الطعن رقم 140 لسنة 36 ق – جلسة 13 /05 /1972
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 23 – صـ 905
جلسة 13 من مايو سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.
الطعن رقم 140 لسنة 36 القضائية
( أ ) نقض. "الخصوم في الطعن". دعوى. "الخصوم في الدعوى".
قضاء الحكم بإخراج أحد الخصوم من الدعوى لانتفاء صلته بالنزاع. عدم توجيه الطاعن طلبات
لهذا الخصم. الطعن بالنسبة له غير مقبول.
(ب) إثبات. "شهادة الشهود". حكم. "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
قوة الأمر المقضي.
تقدير الدليل لا يجوز قوة الأمر المقضي. استناد الحكم إلى شهادة شهود في قضية أخرى
رغم إطراح المحكمة للتحقيق فيها. لا عيب. للقاضي أن يستنبط القرينة التي يعتمد عليها
في تكوين عقيدته من أي تحقيق قضائي أو إداري.
(ج) دعوى. "الدفاع في الدعوى".
المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الخصم إلى مقتضيات دفاعه.
(د) شركات. "اندماج الشركات". دعوى. "الخصوم في الدعوى". استئناف. "الخصوم في الاستئناف".
اندماج الشركة في أخرى. مؤداه زوال شخصية الشركة المندمجة وخلافة الشركة الدامجة لها
في حقوقها والتزاماتها. الشركة الدامجة وحدها هي التي تختصم في خصوص هذه الحقوق والالتزامات.
1 – إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإخراج الشركة التي يمثلها المطعون ضده الثاني
من الدعوى لأنها لا صلة لها بالنزاع، إذ لم تكن هي التي وجهت الدعوى الابتدائية ضد
الطاعن، ولم تكن خصماً فيها وما كان يجوز إدخالها خصماً في الاستئناف، وكان الطاعن
لم يوجه أي طلبات ضد هذه الشركة وأسس طعنه على أسباب لا تعلق لها إلا بالمطعون ضده
الأول، فإنه لا يكون هناك محل لاختصام المطعون ضده الثاني بصفته في الطعن، ويكون الطعن
غير مقبول بالنسبة له.
2 – تقدير الدليل لا يحوز قوة الأمر المقضي، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ هو
أخذ بشهادة شهود في قضية أمام محكمة أخرى ولو أطرحت تلك المحكمة التحقيق فيها، لأن
للقاضي أن يستنبط القرينة التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته من أي تحقيق قضائي أو إداري.
3 – المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الخصم إلى مقتضيات دفاعه طالما أنها حجزت الدعوى للحكم
في موضوعها دون أن تقيده في دفاعه وتقصره على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى.
4 – اندماج الشركة في أخرى، مؤداه زوال شخصية الشركة المندمجة وخلافة الشركة الدامجة
لها خلافة عامة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات، وتكون الشركة الدامجة وحدها
– وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] – هي الجهة التي تختصم في
خصوص هذه الحقوق والالتزامات، لأن الشركة المندمجة التي زالت شخصيتها قد انقضت بالاندماج،
وإذ كان الثابت أن شكل الدعوى صحح بدخول الشركة الدامجة في الاستئناف وهي الخصم الأصلي
في الدعوى، فإن المحكمة الاستئنافية لا تكون قد قبلت خصماً جديداً في الاستئناف.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن شركة
بورسعيد التجارية (جبريل عيدي وشركاه) أقامت الدعوى رقم 188 سنة 1960 مدني كلي بورسعيد
ضد الطاعن ويحى خاطر رخا حسين الغيطاني بطلب الحكم بإلزام الطاعن ويحى خاطر رخا بدفع
مبلغ أربعة آلاف جنيه، وأسست دعواها على أن الطاعن الذي كان يدير مصنع الشركة ويحى
خاطر رخا الميكانيكي به ارتكبا بتاريخ 26/ 12/ 1957 خطأً جسيماً في إدارة آلة ديزل
بالمصنع أدى إلى انفجارها إذا أداراها بالبنزين بدلاً من السولار، وقد ترتب على هذا
الخطأ وعلى مخالفتهما للتعليمات ضرر للشركة يقدر بالمبلغ المطلوب، وركنت في إثبات دعواها
إلى تحقيق إداري أجرته في 27/ 11/ 1957، وإلى أقوال الشهود في الحكم الصادر بتاريخ
26/ 11/ 1959 في الدعوى رقم 161 سنة 1958 عمال كلي بورسعيد المرفوعة من الطاعن ضد شركة
بور سعيد التجارية بطلب أجر وتعويض عن فصله تعسفياً، وبتاريخ 28/ 3/ 1961 حكمت محكمة
الدرجة الأولى بإلزام الطاعن ويحى خاطر رخا بأن يدفعا لشركة بور سعيد التجارية (المدعية)
المبلغ المطلوب. طعن الطاعن في هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة مأمورية استئناف
بور سعيد، وقيد استئنافه برقم 70 لسنة 2 ق، واختصم الطاعن في هذا الاستئناف شركة
بورسعيد التجارية (جبريل عيدى وشركاه). يحيى خاطر رخا حسين الغيطاني شركة
بورسعيد التجارية، وبتاريخ 12/ 5/ 1963 قضت محكمة الاستئناف ببطلان الاستئناف بالنسبة
للمستأنف ضدهما الثاني والثالث وقبوله شكلاً بالنسبة للمستأنف ضدهما الأول والرابع.
وحددت جلسة لنظر الموضوع، وبتاريخ 5/ 2/ 1966 أصدرت المحكمة حكمها في الموضوع ضد شركة النصر لتجفيف المنتجات الزراعية بسوهاج السيد/ عزت غيضان بوصفه مصفياً لشركة
تعبئة الموالح ببورسعيد "جبريل عيدى وشركاه السيد/ إبراهيم مخيمر بوصفه مديراً
عاماً لإدارة الأموال والعقارات التي آلت ملكيتها للدولة، وقضت المحكمة (أولاً) بإخراج
شركة بورسعيد التجارية المستأنف عليها الأخيرة من الدعوى. (ثانياً) تعديل الحكم المستأنف
بالنسبة للطاعن وإلزامه بأن يدفع للشركة المستأنف عليها مبلغ 1500 ج تعويضاً عن الخسارة
التي ألحقها بالشركة بخطئه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة
مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته مصفياً لشركة تعبئة
الموالح ببورسعيد "جبريل عيدى وشركاه" وبقبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون ضدهما الأول
والثالث وفي الموضوع برفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإخراج شركة بورسعيد
التجارية التي يمثلها المطعون ضده الثاني من الدعوى لأنها لا صلة لها بالنزاع، إذ لم
تكن هي التي وجهت الدعوى الابتدائية ضد الطاعن ولم تكن خصماً فيها وما كان يجوز إدخالها
خصماً في الاستئناف، وكان الطاعن لم يوجه أي طلبات ضد هذه الشركة، وأسس طعنه على أسباب
لا تعلق لها إلا بالمطعون ضده الأول، لما كان ذلك فإنه لا يكون هناك محل لاختصام المطعون
ضده الثاني بصفته في هذا الطعن ويكون الطعن غير مقبول بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثالث.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون من أربعة أوجه (الأول)
أنه خالف حجية حكم سابق بين الخصوم صدر في 7/ 4/ 1960 من محكمة استئناف المنصورة في
الاستئناف رقم 118 سنة 1 ق، إذ نفى هذا الحكم مسئولية الطاعن بشأن إتلاف الماكينة وأطرح
التحقيق الذي تم في هذا الشأن ولم يعتد به، مستنداً إلى أن رب العمل قد سقط حقه بعدم
إبلاغه الجهة المختصة في الميعاد القانوني طبقاً للمادة 40/ 3 من قانون العمل، وقضى
للطاعن بما يستحقه من مكافأة وتعويض عن فصله تعسفياً، ثم جاء الحكم المطعون فيه وأهدر
حجية هذا الحكم بأن أثبت مسئولية الطاعن عن هذا الإتلاف. (والثاني) أن الحكم المطعون
فيه قال بجدوى التحقيق الذي أطرحه الحكم السابق، مع أن تمسك الطاعن بحجية ذلك الحكم
كان مانعاً من خوض الحكم المطعون فيه في هذا التحقيق. (والثالث) أنه وقد عن للمحكمة
ألا تأخذ بهذا الدفع فكان عليها وقد رفضته أن تأمر بالتكلم في موضوع التحقيق محددة
موعداً لذلك حتى يتمكن الطاعن من إبداء دفاعه من أن الحادث وقع قضاء وقدراً.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر
في 27/ 4/ 1960 في الاستئناف رقم 118 لسنة 1 ق تجاري المنصورة المرفق صورته الرسمية
بالأوراق أن المحكمة أقامت قضاءها بالتعويض للطاعن استناداً إلى أن فصله لم يتم وفقاً
للمادة 40/ 3 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي، لأن صاحب
العمل لم يبلغ الجهات المختصة بالحادث المنسوب للعامل خلال أربعة وعشرين ساعة من وقت
علمه بوقوعه، ولعدم مراعاة رب العمل قواعد التأديب قبل الفصل، ولم تعرض المحكمة لأي
بحث خاص بخطأ الطاعن ومدى مسئوليته عن انفجار آلة المصنع ولم تفصل فيه، لما كان ذلك
فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته حجية ذلك الحكم قولاً بأنه قضى بانتفاء خطأ
الطاعن وعدم مسئوليته يكون غير صحيح. والنعي مردود في وجهه الثاني بأن تقدير الدليل
لا يحوز قوة الأمر المقضي، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ هو أخذ بشهادة شهود
في قضية أمام محكمة أخرى ولو أطرحت تلك المحكمة التحقيق فيها، لأن للقاضي أن يستنبط
القرينة التي يعتمد عليها في تكوين عقيدته من أي تحقيق قضائي أو إداري. ومردود في وجهه
الثالث بأن المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الخصم إلى مقتضيات دفاعه طالما أنها حجزت الدعوى
للحكم في موضوعها دون أن تقيده في دفاعه وتقصره على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى. لما
كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ قبل خصماً
جديداً في الاستئناف لم يكن موجوداً أمام محكمة أول درجة، وذلك بناءً على حضور محام
بالجلسة أثبت حضوره عن شركة النصر (المطعون ضدها الأولى) وقرر بأنها هي التي وقع حادث
الانفجار في مبناها وأنها المستحقة للتعويض، وبذلك يكون الحكم قد استبدل شركة النصر
بالخصم الأصلي الذي صدر له الحكم وهو شركة بورسعيد التجارية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن جبريل عيدى
كان يمتلك شركتين (الأولى) شركة بورسعيد التجارية التي وضعت تحت حراسة الأمن والطوارئ،
وآلت ملكيتها إلى الدولة لصدور قانون إنهاء الحراسة، وليس للطاعن صلة بهذه الشركة (والثانية)
شركة بورسعيد للتجفيف وهي التي كان يعمل فيها الطاعن ووقع بها حادث الانفجار موضوع
التعويض الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وقد أممت هذه الشركة ثم أدمجت في شركة النصر
لتجفيف المنتجات الزراعية بسوهاج (المطعون ضدها الأولى) وأن هذه الشركة الثانية (شركة
بورسعيد للتجفيف) هي التي رفعت الدعوى الابتدائية، وعلى هذا الأساس أخرج الحكم المطعون
فيه شركة بورسعيد التجارية من الدعوى، ولما كان مؤدى هذا الاندماج أن شخصية الشركة
التي كان يعمل بها الطاعن قد انمحت وخلفتها الشركة المطعون ضدها الأولى خلافة عامة
فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات، وغدت الشركة الدامجة وحدها – وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة – هي الجهة التي تختصم في خصوص هذه الحقوق والالتزامات، لأن الشركة
المندمجة التي زالت شخصيتها قد انقضت بالاندماج وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن
شكل الدعوى صحح بدخول الشركة الدامجة في الاستئناف، وهي الخصم الأصلي في الدعوى، فإن
المحكمة الاستئنافية لا تكون قد قبلت خصماً جديداً في الاستئناف، ويكون النعي بهذا
السبب على غير أساس.
[(1)] نقض 19/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني س 20 ص 1026.
