الطعن رقم 972 لسنة 26 ق – جلسة 15 /05 /1982
مجلس الدولة – المكتب الفنى – مجموعة المبادئ
القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) – صـ 578
جلسة 15 من مايو سنة 1982
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد نور الدين العقاد وعزيز بشاى سيدهم وحسن عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد أحمد البدرى – المستشارين.
الطعن رقم 972 لسنة 26 القضائية
مجلس الدولة – اختصاص – منازعة ادارية. اختصاص مجلس الدولة بنظر
المنازعات الإدارية.
طلب المدعى الحكم بالزام الهيئة المصرية للمساحة بأن تؤدى له تعويضا لقاء ما لحقه من
ضرر نتيجة تراخيها فى اتخاذ إجراءات ترشيحه للمنحة التدريبية المقدمة من حكومة هولندا
مما أدى الى اعتذار الحكومة الهولندية – اختصاص مجلس الدولة بنظرها باعتبارها منازعة
إدارية قوامها النعى على مسلك الجهة الادارية بصفتها القائمة على ادارة مرفق السياحة
وبحسبانها منازعة لا شك فى انطوائها فى نطاق منازعات الروابط الوظيفية التى تدخل فى
اختصاص مجلس الدولة بحسبانه القاضى الطبيعى لروابط القانون العام وفقا لصريح نص الدستور
والقوانين المنفذة.
إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 12 من مايو سنة 1980 أودعت هيئة مفوضى الدولة
– قلم كتاب المحكمة الادارية العليا – تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 972 لسنة 26 قضائيا
عليا – فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بجلستها المعقودة فى 19
من مارس 1980 فى الدعوى رقم 39 لسنة 31 قضائية المرفوعة من السيد/ حسنى حافظ سلطان
ضد الهيئة المصرية العامة للمساحة والذى قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وأمرت
باحالتها بحالتها الى محكمة الاسكندرية الابتدائية للاختصاص.
وطلب الطاعن للأسباب التى أولاها فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع
بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الادارى بنظر الدعوى واعادتها اليها
للفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى ارتأت فيه للأسباب التى أوردتها –
الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه.
وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية عرض الطعن على دائرة فحص الطعون لدى المحكمة الإدارية
العليا – والتى قررت بجلستها المعقودة فى 4 من يناير سنة 1982 احالة الطعن الى المحكمة
الادارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 15 من فبراير سنة 1982، وسمعت المحكمة
ما رأته لازما من ايضاحات على النحو المبين بهذه الجلسة وأرجأت المحكمة اصدار الحكم
لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أن السيد المهندس/
حسنى حافظ السيد أقام الدعوى رقم 39 لسنة 31 قضائية أمام محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية
ضد السيد/ رئيس مجلس ادارة الهيئة المصريه للمساحة طالبا الحكم بالزام الهيئة المذكورة
بان تؤدى له التعويض الذى تقدره المحكمة – وقد حدد المدعى التعويض المطلوب فى المذكرة
التى تقدم بها بجلسة التحضير المعقود فى 8 من اغسطس 1977 بمبلغ عشرة آلاف جنية. وذهب
شرحا لدعواه ان الهيئة اعلنت عن منحه من الحكومة الهولندية واجتاز المدعى الأختبار
الذى اجرته الهيئة وكان ترتيبه الأول وأخطر بنتيجة الاختبار فى 9/ 5/ 1976 ثم عادت
الهيئة واخطرته فى 2/ 10/ 1976 بان الادارة العامة للبعثات لوزارة التعليم العالى أفادت
بان السلطات الهولندية قد اعتذرت عن هذه المنحة وأنه لما كان قد تبين للمدعى ان اعتذار
السلطات الهولندية انما يرجع الى تأخر الهيئة المصرية العامة فى ارسال استمارة الترشيح
مما ترتب عليه الحاق الضرر بالمدعى فاقام دعواه مطالبا بالتعويض.
وتقدمت الهيئة المدعى عليها بدفاعها فأوضحت انها لم تتوان فى اتخاذ الاجراءات اللازمة
فى شأن المنحة المقدمة من الحكومة الهولندية بأن أرسلت الى ادارة البعثات فى ذات يوم
ظهور النتيجة بكتابها رقم 2931 فى 3/ 5/ 1976 ثم طلب ممثل السفارة الهولندية من أصحاب
الشأن استيفاء استمارات خاصة الا انهما تقاعسا عن تقديمها مما أدى الى اعتذار السلطات
الهولندية وان مهمة الهيئة قد انتهت بمجرد إخطار إدارة البعثات وانها لم ترتكب أى خطأ
يستوجب التعويض.
وبجلسة 19 من مارس 1980 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت باحالتها بحالتها
الى محكمة الاسكندرية الابتدائية للاختصاص.
وأقامت المحكمة قضائها على ان المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972
قد حددت اختصاص مجلس الدولة على سبيل الحصر بالنسبة لطلبات الموظفين العموميين أو ورثتهم
سواء تمثلت فى منازعات حقوقية أو طلبات الغاء قرارات ادارية وانه لما كان ما ينعيه
المدعى على الهيئة المصرية العامة للمساحة من خطأ تمثل فى تأخيرها فى اتخاذ اجراءات
ترشيحه للمنحة التدريبية المقدمة من الحكومة الهولندية مما دفع الحكومة الهولندية الى
الغاء المنحة مما ترتب عليه اصابته بأضرار بالغة لا ينطوى على قرار ايجابى أو سلبى
من القرارات التى تخضع لرقابة القضاء الإدارى سواء بالالغاء أو التعويض عنها الواردة
حصرا فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة سالفة الذكر ومن ثم لا تختص
محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر طلب التعويض محل المنازعة.
وقوام الطعن الماثل ان الحكم قد اخطأ فى تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولا – انه طبقا لأحكام الدستور وقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أضحى مجلس الدولة
هو قاضى القانون العام فى المنازعات الادارية فضلا عن ان طلبات المدعى تنصب على النعى
على مسلك الادارة الذى آثر فى مركزه القانونى مما يعد قرارا سلبيا يسوغ الطعن فيه.
ثانيا – انه بافتراض سلامة ما ذهبت اليه المحكمة فان دعوى التعويض أمام القضاء الادارى
لم تعد مرتبطة أو محصورة فى نطاق التعويض عن القرارات الادارية بل تمتد الى جميع التصرفات
غير المشروعة ولو لم ترق الى مرتبة القرار الادارى.
ومن حيث ان دستور مصر سنة 1971 قد نص على ان مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة وتختص
بالفصل فى المنازعات الادارية وفى الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى
– وقد صدر قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ونص فى المادة/ 10 على ان تختص محاكم
مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية.
أولا: ……….
ثانيا: المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين
أو لورثتهم.
عاشرا: طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها فى البنود السابقة سواء رفعت بصفة
أصلية أو تبعية.
رابع عشر: سائر المنازعات الادارية..
ويعتبر فى حكم القرارات الادارية رفض السلطات الادارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان
من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح.
واتساقا مع ما تقدم نص قانون السلطة القضائية فى المادة 15 على انه "فيما عدا المنازعات
الادارية التى يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل فى جميع المنازعات والجرائم….".
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان محل الدعوى التى صدر بشأنها الحكم الطعين – ينحصر
فى طلب الحكم بإلزام الهيئة المصرية للمساحة بأن تؤدى له تعويضا لقاء ما لحقه من ضرر
نتيجة تراخيها فى اتخاذ اجراءات ترشيحه للمنحة التدريبية المقدمة من حكومة هولندا مما
أدى الى اعتذار الحكومة الهولندية – ليس من ريب فى أن التكييف القانونى السليم للدعوى
– هو اعتبارها من دعاوى التعويض عن قرار الادارة السلبى بالامتناع عن اتخاذ الاجراءات
اللازمة فى الوقت الملائم مما ترتب عليه عدم الافادة من المنحة – رغم توافر الشروط
– وهى ولا شك تعد منازعة ادارية قوامها النعى على مسلك الجهة الادارية بصفتها القائمة
على ادارة مرفق المساحة وبحسبانها منازعة لا شك فى انطوائها فى نطاق منازعات الروابط
الوظيفية التى تدخل فى اختصاص مجلس الدولة بحسبانه القاضى الطبيعى لروابط القانون العام
وفقا لصريح نص الدستور والقوانين المنفذة له على التفصيل المبين وان القول بغير ذلك
مؤداه افراغ النصوص المستحدثة فى شأن تعديل اختصاص مجلس الدولة من أحكامها ومما استهدفه
المشرع منها – ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب الى غير ذلك – قد جانب الحق وخالف
صريح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن الماثل شكلا وفى الموضوع بالغاء
الحكم محل الطعن وباختصاص محكمة القضاء الادارى بنظر الدعوى وبإحالتها اليها للفصل
فى موضوعها.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الدعوى وبإعادتها الى دائرة القضاء الإدارى بالإسكندرية للفصل فيها.
