الطعن رقم 723 لسنة 29 ق – جلسة 08 /06 /1959
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثاني – السنة 10 – صـ 619
جلسة 8 من يونيه سنة 1959
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي, وعادل يونس, ورشاد القدسي المستشارين.
الطعن رقم 723 لسنة 29 القضائية
حكم. عيوب التسبيب. قصور بيان أحكام البراءة. مثال في جريمة نصب.
إذا كان الحكم الصادر ببراءة المتهمين من جريمة النصب – مع تسليمه بتواجد المتهمين
معا وبتداخل المتهم الثاني على الصورة التي ذكرها – قد خلا من بيان الوقت والظروف التي
تدخل فيها المتهم الثاني, وهل كان تدخله بسعي من المتهم الأول وبتدبيره, وهل كان ذلك
قبل شراء التمثال الزائف, أو بعده – هذا القصور في بيان الواقعة يحول دون قيام محكمة
النقض بوظيفتها من الرقابة على صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة في الدعوى مما
يتعين معه نقض الحكم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: توصلا إلى الاستيلاء على
مبلغ النقود المبينة القدر والقيمة بالأوراق لحسن علي حسن, وكان ذلك بالاحتيال لسلب
ثروته بأن باعاه سلعة زائفة على أنها ذهب واستعان المتهم الأول بالمتهم الثاني في تأييد
مزاعمه وتمكنا بهذه الوسيلة من الاحتيال من الاستيلاء على المبلغ سالف الذكر. وطلبت
عقابهما بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة العطارين الجزئية قضت غيابيا بحبس
كل من المتهمين شهرا واحدا مع الشغل وكفالة 200 قرش لكل لوقف التنفيذ. فعارضا. وقضى
في معارضتهما بتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة الاسكندرية
الابتدائية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة
المتهمين.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه, أنه أخطأ
في تطبيق القانون إذ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبراءة المتهمين – بقولة أن الطرق
التي سلكها المتهم الأول مع المجني عليه لم تكن إلا مجرد كذب – وأن المسالة لم تخرج
عن أنه باع للمجني عليه تمثالا من النحاس على أنه من الذهب وحصل منه على مبلغ أعلى
من قيمة التمثال بكثير ولم يتأيد هذا الكذب بأي مظهر خارجي, في حين أن الثابت أن المتهم
الثاني تدخل في هذه الصفقة وأيد مدعاه – مما يكفي لعد التمويه من الطرق الاحتيالية
التي تكون ركن الاحتيال في جريمة النصب – هذا فضلا عن أن الاستئناف – ولو كان مرفوعا
من المتهمين وحدهما يعيد طرح الدعوى برمتها على محكمة ثاني درجة, وكان يتعين عليها
أن تعطي الوقائع الثابتة في الحكم الابتدائي وصفها القانوني الصحيح, وأن تبحث ما إذا
كان هذا الفعل المسند إلى المتهمين معاقبا عليه طبقا للمادة الأولى من القانون رقم
48 لسنة 1941 بشأن قمع الغش والتدليس.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المجني عليه قدم في اليوم
السابق على الحادث من دمنهور في سيارة أجرة إلى الإسكندرية ونزل بمحطة مصر حيث قابله
المتهم الأول "المطعون ضده الأول" وعرض عليه شراء بعض الجعارين فاعتذر لفقره, ولكن
ذلك المتهم طلب المسير معه فسار معه, وفي أثناء سيرهما أخبره بأنه سيطلعه على سر, وطلب
منه قراءة الفاتحة للنبي ولسيدنا المرسي على ألا يبوح بهذا السر ولما قرأ الفاتحة أفهمه
بأنه عثر على تمثال من الذهب لرجل وزوجته أثناء حفره بسيدي بشر وأنه لو اشتراه منه
سيصبح ثريا ويستغنى عن تجارة الجبن التي يمتهنها ونظرا لأنه لم يكن معه نقود حثه على
تدبير مبلغ عشرة جنيهات ليشتري به التمثال فتوجه إلى جار له يدعي رجب محمد علي الصائغ
وأحاطه بالموضوع فأقرضه عشرة جنيهات ثم توجها سويا إلى المحطة ثم طلب من جاره الانتظار
حتى لا يعرف المتهمان أنه حنث في الفاتحة وباح بالسر ثم تقدم إلى المتهم الأول وطلب
منه أن يعطيه التمثال ليعيد عليه نظره ولكنه اشترط عليه أن يسلمه العشرة جنيهات أولا
فسلمه ورقة مالية فئة العشرة جنيهات واستلم منه التمثال ولما لحق به جاره رجب الصائغ
أفهمه أن التمثال من النحاس وطلب منه المبادرة إلى استرداد نقوده وقد تمكن من القبض
على المتهمين بمساعدة صديقه رجب والبوليس السري محمد أبو زيد سرحان, وقد أضاف المجني
عليه إلى ذلك أن المتهم الأول حين استلم منه العشرة جنيهات سلمها إلى شخص ثالث أخذها
منه وهرب, وأن المتهم الثاني كان يسير خلف المتهم الأول أثناء حديثه معه وكان يشترك
في الحديث أحيانا إذ قال له مرة لا تخبر أحدا وفي مرة أخرى حذره من أن يكون معه أحد"
وبعد أن استعرض الحكم وقائع الدعوى وشهادة الشهود انتهى إلى القول "بأنه من المقرر
أن الكذب المجرد وحده لا يعتبر من الطرق الاحتيالية ولا يكفي لكي توقع على مقترفيه
عقوبة النصب بل يجب أن يتأيد هذا الكذب بتدخل الغير أو بظواهر خارجية لأن الطرق الاحتيالية
كما استقر القضاء والفقه هى المظاهر الخارجية أو المادية والسبك المسرحي للوقائع التي
يقصد بها تأييد الأكاذيب التي يلقى بها الجاني للمجني عليه ليحمله على الثقة وتصديق
أقواله… وأن الثابت من أقوال المجني عليه أن المتهم الأول طلب منه السير معه وعرض
عليه شراء التمثال مدعيا أنه من الذهب دون أن يتأيد هذا القول بتدخل المتهم الثاني
ولا بأي مظهر خارجي إذ أن المجني عليه لم ينسب إلى المتهم الثاني سوى أنه قال له مرة
لا تخبر أحدا ومرة أخرى حذره من أن يكون معه أحد, وهذا القول من جانب المتهم الثاني
ليس فيه أي تعزيز لأقوال المتهم الأول أو تأييد لها في أن التمثال من ذهب, وما دام
لم يصدر من المتهم الثاني ما يحمل المجني عليه على الثقة بالمتهم الأول وتصديقه أن
التمثال من ذهب فإن أقوال المتهم الأول لا تعدو أن تكون كذبا مجردا لا يرقى إلى مرتبة
الطرق الاحتيالية" لما كان ذلك وكان الحكم مع تسليمه بتواجد المتهمين معا وبتداخل المتهم
الثاني – على الصورة التي ذكرها – قد خلا من بيان الوقت والظروف التي تدخل فيها المتهم
الثاني, وهل كان تدخل المتهم الثاني بسعي من المتهم الأول وبتدبيره, وهل كان ذلك قبل
شراء التمثال أو بعده – هذا القصور في بيان الواقعة يحول دون قيام هذه المحكمة بوظيفتها
من الرقابة على صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة في الدعوى مما يتعين معه نقض الحكم
المطعون فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن في محله ويتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى
إلى محكمة اسكندرية للفصل فيها مجددا من دائرة أخرى.
