يوسف وليس كرم عزيز يوسف كما جاء بصحيفة الدعوى
وأضاف الى طلباته أنه يطالب بالغاء قرار السيد رئيس الجمهورية.. وبجلسة 17 من ديسمبر
سنة 1961 قضت المحكمة المذكورة أولا: برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها.
وثانيا: رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها.
وثالثا: بأحقية كل من المدعيين فى صرف مرتبه بصفة مؤقتة اعتبارا من تاريخ وقف صرف هذا
الراتب لحين الفصل فى الدعوى الموضوعية. ورابعا: بالزام الجهة الادارية المصروفات وخمسمائة
قرش مقابل أتعاب المحاماة.. وأقامت قضاءها بصرف نصف المرتب على أنها ترى من ظاهر الأوراق
أن الدعوى لها سند من القانون ذلك لأنه لم يظهر من الأوراق أن الجهة الادارية قد نسبت
الى المدعيين ارتكابهما أية مخالفات ادارية بجانب التهمة التى أبرئا منها فضلا عن أن
الثابت من الأوراق أن راتب المدعيين هو مورد الرزق الوحيد لهما.. وقد طعنت وزارة التموين
فى هذا الحكم أمام هذه المحكمة العليا بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة فى 15 من فبراير
سنة 1962 طلبت فيها قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض
الدعوى مع الزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين واستندت
فى طعنها على أن الثابت أن المطعون ضدهما قد تظلما بعد الميعاد القانونى فيكون قرار
فصلهما قد تحصن وبالتالى يكون الطلب المستعجل الخاص بصرف المرتب على غير سبب جدى فضلا
عن انه كان حريا بالمحكمة أن تقف عند حد أن تستشف أن القرار قد صدر بالتطبيق لنص الفقرة
السادسة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 حتى تقضى برفض الدعوى أما أن تقيم
المحكمة من عندها سببا له لم يتضمنه ولم يفصح عنه ثم تغوص بعد ذلك فى البحث حتى تنتهى
– حسب رأيها – الى أن هذا القرار قد صدر مخالفا للقانون فانها بذلك تكون قد جاوزت حدود
ولايتها الى حدود ولاية قاضى الموضوع مخالفة بذلك نصوص القانون.. وأنه لما كان الحكم
بناء على ما تقدم مرجحا الغاؤه وكان تنفيذه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وضياع أموال
الخزانة العامة بلا مبرر الأمر الذى تطلب معه من دائرة فحص الطعون أن تقضى بوقف تنفيذه
بالتطبيق لنص المادة 15 من قانون مجلس الدولة.. وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا
بالرأى القانونى مسببا فى الطعن انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بالغاء الحكم المطعون
فيه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وذلك بالتطبيق لأحكام
القانون رقم 31 لسنة 1963 بتعديل نص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959.. وبجلسة
20 من يونيه سنة 1964 قررت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة احالة الطعن الى المحكمة
الادارية العليا وأمرت باجماع الآراء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ومن حيث انه يبين مما تقدم أن المطعون ضدهما أقاما دعواهما أمام المحكمة الادارية طالبين
الحكم بالغاء قرار السيد رئيس الجمهورية الصادر فى 19 من يونيه سنة 1960 بفصلهما من
الخدمة وطلبا فى الوقت ذاته الحكم باستمرار صرف راتبهما بصفة مؤقتة حتى يفصل فى الموضوع..
وقد قضت المحكمة الادارية فى الشق المستعجل من الدعوى بصرف نصف مرتب كل منهما بصفة
مؤقتة اعتبارا من تاريخ وقف صرف هذا المرتب لحين الفصل فى الدعوى الموضوعية فطعنت الحكومة
فى هذا الحكم.. وقد رأت هيئة مفوضى الدولة الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى استنادا الى أحكام القانون رقم
31 لسنة 1963 سالف الذكر.
ومن حيث أنه فى 4 من مارس سنة 1963 صدر القانون رقم 31 لسنة 1963 بتعديل المادة 12
من القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة ونص فى مادته الأولى على أن
يستبدل بنص المادة المذكورة النص الآتى: "لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بالنظر
فى الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة ويعتبر من قبيل أعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية
الصادرة باحالة الموظفين العموميين الى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم من غير الطريق
التأديبى". كما نص فى المادة الثانية على أن يعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية
وقد نشر فيها فى 11 من مارس سنة 1963 العدد 56، ولما كان هذا القانون – باعتباره من
القوانين المعدلة للاختصاص – يسرى بأثره المباشر على المنازعة الحالية ما دام قد عمل
به قبل قفل باب المرافعة طبقا للمادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث ان قرار الفصل المطعون فيه – والذى يطلب المطعون ضدهما الاستمرار فى صرف مرتبهما
بصفة مؤقتة الى أن يفصل فى طلب الغائه – هو قرار صادر من السيد رئيس الجمهورية بفصلهما
عن غير الطريق التأديبى. ومن ثم فأنه يخرج عن ولاية القضاء الادارى ويتعين لذلك رفض
الطلب المستعجل الخاص باستمرار صرف مرتب المطعون ضدهما.. ولما كان الحكم المطعون فيه
قد قضى بصرف نصف مرتب المطعون ضدهما فأنه يكون فى غير محله متعينا الغاؤه والقضاء برفض
طلب المطعون ضدهما بصرف مرتبيهما بصفة مؤقتة الى أن يفصل فى الموضوع مع الزام المطعون
ضدهما بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب المطعون ضدهما بصرف مرتبهما بصفة مؤقتة وألزمتهما المصروفات.
