الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1183 لسنة 29 ق – جلسة 23 /11 /1959 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 10 – صـ 938

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, ومحمد عطية اسماعيل, ومحمود حلمي خاطر, وعباس حلمي سلطان المستشارين.


الطعن رقم 1183 لسنة 29 القضائية

محكمة الموضوع. تفسير المحرر بما تحتمله عباراته أو تؤيده أمر موضوعي.
خيانة أمانة. تسليم المال إلى الوكيل بالعمولة. تدليل سليم على عدم حصوله نتيجة بحث أسلوب التعامل بين الطرفين وتفسير عبارات المحرر.
لمحكمة الموضوع أن تفسر المحررات على ما يتبادر من عباراتها إلى الفهم ولا معقب عليها في ذلك ما دامت عبارات المحرر تحتمل التفسير الذي أخذت به أو تؤيده – فإذا كان مفاد ما أثبته الحكم أن المتهم وإن وقع على الفاتورة بطلب بضائع محدد ثمنها إلا أنه لم يوقع على الجزء الخاص باستلام البضائع, وأن المحكمة بعد بحث أسلوب التعامل بين الطرفين, وأخذا بالثابت بهذه الفاتورة قد خلصت بحق – إلى أن البضائع لم يتسلمها المتهم, فإن ما يثيره المدعي بالحقوق المدنية من أن المحكمة لجأت لإثبات عكس ما هو مدون بالفاتورة بغير الدليل الكتابي غير صحيح, ويكون ما انتهى إليه الحكم من أن المتهم لم يستلم البضائع التي زعم المدعي بالحقوق المدنية أنه سلمها إليه – للأسباب التي أوردها – هو استخلاص سليم.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة كمال ابراهيم الحامولي (المطعون ضده) بأنه: بدد الأشياء المبينة بالمحضر والمملوكة لمحمد محمود أبو النصر والتي لم تسلم إليه إلا على سبيل الوكالة بأجر لبيعها لحساب المالك فاختلسها لنفسه إضرارا بمالكها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات مع توقيع أقصى العقوبة, وقد ادعى محمد محمود أبو النصر بحق مدني قبل المتهم وشركة القاهرة للتأمين بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية وطلب أن يحكم له بمبلغ مائتي وخمسين جنيها بصفة تعويض. ومحكمة جنح قويسنا الجزئية قضت حضوريا ببراءة المتهم بلا مصاريف ورفض الدعوى المدنية, وإلزام رافعها بالمصاريف. فاستأنف المدعي بالحق المدني هذا الحكم, كما استأنفته النيابة العامة أيضا. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي المدني بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن المدعي المدني في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

… وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب, وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده (المتهم) وقع على فاتورة باستلام البضائع مثبتا لحق الطاعن, وقد أورد الحكم أن هذه الفاتورة لا تعدو أن تكون طلبا لبضائع أو كشفا بمطلوبات, وهذا تصوير غير صادق إذ ليس معقولا أن يوقع وكيل على ورقة تفيد استلام بضائع لبيعها لحساب موكله ويوصف هذا التعامل بأنه مجرد طلب لبضائع, والفاتورة دليل كتابي لا تنفيه القرائن عملا بقواعد الإثبات المدنية, وقد نفت المحكمة الثابت كتابة بغير دليل كتابي وجزأت الإقرار المسند للمتهم إذ اطرحت إقراره بالتوقيع بما يفيد استلام البضاعة وأخذت باقراره بعدم استلامها, وأن الحكم الاستئنافي أيد أسباب حكم محكمة أول درجة وأضاف قوله "وبإزاء عدم تقديم المجني عليه ما ينفي ادعاء المتهم ويقوي الاتهام المنسوب إليه, يكون الأمر موضع شك", وما أورده الحكم الاستئنافي لا يتفق والقانون لأن دليل الاتهام هو الفاتورة وليس المجني عليه مكلفا بعد ذلك بأن ينفي ادعاء المتهم وإنما المتهم هو المنوط به دحض الدليل الكتابي بالكتابة عملا بالمادة 401 من القانون المدني التي لا تجيز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة. يضاف إلى ذلك أن الحكم شابه القصور في التسبيب ذلك أنه أغفل الرد على ما أثاره الطاعن في مرافعاته ومذكراته من مسائل قانونية.
وحيث إن حكم محكمة أول درجة الذي أيدته المحكمة الاستئنافية لأسبابه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن المجني عليه (الطاعن) أبلغ في 14 من سبتمبر سنة 1957 أن المتهم (المطعون ضده) استلم منه بضائع قيمتها 250 جنيها بكشف مؤرخ 2 من يوليه سنة 1957 على سبيل الأمانة لتوزيعها لحسابه وتوريد قيمتها بوصفه وكيلا عنه بالعمولة ولم يسدد ثمنها وقدم كشفا وفاتورة من المتهم – أما الأخير فذكر أنه وكيل بالعمولة لمدة سنة لدى المجني عليه ورغب الأخير في تجديد المدة لمدة سنة أخرى وتحررت فاتورة بالبضائع التي اتفق على تسليمها للمتهم في 2 من يوليه سنة 1957 وتخلف ابن المجني عليه الذي نيط به إرسال البضائع عن إرسالها وحاول استرداد الفاتورة دون جدوى". وقد تعرض حكم محكمة أول درجة لرواية المجني عليه (الطاعن) فقال ما نصه: "وحيث إن الثابت من مطالعة الفاتورة المؤرخة 2 من يوليه سنة 1957 وهى موضوع الجريمة أنها فاتورة حررت بثمن بضاعة يبلغ ثمنها 26490 قرشا استنزلت منها عمولة المتهم وقدرها 1490 قرشا بواقع 5% فيكون الباقي وقدره 250 جنيها وحرر بذيل هذه الفاتورة عبارة استلمت البضاعة الموضحة أعلاه لحساب مصانع أبو النصر بقويسنا وهى أمانة وتحت مسئوليتي أسدد ثمنها آخر العام والتقاضي بمحكمة قويسنا وقابل التحويل, وقد وقع المتهم على الفاتورة في صلبها أي تحت المبلغ الصافي وقدره 250 جنيها دون أن يوقع على العبارة الأخيرة بالاستلام مما يدل على عدم استلامه البضاعة المذكورة في تلك الفاتورة ومما يؤيد ذلك ما قدمه المتهم للفاتورة السابقة والمؤرخة 28 من أغسطس سنة 1956 وهى تشابه الفاتورة سالفة الذكر في كل الوجوه وقد وقع المتهم تحت عبارة الاستلام السابق الإشارة إليها, وقد تأيد ذلك بمطالبة المتهم المجني عليه بتسليم البضاعة بالإنذار المؤرخ 12 من أكتوبر سنة 1957 والخطابات الموصى عليها والمرسلة للمذكور في تواريخ 5 و8 من شهر يوليه سنة 1957 وهو الشهر الذي حررت فيه الفاتورة وكذلك في 28 من سبتمبر سنة 1957 – ولو كان المدعي بالحق المدني جادا في اتهامه لما تراخى عن الرد على المتهم في خطاباته المذكورة إلى يوم 19 من أغسطس سنة 1957 وهو تاريخ خطاب المدعي بالحق المدني الذي أرسله للمتهم, وبالتالي وقد ثبت من تلك الأوراق جميعها أن المتهم لم يستلم البضاعة موضوع الفاتورة, فإن التهمة الموجهة إليه تكون غير قائمة". وقد أضاف حكم محكمة ثاني درجة إلى ذلك "إن المحكمة سعت إلى استقصاء الطريقة التي كان المدعي يسير على منهاجها مع المتهم فأبان المدعي المدني أن المتهم كان يوقع بإمضائه في نهاية المكتوب بالفاتورة ويتسلم البضاعة بناء على ذلك ولما أن يتم تصريفها ويعود إلى المدعي بالنقود المتحصلة من البضاعة يسترد أصل الفاتورة وتبقى صورتها في الدفتر لدى المدعي المدني, ونوه الأخير بأنه لا حاجة له لأن يوقع المتهم مرة ثانية على الفاتورة بيد أن المتهم يقرر أنه يوقع مرتين مرة في البداية عندما يطلب البضاعة وبعد أن يتفق مع المدعي المدني على مقدارها ويوقع مرة ثانية بعد أن يستلم البضاعة استلاما فعليا وقال بأنه وقع مرة واحدة فقط ولم يوقع ثانية لأنه لم يستلم البضاعة بالفعل – وقد رأت المحكمة في سبيل حسم هذه المسألة أن تطلع على الفواتير السابقة وتتعرف على طريقة المعاملة وهل يوقع المتهم مرة واحدة أو مرتين, ولكن المدعي المدني لم يقدم صور الفواتير التي لديه والتي توضح هذه النقطة واحتج بأن دفتر الفواتير قد سرقه المتهم ولم يمكنه الاستدلال عليه ومن ثم فإنه بإزاء هذا الغموض وبإزاء عدم تقديم المجني عليه ما ينفي إدعاء المتهم ويقوي الاتهام المنسوب إليه يكون الأمر موضع شك ويكون الحكم المستأنف مبنيا على أسس سليمة مما يتعين معه تأييده" ومفاد ما أثبته حكم محكمة أول درجة أن المطعون ضده وإن وقع على الفاتورة بطلب بضائع محدد ثمنها إلا أنه لم يوقع على الجزء الخاص باستلام البضائع وأن المحكمة بعد بحث أسلوب التعامل بين الطرفين وأخذا بالثابت بهذه الفاتورة, قد خلصت بحق إلى أن البضائع لم يتسلمها المتهم. ولما كان لمحكمة الموضوع أن تفسر المحررات على ما يتبادر من عباراتها إلى الفهم, ولا معقب عليها في ذلك ما دامت عبارات المحرر تحتمل التفسير الذي أخذت به أو تؤيده, فإن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لجأت لإثبات عكس ما هو مدون بالفاتورة بغير الدليل الكتابي غير صحيح. ويكون ما انتهى إليه الحكم الاستئنافي من أن المطعون ضده لم يستلم البضائع التي زعم الطاعن أنه سلمها إليه للأسباب التي أوردتها, هو استخلاص سليم, لما كان ما تقدم وكان لا يبين من محاضر الجلسات أن المحكمة أذنت للطاعن بتقديم مذكرات, كما لا يبين أنه تقدم من جانبه بمثل هذه المذكرات وهو لا يدعي أنه أثار دفاعا أو دفعا يستوجب الرد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى ورد على دفاع المجني عليه (الطاعن) بما يدحضه, فإنه يكون سليما من شائبة القصور ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات