الرئيسية الاقسام القوائم البحث

أصدرت الحكم الآتىلم يتم التعرف على تاريخ الجلسة

الجريدة الرسمية – العدد 16 (تابع) فى 19 أبريل سنة 2007

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 أبريل سنة 2007 م، الموافق 27 من ربيع الأول سنة 1428هـ.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 253 لسنة 24 قضائية "دستورية" .. , المحالة من محكمة استئناف القاهرة " الدائرة السابعة التجارية " .

المقامة من

السيد/ يوسف منصور لطفى

ضد

شركة لاندروم السويسرية


الإجراءات

بتاريخ التاسع عشر من أغسطس سنة 2002، ورد إلى قلم الكتاب ملف الاستئناف رقم 633 لسنة 119 قضائية من محكمة استئناف القاهرة بعد أن قضت الدائرة السابعة التجارية بها بتاريخ 4/ 6/ 2002 بوقف الاستئناف وإحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة من قانون التجارة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أنه بتاريخ 1/ 3/ 2001 أبرم المدعى المصرى الجنسية اتفاقاً مع الشركة السويسرية المدعى عليها تعهدت بموجبه الأخيرة بمنحه حق تصنيع وتوزيع منتجاتها من الملابس ليقوم فى مصر بإنتاج وتوزيع أنماط من الملابس تحمل علامتها التجارية " لاندروم " طبقاً لطرق التصنيع والتصميمات والرسومات والمواصفات والنماذج الفنية الخاصة بها، وذلك كله على النحو المفصل بالعقد، وقد أقام المدعى ضدها الدعوى رقم 2159 لسنة 2001 تجارى كلى جنوب القاهرة طالباً الحكم ببطلان الفقرات الرقيمة (1 و 2 و 3) من البند رقم 2، وكذا الفقرات (1 و3 و4) من البند رقم 3، والفقرات (1 و2 و3) من البند ( 5 )، وأخيراً الفقرة رقم ( 9 ) من البند رقم ( 7 ) من عقد التداعى، قولاً منه باحتوائها اتفاقاً يجوز إبطاله عملاً بأحكام قانون التجارة، وإذ قضت محكمة أول درجة بتاريخ 29/ 1/ 2002 بعدم قبول الدعوى، فقد طعن عليه بالاستئناف سالف الذكر مصمماً على طلباته ؛ وإذ تراءى للمحكمة أن الحكم فى الاستئناف المطروح عليها يتوقف على ما يسفر عنه حسم الخصومة الدستورية حول نص المادة من قانون التجارة ؛ فقد أوقفت الدعوى وأحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية هذا النص.
وحيث إن المادة ( 87 ) من قانون التجارة، يجرى نصها كالتالى:
" تختص المحاكم المصرية بالفصل فى المنازعات التى تنشأ عن عقد نقل التكنولوجيا المشار إليه فى المادة ( 72 ) من هذا القانون. ويجوز الاتفاق على تسوية النزاع ودياً أو بطريق تحكيم يجرى فى مصر وفقاً لأحكام القانون المصرى. وفى جميع الأحوال يكون الفصل فى موضوع النزاع بموجب أحكام القانون المصرى. وكل اتفاق على خلاف ذلك يقع باطلاً".
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص الطعين مخالفته للدستور من وجهين:
الأول: أن التراضى هو أساس التحكيم ودستوره، ومصدر سلطات المحكم، ولكن النص النص الطعين خرج على هذه القاعدة ؛ وفرض قسراً على المخاطبين بأحكامه لغة التحكيم ومكانه والقانون الواجب التطبيق على إجراءات النزاع وموضوعه، وعلى هذا النحو يكون قد أهدر مفترضاً أولياً للتحكيم فى عقد نقل التكنولوجيا فأثقله بقيود تهدم بنيانه ؛ كما أنه جاوز الحدود المنطقية التى تعمل فيها إرادة الاختيار، التى تعتبر حرية التعاقد المظهر الأساسى لها بما ينال من الحرية الشخصية التى صانها الدستور وأوجب عدم المساس بها فى المادة 41 منه.
والثانى: أن الأمر السابق بذاته يخل بالحق فى الملكية الخاصة لما ينطوى عليه من مساس بالمصالح المالية للمخاطبين بأحكامه ؛ بالمخالفة للمادتين (32 و 34) من الدستور ؛ فضلاً عما يرتبه من انعكاس سلبى على المصالح الوطنية بعزوف مصدرى التكنولوجيا عن تصدير فكرهم الصناعى والمعلوماتى بما يعود بالخسران على الوطن والمواطن.
وحيث إن النعى فى وجهه الأول مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن للمشرع أن يورد فى شأن كافة العقود – حتى ما يكون واقعاً منها فى دائرة القانون الخاص – قيوداً يراعى على ضوئها حدوداً للنظام العام لا يجوز اقتحامها، كأن يخضعها لشكلية معينة ينص عليها، وقد يعيد إلى العقود توازناً اقتصادياً أختل فيما بين أطرافها ؛ وإنه ليتدخل فى عقود بذواتها محوِّرا من التزامات الضعفاء فيها انتصافاً ؛ كما فى عقود الإذعان والعمل ؛ بما مؤداه أن للمشرع أن يرسم للإرادة حدوداً لا يجوز أن يتخطاها سلطانها ؛ ومن ثم لا تكون حرية التعاقد – محددة على ضوء هذا المفهوم – حقاً مطلقاً بل موصوفاً ؛ فليس إطلاق هذه الحرية وإعفاؤها من كل قيد بجائز، وإلا آل أمرها سراباً أو انفلاتاً.
وفكرة النظام العام – بما يحكمه من نسبية من حيث الزمان والمكان – هى أحد خطوط دفاع النظام القانونى عن نفسه ؛ أو الجماعة عن ذاتها من جموح الإرادة الفردية إذ تلفت نظرها إلى وجوب مراعاة أسس النظام القانونى القائم فيما تشرع فيه من تصرفات حتى تنهض وتستوى صحيحة ؛ متى كان ذلك كله ؛ وكان قانون التجارة قد راعى فى تنظيم عقود نقل التكنولوجيا – وعلى ما دلت عليه مذكرته الإيضاحية – حماية المصالح الوطنية دون المساس بالمصالح المشروعة للطرف مورد التكنولوجيا ؛ وبحيث يؤمن للطرف المستورد – وهو مصرى غالباً – أسباباً حقيقية للتكنولوجيا تضمن لها أن تكون أداة لتطوير الاقتصاد الوطنى، وإفساحاً للمجال أمامه من أجل فرصة أرحب للمنافسة فى أسواق التجارة الدولية، فقد حرص على النص على سريان أحكام الفصل المتعلق بعقود نقل التكنولوجيا على كافة العقود ذات الشأن سواء كان النقل دولياً أو داخلياً دون أن يعوِّل على جنسية أطراف العقد أو موطنهم، كما عمد إلى بسط ولاية المحاكم المصرية على المنازعات الناشئة عن هذه العقود كقاعدة عامة ؛ إلا أنه أجاز الاتفاق على حل مثل هذه المنازعة بالطريق الودى، أو عن طريق تحكيم اشترط أن يجرى فى مصر طبقاً لأحكام القانون المصرى فى جميع الأحوال، فإذا تم مخالفاً لذلك كان مصيره البطلان ؛ وذلك حماية للمصالح الوطنية فى تلك العقود وهو ما يدخل فى إطار السلطة التقديرية للمشرع فى موضوع تنظيم الحقوق ؛ وذلك فى ضوء المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة ؛ مما يظهر فساد الفكرة القائلة بمخالفة هذا النص للمادة 41 من الدستور متعيناً الالتفات عنها.
وحيث إن النعى فى وجهه الثانى غير سديد كذلك ؛ ذلك أن الملكية فى إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة لم تعد حقاً مطلقاً ؛ ولا هى عصية على التنظيم التشريعى ؛ ومن ثم فقد ساغ تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ؛ وهى وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ ؛ ولا تفرض نفسها تحكماً ؛ بل يمليها واقع اجتماعى معين فى بيئة بذاتها لها خصائصها ومقوماتها وتوجهاتها، وعلى ضوء هذا الواقع ؛ وبمراعاة طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التى ينبغى توجيهها إليها ؛ يستأنف المشرع سلطته فى الموازنة والترجيح لما يراه من المصالح أجدر بالحماية، وأولى بالرعاية، وذلك كله تحت مظلة الدستور ووفقاً لأحكامه ؛ لما كان ذلك ؛ وكان النص الطعين قد تغيا حماية الطرف الضعيف فى العلاقة وهو الطرف الوطنى باعتباره الأكثر حاجة إلى التعاقد من أجل نقل التكنولوجيا، حتى تتاح له سبل المنافسة أمام السلع والخدمات الأجنبية، فلا يتخلف عن ركب العصر ؛ مما دعا المشرع إلى التحوط لمصلحة ذلك الطرف بتحديد القانون الواجب التطبيق ؛ ومكان وإجراءات التحكيم ؛ ومن ثم فإن، إدعاء انتهاك النص الطعين لحق الملكية الذى أوجب الدستور صيانته لا يكون قد قام على أساس صحيح.
وحيث إن النص الطعين لا يخالف أى حكم آخر من أحكام الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى.

أمين السر رئيس المحكمة

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات