الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 210 سنة 14 ق – جلسة 13 /03 /1944 

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) – صـ 424

جلسة 13 مارس سنة 1944

برياسة حضرة صاحب العزة منصور إسماعيل بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.


القضية رقم 210 سنة 14 القضائية

رشوة. أحكامها غير مقصورة على الموظفين العموميين والمأمورين والمستخدمين بل تتناول كل مكلف بخدمة عمومية. وكيل شونة بنك التسليف الذي يتسلم القمح المحجوز لحساب الحكومة طبقاً للأوامر العسكرية. محاولة إرشائه. العقاب عليها بمقتضى المادة 111 عقوبات.
(المادتان 89 و96 ع = 104 و111)
إن الشارع لم يقصر تطبيق أحكام الرشوة على الموظفين العموميين والمأمورين والمستخدمين أياًَ كانت وظيفتهم بل نص في المادة 104 من قانون العقوبات على أن كل إنسان مكلف بخدمة عمومية يعتبر كالموظفين في باب الرشوة. فيكفي إذن للعقاب أن يكون المقابل قدّم إلى شخص يقوم بعمل من الأعمال العامة ولو لم يكن من طائفة الموظفين أو المأمورين أو المستخدمين العموميين. وكل ما يشترط للعقاب في هذه الحالة أن يكون هذا الشخص قد كلف بالعمل العام ممن يملك هذا التكليف. فوكيل شونة بنك التسليف وإن كان لا يعتبر من الموظفين أو المستخدمين العموميين إلا أنه لما كان الأمر العسكري رقم 243 الصادر في 7 إبريل سنة 1942 بمقتضى السلطة المخوّلة للحاكم العسكري العام بالمرسوم الصادر في 7 فبراير سنة 1942، رغبة في تنظيم التموين في البلاد وتوفير الغذاء للسكان، قد أوجب على كل من يمتلك محصولاً من القمح الناتج من موسم سنة 1942 أن يسلم إلى الحكومة جزءاً من هذا المحصول يودعه الشون التي تعينها وزارة المالية ووفقاً للأوضاع التي تقرّرها في هذا الشأن، ولما كان قرار وزارة المالية الصادر في 7 إبريل سنة 1942 تنفيذاً لذلك الأمر العسكري قد أوجب تسليم القمح المحجوز لحساب الحكومة إلى شون بنك التسليف على أن يقدّم إلى أمين الشونة الذي يتعين عليه المبادرة إلى وزنه وتحديد درجة نظافته ولا يجوز له قبول قمح تقل درجة نظافته عن 22 قيراطاً – لما كان ذلك، فإن أمين الشونة والحالة هذه يكون مكلفاً بخدمة عمومية بالمعنى المقصود في المادة 104 ع، ومن يحاول إرشاءه يعاقب بالعقوبة الواردة في المادة 111 ع.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ اعتبر وكيل شونة بنك التسليف الزراعي قائماً بخدمة عمومية فإن هذا البنك وإن كانت الحكومة قد ساهمت في رأس ماله إلا أنه لا يعتبر مصلحة عمومية بل هو شركة مساهمة، وإن موظفيه والحال كذلك ليسوا بموظفين عموميين أو قائمين بخدمة عامة، وهم لا يختلفون في ذلك عن موظفي باقي البنوك والشركات التجارية فإذا أخذ أحدهم رشوة أو حاول أحد إرشاءه فلا جريمة. والأمر العسكري رقم 243 سنة 1943 والقرار الوزاري رقم 49 سنة 1942 إذ أوجبا تسليم القمح المحجوز لحساب الحكومة إلى شون بنك التسليف لم يغيرا من الأمر شيئاً. لأن الحكومة تستلم القمح من المزارعين كتاجرة، وأمين الشونة ينوب عنها بهذه الصفة كما هو الشأن في كل تاجر يوكل عنه من يستلم الحبوب المبيعة لحسابه. ومن ثم فأمين الشونة المقول بأن الطاعن حاول إرشاءه، لا يعتبر قائماً بخدمة عمومية، ولا عقاب على الشروع في الرشوة التي تقدم له.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى في قوله إنها: "تتحصل في أنه بتاريخ 7 يونيه سنة 1942 ورد إلى شونة التسليف بمرصفا كمية من القمح مقدارها 17 أردباً و6 كيلات باسم إبراهيم مصطفى عبد الباقي بن أخي المتهم (الطاعن) ولم يقبل محمد الظاهر شهاب أمين الشونة هذا القمح لعدم نظافته وتردّد المتهم على الشونة عدّة مرات رجاء قبوله فأصر أمين الشونة على الرفض فذهب المتهم إليه بمنزله بتاريخ 14 يونيه سنة 1942 وقدّم له مبلغ 200 قرش على سبيل الرشوة رجاء قبول القمح ولم يقبل هذا المبلغ منه وقدّمه إلى ضابط البوليس، وقد تبين من الاطلاع على الأوراق أن أمين الشونة أشر على التصريح الخاص بالقمح بتاريخ 10 يونيه سنة 1942 برفض قبوله. وقد ظل القمح بالشونة حتى يوم 17 يونيه سنة 1942 إذ تقرّر قبوله وصرف ثمنه بعد استيفاء اللازم قانوناً". وبعد أن أورد الأدلة التي اعتمد عليها في ثبوت هذه الواقعة تعرض إلى الدفاع المشار إليه في وجه الطعن ورد عليه بقوله: "إن المتهم (الطاعن) وإن لم يكن موظفاً عمومياً إلا أنه بصفته من أمناء شون بنك التسليف له شأن آخر. ذلك لأن الأمر العسكري رقم 243 وقرار وزارة المالية الصادر في 7 إبريل سنة 1942 يوجبان على أصحاب مقادير القمح المحجوز لحساب الحكومة تسليم هذا القمح إلى شونة بنك التسليف ويجب تقديمه إلى أمين الشونة الذي يتعين عليه المبادرة إلى وزنه وتحديد درجة نظافته ولا يجوز له قبول قمح تقل درجة نظافته عن 22 قيراطاً. وعلى ذلك فلأمين الشونة شأن في تحديد درجة نظافة القمح وقبوله أو رفضه تبعاً لما يراه، وهو في خصوص هذا الأمر يعتبر شخصاً مكلفاً بخدمة عمومية، ومن ثم تصدق في حقه جريمة الرشوة".
وحيث إن الشارع لم يقتصر على تطبيق أحكام الرشوة على الموظفين العموميين والمأمورين والمستخدمين أياً كانت وظيفتهم، بل نص في المادة 104 من قانون العقوبات على أن كل إنسان مكلف بخدمة عمومية يعتبر كالموظفين. فيكفي إذن للعقاب على الرشوة أن تقدّم إلى شخص يقوم بعمل من الأعمال العامة ولو لم يكن من طائفة الموظفين أو المأمورين أو المستخدمين العموميين، وكل ما يشترط للعقاب في هذه الحالة أن يكون قد كلف بالعمل العام ممن يملك هذا التكليف.
وحيث إن وكيل شونة بنك التسليف وإن كان لا يعتبر من الموظفين أو المستخدمين العموميين إلا أنه لما كان الأمر العسكري رقم 243 الصادر في 7 إبريل سنة 1942 بمقتضى السلطة المخوّلة للحاكم العسكري العام بالمرسوم الصادر في 7 فبراير سنة 1942 رغبة في تنظيم التموين في البلاد وتوفير الغذاء للسكان قد أوجب على كل من يمتلك محصولاً من القمح الناتج من موسم سنة 1942 أن يسلم إلى الحكومة جزءاً من هذا المحصول يودعه في الشون التي تعينها وزارة المالية ووفقاً للأوضاع التي تقرّرها في هذا الشأن. ولما كان قرار وزارة المالية الصادر في 7 إبريل سنة 1942 تنفيذاً لذلك الأمر العسكري قد أوجب تسليم القمح المحجوز لحساب الحكومة إلى شونة بنك التسليف على أن يقدّم إلى أمين الشونة الذي يتعين عليه المبادرة إلى وزنه وتحديد درجة نظافته، ولا يجوز له قبول قمح تقل درجة نظافته عن 22 قيراطاً – لما كان ذلك فإن أمين الشونة والحالة هذه يعتبر شخصاً مكلفاً بخدمة عمومية بالمعنى المقصود في المادة 104 سالفة الذكر ويعاقب من يحاول إرشاءه بالعقوبة الواردة في المادة 111 عقوبات التي طبقتها المحكمة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات