الطعن رقم 1469 سنة 11 ق – جلسة 23 /06 /1941
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة
النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) – صـ 549
جلسة 23 يونيه سنة 1941
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.
القضية رقم 1469 سنة 11 القضائية
مخدّرات. القنب الهندي. تعريفه. شجيراته في دور التزهير. لا عقاب على إجراؤها بمقتضى قانون المخدّرات. العقاب عليها بمقتضى قانون زراعة الحشيش.
(قانون المخدّرات رقم 21 لسنة 1928)
القنب الهندي – كما عرفته الاتفاقية الدولية التي انتهى إليها مؤتمر الأفيون الذي انعقد
في مدينة جنيف – هو "الرءوس المجففة المزهرة أو المثمرة من السيقان الإناث لنبات الكنابيس
ساتيفا (Cannabis Sativa) الذي لم تستخرج مادته الصمغية أياً كان الاسم الذي يعرف به
في التجارة". وهذا المعنى هو الذي كان ملحوظاً لدى الشارع المصري عند وضعه قانون المخدّرات
رقم 21 لسنة 1928. إذ هو قد وضعه بعد إبرام الاتفاقية المذكورة، وبعد قبول حكومة مصر
العمل بأحكامها، ومع ذلك لم يشأ أن يعرف هذه المادة بغير هذا المعنى.
وإذن فإذا كانت شجيرات القنب الهندي المضبوطة لا تزال في دور التزهير الذي تتكوّن في
خلاله مادّة الحشيش فلا عقاب بمقتضى قانون المخدّرات المذكور على إحرازها؛ وإنما يصح
العقاب عليها بمقتضى قانون زراعة الحشيش.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجهين الأوّل والثاني هو أن الأشجار المضبوطة لا
يعاقب القانون على إحرازها لأنها مع التسليم بتقرير التحليل الكيماوي مجرّد جذور وسيقان
وأوراق وقمم زهر لنبات القنب الهندي، وهي غير معاقب عليها طبقاً للمادة الأولى من قانون
المخدّرات، ولو كان الشارع قد أراد العقاب عليها لنص على حظرها كما فعل في الفقرة الثالثة
من المادة ذاتها بالنسبة لشجرة الكوكا وأوراقها وثمارها ومسحوقها. وإذا كانت محكمة
النقض قضت بأنه يشترط للعقاب على إحراز مادة الحشيش أو نباته أن يكون قد تم نضج هذا
النبات وتولدت منه مادة الحشيش فإنه ثابت في الدعوى الحالية من المعاينة والتحليل أن
النبات المضبوط به زهر أخضر، أي لم يتم نضجه، وأن كل ما وجد هو مجرّد أوراق وأزهار
آخذة في دور التزهير، ومعنى هذا أنه لم يتم نضجها.
وحيث إن القانون رقم 21 لسنة 1928 بيّن في المادة الأولى الجواهر المعتبرة مواد مخدّرة
وذكر عن الحشيش ما يأتي: "القنب الهندي (الحشيش) وجميع مستحضراته ومشتقاته بأي اسم
تعرّض به التجارة". ولم يرد في القانون أي تعريف عن القنب الهندي.
وحيث إن مؤتمر الأفيون الذي انعقد في مدينة جنيف انتهى إلى اتفاق دولي في 19 فبراير
سنة 1925 قبلته الحكومة المصرية في 16 مارس سنة 1926 ودخل في دور التنفيذ ابتداءً من
25 سبتمبر سنة 1928. وفي 30 يناير سنة 1929 صدر مرسوم بالعمل بهذه الاتفاقية بمصر.
وقد عرفت الاتفاقية المذكورة القنب الهندي بالعبارة الآتية: "يطلق اسم القنب الهندي
على الرءوس المجففة المزهرة أو المثمرة من السيقان الإناث لنبات الكنابيس ساتيفا (Cannabis
Sativa) الذي لم تستخرج مادته الصمغية أياً كان الاسم الذي يعرف به التجارة".
وحيث إن قانون المخدّرات صدر في 14 إبريل سنة 1928 أي بعد اتفاقية جنيف المذكورة وبعد
قبول الحكومة المصرية العمل بمقتضاها. وفي هذا ما يفيد أن الشارع المصري لم يرد عند
وضعه قانون المخدّرات الخروج عن هذا التعريف الوارد بها. ولا مشاحة في أنه لو أراد
التوسع فيه أو التضييق لأتى بنص صريح في القانون الذي أصدره، لاسيما أن ما دار من المناقشات
أمام هيئات التشريع تضمنت الإشارة إلى هذه الاتفاقية.
وحيث إن الشجيرات المضبوطة في هذه الدعوى هي بحسب ما جاء في الحكم المطعون فيه "شجيرات
في دور التزهير الذي تتكوّن في خلاله مادة الحشيش" فهي إذن لما تبلغ الحدّ الذي عينه
التعريف الدولي، لأن الرءوس لم تكن قد جفت بعد. أما ما أشار إليه الحكم استناداً إلى
كتاب قسم النباتات من أن الشجيرات المضبوطة قابلة لأن تستخرج منها مادة الحشيش فلا
يهم ما دام الثابت أن قمم الزهر لم تكن قد جفت كما تقدّم.
وحيث إنه لما ذكر يكون مجرّد إحراز الشجيرات بالحالة التي ضبطت بها غير معاقب عليه
بمقتضى قانون المخدّرات وإن كان يستوجب العقاب بمقتضى قانون زراعة الحشيش. ولذا يتعين
نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن من تهمة إحراز المخدّر المسندة إليه.
