الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 74 سنة 17 ق – جلسة 16 /12 /1948 

مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية – وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) – صـ 682

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1948

برياسة حضرة محمد المفتى الجزايرلى بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: عبد الرحيم غنيم بك ومحمد عزمى بك وعبد العزيز محمد بك ومحمد على رشدى بك المستشارين.


القضية رقم 74 سنة 17 القضائية

غصب. تعويض. نزع الملكية للمنافع العامة. استيلاء جهة الإدارة على عقار دون اتخاذ الإجراءات القانونية. المطالبة بقيمة العقار. إبداء الاستعداد لرده. الحكم بالقيمة. مخالف للقانون.
التعويض العينى عن الفعل الضار هو الأصل، ولا يسار إلى عوضه، أى التعويض النقدى، إلا إذا استحال التعويض عيناً. فإذا رفع المضرور دعواه مطالباً بتعويض نقدى وعرض المدعى عليه التعويض عيناً – كرد الشئ المغتصب – وجب قبول ما عرضه، بل لا تكون المحكمة متجاوزة سلطتها إذا هى أعملت موجب هذا العرض ولو لم يطلب المدعى ذلك أو أصر على ما يطلبه من تعويض نقدى.
وعلى ذلك فإذا استولت جهة الإدارة على عقار دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية للمنافع العامة فقاضاها المالك مطالباً بقيمة العقار، وأبدت الإدارة أثناء سير الدعوى استعدادها أن ترد الأرض المغتصبة، وقضت المحكمة للمدعى بقيمة الأرض، دون أن تعتبر باستعداد المدعى عليه للرد ودون أن تنفى استحالة الرد أو جدية الاستعداد له، فإن حكمها يكون قد خالف القانون.


المحكمة

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه – إذ قضى بإلزامه بأن يدفع إلى المطعون عليهم مبلغ 3470 جنيهاً وذلك تعويضاً لهم عن تلك المساحة من الأرض ملكهم التى استولى عليها الطاعن وصيرها شارعاً دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية للمنافع العامة – قد أخطأ فى تطبيق القانون. وذلك لأنه قدر التعويض المستحق على أساس أنه ثمن الأرض وهو لا يكون كذلك إلا إذا كانت ملكيتها قد انتقلت إلى الطاعن وهى لم تنتقل بعد إذ الغصب لا يعتبر قانوناً سبباً من أسباب انتقال الملك فى العقار بل يظل الملك لصاحبه على الرغم من الغصب، ولأنه لم يأبه لاستعداد الطاعن أثناء سير الدعوى لرد أرض الشارع المطعون عليهم مع أنه جائز ما دامت ملكية أرض الشارع لا زالت باقية لهم، وجواز الرد يوجب حصر قيمة التعويض فى واقعة الغصب وما ينجم عنها، ويستتبع هذا أن يكون التعويض فى هذه الحدود دون قيمة الملك ذاته.
وحيث إن الغصب لا ينقل بذاته ملكية العقار إلى الغاصب. ولكن إذا استولت جهة الإدارة على عقار دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية للمنافع العامة وجردت مالكه من حيازته واستولت عليه استيلاءً نهائياً كاملاً، فقاضاها المالك مطالباً بقيمة العقار كانت دعواه مقبولة، ولا يدفعها أن الملكية لم تنتقل بعد لجهة الإدارة إذ فضلاً عما للادارة من أن تنقل الملك إلى جهتها فى أى وقت بإصدار مرسوم نزع ملكية أو تخصيص للمنافع العامة فإن الحكم الذى يصدر للمالك بالتعويض عن قيمة العقار يحيل حقه ويرده إلى مبلغ من المال. ولكن يسوغ لجهة الإدارة إلى حين صدور المرسوم أو الحكم النهائى أن تقوم برد العين إلى مالكها إذ أن الملك لا زال لصاحبه ولم يرد عليه إلا واقعة مادية هى الغصب وما نجم عنه من ضرر، والغاصب ملزم برد ما غصب والتعويض عما تخلف عن عدوانه. فإن فعل فلا تثريب عليه ولا يجوز للمالك أن يلزمه باستبقاء المغصوب ودفع قيمته إلا إذا استحال الرد أو استقر رأى جهة الإدارة على أن يكون الاستيلاء نهائياً – وما ذلك كله إلا تطبيقاً لقواعد المسؤولية العامة التى تقضى بأن التعويض العينى هو الأصل ولا يسار إلى عوضه أى التعويض النقدى إلا إذا استحال التعويض. فإذا رفع المضرور دعواه مطالباً بتعويض نقدى وعرض المدعى عليه تعويض المدعى عيناً – كرد الشئ المغتصب – وجب قبول ما عرض، بل لا تكون المحكمة متجاوزة سلطتها إذا هى أعملت موجب هذا العرض ولو لم يطلب المدعى ذلك أو أصر على ما يطلبه من تعويض نقدى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال "إن ما أبداه المجلس (الطاعن) من استعداده لرد أرض الشارع السالف الذكر بقسميه للمستأنفين أثناء سير الدعوى لا يمكن أن يؤبه له الآن بعد أن استولى على الأرض المذكورة وغير معالمها وأدخل فى أحد قسمى الشارع أنابيب المياه وسلوك النور وبعد أن رتب المستأنفون تقسيم أرضهم على أساس إنشاء هذا الشارع بقسميه فى وسطها وفق الخريطة التى اعتمدها رئيس المجلس وبعد أن صدر مرسوم ملكى باعتماد خط تنظيم بندر الجيزة على أساس هذه الخريطة نشر بالوقائع المصرية بعددها الصادر بتاريخ 6 من يونيه سنة 1932. ومن حيث إنه ما دام المجلس المحلى لم يحصل على قبول من المستأنفين بالتنازل له عن أرضهم لإنشاء الشارع المعروف الآن بشارع المأمون بدون قيد ولا شرط ولم يتبع ما يقضى به قانون نزع الملكية للمنافع العامة من إجراءات فيما نحن بصدده فيعد استيلاؤه على أرض المستأنفين من قبيل الغصب ويجب بالتالى إلزامه بتعويضهم عنها تعويضاً مناسباً لقيمتها وقت الاستيلاء عليها".
ومن حيث إنه متى كان الحكم قد قرر حصول الغصب وكان الغصب لا ينقل ملكية أرض الشارع إلى الطاعن فقد كان له أن يردها إلى المطعون عليهم حتى صدور الحكم النهائى فى الدعوى. وكان الواجب إذن على المحكمة أن تعتبر فيها باستعداده للرد وتعمل أثره القانونى، إلا أن يكون هذا الاستعداد غير جدى أو كان الرد مستحيلاً. ولما كانت تلك الأسباب التى أوردها الحكم لا تفيد عدم جدية الاستعداد للرد ولا استحالة الرد كان الحكم – إذ لم يأبه لهذا الاستعداد – مخالفاً للقانون وتعين نقضه بلا حاجة إلى التعرض لسائر أسباب الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات