الطعن رقم 40 سنة 15 ق – جلسة 25 /12 /1944
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) – صـ 572
جلسة 25 ديسمبر سنة 1944
برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.
القضية رقم 40 سنة 15 القضائية
حالة الدفاع الشرعي:
( أ ) الاعتداء المستوجب لقيام هذه الحالة. كونه حقيقياً. لا يشترط بصفة مطلقة. يصح
أن يكون وهمياً.
(ب) وسيلة المدافع لردّ الاعتداء. تناسبها مع فعل الاعتداء. تقدير ذلك يكون بعد نشوء
حق الدفاع وعلى أساس كون ما وقع من المدافع مبرراً تبريراً تاماً فتحق براءته، أو تبريراً
جزئياً فيعدّ متجاوزاً حدّ حقه.
(جـ) دفاع عن المال. متى يبيح القتل العمد؟ تسلق جدار منزل ليلاً. فيه كل معاني الدخول
في المنزل يحمل بذاته قرينة الإجرام. يصح لصاحب الدار عدّه اعتداء على النفس أو المال.
يحق له ردّه. إطلاق صاحب الدار عياراً نارياً على المتسلق. إدانته في جناية الشروع
في القتل دون تفنيد دفاعه على أساس مفهوم المادة 250 ع. قصور.
1 – إن القانون لا يوجب بصفة مطلقة لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون الاعتداء حقيقياً،
بل يصح القول بقيام هذه الحالة ولو كان الاعتداء وهمياً، أي لا أصل له في الواقع وحقيقة
الأمر، متى كانت الظروف والملابسات تلقى في روع المدافع أن هناك اعتداء جدّياً وحقيقياً
موجهاً إليه.
2 – لا يشترط بصفة مطلقة في الدفاع الشرعي أن تكون الوسيلة التي يسلكها المدافع لردّ
الاعتداء عنه قد استخدمت بالقدر اللازم. فإن النظر إلى هذه الوسيلة من هذه الناحية
لا يكون إلا بعد نشوء الحق وقيامه، وعلى أساس كون ما وقع ممن سلكها مبرراً تبريراً
تاماً أو جزئياً. فإذا كان ما وقع منه مبرراً تبريراً تاماً فقد حقت براءته، وإلا فإنه
يعدّ متجاوزاً حدود حقه في الدفاع، ويعامل على هذا الأساس فيعاقب بعقوبة مخففة باعتباره
معذوراً.
3 – إن المادة 250 من قانون العقوبات تنص على أن حق الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز
أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية: "أوّلاً… وثانياً…
وثالثاً – الدخول ليلاً في منزل مسكون أو في أحد ملحقاته. ورابعاً – فعل يتخوّف أن
يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوّف أسباب معقولة". فإذا كان الثابت
بالحكم أن المجني عليه تسلق جدار منزل المتهم ليلاً ليدخل فيه، وأن المتهم حين شاهده
على هذه الحالة وهو فوق السطح أطلق عليه المقذوف الناري بقصد قتله، فإنه لما كان الإقدام
على تسلق جدار المنزل تتوافر فيه بلا شك جميع معاني الدخول في المنزل، ثم لما كان النص
المتقدّم ذكره لا يشترط في عبارة صريحة أن يكون الدخول بقصد ارتكاب جريمة أو فعل آخر
من أفعال الاعتداء، وهذا مفاده بالبداهة أن القانون يعتبر أن دخول المنازل ليلاً بتلك
الطريقة يحمل بذاته قرينة الإجرام بحيث يصح لصاحب الدار أن يعدّه اعتداء على المال
أو النفس أو فعلاً يتخوّف منه الأذى ويحق له رده كما ترد سائر الاعتداءات ما لم يقم
الدليل على أنه كان يعلم حق العلم أن الدخول الذي يقول بأنه كان يردّه قد كان في نظره
بريئاً خالياً عن فكرة الإجرام – لما كان ذلك كله كذلك فإن الحكم بإدانة هذا المتهم
في جناية الشروع في القتل من غير أن تفند المحكمة دفاعه على ضوء ما تقدّم يكون قد شابه
القصور في بيان الأسباب التي بني عليها.
