الطعن رقم 1952 لسنة 40 ق – جلسة 22 /03 /1971
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الأول – السنة 22 – صـ 282
جلسة 22 من مارس سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ أنور خلف، ومصطفى الأسيوطى، ومحمد ماهر حسن، وحسن المغربى.
الطعن رقم 1952 لسنة 40 القضائية
( أ ) إجراءات المحاكمة. دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها".
دعوى مدنية. "نظرها والحكم فيها". حكم "بطلانه". بطلان.
خضوع الدعوى المدنية التابعة للقواعد المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية. نطاق
ذلك؟ متى يرجع القاضى الجنائى إلى قانون المرافعات، ومتى لا يرجع إليه؟
عدم انطباق المادة 172 مرافعات على الحكم فى الدعوى الجنائية أو المدنية.
تعدد تأجيل إصدار الحكم من المحكمة الجنائية. مهما بلغ. لا بطلان.
(ب) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام".
كفاية تشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة سندا لتبرئة المتهم. ما دام قد أحاط بالدعوى
عن بصر وبصيرة.
1 – إن الدعاوى المدنية التابعة، تخضع أمام القضاء الجنائى للقواعد المقررة فى
مجموعة الإجراءات الجنائية، فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيه، ما دام
يوجد فى مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها من قانون المرافعات
المدنية، أما إذا لم يوجد نص فى قانون الإجراءات، فليس هناك ما يمنع من إعمال نص
قانون المرافعات. وإذ كان ذلك، وكانت مجموعة الإجراءات الجنائية لم تحرم – بعد حجز
الدعوى للحكم – تأجيل إصداره لأكثر من مرة كما فعل قانون المرافعات المدنية فى
المادة 172 منه، ومن ثم وجب إتباع نصوصها دون نصوص قانون المرافعات، وبالتالى فلا
بطلان يلحق الحكم الصادر من المحاكم الجنائية فى الدعوى الجنائية أو المدنية
المنظورة أمامه، مهما تعدد تأجيل النطق به.
2 – يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضى فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم،
لكى يقضى له بالبراءة، إذ أن مرجع ذلك إلى ما يطمئن إليه فى تقدير الدليل، ما دام
الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما فى غضون شهر نوفمبر سنة 1967 بدائرة قسم اللبان محافظة الإسكندرية: وهما مؤجران ومالكان للعقار المبين بالمحضر تقاضى المبالغ الموضحة بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار من المستأجرين. وطلبت عقابهما بالمادة 16 من القانون رقم 121 سنة 1947 ومواد القانون رقم 55 لسنة 1958 والقانون رقم 12 سنة 1962. ومحكمة اللبان الجزئية قضت حضورى عملا بمواد الاتهام أولا: فى الدعوى الجنائية برفض الدفع المبدى من المتهمين بعدم قبولها وبقبولها وبحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 200 قرش لكل منهما لوقف التنفيذ وتغريم كل منهما 200 جنيه بلا مصاريف جنائية. ثانيا: وفى الدعاوى المدنية برفض الدفعين المبديين من المتهمين وباختصاص المحكمة بنظرها وبقبولها وبإلزام المتهم الأول بأن يدفع للسيد إبراهيم أبو زيد 100 جنيه ولكل من حنفى محمود حسن ومحمد على الشريف وعباس حلمى محمد عبد المنعم ومحمود حسن إبراهيم وسعاد أحمد السيد وأحمد محمد السيد وإبراهيم حنفى منصور وفاروق شعبان أحمد وقطب جمعه السيد ومحمود محمود الغزالى 150 جنيها ولجابر خميس عبد المجيد 62 جنيها ولياقوت فهمى إسماعيل 200 جنيه ولحسن على شعبان 250 جنيها وبإلزام المتهم الأول بمصاريف هذه الدعاوى المدنية ومبلغ 50 جنيها مقابل أتعاب المحاماة وبإلزام المتهم الثانى بأن يدفع لمحمد عيسوى مبلغ 180 جنيها ومصاريف دعواه المدنية ومبلغ 5 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المتهمان الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت فى الاستئناف حضورى بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعاوى المدنية وألزمت المدعين بالحق المدنى بالمصاريف المدنية عن الدرجتين. فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض ….. إلخ.
المحكمة
حيث إنه لما كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد قضى برفض
الدعوى المدنية قبل المطعون ضده الثانى وصار انتهائى بقبول الطاعن (المدعى بالحق
المدنى) له وعدم استئنافه فى الميعاد فقد حاز قوة الأمر المقضى وصار باتا ولم يجز
من بعد الطعن فيه بطريق النقض ذلك لأن النقض ليس طريقا عادى للطعن على الأحكام
وإنما هو طريق استثنائى لم يجزه الشارع إلا بشروط مخصوصة لتدارك خطأ الأحكام
النهائية فى القانون. فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف – وهو طريق
عادى – حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ فى الواقع أو فى القانون لم يجز
له من بعد أن يلج سبيل الطعن بالنقض. ومن ثم فإن الطعن بطريق النقض المرفوع من
الطاعن (المدعى بالحق المدنية) ضد المطعون ضده الثانى يكون غير جائز. وحيث إن الطعن
المرفوع ضد المطعون ضده الأول قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من المدعى بالحقوق المدنية هو أن الحكم المطعون فيه إذ
قضى ببراءة المطعون ضده الأول وآخر من تهمة تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار
وبرفض الدعوى المدنية قد شابه البطلان والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن المحكمة بعد
أن حجزت الدعوى للحكم مدت أجل النطق به لأربعة جلسات متوالية حتى أصدرت حكمها
المطعون فيه بالجلسة الرابعة مخالفة لمقتضى المادة 172 من قانون المرفعات مما جزاؤه
بطلان ذلك الحكم فيما قضى به فى الدعوى المدنية كما استندت المحكمة فى قضائها إلى
الإقرار الصادر من الطاعن بعدم حصول المطعون ضده وآخر على مبالغ خارج نطاق عقد
الإيجار مع أن ذلك الإقرار كان وليد حالة الضرورة وهى حاجة الطاعن لتسلم العين
المؤجرة، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن يتبع فى الفصل فى الدعاوى
المدنية التى ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة فى القانون المذكور.
ومن ثم فإن الدعاوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائى للقواعد المقررة فى مجموعة
الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد فى
مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها فى قانون المرافعات المدنية،
أما إذا لم يوجد نص فى قانون الإجراءات فليس هناك ما يمنع من إعمال نص قانون
المرافعات. ولما كانت مجموعة الإجراءات الجنائية لم تحرم، بعد حجز الدعوى للحكم،
تأجيل إصداره لأكثر من مرة كما فعل قانون المرافعات المدنية فى المادة 172 منه، ومن
ثم وجب إتباع نصوصها دون نصوص قانون المرافعات وبالتالى فلا بطلان يلحق الحكم
الصادر من المحاكم الجنائية فى الدعوى الجنائية أو المدنية المنظورة أمامها مهما
تعدت تأجيل النطق به، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما
كان ذلك، وكانت المحكمة قد أسست قضاءها بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على عدم
اطمئنانها إلى أدلة الثبوت المستقاة من أقوال المجنى عليهم واطمئنانها – من جهة
أخرى – إلى صحة فحوى الإقرارات الصادرة منهم بعدم دفعهم أية مبالغ غير تلك الواردة
بعقود الإيجار. لما كان ما تقدم، وكان يكفى فى المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضى
فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة إذ أن مرجع ذلك إلى ما تطمئن
إليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيره. لما
كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له وجه. لما كان ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن
المصاريف المدنية.