الطعن رقم 1702 لسنة 40 ق – جلسة 15 /02 /1971
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الأول – السنة 22 – صـ 155
جلسة 15 من فبراير سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين إبراهيم الديوانى، ومصطفى الأسيوطى، ومحمد ماهر حسن، وحسن المغربى.
الطعن رقم 1702 لسنة 40 القضائية
شيك بدون رصيد. جريمة. "أركانها". نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى
تأويل القانون". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة إصدار شيك بدون رصيد. أركانها؟
إطلاق الحكم القول بتوافر الجريمة لمجرد إفادة البنك بالرجوع على الساحب دون بحث أمر
الرصيد فى المصرف وجوداً وعدماً واستيفائه شرائطه. خطأ فى تأويل القانون وقصور.
إن مفاد ما جاء بنص المادة 337 من قانون العقوبات ومذكرتها الإيضاحية أنه يشترط لتحقق
جريمة إصدار شيك بدون رصيد توافر أركان ثلاثة هى: إصدار ورقة تتضمن التزاما صرفيا معينا
هى الشيك أى إعطاؤه أو مناولته للمستفيد، وتخلف الرصيد الكافى القابل للصرف أو تجميده،
ثم سوء النية. ولا جريمة فى الأمر ما دام للساحب عند إصدار الشيك فى ذمة المسحوب عليه
رصيد سابق، محقق المقدار، خال من النزاع، كاف للوفاء بقيمة الشيك، قابل للصرف وأن يظل
ذلك الرصيد خاليا من التجميد الذى يحصل بأمر لاحق من قبل الساحب بعدم الدفع، ومتى أصدر
الساحب الشيك مستوفيا شرائطه الشكلية التى تجعل منه أداة وفاء تقوم مقام النقود تعين
البحث بعدئذ فى أمر الرصيد فى ذاته من حيث الوجود والكفاية والقابلية للصرف بغض النظر
عن قصد الساحب وانتوائه عدم صرف قيمته استغلالا لأوضاع المصرفية كرفض البنك الصرف عند
التشكك فى صحة التوقيع، أو عند عدم مطابقة توقيعه للتوقيع المحفوظ لديه أو لعدم تحرير
الشيك على نموذج خاص لأنه لا يسار إلى بحث القصد الملابس للفعل إلا بعد ثبوت الفعل
نفسه. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبحث أمر رصيد الطاعن فى المصرف وجودا وعدما واستيفائه
شرائطه بل أطلق القول بتوافر الجريمة فى حق الطاعن بمجرد إفادة من البنك بالرجوع على
الساحب فإنه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون فوق قصوره وهو ما يتسع له وجه الطعن على
الجملة مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
الوقائع
أقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل الجزئية ضد الطاعن متهما إياه بأنه فى يوم 2 أغسطس سنة 1966 بدائرة قسم قصر النيل: أصدر شيكا لصالحه برقم 815648 مسحوبا على بنك الإسكندرية بمبلغ 550 (خمسمائة وخمسون جنيهاً) لا يقابله رصيد قائم. وطلب معاقبته بمواد الاتهام مع إلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا أولا: بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 300 قرش لوقف التنفيذ – ثانيا: بإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية قرشا واحدا على سبيل التعويض المؤقت. ثالثا: إضافة المصاريف الجنائية على عاتق الخزانة العامة. عارض، وقضى فى المعارضة بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليه فى هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية. عارض، وقضى فى معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه القصور فى التسبيب ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى
بيانا تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه قد أعطى بسوء نية لسمير جبرائيل
كامل شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، الأمر المعاقب عليه بمقتضى المادة 337
من قانون العقوبات وقد حصل الحكم الصادر من محكمة أول درجة الذى اعتنق الحكم المطعون
عليه أسبابه واقعة الدعوى بما محصله أم الطاعن أصدر للمجنى عليه بتاريخ 2 أغسطس سنة
1966 شيكا بمبلغ خمسمائة وخمسين جنيها مسحوبا على بنك الإسكندرية وبتقديمه للبنك أفاد
بالرجوع على الساحب وانتهى الحكم من هذا التقرير تبريرا لقضائه بإدانة الطاعن إلى ما
نصه. "وحيث إن السند الأول مستوفى أركان إنشاء الشيك وشرائط صحته. وحيث إن المتهم لم
يواجه التهمة. وحيث إن أركانها قائمة قبله بما تقدم ويتعين عقابه وفقا لمادتى الاتهام".
وهذا الذى أثبته الحكم المطعون فيه ينطوى على الخطأ فى تأويل القانون، ذلك بأن المادة
337 من قانون العقوبات قد نصت على أن يحكم بالعقوبات المقررة فى المادة 336 لجريمة
النصب على: كل من أعطى بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أو كان الرصيد
أقل من قيمة الشيك أو سحب بعد إعطاء الشيك كل الرصيد أو بعضه بحيث يصبح الباقى لا يفى
بقيمة الشيك أو أمر المسحوب عليه الشيك بعدم الدفع "وجاء فى المذكرة الإيضاحية تعليقا
على هذه المادة أن النص المقترح مقتبس من مشروع قانون العقوبات الفرنسى "المادة 452"
وهو يعاقب معطى الشيك فى الأحوال الآتية: (أولا) إذا كان الشيك الذى أعطاه لا يقابله
رصيد قائم وقابل للسحب، فلا يكفى أن يكون الرصيد قائما بل يشترط فوق ذلك أن يكون قابلا
للسحب لجواز أن يكون محجوزا عليه. (ثانيا) إذا كان الرصيد أقل من قيمة الشيك (ثالثا)
إذا سحب بعد إعطاء الشيك كل الرصيد أو بعضه بحيث يصبح الباقى لا يفى بقيمة الشيك (رابعا)
إذا أمر البنك أو الجهة المسحوب عليها الشيك بعدم دفع قيمته ويشترط للعقاب فى كل هذه
الأحوال أن يكون المتهم عالما بأن الرصيد لا يفى بقيمة الشيك ومفاد ما جاء فى نص الشارع
وما أعرب عنه فى مذكرته الإيضاحية أنه يشترط لتحقيق الجريمة توافر أركان ثلاثة هى:
إصدار ورقة تتضمن التزاما صرفيا معينا هى الشيك أى إعطاؤه أو مناولته للمستفيد، وتخلف
الرصيد الكافى القابل للصرف أو تجمده ثم سوء النية. ولا جريمة فى الأمر ما دام للساحب
عند إصدار الشيك فى ذمة المسحوب عليه رصيد سابق، محقق المقدار، خال من النزاع، كاف
للوفاء بقيمة الشيك، قابل للصرف وأن يظل ذلك الرصيد خاليا من التجميد الذى يحصل بأمر
لاحق من قبل الساحب بعدم الدفع ومتى أصدر الساحب الشيك مستوفيا شرائطه الشكلية التى
تجعل منه أداة وفاء تقوم مقام النقود، تعين البحث بعدئذ فى أمر الرصيد فى ذاته من حيث
الوجود والكفاية والقابلية للصرف بغض النظر عن قصد الساحب انتوائه عدم صرف قيمته استغلالا
للأوضاع المصرفية كرفض البنك للصرف عند التشكك فى صحة التوقيع، أو عند عدم مطابقة توقيعه
للتوقيع المحفوظ لديه أو لعدم تحرير الشيك على نموذج خاص لأنه لا يسار إلى بحث القصد
الملابس للفعل إلا بعد ثبوت الفعل نفسه. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبحث أمر رصيد
الطاعن فى المصرف وجودا وعدما واستيفائه شرائطه بل أطلق القول بتوافر الجريمة فى حق
الطاعن بمجرد إفادة من البنك بالرجوع على الساحب فإنه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون
فوق قصوره وهو ما يتسع له وجه الطعن على الجملة مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه
والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.
