الطعن رقم 223 لسنة 37 ق – جلسة 23 /03 /1972
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 23 – صـ 507
جلسة 23 من مارس سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي صلاح الدين.
الطعن رقم 223 لسنة 37 القضائية
( أ ) تقادم. "التقادم المكسب". "التقادم الخمسي". قانون. "سريان
القانون من حيث الزمان". تسجيل. ملكية.
عدم اشتراط تسجيل السبب الصحيح في ظل القانون المدني القديم لإمكان احتجاج واضح اليد
على المالك الحقيقي لإفادة التملك بالتقادم الخمسي. وجوب ثبوت تاريخ السبب الصحيح للاحتجاج
به في تحديد مبدأ وضع اليد. سريان القانون الجديد على التقادم الذي لم يتم ودخول المدة
التي انقضت في حساب المدة التي قررها القانون الجديد.
(ب) تقادم. "التقادم المكسب". "السبب الصحيح". حيازة. تسجيل. ملكية.
تملك العقار بالتقادم الخمسي. شرطه. استناد الحيازة إلى سبب صحيح واقترانها بحسن النية.
السبب الصحيح سند يصدر من شخص غير مالك للشيء المراد كسبه بالتقادم ويجب أن يكون مسجلاً
طبقاً للقانون.
1 – إنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى [(1)] – في ظل القانون المدني
الملغى – على أنه لا يشترط تسجيل السبب الصحيح لإمكان احتجاج واضع اليد به على المالك
الحقيقي لإفادة التملك بالتقادم الخمسي، سواء فيما قبل قانون التسجيل أو فيما بعده،
أما اشتراط ثبوت تاريخ السبب الصحيح للاحتجاج به في تحديد مبدأ وضع اليد فلا نزاع فيه
قانوناً، إلا أنه قد استقر أيضاً [(2)]، على أن مضي المدة المكسبة
للملكية أو المقسطة للحق إذا ابتدأت تحت سلطان قانون قديم ولم تتم، ثم جاء قانون جديد
فعدل شروطها أو مدتها فالقانون الجديد هو الذي يسري وتدخل المدة التي انقضت تحت سلطان
القانون القديم في حساب المدة التي قررها القانون الجديد، وقد نصت الفقرة الأولى من
المادة السابعة من القانون المدني الجديد المعمول به ابتداءً من 15 من أكتوبر سنة 1949
على أن تسري النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل.
2 – نصت الفقرة الأولى من المادة 969 من القانون المدني الجديد على أنه "إذا وقعت الحيازة
على عقار أو على حق عيني عقاري، وكانت مقترنة بحسن نية ومستندة في الوقت ذاته إلى سبب
صحيح، فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات"، كما نصت الفقرة الثالثة منها على أن
"السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحباً للحق الذي يراد كسبه
بالتقادم، ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون"، ومن ثم فلا تؤدي الحيازة المستندة إلى
عقد بيع ابتدائي إلى كسب ملكية العقار الذي وقعت عليه بالتقادم الخمسي، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن عبد المنعم حسن حسين الرمالي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 217 سنة 1954 كلي أسيوط ضد
القيم على المحجور عليه محمد إبراهيم الهلالي الشهير بتهامي (مورث المطعون عليهن من
السادسة عشرة إلى الثامنة عشرة)، آمنه إبراهيم الهلالي ونعمات إبراهيم الهلالي (المطعون
عليهما السابعة عشرة والثامنة عشرة) وزينب إبراهيم الهلالي (مورثة المطعون عليهن من
السادسة عشرة إلى التاسعة عشرة) طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ أكتوبر سنة
1953 المتضمن شراءه 565 ذراعاً من محمد إبراهيم الهلالي مقابل ثمن قدره 563 ج والتسليم
وذلك في مواجهة باقي المدعى عليهم، وقال شرحاً لدعواه إن محجور المدعى عليه الأول باع
له تلك المساحة نظير ثمن قدره 563 جنيهاً دفع منه 350 ج وعلى أن يدفع الباقي وقدره
213 ج عند التصديق على العقد النهائي، وإذ امتنع البائع عن إتمام العقد فقد انتهى إلى
طلب الحكم له بطلباته. كما أقام محمد محمد المهدي (مورث المطعون عليهم الأربعة عشر
الأول) وحسن محمد المهدي (المطعون عليه الخامس عشر) الدعوى رقم 237 سنة 1954 كلي أسيوط
ضد المدعى عليهم في الدعوى السابقة طالبين الحكم (أولاً) بإثبات صحة التعاقد عن 155
ذراعاً ضمن القدر الذي اشتمل عليه عقد البيع المؤرخ 29/ 11/ 1948 نظير ثمن قدره 155
جنيهاً. (ثانياً) بإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع لهما مبلغ 182 ج باقي الثمن وذلك
في مواجهة باقي المدعى عليهم، وقالا في بيانها إن محجور المدعى عليه الأول باع لهما
387 ذراعاً شيوعاً في العقار المبين بالصحيفة والبائع مساحته 653 ذراعاً نظير ثمن قدره
387 جنيهاً دفع منه 337 ج وعلى أن يدفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي، ثم تبين
أن العقار المبيع كان مملوكاً لمورث البائع وأن البائع لا يملك فيه سوى 155 ذراعاً
بينما يملك من عداه من المدعى عليهم الباقي، وأنهما لذلك أقاما الدعوى بطلباتهما السابقة.
وأثناء نظرها تدخل فيها عبد المنعم حسن حسين الرمالي المدعي في الدعوى الأولى طالباً
رفضها تأسيساً على أنه اشترى ذات القدر المبيع لهما من نفس البائع وسجل صحيفة دعواه
وأنه لذلك يفضلهما في استحقاق القدر المبيع. كما تدخل المدعيان في الدعوى الثانية في
الدعوى الأولى طالبين رفضها استناداً إلى أنهما اشتريا ذات العقار من نفس البائع، وأن
تسجيل صحيفة دعواه لا يؤثر في حقوقهما إذ انتقلت إليهما الملكية بحيازتهما العقار المبيع
مدة خمس سنوات سابقة على رفع دعواهما بحسن نية وبسبب صحيح هو عقد البيع الصادر لهما
في 29/ 11/ 1948، وقبلت المحكمة التدخل في كلتا الدعويين وقررت ضمهما ليصدر فيهما حكم
واحد، ثم قضت في 27/ 4/ 1957 (أولاً) وفي الدعوى رقم 217 سنة 1954 كلي أسيوط بإثبات
صحة التعاقد الحاصل للمدعي عبد المنعم حسن حسين الرمالي (الطاعن) من محمد الشهير بتهامي
إبراهيم عثمان الهلالي المشمول بقوامة عبد المنعم جاد الرب بعقد البيع المؤرخ 10 أكتوبر
سنة 1953 والمتضمن بيعه له العقار المبين الحدود والمعالم بعريضة الدعوى بثمن قدره
563 ج وللتسليم (ثانياً) وفي الدعوى رقم 237 سنة 1954 كلي أسيوط برفضها. واستأنف المدعيان
في الدعوى الثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالبين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما
وقيد استئنافهما برقم 344 سنة 32 قضائية. وفي 15/ 4/ 1959 حكمت المحكمة (أولاً) بتأييد
الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 217 سنة 1954 كلي أسيوط وكذلك في الشطر الأول
من الدعوى رقم 237 سنة 1954 كلي أسيوط (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به
في الشطر الثاني من الدعوى رقم 237 سنة 1954 كلي أسيوط وبإلزام المستأنف عليه الثاني
(القيم على البائع) بأن يدفع للمستأنفين مبلغ 182 ج. وطعن محمد محمد المهدي وحسن محمد
المهدي في هذا الحكم بطريق النقض. وفي 30/ 4/ 1964 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه
وأحالت القضية على محكمة استئناف أسيوط لما شاب الحكم من قصور، إذ لم يعرض لما تمسك
به الطاعنان من دفاع مؤداه أنه ليس لعبد المنعم حسن حسين الرمالي أن يطلب الحكم بصحة
البيع الصادر له، لأن البائع له لم يكن يملك سوى 155 ذراعاً، كما دلت على ذلك المستندات
المقدمة منهما رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وأنه لما عرض لدفاع
الطاعنين المتضمن تملكهما الـ 155 ذراعاً بالتقادم القصير انتهى إلى أنهما كانا سيئي
النية يعلمان وقت الشراء بأن العقار المبيع غير مملوك للبائع، إذ لم يثبت بعقد شرائهما
سند ملكية البائع لهما ولأن البائع قد تعهد لهما فيه بتقديم ما يثبت ملكيته ولم يقدم
شيئاً، وليس من شأن أي من السببين أن تؤدي عقلاً إلى ثبوت علم الطاعنين بأن البائع
لهما غير مالك ثم جدد الطاعنان السير في الاستئناف، وفي 21/ 2/ 1967 حكمت محكمة الاستئناف
(أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى رقم 217 سنة 1954 كلي أسيوط (ثانياً) وفي
الدعوى رقم 237 سنة 1954 كلي أسيوط بإثبات صحة التعاقد عن عقد البيع المؤرخ 29/ 11/
1948 الصادر من مورث المستأنف عليهم المذكورين تحت "ثانياً" المرحوم محمد إبراهيم عثمان
الهلالي الشهير بتهامي يبيع 155 ذراعاً مربعاً شيوعاً في العقار الموضح الحدود والعلامات
بصحيفة افتتاح الدعوى بثمن مقداره 155 ج ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وطعن الطاعن
في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث
أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً، وأصرت النيابة
العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن القانون المدني
الملغى هو الواجب التطبيق على واقعة الدعوى وإعمالاً لهذا القانون اعتبر عقد البيع
الابتدائي المؤرخ 19/ 11/ 1948 الصادر من محمد إبراهيم عثمان الشهير بتهامي إلى محمد
محمد المهدي وحسن محمد المهدي سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي، مع أن أحكام القانون
المدني الجديد والمعمول به من 15/ 10/ 1949 هي الواجبة التطبيق عملاً بالمادة السابعة
منه والتي نصت على سريان النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم من وقت العمل بها على كل
تقادم لم يكتمل، وإذ كان التقادم في واقعة الدعوى لم يكتمل في تاريخ العمل بالقانون
الجديد، فإن أحكام هذا القانون تكون هي الواجبة التطبيق، ولما كانت المادة 969 منه
قد اشترطت أن يكون العقد الصادر من غير مالك مسجلاً حتى يعتبر سبباً صحيحاً للتملك
بالتقادم الخمسي، وكان عقد محمد محمد المهدي وحسن محمد المهدي غير مسجل، فإنه لا يعتبر
سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي، وبالتالي فإن تدخلهما في دعوى الطاعن يكون على
غير حق كما تكون دعواهما على غير أساس، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر
عقد محمد محمد المهدي وحسن محمد المهدي غير المسجل سبباً صحيحاً وألغى الحكم الصادر
في دعوى الطاعن، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن التقادم الذي تمسك
به مورث المطعون عليهم الأربعة عشر الأول والمطعون عليه الخامس عشر قد بدأ في 29/ 11/
1948 ويستند إلى عقد بيع ابتدائي صدر لهما في هذا التاريخ من محمد إبراهيم الهلالي
الشهير بتهامي مورث المطعون عليهن من السادسة عشرة إلى الثامنة عشرة، ولما كان قضاء
هذه المحكمة وإن جرى في ظل القانون المدني الملغى على أنه لا يشترط تسجيل السبب الصحيح
لإمكان احتجاج واضع اليد به على المالك الحقيقي لإفادة التملك بالتقادم الخمسي سواء
فيما قبل قانون التسجيل أو فيما بعده، أما اشتراط ثبوت تاريخ السبب الصحيح للاحتجاج
به في تحديد مبدأ وضع اليد فلا نزاع فيه قانوناً، إلا أنه قد استقر أيضاً على أن مضي
المدة المكسبة للملكية أو المقسطة للحق إذا ابتدأت تحت سلطان قانون قديم ولو لم تتم،
ثم جاء قانون جديد فعدل شروطها أو مدتها، فالقانون الجديد هو الذي يسري، وتدخل المدة
التي انقضت تحت سلطان القانون القديم في حساب المدة التي قررها القانون الجديد، ولما
كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون المدني الجديد المعمول
به ابتداءً من 15 أكتوبر سنة 1949 قد نصت أيضاً على أن تسري النصوص الجديدة المتعلقة
بالتقادم من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل، ومن ثم فلا نزاع في سريان أحكام
القانون المدني الجديد على التقادم الذي تمسك به مورث المطعون عليهم الأربعة عشر الأول
والمطعون عليه الخامس عشر، لأنه رغم بدئه في 29/ 11/ 1948 أثناء سريان القانون المدني
الملغي، إلا أنه لم يكن قد اكتمل عند العمل بالقانون المدني الجديد في 15 أكتوبر سنة
1949، إذ كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 969 من القانون المدني الجديد قد
نصت على أنه "إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن نية
ومستندة في الوقت ذاته إلى سبب صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات"، كما نصت
الفقرة الثالثة منها على أن "السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو
صاحباً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم، ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون"، ومن ثم
فلا تؤدي الحيازة المستندة إلى عقد البيع الابتدائي المؤرخ 29/ 11/ 1948 والصادر للمطعون
عليه الخامس عشر ومورث المطعون عليهم الأربعة عشر الأول إلى كسب ملكية العقار الذي
وقعت عليه بالتقادم الخمسي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر العقد السابق
سبباً صحيحاً، وجعل حيازة العقار المستندة إليه تؤدي إلى كسب ملكيته بالتقادم، رغم
ما انتهى إليه في مدوناته من أن محمد إبراهيم عثمان الهلالي البائع إلى محمد محمد المهدي
وحسن محمد المهدي قد آلت إليه ملكية 147.5 ذراعاً من المساحة المبيعة بالميراث عن والده
المتوفى في 3/ 10/ 1953 ورتب على ذلك القضاء برفض دعوى الطاعن وبصحة العقد الصادر للمطعون
عليه الخامس عشر ومورث المطعون عليهم الأربعة عشر الأول بالنسبة لمساحة 155 ذراعاً،
فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي أوجه
الطعن.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية كما أن الموضوع غير صالح للفصل فيه.
[(1)] نقض 28/ 12/ 1933 مجموعة القواعد في 25 سنة.
بند 60. ص 454. ونقض 24/ 10/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18. ص 1547.
[(2)] نقض 26/ 11/ 1931 مجموعة القواعد في 25 سنة بند/ 50 ص 452.
