الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1511 لسنة 26 ق – جلسة 11 /03 /1986 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون – العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) – صـ 1329


جلسة 11 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد عطية أبو الخير وشفيق محمد سليم مصطفى وفاروق علي عبد القادر وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 1511 لسنة 26 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة – تأديب – السلطة المختصة بالتأديب.
القاعدة إنه في حالة ندب العامل أو إعارته لجهة أخرى داخل النظام الإداري للدولة فإن الجهة المنتدب أو المعار إليها ينعقد لها الاختصاص بتأديبه عما يقع عنه من مخالفات أثناء فترة إعارته أو ندبه – أساس ذلك: – إنها أقدر من غيرها على تقدير خطورة الذنب الإداري في إطار النظام التأديبي الذي يخضع له سائر العاملين المدنيين بالدولة – يستثنى من ذلك حالات الترخيص بالعمل لدى جهة خاصة أو شخص من أشخاص القانون الخاص فإن الاختصاص بالتأديب في هذه الحالة ينعقد لجهة عمله الأصلية – أساس ذلك: – خضوع العامل لنظم التأديب المنصوص عليها في نظم العاملين المدنيين بالدولة على نحو لا يسمح بخضوعه لأي نظم خاصة – إذا كان العامل مرخصاً له بالعمل في إحدى الجهات الخاصة الخاضعة لقانون العمل فإن هذه الجهات لا تملك سلطة تأديبه عما يقع عنه من مخالفات الأثر المترتب على ذلك: – بقاء الاختصاص بتأديب العامل للسلطة المختصة بجهة عمله الأصلية – سريان ذات القاعدة بالنسبة للعاملين المدنيين بالدولة وأيضاً على العاملين بالقطاع العام – تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28/ 7/ 1980 أودعت هيئة مفوضي الدولة تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان بجلسة 29/ 5/ 1980 في الطعن رقم 25 لسنة 12 القضائية المقام من…… ضد وزير الإسكان بصفته رئيس مجلس إدارة شركة النصر العامة للمقاولات الذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 185 الصادر بتاريخ 27/ 10/ 1977 من رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها المتضمن مجازاة الطاعن بالخصم من راتبه لمدة خمسة عشر يوماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الشركة المطعون ضدها الثانية بمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وطلبت الهيئة في تقرير طعنها الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بتاريخ 24/ 12/ 1985، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.
ونظر الطعن أمام الدائرة الثالثة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 1/ 1/ 1986 وتأجل نظره لجلسة 15/ 1/ 1986 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن للمرافعة أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره جلسة 4/ 2/ 1986 وبهذه الجلسة أرجأت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها أودعت مسودة الحكم مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده……. أقام الطعن رقم 25 لسنة 21 القضائية ضد وزير ورئيس مجلس إدارة شركة النصر العامة للمقاولات بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بتاريخ 3/ 4/ 1978 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 185 لسنة 1877 الصادر من شركة النصر العامة للمقاولات بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأسس طعنه على أنه كان يعمل محاسباً بشركة الورق الأهلية وإن رئيس الشركة المذكورة أذن له بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية كمراجع حسابات للمعهد التدريبي لتنمية المجتمعات المحلية وهو جمعية خاصة خاضعة لأحكام القانون رقم 32 لسنة 1964، وبعد مباشرته العمل فيها وفي خلال عام 1971 اكتشفت اختلاساً لأموال الجمعية فأخطر إدارة الجمعية التي أبلغت الأمر للنيابة العامة التي باشرت التحقيق في الواقعة وانتهت إلى إدانة بعض العاملين بالجمعية وصدر ضدهم حكم جنائي بالسجن، وفي 29/ 11/ 1977 فوجئ الطاعن بأن شركة النصر العامة للمقاولات – التي نقل إليها خلال عام 1976 – تخطره بقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 185 لسنة 1977 متضمناً مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه لارتكابه المخالفة الثانية في القضية رقم 192 لسنة 1977 نيابة إدارية المقيدة ضد الطاعن مخالفة مالية لإهماله في عمله على نحو أدى إلى عدم الكشف عما اقترحه المخالفون من جرائم في حينه خلال عمله بشركة الورق الأهلية، وأن الطاعن تظلم من هذا القرار على أساس أن الإهمال المنسوب إليه على فرض صحته قد وقع خارج حياته الوظيفية وفي عمل خاص يؤديه للغير في غير أوقات العمل الرسمية وبموجب إذن له من السلطة المختصة وأن هذا الخطأ لا يمثل مخالفته لواجبات وظيفته وبالتالي فلا اختصاص للشركة ولا سلطان لها في مؤاخذته تأديبياً عن هذه الواقعة، وأن الجهة التي تملك ذلك – بفرض صحة المخالفة – هي إدارة الجمعية الخاصة التي كان يعمل بها في غير أوقات العمل باعتبارها رب العمل طبقاً للقانون الذي يحكم العلاقة بين الطاعن والجمعية.
وأضاف الطاعن أن المخالفة المنسوبة إليه لا تعدو أن تكون إهمالاً مدعى به وقع بين الطاعن خارج نطاق عمله وفي أوقات العمل الرسمية ولا انعكاس لها على الوظيفة التي يشغلها بالشركة ولا أثر لها. كما أنها سقطت بمضي المدة.
وبجلسة 29/ 5/ 1980 حكمت المحكمة التأديبية برفض الدفع لعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 185 الصادر بتاريخ 27/ 10/ 1977 من رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها والمتضمن مجازاة الطاعن بالخصم من راتبه لمدة خمسة عشر يوماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الشركة المطعون ضدها الثانية مبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه وإن كان نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 قد جاء خلواً من تحديد السلطة التأديبية التي تملك مجازاة العامل في حالة التصريح له بالعمل لدى الغير إلا أنه في هذه الحالة يتعين التسليم لجهة العمل الأصلية التي يتبعها العامل بسلطة تأديبية وذلك بشرط أن تكون المخالفة التي ارتكبها العامل في الجهة المصرح له بالعمل فيها يشكل في حقه خروجاً على مقتضى واجباته في نطاق عمله الأصلي أو تشكل في حقه سلوكاً معيناً ينعكس أثره على كرامة وظيفته الأصلية على نحو يمس شأنها ويقلل من هيبته ويزعزع الثقة والاطمئنان إلى استقامته، فإذا كانت هذه المخالفة الأصلية لها بعمله الأصلي فإن الاختصاص التأديبي في هذه الحالة ينعقد للجهة المصرح له بالعمل فيها بحسبانها أقدر على تقدير جسامة المخالفة وخطورتها – ولا ينال من ذلك القول بأن في ذلك تسليط جهة خاصة على موظف من العاملين بالقطاع العام، لأن هذا القول إن صدق بالنسبة لموظفي الحكومة باعتبارهم موظفين عموميين فإنه لا يصدق على موظفي القطاع العام الذين لا يعتبرون كذلك، وأضافت المحكمة أن المخالفة المنسوبة للطاعن وهي إهماله في عمله بالجمعية الخاصة المأذون له بالعمل فيها لا يشكل في حقه في نطاق عمله الأصلي بشركة الورق الأهلية التي كان يعمل بها حالياً أي خروج على مقتضيات واجبات وظيفته في هاتين الشركتين كما يشكل في حقه سلوكاً معيباً ينعكس أثره على وظيفته الأصلية، وإذا كانت الشركة المطعون ضدها قد قامت بمجازاته عن المخالفة السابق بيانها بالقرار المطعون فيه فإنها بذلك تكون قد جاوزت حدود اختصاصها التأديبي ويعدو القرار المطعون فيه مشوباً بعيب عدم الاختصاص وذلك لعدم اختصاص السلطات القائمة على التأديب بالشركة المطعون ضدها بمجازاة الطاعن عن المخالفة المنسوبة للطاعن مما يتبين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون.
ومن حيث إن طعن هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين قضى بإلغاء القرار المطعون فيه على أساس أنه صدر من سلطة غير مختصة بإصداره لعدم اختصاص السلطات القائمة على التأديب بالشركة ضدها بتأديب المطعون ضده وإنما تقضي بتأديبه الجهة التي كان مأذوناً له بالعمل منها باعتبارها أقدر على تقدير خطورة المخالفة، وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه يخالف القانون لأنه يسلط جهة خاصة بتأديب أحد العاملين بالقطاع العام وهذا غير جائز، ولما كانت المخالفة المنسوبة للمطعون ضده تمثل خروجاً منه على مقتضى واجبات وظيفته الآن الذي ينعكس أثره على وظيفته في عمله الأصلي بالشركة، وإذ قامت الشركة بإعمال سلطتها التأديبية فإن قرارها هذا يكون متفقاً وأحكام القانون ويكون الحكم المطعون فيه حين قضى بإلغائه قد خالف أحكام القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغاء الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن من المستقر عليه أن في حالة ندب العامل أو إعارته إلى جهة أخرى داخل النظام الإداري للدولة فإن الجهة المنتدب أو المعار إليها ينعقد لها الاختصاص في تأديبه عما يقع منه من مخالفات أثناء فترة إعارته أو ندبه وذلك على اعتبار أنها أقدر من غيرها على تقدير خطورة الذنب الإداري كل ذلك في إطار النظام التأديبي الذي يخضع له سائر العاملين المدنيين بالدولة، إلا أن يستثنى من ذلك حالات الندب أو الإعارة أو الترخيص بالعمل لدى جهة خاصة أو شخص من أشخاص القانون الخاص فإن الاختصاص بتأديب العامل في هذه الحالة ينعقد لجهة عمله الأصلية على أساس خضوع العاملين بها لنظم التأديب المنصوص عليها في نظم العاملين المدنيين بالدولة على نحو لا يسمح بخضوع العامل لأي نظم خاصة وحتى لا يكون في ذلك تسليط جهة خاصة على عامل بالحكومة فضلاً عن أن يميل العامل خاضعاً في تأديبه لجهات أهلية أو خاصة متعددة لا تملك توقيع جزاءات على العامل من جنس الجزاءات المنصوص عليها في نظام تأديب العاملين بالحكومة وإذ يمتنع على السلطات التأديبية في الجهات الخاصة أن توقع عليهم جزاءات لها سمات الجزاءات التأديبية فإنها لا تعد في مفهوم القانون من السلطات التأديبية التي تقوم مقام سلطات التأديب في جهات العمل الأصلية التي يتبعها العامل بصفتها صاحبة الاختصاص الأصيل في تأديبه. ومجمل القول أن العامل المعار أو المنتدب أو المرخص له بالعمل في إحدى الجهات الخاصة الخاضعة لقانون العمل فإن هذه الجهات لا تملك سلطة تأديب العامل عما يقع منه من مخالفات أثناء فترة الندب أو الإعارة أو الترخيص بالعمل ويظل الاختصاص بتأديبه للسلطة المختصة فيه عمله الأصلية عن هذه المخالفات.
ومن حيث إن هذا القول وهو متعلق بالعاملين المدنيين بالدولة فإن يصدق أيضاً على العاملين بوحدات القطاع العام لأن المشرع قد نهج في نظم العاملين بالقطاع العام المتعاقبة نهجاً من شأنه إخضاعهم في مجال التأديب من حيث السلطات المختصة بالتأديب وضماناته وإجراءاته لنظام تأديبي يعاد يتطابق في أسسه العامة مع نظام تأديب العاملين المدنيين بالدولة وبذلك يكون النظام التأديبي بالنسبة لهم جزءاً من النظام العام للتأديب. وبالتالي يتواجدان في مركز نظامي بالنسبة للأحكام المنصوص عليها في نظام العاملين بالقطاع العام ومنها نظام التأديب الأمر الذي لا يسوغ معه خضوعهم في مجال التأديب لأحكام قانون العمل لأن ذلك يتجافى مع العلاقة التنظيمية التي تربطهم بوحدات القطاع العام. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فيما أورده من أسباب في هذا الشأن.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده تتحصل في أنه في أثناء فترة الترخيص له بالعمل لدى المعهد التدريبي لتنمية المجتمعات المحلية وهو هيئة خاصة بوظيفة مراجع حسابات في غير أوقات العمل الرسمية قد أهمل في أداء واجباته بأن لم يكتشف التلاعب في أموال الجمعية في وقت مبكر، وهذه المخالفة على فرض صحة نسبتها إلى المطعون ضده فإنها لا تعدو أن تكون إهمالاً منه لا ينطوي على سلوك معيب يمس خلقه ويخدش سمعته وسيرته ولا يمثل انحرافاً في طبعه وخلقه مما ينعكس أثره على كرامة الوظيفة التي يشغلها في الشركة المأذون فيها ويمس اعتبار شاغلها ويخل بالثقة الواجب توافرها فيه، وهو مناط تدخل السلطات التأديبية في جهة عمله الأصلية لإعمال سلطتها في تأديبه بمعنى أن هذه المخالفة لا تأثير لها ولا انعكاس على عمله بالشركة، وإذ قامت الشركة ضدها بإصدار قرارها المطعون فيه بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وتأويله الأمر الذي يتعين معه إلغاء قرار الجزاء المطعون فيه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء هذا القرار فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في النتيجة التي انتهى إليها دون الأسباب ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات