الطعن رقم 154 لسنة 32 ق – جلسة 12 /05 /1966
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 17 – صـ 1087
جلسة 12 من مايو سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وإبراهيم الجافى، وعباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.
الطعن رقم 154 لسنة 32 القضائية
محاماه. "تقدير أتعاب المحامى". "عناصره". وكالة. محكمة الموضوع.
تقدير أتعاب المحامى على أساس أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى بذله المحامى.
المادة 44 من قانون المحاماة. عناصر التقدير الواردة بها لم ترد على سبيل الحصر. ليس
هناك ما يمنع محكمة الموضوع من إدخال عناصر أخرى إلى جانب ما أوردته المادة 44 سالفة
الذكر.
أنه وإن كانت المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 قد نصت على أن "يدخل فى
تقدير الأتعاب أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى بذله المحامى" إلا أن عناصر التقدير
الواردة بهذه المادة لم ترد على سبيل الحصر ومن ثم فليس ما يمنع محكمة الموضوع من أن
تدخل فى الاعتبار عند تقديرها الأتعاب – إلى جانب هذه العناصر – ما عاد على الموكل
من منفعة مباشرة بسبب جهد المحامى [(1)].
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل كما يبين من الحكم المطعون وسائر أوراق الطعن – فى أنه بتاريخ
19 من يناير سنة 1952 تقدم الأستاذ محمد عبد السلام المحامى المطعون ضده – إلى نقابة
المحامين طالبا تقدير مبلغ عشرة آلاف جنيه كمقابل أتعاب له عن بعض القضايا التى وكله
الطاعنون فى المرافعة فيها قائلا فى تبيان طلبه أنه فى سنة 1900 تكونت شركة تضامن بين
المرحوم شحاتة حموى مورث الطاعنين وبين ابنى أخيه جورج ويوسف حموى غرضها إقراض الفلاحين
والتجار قروضا مضمونة برهون عقارية وإدارة عقارات الشركاء وفى سنة 1917 أجريت محاسبة
بين الشركاء بموجب كشوف حساب موقع عليها من الشركاء جميعا جاء بها أن رأس مال مورث
الطاعنين فى الشركة المذكورة هو مبلغ 37500 جنيه ثم توفى المورث فى تلك السنة وأعلنت
والدة الطاعنين السيدة جملية قربة وصية عليهم فتركت أموالها وأموال القصر تستغل فى
الشركة بإدارة الشريك جورج حموى حتى سنة 1929 – وقد حصل فى سنة 1928 أن استحصل جورج
حموى المذكور على توقيع الوصية وأنجالها بمجرد بلوغهم سن الرشد – على ثلاثة كشوف محاسبة
تؤدى إلى انخفاض رأسمالهم فى سنة 1928 إلى مبلغ 24000 جنيها مما حدا بالطاعن الأول
– وكان قد بلغ سن الرشد – إلى أن يوكل أحد المحامين فى أن يرفع على مدير الشركة دعوى
حساب وهى الدعوى رقم 318 سنة 1930 كلى الاسكندرية ولأهمية الدعوى رأى الطاعنون أن يوكلوا
المطعون ضده للتعاون مع المحامى المذكور فرأى أن الدعوى بالشكل المطروحة به لا تؤدى
إلى إظهار حقوق الطاعنين فقرر بترك المرافعة فيها ثم حركها من جديد باسم الطاعن الأول
واسم جميع القصر الذين بلغوا سن الرشد والذين لم يشتركوا فى الدعوى عند رفعها فى أول
الأمر وعدل الطلبات إلى طلب نفقة شهرية للطاعنين وطلب تصفية الشركة وتعيين أول الطاعنين
عيسى حموى مصفيا لأعمال الشركة ومراجعة حساباتها من سنة 1917 تاريخ آخر كشف حساب وقع
عليه المورث – وفى 28 من مايو سنة 1931 حكم للطاعنين بنفقة شهرية قدرها مائة جنيه وبتاريخ
24 من سبتمبر سنة 1932 قضت محكمة الاسكندرية الابتدائية بباقى الطلبات على أساس وضع
الشركة تحت التصفية مع تعيين جورج حموى ابن عم الطاعنين وحافظ حموى شقيقهم الأكبر مصفيين
وجعل المحاسبة ابتداء من سنة 1917 لكن جورج حموى استأنف هذا الحكم وتمسك بكشوف الحساب
والتخالص الموقع عليها من الطاعنين فى سنة 1928 وطلب جعل الحساب والتصفية من سنة 1928
وقد قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم الابتدائى وأقرت الحساب إلى سنة 1928 فرفع المطعون
ضده بوصفه وكيلا عن الطاعنين طعنا فى هذا الحكم أمام محكمة النقض وبتاريخ 14 من يونيو
سنة 1934 قضت هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون به تأسيسا على أن كشوف الحساب الثلاثة
مشوبة بالاقتضاب ومطعون عليها بالخطأ والغش والتدليس ومن ثم فلا حجية لها على الطاعنين
وقد حرك المطعون ضده نيابة عن الطاعنين الاستئناف أمام محكمة الإحالة بصحيفة مؤرخة
فى 27 من ديسمبر سنة 1934 وباشره حتى قضى بطلبات الطاعنين – ولم يقف جهد المطعون ضده
عند هذا الحد بل ظل يدافع عن الطاعنين فى التقاضى بشأن النفقة حيث كان يطالب جورج حموى
بوقف صرفها – كما أنه لم يترك أعمال المصفى بل كان يشرف عليها وقد استغرق ذلك كله منه
جهدا كبيرا حوالى سبعة عشر عاما منذ سنة 1930 حتى عين مستشارا فى سنة 1947 حصل فيها
على أحكام كشف لهم بها عن حقوقهم كاملة فأصبحوا يستحقون فى أعمال التصفية خمسين ألف
جنيه تقريبا عدا الفوائد والربع المودع بخزائن المحاكم تحت يد المصفى كما أنهم حصلوا
بجهوده على قبض مبلغ عشرين ألفا من الجنيهات على سبيل النفقة إلا أن الطاعنين تنكروا
لهم فلم يدفعوا له من الأتعاب سوى ما يقابل رسوم الدعاوى ومصاريف الانتقال مما حدا
به إلى رفع الأمر لنقابة المحامين طالبا تقدير أتعابه على النحو السابق – دفع الطاعنون
هذا الطلب بسقوط حق المطعون ضده فى المطالبة بأتعابه لمضى أكثر من خمس سنوات من انتهاء
وكالته عنهم كما دفعوا باستيفاء المطعون ضده حقه من الأتعاب وتخالصهم عنها وقد قرر
مجلس نقابة المحامين رفض الدفع بالسقوط وتقدير مبلغ 2500 ج كمقابل أتعاب للمطعون ضده
يخصم منه مبلغ مائتى جنيه السابق قبضه – تظلم كل من الطاعنين والمطعون ضده من هذا القرار
أمام محكمة القاهرة الإبتدائية – وبتاريخ 16 من فبراير سنة 1955 قضت هذه المحكمة بقبول
التظلمين شكلا وبرفض الدفع المبدى بسقوط الحق بالتقادم الخمسى وبتعديل القرار المتظلم
منه إلى مبلغ 1569 ج للمطعون ضده – فرفع الطاعنون استئنافا عن هذا الحكم وقيد برقم
337 سنة 72 قضائية كما رفع المطعون ضده استئنافا آخر قيد برقم 704 سنة 72 قضائية ومحكمة
القاهرة قضت فى 18 من ديسمبر سنة 1955 بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بسقوط حق
الأستاذ محمد عبد السلام (المطعون ضده) فى المطالبة بأتعابه بالتقادم الخمسى – فطعن
المطعون ضده فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 51 سنة 26 قضائية وبتاريخ 8 من
يونيو سنة 196 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف
القاهرة مؤسسة قضاءها على أن طلب المطعون ضده المقدم إلى مجلس نقابة المحامين لتقدير
أتعابه يعتبر قاطعا للتقادم – وبعد نظر الإستئناف من جديد قضت محكمة استئناف القاهرة
فى 22 من فبراير سنة 1960 برفض استئناف الطاعنين وفى الاستئناف المرفوع من المطعون
ضده بتعديل الحكم المستأنف وبتأييد قرار مجلس نقاية المحامين بتقدير مبلغ 2500 ج يخصم
منها مبلغ مائتى جنيه وينفد بالباقى – طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه فى خصوص السببين الثالث والسادس
وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان لفساد تسبيبه وتناقضه
وقصوره فى الرد على الأوراق التى قدمها الطاعنون والتى تقطع بأن المطعون ضده قد استوفى
مقابل أتعابه عن القضايا التى حكم فيها نهائيا فى سنوات 1931 و1934 و1937 و1938 وفى
بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تمسكوا فى مرافعتهم ومذكراتهم أمام محكمة الاستئناف أنه
بعد صدور حكم محكمة الاستئناف فى سنة 1937 وحكم تخفيض النفقة فى سنة 1938 قد تم الاتفاق
بينهم وبين المطعون ضده على باقى أتعابه وقدر هذا الباقى بمبلغ مائه وثلاثين جنيها
وأنه تنفيذا لهذا الاتفاق حصل المطعون ضده على شيك رقم 89857 بمبلغ ستين جنيها محسوب
على بنك مصر على أن يصرف من مبلغ النفقة المحول بإسمهم – كما حصل من الطاعنة الرابعة
السيدة مارى فى يوليو سنة 1938 على أمر صرف على المصفى بمبلغ مائتى جنيه مع تعهد منه
بعدم صرف قيمة الشيك المذكور وبرده عند قبض المبلغ الوارد بأمر الصرف وبأن يرد قيمة
مبلغ أمر الصرف مبلغ سبعين جنيها – وقد سجل المطعون ضده ذلك كله فى خطاب موقع عليه
منه بتاريخ 8 من أغسطس سنة 1938 أرسله إلى زوج الطاعنة الرابعة ووكليها المرحوم أميل
غريب – وقد حدث بعد ذلك أن المطعون ضده حصل من المصفى على مبلغ مائة جنيه من قيمة أمر
الصرف ثم صرف قيمة الشيك وأخذ منها ثلاثين جنيها تكملة لأتعابه المتفق عليها ورد الثلاثين
جنيها الباقية إلى الطاعنين وبعد وفاة زوج الطاعنة الرابعة فى 17 من يناير سنة 1942
وظنا منه بأن الخطاب المشار إليه لم يعد متحفظا به رفع الدعوى رقم 46 سنة 1946 أمام
محكمة العطارين الجزئية على المصفى والطاعنين طالبا فيها الحكم على المصفى فى مواجهة
الطاعنين بالمائة جنيه الباقية من أمر الصرف المذكور وعلى الرغم من أن الخطاب الذى
أرسله المطعون ضده على زوج الطاعنة الرابعة كان ما زال محتفظا به وقد هم الطاعنون بأن
يتدخلوا به فى الدعوى المرفوعة أمام محكمة العطارين إلا أنه حسبما للخلاف رأى المصفى
ووافقه الطاعنون على إعطاء المطعون ضده مبلغ المائة جنيه المشار إليها على أن يقر بأن
هذا المبلغ هو الباقى له من مقابل أتعابه قبل الطاعنين وقد سجل هذا الإقرار فى محضر
حرره المصفى كما انتهت الدعوى أمام المحكمة العطارين بمحضر صلح أشير فيه إلى الاتفاق
الذى تضمنه محضر المصفى – ورغم دلالة هذه الأوراق المنوه عنها على استيفاء المطعون
ضده مقابل أتعابه عن القضايا التى حكم فيها فى سنوات 1931 و1934 و1937 و1938 فإن الحكم
المطعون فيه قد مسخها فقرر أن أمر الصرف إنما كان موجها من الطاعنة الرابعة إلى المصفى
لصرف قيمته إلى المطعون ضده من مالها الخاص لا من مال الشركة محل التصفية مع أن المطعون
ضده كدائن بباقى الأتعاب لا يهمه إن كان الصرف من المال الخاص بأحد المدينين بمقابل
الأتعاب أو من مال الشركة – على أن الحكم المطعون فيه قد ناقض نفسه بعد ذلك مباشرة
حين قرر – نقلا عن صحيفة الدعوى المرفوعة أمام محكمة العطارين – أن الطاعنين قد سلموا
المطعون ضده أمر الصرف ليقبض قيمته من المصفى من مال التصفية الذى فى عهدته وبذلك جاء
الحكم متناقضا فى هذا الصدد – هذا إلى أن الحكم حين فسر العبارة الواردة بمحضر المصفى
والتى نصها "حضر جميع الشركة وأفهمتهم أن الأستاذ محمد عبد السلام يطالب التصفية بمبلغ
مائة جنيه باقية له من أتعابه المستحقة على ورثة شحاته حموى" حمل المائة جنيه المشار
إليه فى هذه العبارة على أنها الباقية له من قيمة أمر الصرف المشار إليه مقررا أن ذلك
المعنى هو الذى يعبر عن وجهة نظر المصفى حين ضمن محضره هذه العبارة وبذلك خرج الحكم
عن المدلول الظاهر لهذه العبارة إلى مدلول آخر لا تحتمله وقد ذكر الحكم تأييدا لتفسيره
"أن المصفى أثبت أنه سدد باقى الأتعاب المحول عليه سند المطالبة بها" مع أن هذه العبارة
لا أصل لها فى محضر المصفى وبذلك يكون الحكم قد أقام تفسيره على دليل وهمى – هذا إلى
أن الحكم قرر أن تلك العبارة التى وردت فى محضر المصفى إنما كانت من عمل وكيل المصفى
دون دخل للمحامى المطعون ضده فيها مع أن المطعون ضده حين أبرم عقد الصلح الذى صدقت
عليه المحكمة ضمنه أن إقرار الطاعنين له بمبلغ المائة جنيه كان وفقا للمدون فى محضر
التصفية وهذه الإشارة إلى محضر التصفية لتدل دلالة قاطعة على أن المطعون ضده – كان
على يقين بما تضمنه محضر التصفية فلا يجوز له التنصل منه – ومن ثم جاء الحكم مشوبا
بالتناقض والقصور بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم المطعون فيه – حين انتهى فى قضائه إلى أن مبلغ
المائة جنيه التى استوفاها المطعون ضده بموجب محضر الصلح المشار إليه لم يكن هو الباقى
من جميع أتعابه المستحقة له بل الباقى من قيمة أمر الصرف المنوه عنه – قد أقام قضاءه
على أن صحيفة الدعوى رقم 46 سنة 1946 مدنى العطارين والتى كان قد رفعها المطعون ضده
للمطالبة بالمبلغ الباقى من قيمة أمر الصرف المذكور – قد تضمنت أن المطعون ضده يستحق
قبل الطاعنين مقابل أتعاب قبل سنة 1937 وبعدها وأن هذا المقابل لما يقدر بعد – وأن
الطاعنين سلموا المطعون ضده أمر صرف على المصفى بمبلغ مائتى جنيه حصل منها على مبلغ
مائة جنيه والباقى هو الذى يطالب به فى تلك الدعوى – وقد استدل الحكم من ذلك ومن عدم
اعتراض الطاعنين على ما جاء بصحيفة الدعوى أن الأتعاب جميعها لم يكن قد تم الاتفاق
عليها نهائيا حتى ذلك التاريخ وأن دفع المائة جنيه بموجب محضر الصلح لم يكن إلا سدادا
للجزء الباقى من قيمة أمر الصرف – وخاصة أن الدعوى الأصلية كانت ولا تزال قائمة أمام
المحكمة إذ أن المصفى لم يكن قد أتم عمله وكان المطعون ضده يباشر شئون التصفية لدى
المصفى حتى سنة 1947 وذلك بقبول من الطاعنين – وأضاف الحكم إنه إذا وكان قد أشير فى
محضر الصلح إلى أن إقرار المطعون ضده بمبلغ المائة جنيه إنما جاء وفقا للمدون بمحضر
المصفى فإن هذه الموافقة لا تنصرف إلى ما جاء بمحضر المصفى من أن المائة جنيه هى الباقية
من الأتعاب المستحقة على ورثة المرحوم شحاته حموى بل إنها تنصرف إلى ما جاء بعد ذلك
بهذا المحضر من قبول عيسى حموى أن يكون صرف المصفى مبلغ المائة جنيه للمطعون ضده من
حسابه خاصة دون باقى الطاعنين درءا لمسئولية المصفى يؤيد ذلك أنه في تاريخ تحرير محضر
الصلح استلم المطعون ضده مبلغ المائة جنيه وحرر بذلك إيصالا للمصفى ثابت به أن المبلغ
الذى استلمه المطعون ضده هو المبلغ الوارد بمحضر الصلح وأنه هو الباقى من رصيد الحوالة
(أمر الصرف) ذات المائتى جنيه المطلوبة من عيسى حموى وإخوته – ولما كانت هذه الأسباب
سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم وفيها من الكفاء ما يحمل
قضاءه – وكان تفسيره الحكم للعبارات الواردة فى محضر المصفى ومحضر الصلح مقبولا وتحتمله
تلك العبارات فإنه لا يصح النعى عليه بالقصور أو فساد الاستدلال – ولا يضير الحكم بعد
ذلك أن جاءت بعض أسبابه متناقضة إذ أن التناقض الذى يقول به الطاعنون فى سبب النعى
لم يكن من شأنه أن تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وقد
سبق التقرير بأن ما ساقه الحكم من أسباب فيه ما يكفى لحمل قضائه ومن ثم يكون النعى
على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى الرد على دفاعهم.
ذلك أنهم تمسكوا – أمام محكمة الموضوع – بأن المطعون ضده بعد انتهاء وكالته عنهم فى
سنة 1947 رد لهم ملف القضية ومستنداتها دون تحفظ وأن لهذا الرد دلالته على براءة ذمتهم
من مقابل الأتعاب – لكن الحكم المطعون فيه اكتفى فى الرد على دفاعهم بقوله بأن ذلك
المسلك من المطعون ضده كان كرما منه ورحمة بالطاعنين منه أن دلالة هذا الرد – فى مقام
اقتضاء الحقوق – أقطع على براءة الذمة وبذلك جاء الحكم مشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن رد ملف القضية ومستنداتها إن صح اعتباره قرينة على براءة
ذمة الطاعنين من مقابل الأتعاب فإنها لا تعدو أن تكون من القرائن القضائية وهى من الأدلة
التى لم تحدد القانون حجيتها والتى أطلق للقاضى فى الأخذ بنتيجتها وعدم الأخذ بها كما
أطلق له فى أن ينزل كل قرينة منها من حيث الاهمية والتقدير المنزلة التى يراها – وإذن
فمتى كانت محكمة الموضوع لم تر فى رد ملف القضية ومستنداتها ما يقنعها باستيفاء المطعون
ضده جميع أتعابه فذلك حقها الذى لا معقب عليه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الفساد فى التسبيب والقصور
فى الرد على الأوراق التى قدموها والصادرة من المطعون ضده والمثبتة لاستيفائه أتعاب
المرحلة التى انتهت بحكم النقض الصادر فى سنة 1934 وفى بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم
قدموا لمحكمة الاستئناف عديدا من المستندات عبارة عن إيصالات وسندات إذنية وخطابات
وكلها موقع عليها بتوقيع المطعون ضده وقالوا إن هذه المستندات تعتبر دليلا كتابيا على
اتفاق الطرفين على مقابل الأتعاب المستحقة وعلى المطعون ضده قد استوفى هذا المقابل
حتى صدور حكم النقض فى سنة 1934 – وأنه إذا لم تر المحكمة اعتبار عن هذه المستندات
دليلا كاملا فلا أقل من اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة، إذا كمل بما ساقوه فى مذكراتهم
أمام محكمة الاستئناف من قرائن، كان دليلا كاملا على الاتفاق على الأتعاب ووفائها –
لكن الحكم المطعون فيه لم يرد على تلك المستندات مكتفيا بالقول بأن تلك المستندات إنما
تثبيت وفاء جزئيا من مقابل الأتعاب ولا تثبت تخالصا عنه دون أن يرد على ما إذا كانت
تلك المستندات تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة أم لا وبذلك جاء الحكم فى هذا الصدد مشوبا
بالقصور.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم المطعون فيه قد تصدى للمستندات المشار إليها بسبب
الطعن ورد عليها بقوله "وجميع المستندات تثبت أن ما كان يستلمه المحامى لم يكن قاطعا
بل من حساب الأتعاب أو لحساب الأتعاب وهذه الصياغة لا يمكن عدها كتخالص نهائى إذ فى
إثبات "من" و"ل" ما يفيد أن تحرير السند لم يكن نهائيا وقاطعا فى قدر الأتعاب أو أنه
كان مقصودا به ذلك" ومفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر دلالة هذه المستندات مقصورة
على الوفاء الجزئى دون أن تتضمن احتمال صدق الأمر المدعى به وهو الاتفاق نهائيا على
مقابل الأتعاب وإثبات التخالص عنها – ولما كان تضمن الورقة ما يقرب احتمال الأمر المدعى
به هو شرط لازم لاعتبار ورقة ما مبدأ ثبوت بالكتابة وكان تقدير ما إذا كان من شأن الورقة
أن تجعل وجود الأمر المدعى به قريب الاحتمال أو لا تجعله مما يستقل به قاضى الموضوع
فإن ما ذكره الحكم يتضمن أن المحكمة لم تر – فى حدود سلطتها الموضوعية – توافر هذا
الشرط فى المستندات التى قدمها الطاعنون ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور
على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالأسباب الثالث والرابع والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والقصور والفساد فى التسبيب ومخالفة الثابت فى الأوراق ذلك أن الحكم – فى مقام
بيان الفائدة التى عادت على الطاعنين من حكم النفقة والتى جعلها عنصرا من عناصر تقدير
مقابل الأتعاب – قد وضع فى اعتباره قيمة المبالغ التى قبضها الطاعنون بموجب الحكم النفقة
المشار إليه من تاريخ صدوره حتى تاريخ الحكم بإسقاط النفقة فى سنة 1954 وهو ما قدره
الحكم بمبلغ ثمانية وعشرين ألفا من الجنيهات مع أن تقدير الأتعاب فى هذا الخصوص لا
يلحظ فيه إلا أن المحامى قد يسر لموكله معونة وقتية عاجلة بغض النظر عن مقدار النفقة
المقبوضة والتى تداخلت فى ضخامتها عوامل أخرى لا صله لها بالمحامى – وخاصة وأن الحكم
بالنفقة قد صدر بناء على موافقة الخصم – هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أدخل فى اعتباره
– وهو بصدد تقدير الأتعاب – أن نصيب الطاعنين فى الحساب والتصفية هو مبلغ ستين الفا
من الجنيهات مستقيا ذلك من عبارة وردت فى محضر قضية النفقة على لسان خصم الطاعنين وهو
ما يخالف الثابت بإقرار المصفى – مع أن الحكم الصادر من محكمة النقض فى سنة 1934 والحكم
الصادر من محكمة الاستئناف فى سنة 1937 لم يقضيا للطاعنين بشىء من المال إذ أن القضاء
بذلك متوقف على اتمام أعمال المحاسبة والتصفية وهى لم تتم بعد حتى الآن وكل ما قضى
به الحكمان المذكوران هو القضاء بالتصفية وإرجاع المحاسبة إلى سنة 1917 وبذلك جاء الحكم
– من حيث أساسه القانونى والموضوعى – مخطئا فى القانون ومشوبا بالقصور ومخالفة للثابت
فى الأوراق – وعلاوة على ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد أضفى على المطعون ضده من الجهد
ما ليس له مع أن الخصومة لم تكن إلا نزاعا حول شخصية المصفى وبدء المحاسبة، أما التصفية
ذاتها فقد كانت أمرا مسلما به.
وحيث أن هذا النعى مردود بأنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه – حين تصدى
للرد على السبب الثالث من أسباب الإستئناف والذى نعى به الطاعنون على الحكم المستأنف
أنه قدر للمطعون ضده مقابل أتعاب لا يتفق والجهد الذى بذله والمنفعة التى عادت على
الطاعنين – سرد الحكم مراحل النزاع من وقت رفع الدعوى أمام المحكمة الإبتدائية ثم محكمة
الاستئناف ثم محكمة النقض وبعد ذلك عند إعادة القضية إلى محكمة الإستئناف بعد نقض حكمها
مبينا فى ذلك الطلبات التى أبديت أصلا فى الدعوى على يد محام آخر وما كان للمطعون ضده
من أثر فى تعديل تلك الطلبات تعديلا اتجهت به إلى طريق المحافظة على حقوق الطاعنين
مبرزا ما أثاره خصوم الطاعنين من معارضة لتلك الطلبات سواء ما تعلق منها بالنفقة أو
بالتصفية أو ببدء المحاسبة ومظهرا فى كل ذلك دون المطعون ضده فى الرد على تلك المعارضة
وما بذله من جهد يستحق التقدير فى جميع مراحل النزاع سواء فى مرافعته الشفوية أو مذكراته
المكتوبة وأن دوره فى الدفاع عن الطاعنين فى هذا النزاع كان دورا رئيسيا على الرغم
من مشاركة بعض زملائه من المحامين له فى الدفاع مقررا أن النتيجة على الصورة التى انتهى
بها هذا النزاع بحكم محكمة الإستئناف الصادر فى سنة 1937 – كانت فى صالح الطاعنين –
وأن دور المطعون ضده لم يقف عند هذا الحد بل أنه تابع القضية أمام المصفى حتى سنة 1947
تاريخ انتهاء وكالته عنهم وما كان هذا البيان من الحكم أصلا إلا ابتغاء ظهار جهد المحامى
توطئة لارساء تقديره للأتعاب على أساس من المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة
1957 والتى تنص على أنه "يدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى
بذله المحامى" ولئن أشار الحكم فى ثنايا أسبابه إلى قيمة ما قبضه الطاعنون من النفقة
وتقييمه لنصيبهم فى التصفية فإن مقصود الحكم من هذه الاشارة هو ابراز أهمية الدعوى
والجهد الذى بذله المحامى فيها مما عاد بمنفعة كبيرة على الطاعنين – ولا تدل هذه الإشارة
على أن الحكم قد اعتمد فى تقديره للأتعاب على تقييمه لهذه المنفعة بالمبالغ التى ذكرها
بل إن ذكره لهذه المبالغ كان منه استطرادا لم يصرفه عن الركيزة التى ارتكز عليها فى
تقدير الأتعاب وهى الجهد الذى بذله المطعون ضده وأهمية الدعوى فى جميع مراحل النزاع
– ومما يؤكد أنه لم يكن لتقديره المنفعة بتلك المبالغ من أثر فى قضائه أن الحكم حين
انتهى من بيان أسبابه التى أظهر بها جهد المحامى رأى أن يبرز الأسس التى أقام عليها
تقديره فلم يشر إلى تقييمه المنفعة التى عادت على الطاعنين بالمبالغ التى ذكرها أولا
بل قرر "وأما إنكار المصلحة التى عادت إليهم وأنها قليلة الأهمية وأن محكمة أول درجة
غالت فهذا غير متفق والحقيقة إذ استفادوا النفقة 100 جنيه شهريا واستفادوا إهدار كشوف
الحساب المعتمدة منهم واستفادوا العود بالمحاسبة على أساس سليم من تاريخ الوفاة رغم
إقرارهم لعمل خصمهم بتوقيعاتهم على كشوف الحساب حتى سنة 1929 وهذا كله ثابت فى الأوراق
ومن العسير جحوده وأما القول بأن الخصوم أظهروا الاستعداد للنفقة فهذا لا يتفق والحقيقة
كما سبق القول إذ لا تسليم منهم للخصم كما يزعمون فى صحيفة استئنافهم بل ثابت أنه عارض
فى تقدير النفقة ناسبا لأولهم التبرج وكثرة الصرف" وبذلك أقام الحكم قضاءه على أساس
تقدير موضوعى لجهد المحامى والفائدة المباشرة التى عادت على الطاعنين وهو تقدير يستقل
به قاضى الموضوع بما لا معقب عليه ولا مخالفة فيه لنص المادة 44 المشار إليها إذ أن
عناصر التقدير الواردة بهذه المادة لم ترد على سبيل الحصر ومن ثم فليس ما يمنع محكمة
الموضوع من أن تدخل فى الاعتبار عند تقديرها الأتعاب – إلى جانب هذه العناصر – ما عاد
على الموكل من منفعة مباشرة بسبب جهد المحامى – ومن ثم يكون النعى على الحكم بمخالفة
القانون والقصور فى التسبب لا أساس له.
وحيث إن الطاعنين بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه التناقض ومخالفة الثابت فى الأوراق
ذلك أنه قدر للمطعون ضده كمقابل أتعاب 2500 جنيه على أن يخصم من هذا المبلغ مائتا جنيه
قيمة ما استلمه المطعون ضده من الطاعنين كمقابل أتعاب ومصاريف انتقال مع أن الثابت
من أسباب ذلك الحكم أن المطعون ضده استوفى من الطاعنين مبلغ 340 جنيها كما أن الأوراق
التى قدمها الطاعنون لمحكمة الاستئناف تثبت أن ما استوفاه المطعون ضده هو مبلغ 431
جنيها وبذلك جاء الحكم متناقضا ومخالفا الثابت فى الأوراق.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه وإن كان انتهى فى قضائه إلى أن
الطاعنين قد وفوا المطعون ضده بما يزيد على مائتى جنيه إلا أنه قرر أن ما استلمه المطعون
ضده كأتعاب من هذا المبلغ هو مبلغ مائتى جنيه فقط – وقد علل الحكم ذلك بأن المبلغ الذى
استوفاه المطعون ضده زائدا على المائتى جنيه لم يكن من حساب الأتعاب بل من حساب الرسوم
القضائية ومصاريف الانتقال – وإذ كان ما استخلصه الحكم من المستندات فى هذا الصدد سائغا
وكان لقاضى الموضوع الحرية التامة فى فحص المستندات واستخلاص ما يرى استخلاصه منها
ما دام استخلاصه مستندا إلى أسباب سائغة فإن النعى عليه بالتناقض يكون على غير أساس
– وأما ما نعاه الطاعنون على الحكم من أنه خالف الثابت بالمستندات التى قدموها والتى
تدل على أن المطعون ضده استوفى من الطاعنين مبلغ 431 جنيها فمردود بأنهم لم يبينوا
وجه مخالفة الحكم للثابت بتلك المستندات ومن ثم يكون النعى مجهلا.
[(1)] راجع نقض 24/ 1/ 1963 بمجموعة المكتب الفنى س 14 ص 162.
