الطعن رقم 177 سنة 17 ق – جلسة 17 /03 /1949
مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة
النقض والإبرام فى المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) – صـ 735
جلسة 17 من مارس سنة 1949
برياسة حضرة محمد المفتى الجزايرلى بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد حلمى بك ومحمد عزمى بك وعبد العزيز محمد بك ومحمد على رشدى بك المستشارين.
القضية رقم 177 سنة 17 القضائية
أ – دفع بعدم الاختصاص. إبداؤه فى نهاية المرافعة أمام محكمة الاستئناف.
يتعين الحكم بسقوط الحق فى هذا الدفع. القضاء برفض الدفع. الطعن فيه غير مقبول لانعدام
المصلحة.
ب – اختصاص. مبلغ حصل الاتفاق على إعداد الجهاز به. كون بعضه فى الأصل مقدم الصداق.
النزاع فى هذه الصوره نزاع مالى صرف يدخل فى اختصاص المحاكم المدنية. الحكم فيه من
المحاكم الشرعية خروج عن ولايتها. حكم المحكمة المدنية بوقف تنفيذ الحكم الشرعى الصحيح.
1 – إذا كان الخصم لم يبد دفعه بعدم اختصاص المحكمة بالنظر فى الدعوى إلا فى نهاية
مرافعته أمام محكمة الاستئناف بعد أن كان أبدى طلباته الختامية المتعلقة بأصل الدعوى،
فإنه يكون متعيناً قانوناً على المحكمة أن تقضى بسقوط حقه فى الدفع إعمالاً لحكم المادتين
134، 366 من قانون المرافعات لا أن تتعرض للدفع وتفصل فيه [(1)].
ولكن إذا كانت المحكمة قد انتهت إلى القضاء برفض الدفع فإنه إذ كان القضاء بذلك لا
يختلف فى نتيجته عن القضاء بالسقوط كان لا جدوى للطاعن من خطأ المحكمة فى أسباب قضائها
بالرفض [(2)].
2 – إذا كان المبلغ المحكوم به من المحكمة الشرعية على الزوج برده لزوجته ووالدها إنما
هو مبلغ حصل الاتفاق على إعداد الجهاز به، أى أنه ثمن لجهاز لم يتم شراؤه، فالنزاع
على هذا المبلغ – ولو كان بعضه فى الأصل مقدم الصداق – هو نزاع مالى صرف مما تختص به
المحاكم المدنية، لا نزاع على مسألة من مسائل الأحوال الشخصية المختصة بها المحاكم
الشرعية. ولذلك يكون الحكم الصادر من المحكمة المدنية بوقف تنفيذ حكم المحكمة الشرعية
لخروجها فيه عن ولايتها، غير مخالف للقانون.
المحكمة
من حيث إنه (الطعن) بنى على ثلاثة أسباب يتحصل أولها فى أن الحكم
أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل بالنظر فى الدعوى على ما قرره المطعون
عليه أمام محكمة الدرجة الأولى بجلسة 11 من أكتوبر سنة 1945 من أنه "لا يقصد بما أورده
خطأ فى صحيفة الدعوى من عبارة بصفة مستعجلة أن يضفى عليها صفة الاستعجال بل كان قصده
أن يقضى فيها على وجه الاستعجال مع احتفاظها بطابع الدعوى العادية غير المستعجلة، ولم
يكن الباعث له على طلب الحكم على وجه الاستعجال إلا أنها أشبه بدعاوى المعارضة فى تنبيه
نزع الملكية – هذا فى حين أن عبارات صحيفة الدعوى قاطعة فى أن المطعون عليه تعمد أن
يضفى عليها صفة الاستعجال وأن يقيمها أمام القضاء المستعجل، وليس من شأن التصحيح الذى
أدلى به بعد ذلك فى الجلسة المشار إليها أن يؤدى إلى استقامتها باعتبارها دعوى موضوعية،
لأن حق الطاعن كان قد تعلق بالدفع والدعوى على صورتها فلا يجوز أن يكون للتصحيح الحاصل
بعد إبدائه تأثير عليه. ويتحصل ثانيها فى أن الحكم بنى قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص
المركزى على أن الدعوى فى حقيقتها معارضة فى تنبيه نزع الملكية لأن المطعون عليه قصد
بها التظلم من إجراءات التنفيذ، فيكون تظلمه منصباً على تنبيه نزع الملكية نفسه، وتكون
المحكمة المختصة بنظره هى محكمة التنفيذ. هذا فى حين أن عبارات صحيفة الدعوى قاطعة
فى أنه لم يقصد بها أن تكون معارضة فى التنبيه بل كانت فى صورتها الأصلية إشكالاً فى
التنفيذ رفع أمام القضاء المستعجل وطلب فيه الحكم بوقف التنفيذ ليس غير فتكون الدعوى
شخصية ويجب رفعها أمام محكمة المدعى عليه. على أنه بفرض أنها معارضة فى التنبيه فقد
رفعت بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة 548 مرافعات فتعتبر دعوى عادية تخضع للاختصاص
العادى.
ومن حيث إن الثابت بالحكم المطعون فيه أنه لما صدر الحكم الابتدائى القاضى بوقف تنفيذ
الحكم الشرعى استأنفه الطاعن وطلب للأسباب الواردة بصحيفة الاستئناف الحكم بقبول الاستئناف
شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليه، ثم إنه فى نهاية
مرافعته أمام محكمة الاستئناف طلب قبول الاستئناف شكلاً وقبول الدفع بعدم الاختصاص
والحكم بعدم اختصاص محكمة الزقازيق الابتدائية بالنظر فى الدعوى واحتياطياً فى موضوع
الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه ورفض الدعوى موضوعاً. ومفاد ذلك أن الطاعن
لم يبد الدفع بعدم الاختصاص إلا فى نهاية مرافعته أمام محكمة الاستئناف بعد أن كان
أبدى أولاً تلك الطلبات الختامية المتعلقة بأصل الدعوى. فكان المتعين قانوناً على محكمة
الاستئناف والحالة هذه أن تقضى بسقوط حقه فى هذا الدفع إعمالاً لحكم المواد 134 و366
من قانون المرافعات لا أن تتعرض للدفع وتفصل فيه على ما فعلت. ولكن لما كانت المحكمة
قد انتهت إلى القضاء برفض الدفع وكان القضاء بذلك لا يختلف فى نتيجته عن القضاء بالسقوط
كان لا يجدى الطاعن أن تكون المحكمة أخطأت فى أسباب قضائها بالرفض. ومن ثم كان السببان
الأولان من أسباب الطعن المنصبان على أسباب الحكم تلك مردودين بأنهما غير منتجين.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف تنفيذ الحكم الشرعى
مقيماً ذلك على أن المحكمة الشرعية خرجت فيه عن ولايتها، أخطأ فى تطبيق نصوص القانون
الخاصة بولاية المحاكم الشرعية والوطنية. ذلك أن النزاع الذى صدر فيه الحكم الشرعى
هو من صميم الأحوال الشخصية المختصة بها المحاكم الشرعية إذ كان موضوعه معجل صداق ومقابل
جهاز وكان الزوجان مختلفين عليهما قدراً واستحقاقاً.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم الشرعى الاستئنافى نفسه الصادر من محكمة طنطا
الابتدائية الشرعية فى 20 من يونيه سنة 1945 قد أثبت أن المبلغ المحكوم به ابتدائياً
من المحكمة الشرعية إنما هو مبلغ حصل الاتفاق على إعداد الجهاز به، أى أنه ثمن لجهاز
لم يتم شراؤه، وأثبت أن كون بعضه فى الأصل مقدم الصداق لا تأثير له ولا تطبق عليه قواعد
المعجل. ومن هذا يبين أن النزاع إنما كان نزاعاً مالياً صرفاً مما تختص به المحاكم
الوطنية، ولم يكن على مسألة من مسائل الأحوال الشخصية المختصة بها المحاكم الشرعية.
ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ قرر أن المحكمة الشرعية قد خرجت عن ولايتها
فيما قضت به.
[(1)] كان فى القضية دفعان: أولهما دفع بعدم اختصاص
المحكمة نوعياً بنظر الدعوى، وقد أبداه المدعى عليه أمام محكمة الدرجة الأولى ولكنه
لم يعرض له فى صحيفة استئنافه بل طلب فيها الحكم برفض الدعوى، وإذن يكون المانع الحقيقى
من نظر هذا الدفع أمام محكمة الاستئناف هو أن الحكم الصادر برفضه لم يشمله الاستئناف
وأن المستأنف إذ عرض له بعد فى مرافعته لم يصحح بذلك قصور استئنافه. والدفع الثانى
كان بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية محلياً، وقد أبداه المستأنف لأول مرة فى مرافعته
أمام محكمة الاستئناف، ولذلك كان غير مقبول لسقوط الحق فيه تطبيقاً للمادة 134 (ويقابلها
فى قانون المرافعات الجديد المادة 133). أما الاحتجاج بالمادة 366 فهو غير مفهوم إذ
أن الدفع لم يكن بعدم اختصاص محكمة الاستئناف حتى يقال إن المرافعة فى الموضوع أمام
هذه المحكمة بالذات قد أسقطت الحق فيه إعمالاً لحكم المادة 366 التى تقضى بأن تطبق
أمام محكمة الاستئناف قواعد الإجراءات الواجبة الاتباع أمام المحكمة الابتدائية.
[(2)] هذا مثال لسبب الطعن غير المقبول لانعدام المصلحة فيه.
