الطعن رقم 77 لسنة 34 ق – جلسة 22 /03 /1972
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 23 – صـ 447
جلسة 22 من مارس سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جوده أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكري.
الطعن رقم 77 لسنة 34 القضائية
(أ، ب، ج) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية". شركات. محكمة الموضوع.
( أ ) ضريبة الأرباح التجارية بالنسبة لشركات المحاصة. ربطها على الشريك الظاهر دون
غيره من الشركاء المستترين.
(ب) تقدير قيام شركة الواقع. من سلطة قاضي الموضوع.
(ج) لا تعارض – بالنسبة للضريبة – بين اعتبار المنشأة فردية أو شركة محاصة فرضت فيها
الضريبة على الشريك الظاهر.
(د) حكم. "تسبيب الحكم".
لا تلتزم المحكمة بتعقب كل حجة للخصم. متى أقامت الحقيقة الواقعة التي استخلصتها على
ما يقيمها.
(هـ، و) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية. "الربط الحكمي".
(هـ) اتخاذ أرباح سنة القياس أساساً لربط الضريبة في السنوات المقيسة. شرطه. أن تكون
الضريبة في سنة القياس قد ربطت بطريق التقدير. ربط الضريبة بالنسبة لبعض مظاهر النشاط
الواحد من واقع الدفاتر المنتظمة. لا محل لتطبيق قاعدة الربط الحكمي.
(و) عرض النزاع على لجنة الطعن بشأن أرباح سنة معينة. عدم جواز إثارة النزاع بشأن أرباح
السنوات التالية لأول مرة أمام المحكمة.
1 – ضريبة الأرباح التجارية والصناعية بالنسبة لشركات المحاصة تربط على الشريك الظاهر
دون التفات إلى ما قد يكون هناك من شركاء مستترين مهما كانت صفتهم، لأن واقع الحال
فيها أن هناك شخصاً واحداً ظاهراً أمام الغير يتعامل باسمه ويلتزم عن نفسه.
2 – تقدير قيام شركة الواقع، هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك،
متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
3 – لا تعارض من وجهة النظر الضريبية بين اعتبار المنشأة فردية، وبين كونها شركة محاصة
فرضت فيها الضريبة على الشريك الظاهر.
4 – المحكمة غير ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً متى أقامت الحقيقة
الواقعة التي استخلصتها على ما يقيمها، لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط
لكل حجة تخالفها.
5 – مؤدى نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 – بشأن الربط الحكمي
– أن أرباح سنة القياس لا تتخذ أساساً لربط الضريبة في السنوات المقيسة، إلا إذا كانت
الضريبة في سنة القياس قد ربطت على الممول بطريق التقدير، بحيث إذا تخلف هذا الشرط،
وتم ربط الضريبة بالنسبة لبعض مظاهر النشاط الواحد من واقع الدفاتر المنتظمة فلا يكون
هناك محل لإعمال حكم المرسوم بقانون المشار إليه وتطبيق قاعدة الربط الحكمي، دون اعتداد
بوحدة النشاط في هذا المجال طالما لم تربط الضريبة بطريق التقدير، وهذا النظر لا يتعارض
مع ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون 14 لسنة 1939 من أن الضريبة تفرض
على كل ممول على مجموع المنشآت التي يستثمرها في مصر بمركز إدارة المنشآت، إذ وردت
هذه المادة في الفصل الأول من الكتاب الثاني الذي يحدد ما تتناوله الضريبة على الأرباح
التجارية والصناعية، بينما يواجه قانون الربط الحكمي مرحلة تالية خاصة بتحديد مقدار
الأرباح التي تسري عليها الضريبة والواردة في الفصل الخامس من الكتاب الثاني والذي
جاء المرسوم بقانون سالف الذكر استثناءً من أحكامه وحدها، فيكون لكل منهما مجال مستقل
في التطبيق. وإذ كان الثابت في الدعوى أن المنشأة لم تكن من الممولين الخاضعين لربط
الضريبة بطريق التقدير في سنة 1947، إذ تم ربط الضريبة عليها بالنسبة لجميع دور السينما
التابعة لها في تلك السنة من واقع دفاترها وحساباتها المنتظمة، فيما عدا دار سينما
مصر التي ربطت عليها الضريبة بطريق التقدير بسبب حرق دفاترها، فإنه لا محل لتطبيق قاعدة
الربط الحكمي بالنسبة لباقي دور السينما واتخاذ أرباحها في سنة 1947 – وهي لم تربط
بطريق التقدير – معياراً حكمياً لربط الضريبة في سنة 1948.
6 – إذا كانت الخصومة بين الطاعنين – الممولين – ومصلحة الضرائب قد انعقدت – ومن الأصل
– على تقدير أرباح سنة 1947 واتخاذها أساساً لربط الضريبة على أرباح سنة 1948، ولم
تمتد إلى أرباح السنوات التالية، فإن النزاع بشأن أرباح هذه السنوات وانطباق أو عدم
انطباق المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 عليها، لا يجوز طلبه أو إثارته أمام المحكمة
لأول مرة، وإذ كان المطعون فيه قد جرى في قضائه على عدم قبول طلب تطبيق المرسوم بقانون
سالف الذكر على أرباح السنوات من 1949 إلى 1951 بالنسبة لدار سينما مصر لعدم عرض هذا
الطلب على لجنة الطعن، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن مراقبة الضرائب المختصة قامت بفحص الإقرارات المقدمة من شركة مقار إخوان للسينما
عن أرباحها في السنوات من 1940 إلى 1948 وأدخلت عليها بعض التعديلات، وإذ اعترض الطاعنون
وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن وأصدرت بتاريخ 29/ 4/ 1957 قرارها بعدم تطبيق أحكام المرسوم
بقانون رقم 240 لسنة 1952 على أرباح سنة 1948 وباعتبار المنشأة فردية بالنسبة لنشاط
السينما عن المدة من سنة 1940 إلى 5/ 2/ 1946 وشركة تضامن عن المدة التالية، فقد أقاموا
الدعوى رقم 291 سنة 1957 تجاري القاهرة الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالبين إلغاءه
والحكم (أولاً) باعتبار المنشأة شركة توصية بسيطة بين المرحومين موريس مقار والفريد
مقار بالنسبة لنشاط السينما عن المدة من سنة 1940 حتى 5/ 2/ 1946 وقصر تحديد الأرباح
على الشريك المتضامن موريس مقار بحق الثلث دون حصة الشرك الموصي الفريد مقار الذي لم
تتخذ ضده إجراءات التقدير أو الربط (ثانياً) تطبيق المرسوم بقانون رقم 240 سنة 1952
على نشاط المنشأة واعتبار أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عن السنوات التالية مع
بقاء الأرباح الفعلية لسنة 1948 طبقاً لقرار اللجنة لأنها أقل من الأرباح المقدرة في
سنة 1947. وبتاريخ 25/ 3/ 1959 حكمت المحكمة (أولاً) بعدم قبول الطعن بالنسبة لطلب
تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 على أرباح السنوات التالية لسنة 1948
لعدم عرض هذا الطلب على لجنة الطعن. (ثانياً) بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به
من اعتبار المنشأة فردية بالنسبة لنشاط السينما عن المدة من سنة 1940 إلى 5/ 2/ 1946
واعتبارها شركة واقع عن المدة المذكورة بين الشريكين موريس مقار والفريد مقار (ثالثاً)
بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من عدم تطبيق المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952
على أرباح سنة 1948 واعتبار أرباح سنة 1947 المقدرة أساساً لربط الضريبة عن سنة 1948
من حيث المبدأ فقط مع بقاء أرباح سنة 1948 كما قدرتها اللجنة وبرفض الطعن وتأييد القرار
المطعون فيه فيما عدا ذلك. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 172 سنة
77 ق القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بتأييد قرار اللجنة، كما استأنفه الطاعنون بالاستئناف
رقم 236 سنة 78 ق القاهرة طالبين تعديله والحكم باعتبار المنشأة شركة واقع عن المدة
من سنة 1940 إلى 5/ 2/ 1946، مع قصر تحديد الأرباح على الشريك المتضامن موريس مقار
بحق الثلث دون حصة الشريك الموصي الفريد مقار الذي لم تتخذ ضده إجراءات التقدير أو
الربط، واعتبار أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عن السنوات من 1948 إلى 1951 مع
بقاء أرباح سنة 1948 طبقاً لقرار اللجنة، وقررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الاستئناف
الأول ليصدر فيها حكم واحد. وبتاريخ 26/ 12/ 1963 حكمت المحكمة في الاستئناف رقم 172
سنة 77 ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من اعتبار المنشأة شركة واقع في الفترة
من 1940 إلى 5/ 2/ 1946 واعتبار هذه المنشأة فردية في الفترة المذكورة، وبإلغائه فيما
قضى به بالنسبة للربط الحكمي عن سنة 1948 فيما عدا سينما مصر فتعتبر أرباحها المقدرة
في سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عليها في سنة 1948 وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك، وفي
الاستئناف رقم 236 سنة 78 ق برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة
العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم فيما قضى به بالنسبة لسينما مصر وبسريان الربط
الحكمي على أرباحها حتى سنة 1951 ورفض الطعن فيما عدا ذلك، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن
التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار
المنشأة فردية مملوكة لموريس مقار مورث الطاعنين، وأنها ليست شركة واقع بينه وبين الفريد
مقار في الفترة من 1940 إلى 5/ 2/ 1946 تأسيساً على أن القانون رقم 14 لسنة 1939 لم
ينظم أحكام ربط الضريبة بالنسبة لشركات المحاصة مراعياً في ذلك أن قانون التجارة وصفها
بأنها شركات مستترة ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وأن شركات الواقع ليست إلا شركات
تضامن أو توصية لم تستوف إجراءاتها القانونية، وأن الإقرارات المقدمة لا تفيد قيام
شركة الواقع المدعاة بين موريس مقار والفريد مقار، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون
وتناقض وقصور من وجهين (أولاً) أن شركة المحاصة تعتبر شركة أشخاص فعلية ولا محل للتفرقة
بينهما وبين شركات الواقع التي توصف بأنها شركات تضامن أو شركات توصية، والعبرة هي
بحقيقة الحال بحيث إذا ثبت قيام شركة المحاصة فإن الشريك الذي يظهر لمصلحة الضرائب
يعامل من حيث ربط الضريبة معاملة الشريك المتضامن في شركة الواقع، وقد ثبت للمصلحة
أن الفريد مقار شريك في شركة المحاصة القائمة بينه وبين شريكه الظاهر موريس مقار. (ثانياً)
لم يرد الحكم على ما ذكره مأمورو الفحص في تقاريرهم من أن المنشأة شركة واقع، ولا على
الدليل المستفاد من ظهور الفريد مقار وتوقيعه على إقرارات المنشأة في سنة 1940، وأهدر
الحكم الدلالة المستفادة من شهادة رسم الأيلولة الثابت فيها أن نصيب المرحوم موريس
مقار في شركة السينما هو الثلث، هذا إلى أن الحكم أثبت أن مأمورية الضرائب أضافت إلى
أرباح المنشأة بالنسبة لسينما مصر ما تقاضاه الفريد مقار من مرتبات، وهو إقرار من مصلحة
الضرائب بوجود شركة الواقع ويتناقض مع قولها بأن المنشأة فردية.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود، ذلك أنه لما كانت ضريبة الأرباح التجارية والصناعية
بالنسبة لشركات المحاصة تربط على الشريك الظاهر دون التفات إلى ما قد يكون هناك من
شركاء مستترين مهما كانت صفتهم، لأن واقع الحال فيها أن هناك شخصاً واحداً ظاهراً أمام
الغير يتعامل باسمه ويلتزم عن نفسه، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه
باعتبار المنشأة فردية وليست شركة واقع خلال الفترة من 1940 إلى 5/ 2/ 1946 على قوله
"عن السنوات من 1940 إلى 5/ 2/ 1946 يبين أن الإقرارات المقدمة من المنشأة في هذه السنوات
واضح منها تقرير مقدمها بأنها عن شركة محاصة باسم موريس مقار، ولكنه بتاريخ 6/ 2/ 1946
أصبحت شركة تضامن بين كل من الفريد مقار وفوزي مقار وشفيق مقار ومنير مقار وإيفا مقار
باسم شركة إخوان مقار، وذلك لمدة خمسة عشر عاماً وقد سجلت الشركة بتاريخ 10/ 7/ 1947
برقم 503 وقد تضمنت ديباجة عقد الشركة المذكورة الإشارة إلى أن الفريد مقار كان يملك
بالاشتراك مع أخيه المرحوم موريس مقار بحق الثلثين للأول والثلث للثاني دور العرض السينمائية
الأهلي والهلال ومصر وشبرا بالاس الكائنة بالقاهرة ولوفاة الأخيرة وللرغبة في الاستمرار
في استغلال دور السينما تحرر هذا العقد بين الورثة وبين الفريد مقار بإنشاء شركة تضامن
بينهم، ولا جدال في أن ما جاء بديباجة عقد شركة التضامن الأخير مقصود منه إبراز شركة
واقع كانت قائمة بين الأخوين ولكن وحتى يمكن إخضاع شركة الواقع هذه لما تقضي به المادة
34 فإنه يجب أن تكون ثابتة بالقدر الذي يكفي لاقتناع المحكمة بوجودها، أما والواضح
من الإقرارات السابق تقديمها في السنوات السابقة لعقد تكوين شركة التضامن هذه أنها
تفيد قيام شركة محاصة، فإنها لا تساعد على إثبات قيام شركة الواقع المدعاة، ولا عبرة
بما ورد بديباجة عقد تأسيس شركة التضامن الأخيرة لأنه لاحق للسنوات موضوع النزاع في
هذه الدعوى، ومن ثم فلا ينهض دليلاً على وجودها الفعلي حتى يؤثر ذلك في مدى خضوعها
للضريبة وتطبيق مقتضى المادة 34 من القانون 14 لسنة 1939 عليها، كما أنه لا عبرة لاستناد
الطاعنين إلى شهادة رسم الأيلولة المقدمة منهم "مرفق 106 ملف جزء 4" وما تضمنته من
تقدير لحصة موريس مقار بحق الثلث، إذ الثابت بمحضر لجنة تقدير تركته "مرفق 17 ملف جزء
7" أن اللجنة المذكورة اعتبرت أن المؤسسة كلها ملك لموريس مقار لعدم كفاية الأدلة على
قيام شركة في السينمات وعدم التعرف لقيمة رأس مال كل منها، فإذا ما أضيف إلى ذلك أن
جميع عقود الإيجار ورخص الاستغلال والسجل التجاري كانت كلها باسم الممول موريس مقار
وحده، فإنه لذلك جميعه تكون لجنة الطعن على حق إذ هي قضت باعتبار المنشأة فردية وبالتالي
يكون حكم محكمة أول درجة قد جانب الصواب، إذ قضى باعتبار المنشأة شركة واقع في الفترة
من سنة 1940 إلى 5/ 2/ 1946 ويتعين إلغاء الحكم المستأنف في هذا الصدد وتأييد القرار
المطعون فيه في شأنه…" ولما كان تقدير قيام شركة الواقع هو مما يدخل في سلطة قاضي
الموضوع ولا معقب عليه في ذلك، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان يبين مما قرره
الحكم على النحو سالف البيان أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية نفت وجود شركة واقع
في الفترة المشار إليها واعتبرت المنشأة فردية، ولم تعول على ما ورد في شهادة رسم الأيلولة
من أن نصيب المرحوم موريس مقار في شركة السينما هو الثلث واستندت في ذلك إلى أسباب
مسوغه، وكان لا تعارض من وجهة النظر الضريبية بين اعتبار المنشأة فردية وبين كونها
شركة محاصة فرضت فيها الضريبة على المرحوم موريس مقار الشريك الظاهر، وكان ما أثبته
الحكم فيما بعد عند تحدثه عن تطبيق قاعدة الربط الحكمي، من أن المأمورية أضافت ما تقاضاه
الفريد مقار من مرتبات إلى أرباح المنشأة بالنسبة لدار سينما مصر إنما كان عن سنتي
1947 و1948 وهي فترة كانت فيها شركة التضامن من قائمة على النحو الذي أورده الحكم،
ولما كانت المحكمة غير ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً متى أقامت
الحقيقة الواقعة التي استخلصتها على ما يقيمها لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني
المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير
أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم تطبيق أحكام
المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 إلا بالنسبة لدار سينما مصر استناداً إلى أن دفاترها
قد احترقت سنة 1952 وتعتبر أرباحها المقدرة في سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عليها
في سنة 1948، أما بالنسبة لباقي دور السينما فلا تسري عليها قاعدة الربط الحكمي لأن
المأمورية قد التزمت في تقديراتها ما هو وارد بإقرارات المنشأة ودفاترها بعد إدخال
تعديلات عليها، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن هذا القضاء يؤدي على تبعيض النشاط
الواحد للمنشأة، ويخالف ما تقضى به الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون رقم 14 لسنة
1939 من أن الضريبة تفرض على كل ممول على مجموع المنشآت التي يستثمرها في مصر، مما
يتعين معه اعتبار نشاط المنشأة واحداً وسريان تقدير الضريبة في سنة 1947 على السنوات
التالية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240
لسنة 1952 على أنه "استثناءً من أحكام الفصل الخامس من الكتاب الثاني من القانون رقم
14 لسنة 1939 المشار إليه تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 بالنسبة إلى الممولين الخاضعين
لربط الضريبة بطريق التقدير أساساً لربط الضريبة عليهم عن كل من السنوات من سنة 1948
إلى سنة 1951، فإذا لم يكن للممول نشاط ما خلال سنة 1947 أو كان قد بدأ نشاطه خلال
تلك السنة اتخذ أساساً لربط الضريبة الأرباح المقدرة عن أول سنة لاحقة بدأ فيها الممول
نشاطه أو استأنفه" يدل على أن أرباح سنة القياس لا تتخذ أساساً لربط الضريبة في السنوات
المقيسة إلا إذا كانت الضريبة في سنة القياس قد ربطت على الممول بطريق التقدير، بحيث
إذا تخلف هذا الشرط، وتم ربط الضريبة بالنسبة لبعض مظاهر النشاط الواحد من واقع الدفاتر
المنتظمة فلا يكون هناك محل لإعمال حكم المرسوم بقانون المشار إليه وتطبيق قاعدة الربط
الحكمي دون اعتداد بوحدة النشاط في هذا المجال طالما لم تربط الضريبة بطريق التقدير،
ولما كان هذا النظر لا يتعارض مع ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون
رقم 14 لسنة 1939 من أن الضريبة تفرض على كل ممول على مجموع المنشآت التي يستثمرها
في مصر بمركز إدارة المنشآت، إذ وردت هذه المادة في الفصل الأول من الكتاب الثاني الذي
يحدد ما تتناوله الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، بينما يواجه قانون الربط
الحكمي مرحلة تالية خاصة بتحديد مقدار الأرباح التي تسري عليها الضريبة والواردة في
الفصل الخامس من الكتاب الثاني والذي جاء المرسوم بقانون سالف الذكر استثناءً من أحكامه
وحدها فيكون لكل منهما مجال مستقل في التطبيق، ولما كان الثابت في الدعوى أن المنشأة
لم تكن من الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير في سنة 1947، إذ تم ربط الضريبة
عليها بالنسبة لجميع دور السينما التابعة لها في تلك السنة من واقع دفاترها وحساباتها
المنتظمة، فيما عدا دار سينما مصر التي ربطت عليها الضريبة بطريق التقدير بسبب حرق
دفاترها. لما كان ذلك فإنه لا محل لتطبيق قاعدة الربط الحكمي بالنسبة لباقي دور السينما
واتخاذ أرباحها في سنة 1947 وهي لم تربط بطريق التقدير معياراً حكمياً لربط الضريبة
في سنة 1948، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون
على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثاني من السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق
القانون، ذلك أنه قضى بعدم قبول طلب تطبيق قاعدة الربط الحكمي على أرباح السنوات من
1949 إلى 1951 لعدم عرض هذا الطلب على لجنة الطعن، في حين أنه إذا كان الممول يخضع
لربط الضريبة بطريق التقدير فإن أرباحه المقدرة في سنة 1947 تتخذ أساساً لربط الضريبة
عليه في السنوات المقيسة دون اتخاذ إجراءات الربط والطعن أمام اللجنة.
ومن حيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الخصومة بين الطاعنين ومصلحة الضرائب انعقدت –
ومن الأصل – على تقدير أرباح سنة 1947 واتخاذها أساساً لربط الضريبة على أرباح سنة
1948، ولم تمتد إلى أرباح السنوات التالية، ومن ثم فإن النزاع بشأن أرباح هذه السنوات
وانطباق أو عدم انطباق المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 عليها، لا يجوز طلبه أو إثارته
أمام المحكمة لأول مرة. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على عدم
قبول طلب تطبيق المرسوم بقانون سالف الذكر على أرباح السنوات من 1949 إلى 1951 بالنسبة
لدار سينما مصر لعدم عرض هذا الطلب على لجنة الطعن، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً
صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
