الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 573 لسنة 51 ق – جلسة 11 /11 /1981 

أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
السنة 32 – صـ 875

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1981

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفى، ومحمد ممدوح سالم، ومحمد رفيق البسطويسى.


الطعن رقم 573 لسنة 51 القضائية

ارتباط "عقوبة الجرائم المرتبطة". عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجريمة الأشد". جريمة "أركانها". تهريب جمركى. استيراد. قانون "تطبيقه".
مناط تطبيق كل من فقرتى المادة 32 عقوبات وأثر التفرقه بينهما فى تحديد العقوبة؟
مثال فى جريمتى استيراد سبائك ذهبية على خلاف القانون وتهريبها.
ارتباطهما فى حكم الفقرة الأولى من المادة 32 عقوبات. وجوب توقيع العقوبة المقررة لأشدهما دون العقوبة التكميليه المقررة لما عداهما.
أرتكاب الطاعن لفعل واحد له وصفان قانونيان. هما استيراد سبائك ذهبية على خلاف القانون. وتهريبها. وجوب تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 عقوبات باعتبار الجريمة الأشد وهى الاستيراد. وتوقيع عقوبتها. المنصوص عليها فى المادة 14 قانون 97 لسنة 1976. دون عقوبة التهريب الجمركى.
تأييد الحكم المطعون فيه للحكم الابتدائى فيما قضى به من تعويض جمركى. خطأ فى تأويل القانون وتطبيقه. علة ذلك؟
القضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه بالغاء عقوبة التعويض الجمركى. لا يمنع منه نص المادة 112 من قانون الجمارك. علة ذلك؟
لما كانت المادة 32 من قانون العقوبات اذ نصت فى فقرتها الأولى على أنه "اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها" فقد دلت بصريح عبارتها على انه فى الحالة التى يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف أو التكييف القانونى الاشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التى قد تتمخض عنها الأوصاف الاخف والتى لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الاشد، اذ يعتبر الجانى كأن لم يرتكب غير هذه الجريمة الاخيرة، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقى للجرائم المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة التى أختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، اذ لا اثر لاستبعاد العقوبات الاصلية للجرائم الاخف فى وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضروره أن العقوبة التكميلية انما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها. يؤكد هذا النظر تباين صياغة الفقرتين اذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الاشد" بعبارة "دون غيرها" فى الفقرة الاولى الخاصة بالتعدد المعنوى بينما أسقط تلك العبارة فى الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقى، ولو كان مراده التسوية بينهما فى الحكم لجرت صياغتهما بعبارة واحدة وعلى نسق واحد، ولما كانت ثمة حاجة الى افراد فقرة لكليهما. لما كان ذلك، وكان الفعل الذى قارفه الطاعن بتداوله وصفان قانونيان: استيراد سبائك ذهبية على خلاف النظم والأوضاع المقررة للاستيراد من الخارج، وتهريب هذه السبائك بادخالها الى البلاد وتعمد اخفائها بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة عليها، مما يقتضى – اعمالا لنص الفقرة الاولى من المادة 32 من قانون العقوبات – اعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف الاشد – وهى جريمة الاستيراد – والحكم بعقوبتها المنصوص عليها فى المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الاجنبى دون عقوبة التهريب الجمركى المنصوص عليها فى المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، أصلية كانت أو تكميلية، فان الحكم المطعون فيه اذ انتهى الى تأييد الحكم الابتدائى فيما قضى به من تعويض جمركى يكون قد خلق عقوبة جديدة مستمدة من الجمع بين النصين وليس تطبيقا لاشدهما مما لا سند له من القانون وبما ينافر مع نص الفقرة الأولى من المادة 32 سالفة الذكر، وهو ما يكون معه قد أخطأ فى تأويل القانون وفى تطبيقه بما يوجب تصحيحه بالغاء ما قضى به من تعويض جمركى قدره 44702 جنيه و660 مليم، ودون حاجة الى بحث السبب الثانى من سببى الطعن المتصل بجريمة التهريب لانتفاء الجدوى منه بعد استبعاد عقوبتها. ولا يمنع من ذلك أن يكون الشارع فى المادة 122 من قانون الجمارك قد وصف هذه العقوبة بانها "تعويض" طالما انه قد حدد مقدار هذا التعويض تحديدا تحكميا غير مرتبط بوقوع أى ضرر، وسوى فيه بين الجريمة التامة والشروع فيها، وضاعفه فى حالة العود، وهو ما يتأدى منه أنه لا يجوز الحكم به الا من محكمة جنائية، والحكم به حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها على المساهمين فى الجريمة – فاعلين أو شركاء دون سواهم، فلا يمتد الى ورثتهم ولا الى المسئولين عن الحقوق المدنية، وتلتزم المحكمة فى تقديرها الحدود التى رسمها القانون، وأخيرا فان وفاة المحكوم عليه بالتعويض أثناء نظر الدعوى يستتبع حتما عدم الاستمرار فى الاجراءات والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية اعمالا لنص المادة 14 من قانون الاجراءات الجنائية. ولا يغير من هذا النظر أنه أجيز فى العمل – على سبيل الاستثناء – لمصلحة الجمارك ان تتدخل فى الدعوى الجنائية بطلب ذلك "التعويض" والطعن فيما يصدر بشأن طلبها من أحكام، ذلك بان هذا التدخل، وان وصف بانه دعوى مدنية أو وصفت مصلحة الجمارك بانها مدعية بالحقوق المدنية لا يغير من طبيعة التعويض المذكور مادام أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل بل هو فى الحقيقة والواقع عقوبة تلازم طبيعة جريمة التهريب الجمركى ذاتها، رأى الشارع أن يكمل بها عقوبتها الاصلية تحقيقا للغرض المقصود من العقوبة من ناحية كفايتها للردع والزجر، وليس من قبيل التعويضات المدنية الصرف التى ترفع بها الدعوى المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولا) هرب السبائك الذهبية المبينة الوصف والقيمة بالمحضر بان أدخلها الى البلاد بالمخالفة للنظم المقررة وعمد الى اخفائها عن أعين السلطات المحلية بقصد التهرب من سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها. (ثانيا) استورد السبائك الذهبية سالفة الذكر على غير النظم والاوضاع المقررة قانونا. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 66 لسنة 1963 وقرار وزير الخزانة ومواد القانون رقم 97 لسنة 1976 والمادة 74 من لائحته التنفيذية، ومواد القانون رقم 118 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية والمادة 30 من قانون العقوبات. ومصلحة الجمارك طالبت بالزام المتهم أن يدفع تعويضا جمركيا قدره 44702 جنيه و660 مليم. ومحكمة جنح الجرائم المالية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسمائة جنيه عن كل من التهمتين ومصادرة الذهب المضبوط وبتعويض جمركى قدره 44702 جنيه و660 مليم. فاستانف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتغريم المتهم خمسمائة جنيه عن التهمتين والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الاستاذ…… المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض…… الخ.


المحكمة

ومن حيث ان الطاعن ينعى على المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمتى استيراد سبائك ذهبية على خلاف النظم المقررة قانونا وتهريبها قد شابه قصور فى التسبيب وأخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بان دفاع الطاعن قام على أنه عدل باختياره عن اتمام جريمة التهريب حيث أقر لمأمور الجمرك قبل تفتيشه بوجود الذهب معه الا ان الحكم أطرح هذا الدفاع بقالة انه غير مدلول عليه بدليل فى الأوراق مغفلا أقوال الطيار…… التى جاءت مؤيدة للطاعن. كما أنه برغم ما أثبته فى مدوناته من أن الواقعة تنطبق عليها الفقرة الاولى من المادة 32 من قانون العقوبات باعتبار أن فعل الطاعن وهو ادخال السبائك الذهبية يكون جريمة واحدة ذات وصفين، فقد انتهى الى تأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من تعويض جمركى مع أن هذا التعويض عقوبة تكميلية مقررة للجريمة ذات الوصف الاخف التى يمتنع توقيع أية عقوبة عنها طبقا للفقرة المشار اليها.
ومن حيث انه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد ان أثبت فى مدوناته ان الطاعن أتى فعلا واحدا هو ادخال السبائك الذهبية، وان هذا الفعل نتج عنه وصفان فى القانون مما ينطبق عليه الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات، انتهى الى القضاء بتغريم الطاعن خمسمائة جنيه عن التهمتين وتأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من مصادرة وتعويض جمركى. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون العقوبات اذ نصت فى فقرتها الأولى على أنه "اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها" فقد دلت بصريح عبارتها على أنه فى الحالة التى يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف أو التكييف القانونى الاشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التى قد تتمخض عنها الأوصاف الاخف والتى لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الاشد، اذ يعتبر الجانى كأن لم يرتكب غير هذه الجريمة الاخيرة، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقى للجرائم المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة التى اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، اذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف فى وجوب الحكم بالعقوبات التكميليه المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية انما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها. يؤكد هذا النظر تباين صياغة الفقرتين اذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الاشد" بعبارة "دون غيرها" فى الفقرة الاولى الخاصة بالتعدد المعنوى بينما أسقط تلك العبارة فى الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقى، ولو كان مراده التسوية بينهما فى الحكم لجرت صياغتهما بعبارة واحدة وعلى نسق واحد، ولما كانت ثمة حاجة الى أفراد فقرة لكليهما. لما كان ذلك وكان الفعل الذى قارفه الطاعن بتداوله وصفان قانونيان: استيراد سبائك ذهبية على خلاف النظم والاوضاع المقررة للاستيراد من الخارج، وتهريب هذه السبائك بادخالها الى البلاد وتعمد اخفائها بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة عليها، مما يقتضى – اعمالا لنص الفقرة الاولى من المادة 32 من قانون العقوبات – اعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف الاشد – وهى جريمة الاستيراد – والحكم بعقوبتها المنصوص عليها فى المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الاجنبى دون عقوبة التهريب الجمركى المنصوص عليها فى المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، أصلية كانت أو تكميلية، فان الحكم المطعون فيه اذ انتهى الى تأييد الحكم الابتدائى فيما قضى به من تعويض جمركى يكون قد خلق عقوبة جديدة مستمدة من الجمع بين النصين وليس تطبيقا لاشدهما مما لا سند له من القانون وبما يتنافر مع نص الفقرة الاولى من المادة 32 سالفة الذكر، وهو ما يكون معه قد أخطأ فى تأويل القانون وفى تطبيقه بما يوجب تصحيحه بالغاء ما قضى به من تعويض جمركى فدره 44702 جنيه، 660 مليم، دون حاجة الى بحث السبب الثانى من سببى الطعن المتصل بجريمة التهريب لانتفاء الجدوى منه بعد استبعاد عقوبتها لا يمنع من ذلك أن يكون الشارع فى المادة 122 من قانون الجمارك قد وصف هذه العقوبة بانها "تعويض" طالما انه قد حدد مقدار هذا التعويض تحديدا تحكميا غير مرتبط بوقوع أى ضرر، وسوى فيه بين الجريمة التامة والشروع فيها، وضاعفه فى حالة العود، وهو ما يتادى منه أنه لا يجوز الحكم به الا من محكمة جنائية، والحكم به حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها على المساهمين فى الجريمة – فاعلين أو شركاء دون سواهم، فلا يمتد الى ورثتهم ولا الى المسئولين عن الحقوق المدنية، وتلتزم المحكمة فى تقديرها الحدود التى رسمها القانون، واخيرا فان وفاة المحكوم عليه بالتعويض أثناء نظر الدعوى يستتبع حتما عدم الاستمرار فى الاجراءات والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية اعمالا لنص المادة 14 من قانون الاجراءات الجنائية. ولا يغير من هذا النظر انه أجيز فى العمل – على سبيل الاستثناء لمصلحة الجمارك ان تتدخل فى الدعوى الجنائية بطلب ذلك "التعويض" والطعن فيما يصدر بشأن طلبها من أحكام، ذلك بان هذا التدخل، وان وصف بانه دعوى مدنية أو وصفت مصلحة الجمارك بانها مدعية بالحقوق المدنية لا يغير من طبيعة التعويض المذكور مادام أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل بل هو فى الحقيقة والواقع عقوبة تلازم طبيعة جريمة التهريب الجمركى ذاتها، رأى الشارع أن يكمل بها عقوبتها الاصلية تحقيقا للغرض المقصود من العقوبة من ناحية كفايتها للردع والزجر، وليس من قبيل التعويضات المدنية الصرف التى ترفع بها الدعوى المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات