الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 18 لسنة 38 ق “أحوال شخصية” – جلسة 31 /05 /1972 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 23 – صـ 1053

جلسة 31 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، وعثمان حسين عبد الله.


الطعن رقم 18 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "زواج".
( أ ) الرجعة. ليست إنشاء لعقد زواج بل امتداد للزوجية القائمة. لا يشترط لصحة الرجعة الإشهاد عليها، أو رضا الزوجة أو علمها. لا يلزم لسماع الدعوى بها أن تكون ثابتة بورقة رسمية.
(ب) اختلاف الزوجين في صحة الرجعة. القول للزوجة بيمينها. شرط ذلك. العدة بالحيض. أقل مدة فيها ستون يوماً. مثال.
(ج) أحوال شخصية. "زواج". إرث.
ثبوت صحة مراجعة الزوج لزوجته. أثره. اعتبار زوجها الثاني غير صحيح. ولا يثبت به توارث بين الزوجين. إقرار الزوجة في وثيقة زواجها الثاني بانقضاء عدتها من زوجها الأول وعدم زواجها من بعده. إقرار غير معتبر لتعلقه بإبطال حق الغير.
1 – الرجعة عند الحنفية هي استدامة ملك النكاح بعد أن كان الطلاق قد حدده بانتهاء العدة، فهي ليست إنشاء لعقد زواج بل امتداد للزوجية القائمة، وتكون بالقول أو بالفعل، ولا يشترط لصحتها الإشهاد عليها ولا رضا الزوجة ولا علمها، مما لا يلزم لسماع الدعوى بها أن تكون ثابتة بورقة رسمية على نحو ما استلزمته الفقرة الرابعة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالنسبة لدعوى الزوجية، وذلك تحقيقاً لأغراض اجتماعية استهدفها المشرع من وضع هذا الشرط بالنسبة لعقد الزواج، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للائحة الشرعية.
2 – المستقر عليه شرعاً أنه إذا اختلف الزوجان في صحة الرجعة فادعى الزوج أنها صحيحة لأنها وقعت في العدة وأنكرت هي ذلك لأنها وقعت بعد انقضاء العدة، فالقول للزوجة بيمينها إن كانت المدة بين الطلاق وبين الوقت الذي تدعى فيه انقضاء عدتها يحتمل ذلك، وكانت العدة بالحيض، لأن الحيض والطهر لا يعلم إلا من جهتها، وأقل مدة للعقد بالحيض في الراجح من مذهب أبي حنيفة ستون يوماً. وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن الرجعة وقعت صحيحة قبل انقضاء العدة، واستدل على ذلك بما أثبته الزوج أسفل طلبات الحج الثلاثة التي قدمتها الزوجة بعد الطلاق الرجعي من عبارات تتضمن أنها "زوجته" ويوافق على سفرها بهذه الصفة إلى الأقطار الحجازية، وأن الرجعة قد صادفت محلاً، لأن الزوجة لم تنكر على الزوج صحتها وصادقت عليها بتقديم الطلبين الأولين للحج بعنوان منزل الزوجية الذي يقيمان فيه مما يفيد قيام المعاشرة الزوجية، وبتقديمها هذه الطلبات الثلاثة في فترات متفاوتة إلى الجهات المختصة لإتمام الإجراءات المطلوبة بشأنها بعد أن أثبت الزوج عليها العبارات التي تتضمن موافقته على سفرها بصفتها زوجته، وأن هذا الإقرار من الزوجة بصحة الرجعة لا يقبل الرجوع فيه، لأنه تعلق به حق الغير (الزوج) وهو استخلاص موضوعي استند فيه الحكم إلى أسباب سائغة تكفي لحمله، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس.
3 – إذ خلص الحكم إلى أن المطعون عليه الأول (الزوج الأول) قد أثبت صحة الرجعة، فإن زوجيته بالمتوفاة تظل قائمة رغم زواجها بغيره، ويعتبر الزوج الثاني غير صحيح، ولا يثبت به توارث بين الزوجين، ويكون ما أقرت به الزوجة في وثيقة زواجها من الطاعن (الزوج الثاني) بانقضاء عدتها من المطعون عليه الأول وعدم زواجها من بعده، إقراراً يتعلق بإبطال حق الغير – وهو المطعون عليه الأول – وهي لا تملكه، فلا يعتبر، ولا محل للتحدي بدلالة المستندات التي تشير إلى إقامة المتوفاة (الزوجة) مع الطاعن، لأن ذلك ليس من شأنه تصحيح الزواج الثاني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3 لسنة 1967 أحوال شخصية أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد المطعون عليهم، وقال شرحاً لها إنه تزوج بالمرحومة يسرية فهمي إبراهيم في 24 من يونيو سنة 1966 واستمرت الزوجية قائمة بينهما إلى أن توفيت في أول ديسمبر سنة 1966، وقد انحصر ميراثها الشرعي فيه، وفي أولادها القصر المشمولين بولاية والدهم الزوج السابق للمتوفاة – والمطعون عليه الأول – وابنتها البالغ ووالداها – المطعون عليهما الثانية والثالث – وإذ توفيت المورثة عن تركة وضع المطعون عليه الأول يده عليها وأنكر حقه فيها وادعى أنه راجع المتوفاة في العدة وأنها ظلت على عصمته لحين وفاتها، واستصدر إعلاماً شرعياً بأنه أحد ورثتها، فقد انتهى إلى طلب الحكم بوفاتها وأنه من ورثتها ويستحق في تركتها الربع فرضاً وببطلان إعلام الوارثة رقم 19 لسنة 1967 أحوال بندر إمبابة، وبتاريخ 13 من يونيو سنة 1967 حكمت المحكمة للطاعن بطلباته. استأنف المطعون عليهما الأول والثانية هذا الحكم بالاستئناف رقم 83 لسنة 84 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 13 من إبريل سنة 1968 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه إلى أنه لا يشترط لسماع الدعوى بالرجعة توثيقها بإشهاد وفق ما تقضي به الفقرة الرابعة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي يقتصر مجال تطبيقها على دعوى الزوجية، في حين أن النزاع في الدعوى يدور في الحقيقة حول قيام الزوجية بين الطاعن الذي يدعى زواجه من المتوفاة بدليل وثيقة الزواج المقدمة منه، وبين المطعون عليه الأول الذي يزعم بقاء الزوجية رغم إشهاد الطلاق الصادر عنه بدعوى حصول مراجعة ليس عليها من دليل، مما يتعين معه طبقاً للفقرة الرابعة سالفة الذكر ألا تسمع الدعوى بالمراجعة والميراث المترتب عليها إلا إذا كانت المراجعة ثابتة بوثيقة رسمية، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الرأي عند الحنفية أن الرجعة هي استدامة ملك النكاح بعد أن كان الطلاق قد حدده بانتهاء العدة، فهي ليست إنشاء لعقد زواج بل امتداد للزوجية القائمة، وتكون بالقول أو بالفعل ولا يشترط لصحتها الإشهاد عليها ولا رضا الزوجة ولا علمها، مما لا يلزم لسماع الدعوى بها أن تكون ثابتة بورقة رسمية على نحو ما استلزمته الفقرة الرابعة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالنسبة لدعوى الزوجية، وذلك تحقيقاً لأغراض اجتماعية استهدفها المشرع من وضع هذا الشرط بالنسبة لعقد الزواج، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للائحة الشرعية بقولها: "إن الحوادث قد دلت على أن عقد الزواج وهو أساس رابطة الأسرة لا يزال في حاجة إلى الصيانة والاحتياط في أمره، فقد يتفق اثنان على الزواج بدون وثيقة، ثم يجحده أحدهما، ويعجز الآخر عن إثباته أمام القضاء. وقد يدعى بعض ذوي الأغراض الزوجية زوراً وبهتاناً، أو نكاية وتشهيراً، أو ابتغاء غرض آخر اعتماداً على سهولة إثباتها بالشهود، خصوصاً وأن الفقه يجيز الشهادة بالتسامع في الزواج، وقد تدعى الزوجية بورقة عرفية إن ثبتت صحتها مرة لا تثبت مراراً، وما كان لشيء من ذلك أن يقع لو أثبت هذا العقد دائماً بوثيقة رسمية…. فحملا للناس على ذلك وإظهاراً لشرف هذا العقد وتقديساً له عن الجحود والإنكار ومنعاً لهذه المفاسد العديدة وصيانة للحقوق واحتراماً لروابط الأسرة زيدت الفقرة الرابعة في المادة 99…" وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه الأول تمسك في دفاعه بأنه طلق زوجته طلقة أولى رجعية بموجب إشهاد الطلاق المؤرخ 8 من أكتوبر سنة 1960، ثم راجعها أثناء العدة، وبقيت العلاقة الزوجية قائمة بينهما حتى توفيت، بينما ينكر عليه الطاعن ذلك، وهو ما يبين منه أن النزاع يدور بين الطرفين حول صحة الرجعة التي لا يلزم لسماع الدعوى بها أن تكون ثابتة في وثيقة رسمية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والرابع والشق الأول من السبب الخامس مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن الإقرارات الثلاثة التي قدمتها المتوفاة لأداء فريضة الحج والعبارات التي ذيلت بها من أن المطعون عليه الأول يوافق على سفر زوجته للأقطار الحجازية، تثبت أنه قد راجعها وأنها لم تنكر عودتها إلى عصمته بعد طلاقها منه، بدليل أنها تقدمت بهذه الطلبات للجهات المختصة وأن الأوراق المقدمة تفيد إقامتها في منزل الزوجية بضاحية الهرم، في حين أن هذه الطلبات لا يمكن أن يطلق عليها وصف الإقرارات، وليست إلا وسيلة يلتمس بها تيسير السفر للأقطار الحجازية ولم تعد لإثبات الحالة المدنية للمرأة، ووصف المتوفاة فيها بأنها متزوجة لا يفيد لزوماً أنها زوجة المطعون عليه الأول بالذات، هذا إلى أن ما تضمنه أول هذه الطلبات من موافقة المطعون عليه الأول على سفرها باعتبارها زوجاً له بعد تطليقها بقرابة ستة شهور لا يعدو أن يكون إقراراً منه بالمراجعة في تاريخ لا حق لانقضاء العدة ولا ينفذ إلا بتصديق مطلقته، وهي قد كذبته بإقرارها في عقد زواج الطاعن بانقضاء عدتها وأنها لم تتزوج، كما أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بضرورة ضم أصول طلبات الحج لإثبات أن كلمة "متزوجة" التي كتب أمام لفظ "المهنة" في الطلب الثالث وأن العبارات المتضمنة موافقة المطعون عليه الأول على السفر قد أضيفت إليها دون علمها، غير أن الحكم لم يستجب لطلبه في هذا الشأن، علاوة على أن الحكم لم يبين ماهية الأوراق التي استدل منها على إقامة المتوفاة في منزل الزوجية، الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان النزاع في الدعوى – وعلى ما سلف بيانه – قائماً حول صحة الرجعة، وكان المستقر عليه شرعاً أنه إذا اختلف الزوجان في صحة الرجعة فادعى الزوج أنها صحيحة لأنها وقعت في العدة، وأنكرت هي ذلك لأنها وقعت بعد انقضاء العدة فالقول للزوجة بيمينها إن كانت المدة بين الطلاق وبين الوقت الذي تدعي فيه انقضاء عدتها تحتمل ذلك، وكانت العدة بالحيض لأن الحيض والطهر لا يعلم إلا من جهتها، وأقل مدة للعدة بالحيض في الراجح من مذهب أبي حنيفة ستون يوماً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على حصول الرجعة في قوله "…. إذ الثابت من الإقرارات التي قدمتها المتوفاة لأداء فريضة الحج والتي هي بتاريخ 23/ 4/ 1961، 18/ 12/ 1965، 19/ 12/ 1965 بأنها تقدمت بهذه الطلبات للجهات الإدارية المذكورة بها وهى قسم الجيزة بالنسبة للأول والثاني وذكر بهما أنها تقيم برقم 25 بمدينة التعاون بشارع الهرم، وقسم الوايلي بالنسبة للثالث، وطلبت في هذه الطلبات التصريح لها بأداء فريضة الحج وكتب على الطلب الأول العبارة الآتية بعد طلبها (أوافق على سفر السيدة زوجتي بمفردها للأقطار الحجازية) وذلك بتوقيع حسن محمود شلبي – المطعون عليه الأول – وعلى الطلب الثاني (أقر أنا حسن محمود شلبي بأنني موافق على زيارة السيدة حرمي المذكورة بعاليه للسفر للحج هذا العام)، ومثل هذه العبارة على الطلب الثالث، فكل من العبارات الثلاث التي كتبت على طلبات الحج تفيد قيام الزوجية بين المتوفاة وزوجها حسن محمود شلبي والذي سبق أن طلقها بتاريخ 8/ 10/ 1960، وهذا يدل على أن المستأنف راجع المتوفاة، وعادت إلى عصمته بعد الطلاق المذكور وهى لم تنكر عليه ذلك لأنها بتقديمها هذه الطلبات وبالموافقة عليها من حسن محمود شلبي توافق على الزوجية بينها وبينه، ولم تنكرها في أي طلب من الطلبات الثلاثة، والأول منها كان بعد الطلاق بنحو ستة أشهر والثاني قدم بعد الأول بأكثر من أربع سنوات وكذلك الثالث،… والأوراق المقدمة تفيد إقامتها بمنزل الزوجية بمدينة التعاون بالهرم، وما ذكرته بالطلب الثالث من إقامتها بدائرة قسم الوايلي لا ينفي إقامتها بمدينة التعاون لأن الغرض من ذلك الحصول على الإذن بالسفر من أي قسم، وقد ذكرت بالطلب المقدم قبله بيوم أنها تقيم بمدينة التعاون… وإذا كان الأمر كذلك والمتوفاة كانت زوجاً بالإقرار المذكور والذي لا يقبل الرجوع فيه ولا رده لأنه تعلق به حق الغير…"، وكان يبين مما أورده الحكم أنه خلص إلى أن الرجعة وقعت صحيحة قبل انقضاء العدة واستدل على صحة ادعاء الزوج بما أثبته أسفل طلبات الحج الثلاثة التي قدمتها الزوجة بعد الطلاق الرجعي من عبارات تتضمن أنها "زوجته" ويوافق على سفرها بهذه الصفة إلى الأقطار الحجازية، وإن الرجعة قد صادفت محلاً لأن الزوجة لم تنكر على الزوج صحتها وصادقت عليها بتقديم الطلبين الأولين للحج بعنوان منزل الزوجية بضاحية الهرم الذي يقيمان فيه مما يفيد قيام المعاشرة الزوجية، وبتقديمها هذه الطلبات الثلاثة في فترات متفاوتة إلى الجهات المختصة لإتمام الإجراءات المطلوبة بشأنها بعد أن أثبت الزوج عليها العبارات التي تتضمن موافقته على سفرها بصفتها زوجته، وأن هذا الإقرار من الزوجة بصحة الرجعة لا يقبل الرجوع فيه، لأنه تعلق به حق الغير، وهو استخلاص موضوعي استند فيه، الحكم إلى أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان لا يغير من هذا النظر أن الحكم وصف هذه الطلبات بأنها إقرارات لأن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في جوهر الدليل الذي استنبطه منها، خاصة وأن الحكم عدل إلى إضفاء الوصف الصحيح عليها في موضع آخر، ولما كان الثابت من تقريرات الحكم سالفة الذكر أن الأوراق التي استخلص منها إقامة الزوجة في منزل الزوجية هي طلبات الحج المشار إليها. لما كان ذلك وكان الحكم قد عول في قضائه بصحة الرجعة على ما استخلصه من صور طلبات الحج على النحو سالف البيان، ولم يستند إلى ما ورد في الطلب الثالث من إثبات كلمة "متزوجة" أمام لفظ "مهنة"، وكانت الزوجة لم تقدم طلبات الحج إلى الجهات المختصة إلا بعد أن أثبت المطعون عليه الأول موافقة عليها، مما يكون من غير المنتج النعي على الحكم بأنه أخل بحق الطاعن في الدفاع إذ لم تستجب المحكمة لطلبه بضم أصول هذه الطلبات للتدليل على أن كلمة "متزوجة" التي كتبت في الطلب الثالث وأن العبارات المتضمنة موافقة المطعون عليه الأول على السفر قد أثبتت دون علم الزوجة، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم بالفساد في الاستدلال لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الخامس وبالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى بطلان عقد زواج الطاعن من المتوفاة ورتب على ذلك حرمانه من ميراثها استناداً إلى أنها تزوجت به وهي زوجة للمطعون عليه الأول الذي راجعها وكانت تقيم معه في منزل الزوجية، في حين أن المتوفاة كذبت حصول المراجعة بإقرارها في وثيقة زواجها من الطاعن بانقضاء عدتها من المطعون عليه الأول وبخلوها من الموانع الشرعية، هذا إلى أن ذلك الأخير أقر بهذا الوضع في مادة الوراثة رقم 313 لسنة 1966 بجلسة 19 من ديسمبر سنة 1966 حين وصف نفسه بأنه زوج سابق للمتوفاة، وقرر أن هناك مانعاً من ميراث الطاعن لاتهامه بقتلها، علاوة على أنه ثابت من المستندات التي قدمها الطاعن أن المتوفاة كانت تقيم معه بمدينة الإسكندرية منذ زواجه بها، وأنها أقرت بذلك في محضر العوارض رقم 1095 لسنة 1966 عابدين، وإذ أهدر الحكم دلالة هذه الإقرارات، وقرر أن المتوفاة كانت تقيم مع المطعون عليه الأول خلافاً لما هو ثابت بالمستندات المشار إليها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قرر في هذا الخصوص ما يلي "…… فيكون عقد المستأنف عليه – الطاعن – على المتوفاة بتاريخ 24 من يونيو سنة 1966 وقع باطلاً لأنها تزوجت به وهى زوجة للمستأنف – المطعون عليه الأول – وعلى عصمته، فلا يترتب عليه أي أثر من آثار العقد الصحيح، لأن الزواج الباطل هو الذي فقد شرطاً من شروط الانعقاد، لأن فقد الشرط يوجب خللاً في صلب العقد وركنه فيكون وجوده وعدمه سواء، وإذا لا يترتب عليه شيء من الآثار التي تترتب على العقد الصحيح، ومن هذه الآثار أنه لا يثبت به توارث وذلك كالعقد على امرأة متزوجة برجل آخر، وذلك لانعدام المحلية الأصلية التي هي شرط في انعقاد الزواج، فالعقد موضوع النزاع إنما هو عقد باطل والإقرار المنسوب إلى المتوفاة في وثيقة العقد المذكور من أنها خالية من الأزواج وبانقضاء عدتها من المستأنف، هذا الإقرار لا يكون حجة لأن من شرط الإقرار ألا يكون محالاً عقلاً أو شرعاً، وإقرار المتوفاة بانقضاء عدتها وخلوها من الأزواج محال عقلاً وشرعاً لأنها أقرت به وهي في عصمة زوجها المستأنف، فلا تعامل بهذا الإقرار. وإذا كان زواج المستأنف عليه بالمتوفاة وقع باطلاً فلا يرثها بعد وفاتها وتكون دعواه قائمة على غير أساس…" وهذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أنه لما كان الحكم قد خلص – وعلى ما سلف بيانه في الرد على الأسباب السابقة – إلى أن المطعون عليه الأول قد أثبت صحة الرجعة فإن زوجيته بالمتوفاة تظل قائمة رغم زواجها بغيره، ويعتبر الزواج الثاني غير صحيح، ولا يثبت به توارث بين الزوجين، ولما كانت المراجعة قد ثبتت صحتها على ما تقدم، فيكون ما أقرت به الزوجة في وثيقة زواجها من الطاعن بانقضاء عدتها من المطعون عليه الأول وعدم زواجها من بعده إقراراً يتعلق بإبطال حق الغير – وهو المطعون عليه الأول – وهي لا تملكه فلا يعتبر، وكان لا محل للتحدي بدلالة المستندات التي تشير إلى إقامة المتوفاة مع الطاعن بمدينة الإسكندرية لأن ذلك ليس من شأنه تصحيح الزواج الثاني. لما كان ذلك، وكان يشترط في الإقرار أن يكون – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – صادراً من الخصم عن قصد الاعتراف بالحق المدعى به لخصمه وفي صيغة تفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين، وكان يبين من صورة محضر جلسة 19 من ديسمبر سنة 1966 في مادة الوراثة التي رفعها الطاعن أنه أثبت به ما يلي: "حضر من عرف أنه حسن محمود شلبي – المطعون عليه الأول – بصفته زوجاً سابقاً للمتوفاة وولياً على أولاده القصر…… وحضر الأستاذ أحمد الحفناوي مع حسن محمود شلبي وطلب وقف الدعوى وقدم شهادة من مشرحة زينهم دلت على وفاة المرحومة يسريه فهمي إبراهيم في ظروف غامضة بمحضر رقم 3412 قسم الوايلي، وأرسلت عينات من الأمعاء لاحتمال ارتكاب جريمة ضد من سيظهر، وأنه لذلك يطلب وقف إجراءات هذه المادة. وصمم الولي الطبيعي على طلب رفض هذه الدعوى"، ولما كانت هذه الأقوال لا يمكن حملها على أنها إقرار من المطعون عليه الأول وتسليم بأن المتوفاة لم تكن عند وفاتها على عصمته وأن زواجها بالطاعن صحيح، ولا تساعد على ذلك مجريات الخصومة ومسلك المطعون عليه الأول فيها، بل إن مثوله بمحاميه في هذه المادة ومنازعته للطاعن لهو إنكار صريح بصحة زواج هذا الأخير من المتوفاة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم الأخذ بهذه الأقوال المنسوبة إلى المطعون عليه الأول، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات