الطعن رقم 14 سنة 7 ق – جلسة 03 /06 /1937
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد المدنية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثاني (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1936م لغاية 26 أكتوبر سنة 1939م) – صـ 171
جلسة 3 يونيه سنة 1937
برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة باشا ومحمد فهمي حسين بك وحامد فهمي بك وعلي حيدر حجازي بك المستشارين.
القضية رقم 14 سنة 7 القضائية
( أ ) استئناف. حكم. قطعي في جزء من الخصومة. تمهيدي في جزء آخر.
جزؤه القطعي. متى يصبح انتهائياً؟
(ب) استئناف. حكم في مسألة من مسائل الدعوى. صدور حكم مؤسس عليه. استئنافه. متى يكون
هذا الاستئناف شاملاً للحكم الأوّل؟
(جـ) نقض وإبرام. اعتبار الاستئناف شاملاً لحكم الموضوع والحكم المؤسس هو عليه. إعادة
القضية برمتها إلى محكمة الاستئناف للفصل في موضوع الاستئنافين.
1 – إذا كان الحكم الذي صدر في الدعوى قطعياً في جزء من الخصومة وتمهيدياً في جزء آخر
بإحالة الدعوى إلى التحقيق، فإنه بالنسبة للجزء القطعي لا يصبح انتهائياً بمجرّد عدم
استئنافه مع قبول من له الحق في استئنافه تنفيذ الجزء التمهيدي القاضي بالتحقيق، وإنما
هو يصبح كذلك إما بفوات ميعاد استئنافه بعد إعلانه وإما بقبول المحكوم عليه له والتنازل
عن حقه في الاستئناف.
2 – إذا صدر حكم في مسألة من مسائل الخصومة، ثم صدر حكم في موضوع الدعوى مؤسس على هذا
الحكم، وكان المستأنف لم يبين في صحيفة الاستئناف تاريخ الحكم الأوّل، كما أنه لم يطلب
إلى محكمة الاستئناف إلغاءه بصريح القول وفقاً لما جرى به العرف من طلب إلغاء كل حكم
مستأنف، ولكن كان الواضح مع ذلك أنه قد قصد أن يستأنفه مع حكم الموضوع بدليل إسهابه
في صحيفة الاستئناف في تقديم أدلته على خطئه، وطلب الحكم بعدم قبول الدعوى، فإن الاستئناف
في هذه الحالة يعتبر شاملاً للحكمين.
3 – إذا كان الحكم المطعون فيه اعتبر أن الاستئناف المرفوع في الدعوى لا يتناول الحكم
الصادر في مسألة فرعية فيها لعدم رفع استئناف عنه وإنما يتناول فقط الحكم الصادر في
الموضوع، وكان هذا الحكم الأخير مؤسساً على الحكم الأوّل، ورأت محكمة النقض أن الاستئناف
يشمل الحكمين معاً، كان لها – مع نقض الحكم على أساس أن الاستئناف قد رفع عن الحكمين
– أن تعيد القضية برمتها إلى محكمة الاستئناف لتفصل من جديد في موضوع الاستئنافين دائرة
أخرى.
المحكمة
ومن حيث إن مبنى الوجه الأوّل أن محكمة الاستئناف حين قضت بتأييد
الحكم المستأنف المؤرّخ في 9 ديسمبر سنة 1935 الصادر في موضوع الدعوى بالتعويض قد أخطأت
في تطبيق القانون. ووجه الخطأ أنها اعتبرت الاستئناف المرفوع من الطاعنين مقصوراً على
هذا الحكم فقط مع أنه مقصود به أيضاً التظلم من الحكم السابق صدوره في 14 فبراير سنة
1935 القاضي برفض ما دفع به الطاعنان من أن الدعوى المرفوعة عليهما إنما هي دعوى تضمين
عن عيب خفي ظهر في المبيع كان يجب رفعها في ظرف ثمانية أيام من تاريخ العلم بهذا العيب
ولكنها لم ترفع فيه بل رفعت بعد فواته. ثم اعتبرت هذا الحكم الفرعي أنه قد صار انتهائياً
لعدم استئنافه من الطاعنين ولهذا لم ترَ محلاً لإعادة نظره. ثم مضت في بحث الدعوى على
ما دل عليه التحقيق من أن السمسم المبيع لم يكن جديداً كما كان يجب أن يكون وفق شروط
عقد البيع، ورأت أن الحكم الصادر بالتعويض في محله ولذلك قضت بتأييده فوقع حكمها مخالفاً
للقانون. ولذلك طلب الطاعنان نقضه وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها دائرة
أخرى من جديد.
وحيث إن النيابة العامة انضمت إلى هذا الطلب.
وحيث إن محكمة الاستئناف بعد أن ذكرت في وقائع الدعوى أن المستأنفين (الطاعنين) طلبا
الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أصلياً إلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص
المحاكم بنظر الدعوى واحتياطياً عدم قبولها لأنه لم ترفع في ظرف ثمانية أيام من تاريخ
العلم بالعيب الخفي، ومن باب الاحتياط الكلي رفضها وإلزام المدّعيين بالمصاريف ومقابل
أتعاب المحاماة – ذكرت محكمة الاستئناف بعد ذلك ما نصه:
وحيث إنه فيما يختص بالدفع الخاص بسقوط الدعوى لأنها لم ترفع في ظرف ثمانية أيام فقد
فصل فيه بالحكم الرقيم 14 فبراير سنة 1935. وهذا الحكم قاطع في موضوعه ولم يستأنفه
المستأنفان فيكون قد حاز قوّة الشيء المحكوم به. ولا محل لإعادة النظر فيه مرة أخرى
أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حكم 14 فبراير سنة 1935 المذكور قضى "أوّلاً برفض الدفع بسقوط الحق في رفع
الدعوى. ثانياً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدّعيان بكافة
الطرق بما فيها البينة أن السمسم المبيع لهما كان محصولاً قديماً غير المحصول المتفق
عليه".
وحيث إن الجزء الأوّل من هذا الحكم الخاص بالدفع بسقوط الحق في الدعوى لرفعها بعد انقضاء
الميعاد الواجب رفعها فيه هو بغير شك حكم قطعي صادر في جزء من الخصومة، غير أن مثله
لا يصبح انتهائياً بمجرد عدم استئنافه ولا برضاء من له الحق في استئنافه بتنفيذ ذلك
الجزء الآخر التمهيدي القاضي بالتحقيق في موضوع الدعوى، وإنما يصبح انتهائياً إما بفوات
ميعاد استئنافه بعد إعلانه وإما بقبوله من المحكوم عليه والتنازل عن الحق في استئنافه.
وحيث إنه يظهر من الشهادة المقدّمة لهذه المحكمة من الطاعنين التي استخرجاها من قلم
كتاب محكمة الزقازيق الابتدائية أن أصل هذا الحكم (حكم فبراير سنة 1935) لم يسحب لغاية
يوم 7 فبراير سنة 1937 فهو إذن لم يعلن للطاعنين لغاية ذلك التاريخ.
وحيث إنه يظهر من صحيفة الاستئناف أن الطاعنين وإن لم يذكرا فيها تاريخ هذا الحكم ولم
يطلبا من محكمة الاستئناف إلغاءه بصريح القول على ما جرى به العرف من طلب إلغاء كل
حكم يستأنف، إلا أنهما قد قصدا حقاً إلى استئنافه مع استئناف الحكم الصادر في الموضوع
بالتعويض لأنهما أسهبا في صحيفة الاستئناف في إيراد ما كان عندهما من الأدلة على خطئه،
وانتهيا من هذا الإسهاب إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى لأنها لم ترفع في ظرف ثمانية
أيام من تاريخ العلم بالعيب الخفي. وفي هذا ما يكفي للدلالة على أن الاستئناف الذي
رفع كان عن الحكمين. وهذا النظر يؤكده أن الحكم الصادر بالتعويض مؤسس في الواقع على
الحكم السابق له الصادر برفض الدفع بدليل أن قدم السمسم لو كان يعتبر عيباً خفياً كما
يرى الطاعنان لكان قبل دفعهما المتعلق بعدم رفع الدعوى في الميعاد الواجب رفعها فيه
ورفضت الدعوى من أساسها.
وحيث إنه يبين من هذا أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في اعتبار الحكم الصادر في 14 فبراير
سنة 1935 أنه قد صار انتهائياً لعدم استئنافه مع أنه لم يعلن، وقد استؤنف مع الحكم
الصادر في ديسمبر سنة 1935 وقد ترتب على هذا الخطأ أن صدر الحكم بتأييد الحكم الصادر
بالتعويض بغير بحث في استئناف الحكم الصادر في 14 فبراير سنة 1935 ولهذا يتعين نقض
الحكم المطعون فيه كله والتقرير بأن الاستئناف قد رفع عن الحكمين وإعادة القضية برمتها
لمحكمة الاستئناف لتفصل فيها دائرة أخرى من جديد.